المقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله المتوحد بالقدم المتفرد بالأزل المتعزز بالبقاء المذل عباده بالفناء لم يصحبه في أوليته عصر و لا زمان و لم يضمنه قطر و لا مکان مبدع کل ممکن و زمان و خالق کل وقت و أوان لم يزل إلها قبل المألوه و ربا قبل المربوب و خالقا قبل المخلوق و عالما قبل المعلوم سبق الأوقات و الدهور قدمه و کونه و الابتداء أزله و وجوده و امتنع بوحدانيته عن صفات کل محدث و جل بأزليته عن نعت کل مخلوق و کذب من زعم أن الخالق غيره و افتري من ادعي قديما معه فلا إله غيره و لا خالق سواه خلق الخلق کله أشکالا و أضدادا و أزواجا و أندادا
[ صفحه 4]
فألف بين متعادياتها و فرق بين متدانياتها ليعلم أن لا شريک له و لا ند له و لا مناوئ له و لا ضد.
و أشهد أن لا إله إلا الله الواحد الأحد القديم الصمد سبحانه عما يدعيه المفترون و تعالي عما يقول الظالمون و أشهد أنه خالق الخلق أجمعين المهملين منهم و المستعبدين و أنه خلق لهم دارين دارا امتحنهم فيها بالأمر و النهي و الاستعباد و العمل و دارا للثواب و العقاب ليجزي الذين أساءوا بما عملوا و يجزي الذين أحسنوا بالحسني.
و فضل بعضهم علي بعض درجات امتحانا و اختبارا و اختار منهم نبيين و مرسلين و أيدهم بوحي منه مع الملائکة المقربين و بعثهم مبشرين و منذرين ليدعوهم إلي عبادته و يعرفونهم وحدانيته و يدلونهم علي سبيله بالحکمة و الموعظة الحسنة و ينصرونهم
[ صفحه 5]
طريق النجاة و المهلکة فقفا بعضهم علي أثر بعض لئلا يقولوا ما جاءنا من بشير و لا نذير.
و اصطفي محمدا ص لختم الرسالات و أکد الحجة عليهم بما أعطاه من الآيات و أوضح المحجة لهم بما آتاه من البينات فهو سيد المرسلين و خاتم النبيين و أفضل الخلائق أجمعين فبلغ الرسالة و أدي الأمانة و بين النهج و أقام الحجج و دل علي سبيل الهدي و بصر طريق الردي و أقام بأمر الله مجتهدا رشيدا و مضي لسبيله محمودا حميدا و ورث علمه الأئمة الراشدين من أهل بيته الأبرار الطيبين الأتقياء الطاهرين خلفاء الله في بلاده و حججه علي عباده الذين جعلهم الله مصابيح في الظلام و قدوة للأنام لئلا يکونوا مهملين کالأنعام صلي الله عليه و آله أفضل صلاة و أتمها و أزکاها و علي جميع أنبيائه و رسله و ملائکته و سلم تسليما.
و الحمد لله الذي هدانا لدينه و وفقنا للانقياد لأوليائه الذين
[ صفحه 6]
قرن بطاعته و طاعة رسوله طاعتهم بغير استثناء و حکم بتقديمهم علي غيرهم بأمره فرد إليهم ما کان مردودا إلي رسوله من استعمال أحکامهم و ما يصلحهم من أمور دنياهم عند استبهام ذلک علي غيرهم و جعلهم حججا علي خلقه و أعلاما في بريته و سفراء بينهم و بين عباده و خزانا لعلمه و دعائم دينه و أرکانا لتوحيده و خلفاء في أرضه و أذهب عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا عن الله يبلغون و إليه يدعون و بما يأمرهم به من الخيرات يعملون و عما ينهاهم عنه ينتهون و هم عباد مکرمون لا يسبقونه بالقول و هم بأمره يعملون يعلم ما بين أيديهم و ما خلفهم و لا يشفعون إلا لمن ارتضي و هم من خشيته مشفقون.
أولهم الصديق الأکبر و الفاروق الأعظم يعسوب المؤمنين و إمام المتقين علي بن أبي طالب أمير المؤمنين ص ثم الحسن ع ثم الحسين ع ثم علي بن الحسين ع ثم محمد بن علي ع ثم جعفر بن محمد ع ثم موسي بن جعفر ع ثم علي بن موسي ثم محمد بن علي ثم علي بن محمد ثم الحسن بن علي ثم الإمام المنتظر صاحب الزمان الذي يملأ الأرض قسطا
[ صفحه 7]
و عدلا کما ملئت جورا و ظلما محمد بن الحسن صلوات الله عليهم أجمعين.
أما بعد فإن الذي دعاني إلي جمع هذه الأخبار عن الصحابة و العترة الأخيار في النصوص علي الأئمة الأبرار أني وجدت قوما من ضعفاء الشيعة و متوسطيهم في العلم متحيرين في ذلک و متعجزين يشکون فرط اعتراض الشبهة عليهم و زمرات المعتزلة تلبيسا و تمويها عاضدتهم عليه حتي آل الأمر بهم إلي أن جحدوا أمر النصوص عليهم من جهة لا يقطع بمثلها العذر حتي أفرط بعضهم و زعم أن ليس لها من الصحابة أثر و لا عن أخبار العترة. فلما رأيت ذلک کذلک ألزمت نفسي الاستقصاء في هذا الباب موضحا ما عندي من البينات و مبطلا ما أورده المخالفون من الشبهات تحريا لمرضاة الله و تقربا إلي رسوله و الأئمة من بعده.
[ صفحه 8]
و أبتدئ بذکر الروايات في النصوص عليهم من جهة أصحاب رسول الله ص المعروفين مثل عبد الله بن العباس و عبد الله بن مسعود و أبي سعيد الخدري و أبي ذر الغفاري و سلمان الفارسي و جابر بن سمرة و جابر بن عبد الله و أنس بن مالک و أبي هريرة و عمر بن الخطاب و زيد بن ثابت و زيد بن أرقم و أبي أمامة و واثلة بن الأسقع و أبي أيوب الأنصاري و عمار بن ياسر و حذيفة بن أسيد و عمران بن الحصين و سعد بن مالک و حذيفة بن اليمان و أبي قتادة الأنصاري و علي بن أبي طالب و ابنيه الحسن و الحسين ع و من النساء أم سلمة و عائشة و فاطمة بنت رسول الله ص.
ثم أعقبه بذکر الأخبار التي وردت عن الأئمة ص ما يوافق حديث في النصوص علي الأئمة و نص کل واحد منهم علي الذي من بعده ليعلموا أن أنصفوا و يدينوا به و لا يکونوا کما قال الله سبحانه فَمَا اخْتَلَفُوا إِلّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ إذ مثل هذه الأخبار تزيل الشک و الريب و يقطع بها
[ صفحه 9]
العذر و أن الأمر أوکد مما ذهبوا إليه.
و إلي الله أرغب في التوفيق و التسديد لما يحب و يرضي لِيَهْلِکَ مَنْ هَلَکَ عَنْ بَيِّنَة وَ يَحْيي مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَة وَ إِنَّ اللّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ
[ صفحه 10]