لا يدخلک الشک
الشيخ الصدوق (قدس سره) في کمال الدين ج2 ص164 عن ابن الوليد عن سعد عن علان، عن محمد بن جبرئيل، عن إبراهيم ومحمد ابني الفرج، عن محمد بن إبراهيم بن مهزيار، أنه ورد العراق شاکاً مرتاداً فخرج إليه:...
قل للمهزيار [1] قد فهمنا ما حکيته عن موالينا بناحيتکم [2] فقل لهم: أما سمعتم الله عز وجل يقول: (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منکم) [3] .
هل أمر إلا بما هو کائن إلي يوم القيامة؟
أوَ لم ترو أن الله عز وجل جعل لهم معاقل يأوون إليها؟ وأعلاماً يهتدون بها؟ من لدن آدم إلي أن ظهر الماضي (يعني: أباه الحسن العسکري) صلوات الله عليه، کلما غاب علم بدا علم وإذا أفل نجم طلع نجم، فلما قبضه الله تعالي عز وجل إليه ظننتم أن الله قد قطع السبب بينه وبين خلقه؟
کلا ما کان ذلک، ولا يکون حتي تقوم الساعة ويظهر أمر الله وهم کارهون [4] .
يا محمد بن إبراهيم: لا يدخلک الشک فيما قدمت له [5] فإن الله لا يخلي الأرض من الحجة. أليس قال لک أبوک قبل وفاته: احضر الساعة من يعيّر هذه الدنانير التي عندي فلما أبطأ ذلک عليه وخاف الشيخ [6] علي نفسه الوحي [7] قال لک: عيرها علي نفسک وأخرج إليک کيساً کبيراً وعندک بالحضرة ثلاثة أکياس، وصرة فيها دنانير مختلفة النقد فعيرتها وختم الشيخ عليها بخاتمه وقال لک: اختم مع خاتمي، فإن أعش فأنا أحق بها وإن أمت فاتق الله في نفسک أولاً ثم فيّ فخلصني وکن عند ظني بک.
أخرج رحمک الله الدنانير التي استفضلتها من بين النقدين من حسابنا وهي بضعة عشر ديناراً، واسترد من قبلک [8] فإن الزمان أصعب ما کان، وحسبنا الله ونعم الوکيل.
پاورقي
[1] المهزيار هذا هو محمد بن إبراهيم بن مهزيار الذي کان وأبوه وکيلين لصاحب الأمر (عليه السلام) - کما أسلفنا ذلک في المقدمة - وتشرف أخوه بلقاء الحجة (عليه السلام) بعد عشرين حجة حجها کما ذکرنا ذلک أيضاً في هذا الکتاب، وبيت المهزيار يشبه بيت زرارة، حيث أن العديد فيهم من العلماء والأوتاد والأخيار وتجد تواريخهم عند ذکر أسماء کل واحد منهم في کتب الرجال والتاريخ (رضوان الله عليهم).
[2] هذه الجملة إشارة من الإمام (عليه السلام) إلي أن ما کان قد حدث في أوائل الغيبة الصغري بعد وفاة الحسن العسکري (عليه السلام) من الاضطراب والتشويش بين بعض السذج والبسطاء من الشيعة من الجهل بإمامهم وولي أمرهم مولانا صاحب الزمان (عليه السلام)، وکان مولانا المهدي (عليه السلام) لا يفتأ يستمر في توعيتهم بمختلف الأساليب والسبل التي تضمن في نفس الوقت للشيعة الحفظ عن الأعداء والبقاء.
[3] سورة النساء آية 59.
[4] إشارة إلي قول الله: (حتي جاء الحق وظهر أمر الله وهم کارهون) سورة التوبة آية 48.
[5] کان محمد بن إبراهيم قبل هذا الحديث الشريف بعد لم يعرف إمام زمانه بالضبط، ولذا کان شاکاً مرتاداً تري من يکون إمام هذا الزمان؟
[6] المقصود بالشيخ أبو إبراهيم بن مهزيار.
[7] الوحي: التعجل، أي: خاف أن يجعل به الموت قبل وصوله بخدمة صاحب الأمر (عليه السلام) وتسليم المال إليه.
[8] لعل المراد بهذه الجملة: إنک في هذه الأيام لا تقصد لجمع المال لنا، فمن أتاک بمال فرده إليه، وهنا المعني قد يستنبط من الجملة التي تليها (فإن الزمان أصعب ما کان) لما مر في غضون بعض مباحث هذا الکتاب من أن الظالمين کانوا يتربصون - لفترة - بوکلاء صاحب الأمر (عليه السلام) ليؤذوهم أو يسجنوهم أو يقتلوهم.