الخاتمة
والخلاصة التي انتهينا اليها من مقدمة الکتاب وفصول هذا الجزء الخمسة، وبحوثه الخمسة عشر، ان دعوي البابية والمهدوية، المناقضة في مفاهيمها ومسالکها للاسلام،انما صدرت عن الاوساط الغنوصية وعلي القواعد والتنظيرات نفسها وبالوسائل التي ذکرناها لا فرق بين الاول والاخر منهم..
وبادلة مجملة ومفصلة من داخلهم وخارجهم، لا تقبل المناقشة ستقراها في الجزء الثاني من هذا الکتاب وعن کل فئة منهم. وانه لا بد في التصدي للرد عليهم بصورة علمية من امرين: اولهما: دراسة الاسس النظرية، الفلسفية والدينية، لهذه الفئات متصلة بوسائلها، وتطبيقاتها الواقعية والتاريخية، ومقارنة بالعقيدة والتشريع الاسلاميين لمعرفة استقلالها عنهما ومفارقتها لهما. وهذا ما سيتکفل به ايضا الجزء الثاني من هذا الکتاب بالقدر الذي نراه کافيا لايضاح هذه الحقيقة خاصة لغموضها لدي بعضهم. ثانيهما: بتشخيص الامام المهدي المنتظر (ع) وظهوره ورسالته التي هي رسالة الاسلام نفسه تشخيصا دقيقا وحاسما بصورة يصبح فيها اساسا لنفي هذه الدعاوي المخالفة وهو ما تکفل به هذا الجزء الذي بين ايدينا بما خلصت اليه بحوثه من النتائج، وهي کما يلي: الاولي:ان ظهور الامام المهدي المنتظر (ع) من اهل البيت «ومن ذرية علي وفاطمة (ع)» عقيدة اسلامية لا شيعية فقط. الثانية: انه من ذرية الحسين السبط (ع) لا من ذرية الحسن السبط (ع) لضعف الروايات الثلاث التي استند اليها هذا الراي اسنادا، ومعارضتها بروايات متواترة تنسبه للحسين (ع). وان دعاة محمد بن عبداللّه الحسني المعروف بالنفس الزکية هم من يتهم بوضعها شان القول بانه من ولد العباس الذي وضعه دعاة محمد بن عبداللّه المهدي العباسي. الثالثة: انه کذلک لا اساس للقول بان اباه عبداللّه، وانما جاء ذلک من اضافة عبارة «واسم ابيه اسم ابي » للحديث الوارد عن رسول اللّه (ص) في شانه والذي يقول فيه:«اسمه اسمي » وان هذه الاضافة جاءت في طريق واحد للحديث مقابل 34 طريقا خاليا منها مضافا لمعارضتها باحاديث متواترة عن اهل البيت (ع). الرابعة: ان الادلة التي ذکرت، في البحوث الثلاثة من الفصل الاول، والبحوث الثلاثة من الفصل الثاني، تثبت بالنص، او بالملازمة البينة بالمعني الاخص، انه الامام الثاني عشر من ائمة اهل البيت (ع)، وبذلک تضاف الي الادلة التي نفينا بها ما ورد في: ثانيا وثالثا من القول بانه من ذرية الحسن السبط (ع) وبان اباه عبداللّه، وتشخص الامام المهدي المنتظر بمحمد بن الحسن العسکري (ع) المولود في 15 شعبان سنة 255 ه الخامسة: ان اخفاء ولادته اوجبته ظروف موضوعية تتصل بحمايته من جعفر الکذاب من جهة ومن السلطة الحاکمة من جهة اخري. وان الاخفاء کان نسبيا وليس کما شاء بعضهم ان يصوره جهلا او تلبيسا، فقد شهده عند الولادة وبعدها عدد کبير من شيعة اهل البيت (ع) ومثل ذلک کان امر غيبته الصغري فقد کانت نسبية ايضا، وقد احصي بعض الاعلام عدد من تشرف برؤيته فکانوا ثلاث مئة واربعة اشخاص، وقد شهده اکثر من (40) منهم وفيهم کبارالعلماء وثقاتهم في مجلس واحد في حياة ابيه الحسن (ع) ونص عليه في حضورهم جميعا بالامامة بعده وانذرهم بغيبته وانه المهدي المنتظر (ع). وشهده بعضهم في مناسبات فردية اخري في حياة ابيه الامام الحسن (ع) وبعدها وشهد البرهان علي امامته بما صدر علي يديه من معجز. السادسة: ان الاشکال بطفولته (ع) لدي وفاة والده (ع) يرد عليه بما: اولا: بما ذکره القرآن الکريم من شان عيسي ويحيي (ع). وثانيا: بامامة ابويه الجواد والهادي (ع) فقد کانا في سن يقارب سن الامام (ع) ظاهرين للناس معرضين للاسئلة، بل لقد حاولت السلطة احراجهما بالاختبار فکانا آية مدهشة. ثالثا: ثم بامامته الواقعية التي خضع لها کبار العلماء وفيهم النواب الاربعة مدي 68 عاما. رابعا: وبما سجله العلماء المعاصرون من وجود امثلة کثيرة للنبوغ الفائق من جهة او اخري لاطفال في مثل سنه (ع). السابعة: ان تشخيصه اسما وابا وموقعا في سلسلة الائمة الاثني عشر من اهل البيت (ع) وخفاء ولادته، وغيبته صغري وکبري تقدم التبشير والانذار بها من قبل الرسول(ص) والائمة من اوصيائه (ع) واحدا بعد الاخر في احاديث متواترة سبقت مولده وغيبته ودون بعضها في الصحف والکتب کما قال الشيخ الصدوق رحمه اللّه قبلهماباکثر من مئتي عام. الثامنة: ان الاحاديث التي بشرت به، وذکرته علي النحو الذي ذکرناه اعلاه في سابعا تحدثت، في الوقت نفسه، عن ظهوره وعن علامات وآيات تسبقه وترافقه، وتتاخرعنه وان هذه العلامات فيها ما هو خصوصيات اجتماعية، او حضارية سکانية او علمية او کونية، او شؤون الهية تتصل به مما لا يمکن ان تکون مجتمعة لغيره مطلقا. التاسعة: اعطته هذه الاحاديث رتبة ومکانة لا يمکن تصورها الا للرسول (ص) او لاحد اوصيائه (ع) الذين هم امتداده وخلفاؤه بالمعني الاخص، وحسبک منها صلاة المسيح (ع) خلفه. العاشرة: ان انتصار الامام المهدي المنتظر (ع) الذي يتساءل بعضهم عن کيفيته في عصر تقنيات السلاح المتطورة، والدول الکبري، سيکون بما يرجع من الاسباب الي خصوصية العصر الذي کانت الغيبة الکبري اصلا لانتظاره عقلية کانت او علمية او تجارب تاريخية او واقعا، يطلب بطبيعته المصلح من جهة او اخري وبما يعط ي اللّهسبحانه وتعالي الامام (ع) في عصر الظهور من امکانات خاصة وآيات معينة تظل اعناقهم لها خاضعة. الحادية عشرة: ان دور الامام المهدي المنتظر (ع) هي الدعوة الي الاسلام کما انزل مجردا عن الاجتهادات والخلافات المذهبية وعن الاحکام الظاهرية الظنية،وتوحيد العالم علي اساسه وان ذلک هو معني الامر الجديد الذي ياتي به لانسخ الرسالة الاسلامية کما يشاء المبتدعون من ادعياء البابية والمهدوية ان يقولوا... وذلک للادلة التالية: اولا: للثابت من ان الاسلام هو الشريعة الخاتمة التي حلالها حلال الي يوم القيامة وحرامها حرام الي يوم القيامة. ثانيا: لان نسخها يناقض موقع الامام (ع) بوصفه وصيا للرسول (ص) وامتدادا له. ثالثا: ان ذلک ما تثبته الروايات المتواترة عما سيفعله الامام (ع) ويقوم به لدي الظهور. الثانية عشرة: ان عصر الامام (ع) متصل بالساعة او القيامة الکبري بکل ما ذکر لها من علامات، وانها ستکون کما ورد في الاحاديث مبتدئة في عصره بالبعث الجزئي المسمي بالرجعة، ثم بعد رحيله (ع) باربعين يوما تقوم القيامة الکبري... ولا مجال مع کل هذه النقاط الي ان يشتبه (ع) بغيره من اية جهة، وبذلک يکون کل ما تقدم في هذا الکتاب بفصوله الخمسة وبحوثه الخمسة عشر التي شخصت الامام ذاتا وموقعا وغيبة صغري وکبري وعلامات وآيات تحف ظهوره اساسا کما شئنا له في النفي والاثبات في محاکمة ما يجي ء به ادعياء البابية والمهدوية وهوالمقصود... والحمد للّه رب العالمين کما هو اهله والصلاة والسلام علي خاتم رسله وآله الطيبين الطاهرين وعلي صحابته المخلصين...