ادلة الرجعة لدي الامامية
وقد صنفوا الادلة المقدمة عليها الي قسمين:
القسم الاول: ما يدل علي وقوع الرجعة بعد الموت جزئيا في الماضي، الامر الذي ينافي ادعاء وقوعها قبل القيامة او استبعاده. القسم الثاني: ما يدل علي انها ستقع في المستقبل وقبل القيامة الکبري او الحشر. القسم الاول: وذکروا من الادلة الواردة عليه في الکتاب عدة آيات منها: 1- قوله تعالي: (الم تر الي الذين خرجوا من ديارهم وهم الوف حذر الموت فقال لهم اللّه موتوا ثم احياهم) [البقرة: 243]. فقد روي المفسرون، ومنهم ابن جرير الطبري في تفسيره، عدة روايات عن ابن عباس ووهب بن منبه ومجاهد والسوي واشعث ابن اسلم البصري وعن عطاء، انها في شان قوم من بني اسرائيل هربوا من طاعون وقع في قريتهم فاماتهم اللّه، ومر بهم نبي اسمه حزقيل فوقف متفکرا في امرهم وکانت قد بليت اجسادهم فاوحي اللّه اليه: اتريدان اريک فيهم کيف احييهم؟ فاحياهم له، وروي السيوط ي مثل ذلک. 2- ومنها قوله تعالي: (واذ قلتم: يا موسي لن نؤمن لک حتي نري اللّه جهرة فاخذتکم الصاعقة، وانتم تنظرون ثم بعثناکم من بعد موتکم لعلکم تشکرون) [البقرة:56]. فقد روي المفسرون، ومنهم ابن جرير، انهم ماتوا جميعا بعد قولهم ذلک وان موسي لم يزل يناشد ربه عز وجل ويطلب اليه حتي رد اليهم ارواحهم. 3- ومنها: قوله تعالي: (او کالذي مر علي قرية وهي خاوية علي عروشها قال: اني يحيي اللّه هذه بعد موتها فاماته اللّه مئة عام ثم بعثه قال کم لبثت قال يوما او بعض يوم قال بل لبثت مئة عام فانظر الي طعامک وشرابک لم يتسنه وانظر الي حمارک، ولنجعلک آية للناس وانظر الي العظام کيف ننشرها ثم نکسوها لحما فلما تبين له قال اعلم ان اللّه علي کل شي ء قدير) [البقرة:259]. وقد ذکر المفسرون، ومنهم ابن جرير الطبري، عددا من الروايات تفيد انه عزير او ارميا مر علي بيت المقدس بعد ان خربها نبوخذ نصر، فاراه اللّه قدرته علي ذلک بضربه المثل له في نفسه بالصورة التي قصتها الاية. وهناک آيات اخري تثبت وقوع الرجعة بعد الموت اذا شاء اللّه ذلک في الانسان والحيوان، منها ما اشارت اليه الاية (260) من البقرة والاية (73) منها، ومنها ان احيا الموتي مما ذکره القرآن الکريم ضمن ما اعطي اللّه عيسي من المعجزات وکذلک الاية (55) من آل عمران والاية (117) من المائدة وللاجماع علي رجوع عيسي (ع)..ولسنا بحاجة للاستقصاء ف آية واحدة اذا کانت نصا من القرآن الکريم بحکم کونه قطعي الصدور عن الوحي الالهي کافية لحمل المؤمن علي الايمان، واذا ثبت ذلک لم يبق وجه للانکار والاستبشاع بالصورة التي تصل حد التشهير واسقاط العدالة.. القسم الثاني: ونعني الايات التي تدل علي ان الرجعة ستقع مستقبلا، وذکروا عدة آيات ايضا منها: ا قوله تعالي: (ويوم نحشر من کل امة فوجا ممن يکذب بياتنا فهم يوزعون) [النمل: 83]. وقد اکتفي ابن جرير الطبري والسيوط ي في تفسيرهما ببيان معاني الکلمات اللغوية لمعني امة، وفوج ويوزعون. وامثال ذلک.. والحق: ان الاية، وهي 83 من النمل، بحاجة الي وقفة تجلي موضوعها، فهذا اليوم الذي يحشر اللّه فيه من کل امة فوجا ليس يوم القيامة قطعا، بدليل ان الاية التي تاتي بعدها، وهي (85) من النمل ايضا، تذکر ان نفخ الصور ياتي بعد ذلک في يوم آخر قال تعالي: (ويوم ينفخ في الصور ففزع من في السماوات ومن في الارض الا من شاء اللّه وکل اتوه داخرين)[النمل: 85] فلو کان يوما واحدا لما کرر الحديث بعد آية واحدة مضافا لما تدل عليه الاولي من حشر جزئي والثانية من حشر عام. وقد وقف الطبرسي رحمه اللّه عندها کما ينبغي فقال: واستدل بهذه الاية علي صحة الرجعة من ذهب الي ذلک من الامامية بان قال: ان دخول من في الکلام يوجب التبعيض فدل ذلک علي ان اليوم المشار اليه في الاية يحشر فيه قوم دون قوم وليس ذلک صفة يوم القيامة الذي يقول فيه سبحانه: (وحشرناهم فلم نغادر منهم احدا)[الکهف: 47]. وذکر تظاهر الاخبار في ذلک وهو ما سنذکره في الاستدلال بما ورد من السنة الشريفة علي الرجعة. ب ومنها قوله تعالي: (کيف تکفرون باللّه وکنتم امواتا فاحياکم ثم يميتکم ثم يحييکم ثم اليه ترجعون) [البقرة: 28]. ووجه الاستدلال انه اثبت الاحياء مرتين ثم قال بعدهما: ثم اليه ترجعون، والمراد بهذا الرجوع القيامة قطعا، والعطف ب ثم خصوصا ظاهر في المغايرة، فالاحياء الثاني اما الرجعة، او نظير لها، وبالجملة ففيها دلالة علي وقوع الاحياء قبل القيامة بعد الموت في الجملة. ج ومنها: قوله تعالي: (ربنا امتنا اثنتين واحييتنا اثنتين فاعترفنا بذنوبنا فهل الي خروج من سبيل) [المؤمن: 11]. فهي حکاية عن قوم لم يصلحوا بموتهم وحياتهم مرتين فتمنوا الرجوع ثالثا. وقد ورد في الاحاديث ان المراد باحدي الحياتين والموتتين الرجعة . د ومنها قوله تعالي: (وعد اللّه الذين آمنوا منکم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الارض کما استخلف الذين من قبلهم، وليمکنن لهم دينهم الذي ارتضي لهم و ليبدلنهم من بعد خوفهم امنا يعبدونني لا يشرکون بي شيئا ومن کفر بعد ذلک فاولئک هم الفاسقون) [النور: 55]. قال الشيخ الحر العاملي رحمه اللّه: وقد وردت احاديث کثيرة بتفسيرها في الرجعة علي انها نص في ذلک لا تحتمل سواها الا ان تصرف عن ظاهرها، وتخرج عن حقيقتها، ولا ريب في وجوب الحمل علي الحقيقة عند عدم القرينة وليس هنا قرينة کما تري وقد تقدم نقل الطبرسي(ر) اجماع العترة (ع) علي تفسير هذه الاية بالرجعة.ومعلوم ان الافعال المستقبلة الکثيرة وضمائر الجمع المتعددة ولفظ الاستخلاف، والتمکين وابدال الخوف بالامن... وغير ذلک من التصريحات والتلويحات لا تستقيم الافي الرجعة لان ذلک مما لا يمکن نسبته الي ميت، قال رحمه اللّه ما مضمونه ولا معني ايضا ان يکون ذلک لذرية الموعودين .