بازگشت

سلاح الإمام المهدي


3- يبدو من مواصفاته المنقولة إلينا، أنه يأتي بنوع جديد من السلاح، تکون لديه الأسلحة المتقدمة رمزية لا جدوي منها، وأنه يأتي بنوع جديد من التکتيک تصبح التکتيکات الحديثة أمامه تقليدية لا فحوي لها.

ففي الأحاديث المبشرة به إشارات إلي ذلک. بمقدار ما کانت الکلمات القديمة والعقول القديمة تتحمل المضامين غير المعروفة، التي لا تتحملها الکلمات والعقول المتطورة اليوم، وتبدو الإشارات واضحة رغم رمزية التعابير. إذا تأملنا النصوص التالية:

- ورد في وصف سيفه: (أنه يعرف أعداء الله فيقتلهم، ويعرف أنصار الله فيدعهم) ولعل السلاح الذي يميز بين الأفراد، فيقضي علي غير المؤمن. ويترک المؤمن، ليس سيفاً، وإنما هو نوع آخر من السلاح غير الموجود حتي اليوم، ولکن ورد التعبير بالسيف، لأنه کان أبرز سلاح يقاتل به في فترة صدور الأحاديث، ولو کان المعصومون (عليهم السلام) يستخدمون غير الاسماء المعروفة، لکان الرواة يمتنعون من نقلها خشية أن تقابل بالسخرية والاستخفاف.

- وورد في وصف سيوف أنصاره: (ولهم سيوف من حديد، لا کسيوفکم، إذا ضرب به أحدهم جبلاً قطّه) وظاهر أن السلاح الذي إذا ضرب به أحدهم جبلاً قطّه ليس سيفاً. وإنما سلاح آخر.

- وورد في کيفية انتصاره: (أنه إذا ظهر توقفت الأسلحة، فلم تتحرک في وجهه) ولعله إشارة إلي أنه يظهر بسلاح تکون الأسلحة الموجودة في ذلک الوقت رمزية أمامه. ولعله إشارة إلي أنه يستخدم نوعاً من السلاح يعطل کل الأسلحة الموجودة، أو يجمد کل الآليات المتحرکة.

- وورد في وسائل انتصاره: (يسير أمامه الرعب مسيرة شهر) وفي نص آخر: (أنه يحکم بالرعب) و(ينصر بالرعب) وهذا النوع من التعبير يشير إلي أن سلاحه أو تکتيکه شيء جديد مخيف ينهار أمامه القادة، فلا يحسنون غير الاستسلام.

- وورد في وسائل الإعلام التي تعلن عن ظهوره: أنه في الليلة التي يظهر في صبيحتها: (يجعل النور عموداً بين الأرض والسماء. فتشرق الأرض بنور ربها کالنهار) ويعلم جميع الناس أن الکون يتمخض عن ظاهرة کبري... وفي صبيحة تلک الليلة يهتف جبرئيل في الهواء: (ألا قد ظهر المهدي بمکة، فاتبعوه) فيسمع صوته جميع البشر. ويعلمون أن تلک الظاهرة انطلقت وستأخذ طريقها إلي الانتشار.

أما النصوص التي تقول بأنه يظهر بالسيف فقد يمکن تفسيرها بما يلي:

- إن السيف رمز السلاح، أو رمز القوة، فيکون معني هذه الأحاديث: أنه يظهر بالسلاح، أو أنه يظهر بالقوة.

- ورد في بعض هذه الأحاديث أنه يحمل السيف، ومعني حمله السيف أنه يختاره شعاراً، واختيار السيف شعاراً يختلف عن استخدام السيف سلاحاً وحيداً في معارکه، فاختيار النسر شعاراً لدولة، أو اختيار المنجل والمطرقة شعاراً لدولة، أو اختيار النخلة أو سنبلة القمح، لا يعني أنها الوسائل الوحيدة التي تعتمد عليها الدولة وإنما ترمز إلي بعض المنطلقات الفکرية أو الحيوية للدولة.

- لعل المقصود من ظهوره بالسيف. إنه إذا أراد إعدام شخص أمر بضرب عنقه، انطلاقاً من التعاليم الإسلامية، التي تأمر بإراحة الضحية وعدم تعذيبه بالوسائل المختلفة للإعدام. فيکون السيف، السلاح الذي يخيف المجرمين داخل دولته، لا أنه سلاحه في معارکه وفتوحاته.

- في بعض تلک الأحاديث تصريح بأن السيف الذي يحمله، هو سيف ذو الفقار، وهو السيف الذي استخدمه جدّه الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) في معارک الإسلام الحاسمة، وورد أنه نزل من السماء، وأصبح فيما بعد من جملة التراث المقدس الذي توارثه الأئمة الأطهار (عليهم السلام).

فربما يحمله الإمام، ليرمز إلي أنه أتي لتجديد الإسلام، ولم يأت بدين جديد - کما يحلو للبعض أن يتهمه بذلک علي أثر شجبه کل الاجتهاد الباطلة.

وربما يحمله ليؤکد انتسابه إلي رسول الله. دحضاً للتهم التي تطاله في نسبه نظراً لقدم عهد أبيه وظهوره في مظهر رجل بسنّ الأربعين، ورداً للتهم التي تقول: بأنه ليس من ذرية رسول الله، نظراً لقتله أعداداً کبيرة من المجرمين زعماً منهم أن ذرية رسول الله يحاولون الابتعاد عن الخوض في الدماء حتي دماء المجرمين.

وربما يحمله تبرکاً به، باعتباره السيف الذي فتح الطريق أمام الإسلام.

وربما يحمله کذکري جده أمير المؤمنين (عليه السلام) الذي کانت حياته کلها تضحيات مرة في سبيل الحق.

وربما يحمله، في جملة ما يحمله من مواريث الأنبياء، ومنها خاتم سليمان، وعصا موسي بن عمران، وتابوت بني إسرائيل، وأشياء أخري، وذو الفقار أبرز تلک الأشياء، فيشتهر بأنه ظهر بالسيف.

فرفعه السيف شعاراً، أو حمله رمزاً، لا يعني استخدامه سلاحاً وحيداً في معارکه، وإنما تشير جملة من الدلائل والقرائن علي أنه يستخدم أسلحة أخري، شديدة الفتک والتدمير، إلي درجة رهيبة، تخلع قلوب القادة العسکريين، فيستسلمون لتجاربها الأولية، ويستقبلونها بالرايات البيض.