بازگشت

ماذا يفعل؟ ياتي بامر جديد و لکنه الاسلام


حاول بعض ادعياء البابية والمهدوية ان يقدموا لما ورد من الروايات التي تقول: ان الامام المهدي (ع) ياتي بامر جديد تفسيرا يعطيها معني النسخ للشريعة الاسلامية، وهو قول بالنبوة بمعناها الاصطلاحي الذي يعني استقلال الرسالة اللاحقة لنبي عن الرسالة السابقة لنبي آخر.

والغرض من هذه المحاولة الخبيثة والمنکرة، وما يشبهها، تاييد مسلکهم الغنوصي الباطني الضال في فهم النبوة، والتشريع اصلا، وتبريراستهانتهم بالکتاب والسنة، وما جاء فيهما من احکام وتکاليف. وسياتي في الجزء الثاني من هذا الکتاب، ان شاء اللّه، من الشواهد التاريخية علي ما ذکرناه عنهم نظريا وعمليا ما فيه الکفاية. اما هنا فان علينا التنبيه الي ان ما اعطوه من تفسير لهذه الروايات باطل مفضوح، لا لان القرآن، والسنة الثابتة نصا علي ختم النبوة (بمعناها الاصطلاحي) برسول اللّه محمد (ص) ونفياها عمن بعده، وذلک مايجمع عليه المسلمون، وهو کما سبق ان ذکرنا ما يفرضه ايضا مقام محمد (ص) ورتبته السماوية في العالم المخلوق مبدا ومعادا، ولا لما ورد من احاديث تنفي نسخ الشريعة الاسلامية الي يوم القيامة، ولا لان موقع الامام المهدي (ع) کوصي لرسول اللّه (ص) وامتداد عنه، وشاهد لرسالته ک آبائه الاحد عشر (ع) لا يسمح له بالنسخ لما يلزم ذلک من مناقضة حتي ان بعض العلماء وقف عند ما ورد من ان الامام (ع) لا يقبل الجزية منالکتابيين وانه يقضي بعلمه من دون بينة وما يشبه ذلک من مسائل تصور بعضهم کونها نسخا، واجاب بما يبعدها عن ذلک. بل ان هذه الروايات التي ذکرت ان الامام (ع) ياتي بامر جديد نفسها، وبالقرينة من داخلها ترفض هذا التفسير، وتتماسک هذه القرينة علي المعني المقصود فيها مع الروايات التي وردت في العلامات العامة للظهور من جهة ومع ما ورد من دعوة الامام (ع) وعمله وسيرته من جهة ثانية لتعينه بصورة قاطعة لا تترک مجالا لاي معني آخر. فلناخذ امثلة من هذه الروايات کالتي جاءت مسندة عن ابي بصير عن کامل عن ابي جعفر (ع) قال: قال (ع): ان قائمنا اذا قام دعا الناس الي امر جديد کما دعا رسول اللّه(ص)، وان الاسلام بدا غريبا وسيعود غريبا فطوبي للغرباء. وکالتي وردت مسندة عن ابي بصير عن ابي عبداللّه (الصادق) (ع) قال: قال (ع): الاسلام بدا غريبا وسيعود غريبا فطوبي للغرباء فقلت: اشرح لي هذا اصلحک اللّهفقال (ع): يستانف الداعي منا دعاء جديدا کما دعاء رسول اللّه(ص). وفي رواية عن رسول اللّه (ص) حين سئل عن الغرباء: من هم؟ قال (ص): الذين يصلحون اذفسد الناس الخ. وروي بالاسناد الي عبداللّه بن عطاء قال: سالت ابا جعفر الباقر (ع) فقلت: اذا قام القائم (ع) باي سيرة يسير في الناس.. فقال (ع): يهدم ما قبله کما صنع رسول اللّه (ص)ويستانف الاسلام جديدا. ان الامر الجديد، او الدعاء الجديد کما يبدو من المقارنة في قوله کما دعا رسول اللّه (ص) ثم قوله: بدا الاسلام غريبا... انما هو بلحاظ غربة الاسلام حين يدعو الامام(ع) اليه انتهاء کغربته حين دعا اليه رسول اللّه (ص) ابتداء لا في اصل الدعوة، وهو ما نلمحه واضحا في الرواية الرابعة التي تقول: ويستانف الاسلام جديدا وقد تقدم في ما يصور حالة الامة وتردي اوضاعها عقائد وعلاقات واخلاقا قبيل الظهور في العلامات العامة، ما يساعد علي استيعاب هذه الصورة لواقع علاقة الامة بالاسلام آنذاک.. واذا لاحظنا مضافا لذلک واقع تعدد الاجتهادات بين المذاهب المختلفة في الکلام والحديث والتفسير والاصول والفقه حتي داخل المذهب الواحد. ولاحظنا نسبة الاحکام الظاهرية الي الواقعية، لاتضح لنا معني الامر الجديد، حين يرفض الامام (ع) من ذلک ما يخالف الواقع.. لا فرق بين ما کان نظريا او عمليا منه، ان الفجوة ستکون اذا لاحظنا ذلک بمجموعه واسعة جدا. وبذلک سيکون الامر جديدا بالفعل. قال الشريف رحمه اللّه معلقا علي الحديث مجليا معناه: هذا الکلام من محاسن الاستعارات، وبديع المجازات لانه (ع) جعل الاسلام غريبا في اول امره تشبيها بالرجل الغريب الذي قل انصاره، وبعدت دياره، لان الاسلام کان علي هذه الصفة في اول ظهوره ثم استقرت قواعده، واشتدت معاقده وکثر اعوانه وضرب جرانه . وقوله (ع): وسيعود غريبا، اي يعود الي مثل الحال الاولي في قلة العاملين بشرائعه، والقائمين بوظائفه لا انه والعياذ باللّه تنمحي سماته وتدرس آياته. ولذلک ورد في روايات قدمنا بعضها انه يلقي من الامة اشد مما لقي رسول اللّه (ص) نفسه وعللت ذلک بان الرسول (ص) اتاهم وهم يعبدون الحجارة المنقورة والخشبة المنحوتة، وان القائم (ع) يخرجون عليه فيتاولون عليه کتاب اللّه ويقاتلون عليه. والي ذلک اشار ابن عربي في ما اوردناه آنفا عنه لدي حديثه عن معارضة اهل المذاهب له تمسکا بمذاهبهم. وهناک وجه آخر للامر الجديد، يتصل بوراثة الامام واصحابه للارض کلها، وهذا ما لم يکن وقد يصعب تصوره وذلک ما ورد في قوله سبحانه: (ان الارض يرثها عبادي الصالحون). اذا کان اللّه، سبحانه، برحمته لم يسمح في مرحلة التاسيس، للرسالة الاسلامية بدءا بصاحبها محمد (ص) واوصيائه حتي الحسن العسکري (ع) تجاوز الوسائل العادية في الدعوة والمقابلة، فان الامر في المهدي (ع)، الثاني عشر من الاوصياء، لدي الظهور، ليس کذلک. ان الفسحة الزمنية الطويلة التي اعطيت للناس لتفکر وتجرب وتکشف من آيات اللّه في انفسها وفي الافاق، ثم لتتفاعل مع الرسالة في ضوء ذلک بمهل کافية لتقطع العذر علي من يابي عنادا ان يسلم وجهه للّه، فان من المفهوم ان لايترک الامام (ع) مع ما لديه من العلم الذي يقيم به الحجة والقوة التي يخضع بها العدو مجالا لخيار وراء الاسلام ولذلک ورد انه لا يقبل الجزية من اهل الکتاب، وقدقدمنا في فقرة: کيف سينتصر؟ من هذا البحث شواهد من الروايات الواردة في ذلک بما فيها تلک التي تتصل بتفسير بعض الايات ومنها قوله تعالي: (ولقد کتبنا في الزبور من بعد الذکر ان الارض يرثها عبادي الصالحون) [الانبياء: 105]. فان وراثة العباد الصالحين للارض لا تتمثل بدخول الجنة بعد القيامة، وان کان ذلک قد ورد في الحديث، لان الارض تبدل غير الارض هناک، ولان الجنة عرضهاالسموات والارض کما ورد في القرآن فلا مقارنة. ولکن وراثتها، کما في بعض الاحاديث، انما هي بظهور الامام المهدي (ع)، وقد قدمنا في آخر الفقرة السابقة من هذاالبحث ما ورد من ان اللّه يملکه مشارق الارض ومغاربها. ومن ذلک ما ورد مسندا عن الثمالي عن علي بن الحسين (ع) عن آبائه (ع) قال: قال رسول اللّه (ص): الائمة من بعدي اثنا عشر، اولهم انت يا علي، وآخرهم القائم الذي يفتح اللّه، تعالي ذکره، علي يديه مشارق الارض ومغاربها. وعن حذيفة بن اليمان عن رسول اللّه (ص) من حديث قال: فلا يبقي علي وجه الارض الا من يقول: لا اله الا اللّه. وذکر ابن حجر الهيثمي في تزييف دعوي مدعي المهدوية في الهند في عصره: علامات المهدي وخصائص ظهوره، ومن جملتها ان اللّه يملکه مشارق الارض و مغاربها. ومما جاء في تفسير الاية بذلک روايات منها: ما روي مسندا عن ابي الورد عن ابي جعفر (ع) قال (ع): قوله عز وجل: (... ان الارض يرثها عبادي الصالحون) قال: هم آل محمد. ومما ورد مسندا عن ابي صادق قال: سالت ابا جعفر عن قول اللّه عز وجل: (ولقد کتبنا في الزبور) قال: هم نحن قال: قلت ان في هذا لبلاغا لقوم عابدين قال (ع): هم شيعتنا. وبالاسناد الي محمد بن عبداللّه بن الحسن عن ابي جعفر (ع) قال: قوله عز وجل: (ان الارض يرثها عبادي الصالحون) هم اصحاب المهدي في آخر الزمان. وورد في تفسير علي بن ابراهيم عند ذکر الاية، ورواه الطبرسي في مجمع البيان عن ابي جعفر (ع) قال: هم اصحاب المهدي في آخر الزمان. ولا اشکال بما ورد من ان هذه الوراثة دخول الجنة حين يکون التفسير تطبيقا بان تکون الوراثة في هذه وتلک.. ومما يتصل بالتفسير الذي ذکر لهذه الاية، ويشهد له ما ورد في تفسير قوله تعالي: (وعد اللّه الذين آمنوا منکم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الارض کما استخلف الذين من قبلهم، وليمکنن لهم دينهم الذي ارتضي لهم، وليبدلنهم من بعد خوفهم امنا، يعبدونني لا يشرکون بي شيئا ومن کفر بعد ذلک فاولئک هم الفاسقون) [النور:55]. فالاستخلاف، مع التمکين المطلق، يقتضي وراثة الارض ککل والظهور علي الامم کلها بحيث لا يبقي نظر اتقاء لاية جهة الا اللّه. وفي دعاء الافتتاح وهو يدعو للامام المهدي (ع): استخلفه في الارض کما استخلفت الذين من قبله، مکن له دينه الذي ارتضيته له، ابدله من بعد خوفه امنا... اللّهم اظهر به دينک وسنة نبيک حتي لايستخفي بشي ء من الحق مخافة احد من الخلق. وهذا ما ورد في الروايات عن اهل البيت (ع)، ففي حديث لامير المؤمنين علي (ع)، وهو يتحدث عن مرحلة التاسيس في عهد الرسول (ص) وما بعده وغلبة الاعداء لاوصياء الرسول (ص) قال (ع): کل ذلک ليتم النظرة التي اوجبها اللّه تبارک وتعالي لعدوه ابليس الي ان يبلغ الکتاب اجله، ويحق القول علي الکافرين، ويقترب الوعد الحق الذي بينه اللّه في کتابه بقوله: (وعد اللّه الذين آمنوا منکم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الارض کما استخلف الذين من قبلهم). قال (ع): وذلک اذا لم يبق من الاسلام الا اسمه ومن القرآن الا رسمه، وغاب صاحب الامر بايضاح العذر له في ذلک لاشتمال الفتنة علي القلوب حتي يکون اقرب الناس اليه اشد عداوة له وعند ذلک يؤيد اللّه بجنود لم يروها، ويظهر دين نبيه علي يديه علي الدين کله ولو کره المشرکون . قال الطبرسي رحمه اللّه: والمروي عن اهل البيت (ع) انها (يعني الاية) في المهدي من آل محمد (ع). قال: وروي العياشي باسناده عن علي بن الحسين (ع) انه قرا الاية وقال (ع): هم واللّه شيعتنا اهل البيت (ع) يفعل اللّه ذلک بهم علي يدي رجل منا وهو مهدي هذه الامة،وهو الذي قال رسول اللّه (ص): لو لم يبق من الدنيا الا يوم واحد لطول اللّه ذلک اليوم حتي يلي رجل من عترتي يملا الارض عدلا وقسطا کما ملئت ظلماوجورا. قال الطبرسي: وروي مثل ذلک عن ابي جعفر (الباقر) (ع) وابي عبداللّه (ع)، فعلي هذا يکون المراد بالذين آمنوا وعملوا الصالحات النبي (ص) واهل بيته صلوات الرحمن عليهم. وتضمنت الاية البشارة لهم بالاستخلاف، والتمکين في البلاد، وارتفاع الخوف عنهم عند قيام المهدي (ع) ويکون المراد بقوله: (کما استخلف الذين من قبلهم) هوان جعل الصالح للخلافة خليفة مثل آدم وداود وسليمان ويدل علي ذلک قوله: (اني جاعل في الارض خليفة) و (يا داود انا جعلناک خليفة في الارض) وقوله: (فقد آتينا آل ابراهيم الکتاب والحکمة وآتيناه ملکا عظيما) قال رحمه اللّه: وعلي هذا اجماع العترة الطاهرة واجماعهم حجة لقول النبي (ص): اني تارک فيکم الثقلين: کتاب اللّهوعترتي اهل بيتي لن يفترقا حتي يردا علي الحوض وايضا فان التمکين في الارض علي الاطلاق لم يتفق فهو منتظر لان اللّه عز اسمه لا يخلف وعده . عن رفاعة بن موسي قال: سمعت ابا عبداللّه (ع) يقول: وله اسلم من في السموات والارض طوعا وکرها. قال: اذا قام القائم لا تبقي ارض الا نودي فيها بشهادة ان لا اله الا اللّه، وان محمدا رسول اللّه. وعن ابي بکر عن ابي الحسن (ع) قال في رواية: ومن لم يسلم ضرب عنقه حتي لا يبقي في المشارق والمغارب احد الا وحد اللّه. ولا شک في ان ظهور اهل الايمان علي الارض کلها وسيادة الرسالة الاسلامية بصورة مطلقة فيها امر جديد. وهو يعني عدم اقرار اهل الکتاب علي دينهم بدفع الجزية.وهو ما ورد في الاحاديث عن اهل البيت (ع) وقد تقدم بعض منها، لان ارتفاع الشبهة بالعلم واقامة الحجة يجعل بقاءهم علي دينهم معاندة للحق واصرارا علي الباطل. ومن مظاهر الامر الجديد: عمله بعلمه من دون بينة لقد وردت روايات عديدة تفيد انه (ع) يعمل بعلمه فلا يسال احدا بينة. فبالاسناد عن سعدان بن مسلم عن بعض رجاله عن ابي عبداللّه (الصادق) (ع) انه قال: بينما الرجل علي راس القائم (ع) يامره وينهاه اذ قال: اديروه فيديرونه الي قدامه فيامر بضرب عنقه فلا يبقي في الخافقين شي ء الا خافه . وروي عبداللّه بن عجلان عن ابي عبداللّه (الصادق) (ع) قالاذا قام قائم آل محمد حکم بين الناس بحکم آل داود لا يحتاج الي بينة يلهمه اللّه تعالي فيحکم بعلمه،ويخبر کل قوم بما استبطنوه ويعرف وليه من عدوه بالتوسم . قال اللّه سبحانه وتعالي: (ان في ذلک لايات للمتوسمين وانها لبسبيل مقيم) [الحجر: 75 و76]. وبالاسناد الي ابان بن تغلب قال: قال ابو عبداللّه (الصادق) (ع): اذا قام القائم (ع) لم يقم بين يديه احد من خلق الرحمن الا عرفه صالح هو ام طالح وذکرالاية . عن جابر عن ابي جعفر (الباقر) (ع) قال: انما سمي المهدي لانه يهدي الي امر خفي حتي انه يبعث الي رجل لا يعلم الناس له ذنبا فيقتله حتي ان احدهم يتکلم في بيته فيخاف ان يشهد عليه الجدار. وذکروا من الامر الجديد: 1 هدمه لبعض المساجد والمشاهد. 2 وقتله لمن بلغ عشرين سنة ولم يتفقه. ويبدو ان هذه الامور کانت موضع اشکال وتساؤل لدي بعضهم، بتصور انها نسخ للشريعة الاسلامية. قال الطبرسي رحمه اللّه: فان قيل: اذا حصل الاجماع علي ان لا نبي بعد رسول اللّه (ص)، وانتم قد زعمتم ان القائم اذا قام لم يقبل الجزية من اهل الکتاب، وانه يقتل من بلغ العشرين ولم يتفقه، ويامر بهدم المساجد والمشاهد وانه يحکم بحکم داود لا يسال عن بينة واشباه ذلک مما ورد في آثارکم، وهذا يکون نسخا للشريعة وابطالا لاحکامها فقد اثبتم معني النبوة وان لم تتلفظوا باسمها فما جوابکم عنها. قال رحمه اللّه: والجواب: انا لم نعرف ما تضمنه السؤال من انه لا يقبل الجزية من اهل الکتاب وانه يقتل من بلغ العشرين ولم يتفقه في الدين... فان کان ورد بذلک خبر فهو غير مقطوع به، فاما هدم المساجد والمشاهد فقد يجوز ان يختص بهدم ما بني من ذلک علي غير تقوي اللّه تعالي، وعلي خلاف ما امر اللّهسبحانه به، وهذا مشروع قد فعله النبي (ص). واما ما روي من انه يحکم بحکم آل داود لا يسال عن بينة فهذا ايضا غير مقطوع به، وان صح فتاويله ان يحکم بعلمه في ما يعلمه. واذا علم الامام والحاکم امرا من الامورفعليه ان يحکم بعلمه، ولا يسال عنه، وليس في هذا نسخ للشريعة، علي ان هذا الذي ذکروه من ترک قبول الجزية واستماع البينة، ان صح، لم يکن نسخا للشريعة، لان النسخ هو ما تاخر دليله عن الحکم المنسوخ، ولم يکن مصطحبا فاما اذا اصطحب الدليلان فلا يکون ذلک ناسخا لصاحبه، وان کان مخالفه في المعني، ولهذا اذا اتفقنا علي ان اللّه سبحانه لو قال: الزموا السبت الي وقت کذا، ثم لا تلزموه، لا يکون نسخا لان الدليل الرافع مصاحب للدليل الموجب.. قال رحمه اللّه: واذا صحت هذه الجملة، وکان النبي (ص) قد اعلمنا بان القائم من ولده يجب اتباعه وقبول احکامه، فنحن اذا صرنا الي ما يحکم به فينا، وان خالف بعض الاحکام المتقدمة غير عاملين بالنسخ، لان النسخ لا يدخل في ما يصطحب الدليل. واضاف الشيخ المجلسي بخصوص التساؤل والاشکال حول رفع الجزية، الي ما اجاب به الشيخ الطبرسي، ما اوردته کتب الحديث لدي غير الامامية من وضع الجزية علي يد المسيح کالذي ورد عن ابي هريرة ان الرسول (ص) قال: والذي نفسي بيده ليوشکن ان ينزل فيکم ابن مريم حکما عدلا يکسر الصليب، ويقتل الخنزير،ويضع الجزية، فيفرض المال حتي لا يقبله احد. قال رحمه اللّه: فظهر ان هذه الامور المنقولة من سيرة القائم (ع) لا تختص بنا بل اوردها المخالفون ايضا ونسبوها الي عيسي، لکن قد رووا: ان امامکم منکم فماکان من جوابهم يعني علي اشکال عدم قبول الجزية فهو جوابنا.ومن مظاهر الامر الجديد: العدل، والغني، والامان بصورة شاملة وهذا ما لم يحدث في اي عصر، لا لان المهدي (ع) اکثر عدلا وکرما من رسول اللّه (ص) او علي (ع) مثلا، فهو ليس الا امتدادا لهما، بل لان اختلاف العصر والمرحلة من حيث سعة السلطان، وظهور الاسلام، ومستوي الناس عقلا وعلما ودينا، ورقي الوسائل التي بيد الامام للحکم والمراقبة، وتقدم وسائل الانتاج واداء حقوق المال والعدل في التوزيع هذه وغيرها مما يتصل بها هي التي تتيح ذلک زمن الامام المهدي (ع) دون غيره، وقد تقدم في ما اوردناه من الاحاديث ماهو شاهد لذلک، فهو الذي يملا الارض قسطا وعدلا وهو الذي يظهر الدين الاسلامي علي الدين کله وهو الذي يضع يده علي رؤوس الناس فيکمل بها عقولهم و... وعن الامام علي (ع) قال: فيبعث المهدي (ع) الي امرائه في سائر الامصار بالعدل بين الناس الي ان يقول (ع): ويذهب الشر، ويبقي الخير ويزرع الانسان مداوتخرج له سبعة امداد ويذهب الزنا وشرب الخمر، وعن الامام الصادق (ع) بعد ان ذکر مقابلة الناس للامام المهدي (ع) قال (ع): اما واللّه ليدخلن عدله جوف بيوتهم کما يدخل الحر والقر. وعن علي بن عقبة عن ابيه قال: اذا قام القائم حکم بالعدل وارتفع في ايامه الجور وامنت السبل، واخرجت الارض برکاتها ورد کل حق الي اهله . وعن جابر بن عبداللّه عن رسول اللّه (ص) قال: يکون في آخر امتي خليفة يحثي المال حثيا لا يعده عدا. وعن سعيد وجابر بن عبداللّه قالا: قال رسول اللّه (ص): يکون في آخر الزمان خليفة يقسم المال ولا يعده . وعن ابي سعيد الخدري ان رسول اللّه (ص) قال: يخرج المهدي في امتي يبعثه اللّه غياثا للناس، تنعم الامة وتعيش الماشية وتخرج الارض نباتها ويعطي المال صحاحا.عن الحسن بن علي (ع) انه قال: تواصلوا وتباروا فوالذي فلقالحبة وبرا النسمة لياتين عليکم وقت لا يجد احدکم لديناره ولا لدرهمه موضعا، يعني لا يجد عندظهور المهدي موضعا يصرفه فيه لاستغناء الناس جميعا بفضل اللّه تعالي وفضل وليه المهدي (ع). وفي رواية عن المفضل عن الامام الصادق (ع) قال: ويطلب الرجل منکم من يصله بماله وياخذ منه زکاته فلا يجد احدا يقبل منه ذلک ، وتغني الناس بما رزقهم اللّهمن فضله.ومن مظاهر الامر الجديد: انه: ليس بين الناس وبينه بريد اذا کنا قد استفدنا من ذلک حين قدمنا ما ورد من هذا الحديث سابقا في العلامات الخاصة اشارة الي التقدم العلمي في مرحلة الامام (ع)فان سماعه ورؤيته من بعد وبصورة مباشرة قد يعني مرحلة تقنية متقدمة يصبح فيها الهاتف التلفازي قائما علي مستوي العالم.. ولکن ما نريد الاشارة اليه هناانعدام الواسطة بين الناس والامام (ع) کلما شاءوا امرا من الامور، وهو بهذا المستوي وبخاصة في مثل سلطان الامام (ع) سعة وامتدادا مما لم يقع نظيره بل مما يصعب تصوره لولا خصوصية الامام (ع) وخصوصية عصره، ولا شک في ان مثل هذه الصلة المفتوحة بين الناس والامام (ع) امر جديد، وهي ضمانة عظيمة للاستقامة علي الحق والعدل وخلق جديد بالنسبة لذوي السلطان يتصل بخلق رسول اللّه محمد (ص) وخلق وصيه علي (ع) اللذين لم يتخذا حجابا ولم يقطعا عنهما الناس ولم يتميزا عنهم.. ومن مظاهر الامر الجديد ان: تؤتي الناس الحکمة في زمنه اشرنا الي ان العصر الذي يخرج فيه الامام (ع) عصر يبلغ فيه الانسان من العلم والتقنية کما تشير الروايات الذروة. والعلم يصحبه رقي عقلي وخلقي، وبذلک يستطيع اهله ان يتفهموا معني ان يکون الامام حجة اللّه وخليفته ومحل عطائه ونظره بما يظهر علي يديه من علم يجاوز قدر العصر واهله، وبمايبرزه من امکانات لا تقع ضمن المقدور بوسيلة مادية ولا روحية عامة اي مما هي ضمن العطاء العام من القدرات الروحية کالذي بايدي الروحيين من اصحاب الخلوات والرياضات واهل التسخير والسحرة... ثم ان وسائل الايصال السمعية والبصرية القائمة في عصر الامام، کالتلفزة عبر الاقمار الصناعية، تتيح للامام (ع) ولاصحابه مخاطبة العالم والناس في بيوتهم، وتعريفهم بما حبا اللّه حجته ووصي خاتم رسله (ع) وتعليمهم الرسالة الاسلامية، کما جاء بها رسول اللّه (ص). وقد مر عن الصادق (ع) ان الدنيا تکون بمنزلة راحة يده (ع) وان الناس في المشرق والمغرب يرونه ويسمعونه وکل قوم يسمعون الحديث بلغتهم وانه (ع) کما مر عن ابي جعفر الباقر (ع): اذا قام وضع يده علي رؤوس العباد فجمع بها عقولهم واکمل بها احلامهم. ومن الواضح ان المقصود باليد القدرة التي آتاها اللّه له علما، وهدي، وقوة حجة، وثم امکانية المراقبة والردع. وقد مر عن الامام الصادق (ع) انه (ع) يلهمه اللّه، فيحکم بعلمه ويخبر کل قوم بما استبطنوه ويعرف وليه من عدوه. وبين هذا وذاک، وبما يقوم به من دعوة وتعريف وتعليم نظري وعملي يغير عقول الناس ونفوسهم وسلوکهم. وقد روي عن حمران بن اعين عن ابي جعفر الباقر (ع) انه قال: وتؤتون الحکمة في زمانه حتي ان المراة لتقضي في بيتها بکتاب اللّه تعالي وسنة رسول اللّه (ص). روي محمد بن عجلان عن ابي عبداللّه الصادق (ع) قال: «اذا قام القائم (ع) دعا الناس الي الاسلام جديدا وهداهم الي امر قد دثر، فضل عنه الجمهور، وانما سمي القائم مهديا لانه يهدي الي امر مضلول عنه، وسمي بالقائم لقيامه بالحق ». وعن الحسين بن خالد عن الامام علي بن موسي الرضا (ع) انه قال: «فاذا خرج اشرقت الارض بنور ربها ووضع ميزان العدل بين الناس فلا يظلم احد احدا». ان وجه الفهم الصحيح للامر الجديد انه: الاسلام کما هو في النظرية والتطبيق ذلک هو المعني المفروض بما قدمناه من وجوه المناقشة للتفسير المحرف ومن الوجوه التي يمکن ان تکون مقصودة، وهي جميعاتتماسک مع موقع المهدي (ع) بوصفه وصيا وامتدادا لرسول اللّه (ص) ومع دعوته وعمله التطبيقي بدءا من خطبته الاولي لدي الظهور حتي منتهي امره: ان الاسلام کماهو في واقعه اذا قيس ببعد الناس عنه في حياتهم نظريا وعمليا بين الانحراف والفسق والردة وبين تعدد الاجتهادات سيبدو کما قدمنا امرا جديدا في نظر الناس،ولکن ذلک امر وان يکون ما يجي ء به المهدي (ع) جديدا بالنسبة لاسس الاسلام، وبناه کما جاء بها القرآن والسنة امر آخر... ومما يؤکد ذلک ما روي من: خطبة المهدي (ع) عند اول ظهوره فعن جابر عن ابي جعفر (الباقر) قال (ع): «ثم يظهر المهدي (ع) بمکة عند العشاء ومعه راية رسول اللّه (ص) وقميصه وسيفه وعلامات ونور وبيان، فاذا صلي العشاء نادي باعلي صوته يقول: اذکرکم اللّه، ايها الناس، ومقامکم بين يدي ربکم وقد اکد الحجة، وبعث الانبياء، وانزل الکتاب، يامرکم ان لا تشرکوا به شيئا، وان تحافظوا علي طاعته، وطاعة رسوله (ص) وان تحيوا ما احيا القرآن، وتميتوا ما امات، وتکونوا اعوانا علي الهدي ووزراء علي التقوي، فان الدنيا قد دنا فناؤها وزوالها، وآذنت بالوداع، واني ادعوکم الي اللّه والرسول والعمل بکتابه، واماتة الباطل، واحياء السنة ». وعن جابر عن ابي جعفر (الباقر) (ع) من حديث قال: «ويبعث السفياني بعثا الي المدينة، فينفر المهدي (ع) منها الي مکة، فيبلغ امير جيش السفياني ان المهدي (ع) قدخرج الي مکة، فيبعث جيشا علي اثره فلا يدرکه حتي يدخل مکة خائفا يترقب علي سنة موسي بن عمران قال: وينزل امير جيش السفياني البيداء فينادي مناد من السماء:يا بيداء ابيدي القوم فيخسف بهم ». الي ان يقول (ع): «والقائم يومئذ بمکة قد اسند ظهره الي البيت الحرام مستجيرا فينادي: يا ايها الناس، انا نستنصر اللّه ومن اجابنا، فانا اهل بيت نبيکم محمد، ونحن اولي الناس باللّه ومحمد (ص) فمن حاجني في آدم فانا اولي الناس بدم، ومن حاجني في نوح فانا اولي الناس بنوح، ومن حاجني في ابراهيم فانا اولي الناس بابراهيم ومن حاجني في محمد فانا اولي الناس بمحمد ومن حاجني في النبيين فانا اولي الناس بالنبيين... اليس اللّه يقول في محکم کتابه: (ان اللّه اصطفي آدم ونوحا وآل ابراهيم وآل عمران علي العالمين ذرية بعضها من بعض، واللّه سميع عليم). فانا بقية من آدم، وذخيرة من نوح ومصطفي من ابراهيم وصفوة من محمد (ص). الا ومن حاجني في کتاب اللّه، فانا اولي الناس بکتاب اللّه، الا ومن حاجني في سنة رسول اللّه (ص) فانا اولي الناس بسنة رسول اللّه (ص). يامر بالمعروف ويزيل البدع وروي مسندا عن ابن بزيع عن زيد بن علي (ع) قال: اذا قام القائم من آل محمد يقول: ايها الناس، نحن الذين وعدکم اللّه تعالي في کتابه: (الذين ان مکناهم في الارض اقاموا الصلاة، وآتوا الزکاة وامروا بالمعروف، ونهوا عن المنکر وللّه عاقبة الامور) [الحج: 41]. وروي بالاسناد الي ابي الجارود عن ابي جعفر (ع) في قوله عز وجل (الذين ان مکناهم في الارض اقاموا الصلاة وآتوا الزکاة، وامروا بالمعروف، ونهوا عن المنکر وللّهعاقبة الامور) [الحج: 41]. قال (ع): «هذه لال محمد: المهدي واصحابه يملکهم اللّه مشارق الارض ومغاربها، ويظهر الدين، ويميت اللّه عز وجل به وباصحابه البدع والباطل، کما امات السفهة الحق حتي لا يري اثر من الظلم، ويامرون بالمعروف وينهون عن المنکر». وروي ابو بصير عن ابي جعفر (الباقر) (ع) انه قال في حديث طويل: «ولا يترک بدعة الا ازالها ولا سنة الا اقامها». عن ابي هاشم الجعفري قال: کنت عند ابي محمد (الحسن) (ع) فقال: «اذا قام القائم امر بهدم المنائر والمقاصير التي في المساجد قلت في نفسي لاي معني هذا؟ فاقبل علي فقال: معني هذا انها محدثة مبتدعة لم يبنها نبي ولا حجة ». يدعو الي کتاب اللّه وسنة رسوله روي بالاسناد الي عبداللّه الحلبي عن ابي جعفر (ع)، بعد حديث طويل عن المهدي (ع)، قال (ع): «ثم ينطلق فيدعو الناس الي کتاب اللّهوسنة نبيه والولاية لعلي بن ابي طالب، والبراءة من عدوه، ولا يسمي احدا». وبالاسناد الي حذيفة بن اليمان قال رسول اللّه (ص)، وذکر حديثا في ما ينال الامة في مستقبلها الي ان قال (ص): «يا حذيفة لا يزال ذلک البلاء علي اهل ذلک الزمان حتي اذا ايسوا وقنطوا، واساءوا الظن الا يفرج عنهم اذ بعث اللّه رجلا من اطائب عترتي، وابرار ذريتي عدلا مبارکا زکيا، لا يغادر مثقال ذرة، يعز اللّه به الدين والقرآن والاسلام واهله، ويذل به الشرک واهله يکون من اللّه علي حذر لا يغتر بقرابته ولا يضع حجرا علي حجر ولا يقرع احدا في ولايته بسوط الا في حد، يمحو اللّه به البدع کلها،ويميت به الفتن کلها، يفتح اللّه به باب کل حق، ويغلق باب کل باطل ». وروي مسندا عن علي بن ابي بصير قال: قال ابو جعفر (ع): واتاه رجل فقال له: انکم اهل بيت رحمة اختصکم اللّه تبارک وتعالي بها. فقال له (ع): کذلک، والحمد للّه، لا ندخل احدا في ضلالة ولا نخرجه من هدي.. ان الدنيا لا تذهب حتي يبعث اللّه رجلا منا اهل البيت يعمل بکتاب اللّه لا يري منکرا الا انکره. وعن عائشة عن النبي (ص) انه قال، في الحديث عن المهدي (ع): «وهو رجل من عترتي، يقاتل علي سنتي، کما قاتلت انا علي الوحي ». وعن ابي سعيد الخدري قال: قال رسول اللّه (ص): «يخرج رجل من اهل بيتي يعمل بسنتي، وينزل اللّه له البرکة من السماء، وتخرج له الارض برکتها وتملا به عدلا کماملئت ظلما وجورا». وروي الطوسي بسنده عن العلا عن محمد قال: «سالت ابا جعفر (الباقر) (ع) عن القائم اذا قام باي سيرة يسير بالناس؟ فقال (ع): بسيرة ما سار به رسول اللّه (ص) حتي يظهر الاسلام. قلت: وما کانت سيرة رسول اللّه (ص)؟ قال (ع): ابطل ما کان في الجاهلية، واستقبل الناس بالعدل.. وکذلک القائم (ع) اذا قام يبطل ما کان في الهدنة مما کان في ايدي الناس، ويستقبل بهم العدل ». وعن ابي المقدام عن ابي جعفر (ع) في قول اللّه تعالي: (ليظهره علي الذين کله ولو کره المشرکون) [براءة: 33] قال: ان لا يبقي احد الا اقر بمحمد (ص). وروي بالاسناد الي ابن البطائني عن ابيه عن ابي بصير قال: سمعت ابا جعفر (الباقر) (ع)، وذکر حديثا يذکر فيه مشابهة الحجة لبعض الانبياء (ع).. وفيه قلت: وما شبه محمد (ص) قال (ع): اذا قام سار بسيرة رسول اللّه (ص) الا انه يبين آثار آل محمد الحديث(ص). يقيم الحدود المعطلة روي بالاسناد الي ابان بن تغلب قال: قال ابو عبداللّه الصادق (ع): دمان في الاسلام حلال من اللّه عز وجل لا يقضي فيهما احد بحکم اللّه عز وجل حتي يبعث اللّه القائم من اهل البيت (ع)، فيحکم فيهما بحکم اللّه عز وجل لا يريد فيه بينة: الزاني المحصن يرجمه ومانع الزکاة يضرب رقبته. اصحابه يعلمون القرآن روي جابر عن ابي جعفر (الباقر) (ع) قال: «اذا قام قائم آل محمد ضرب فساطيط لمن يعلم القرآن علي ما انزل اللّه تعالي ». وبالاسناد الي حبة العرني قال: قال امير المؤمنين (ع): «کاني انظر الي شيعتنا بمسجد الکوفة، وقد ضربوا الفساطيط يعلمون الناس القرآن کما انزل ».وعن جعفر بن يحيي عن ابي عبداللّه (الصادق) (ع) قال: قال: «کيف انتم لو ضرب اصحاب القائم الفساطيط في مسجد کوفان، ثم يخرج اليهم المثال المستانف بامرجديد». ومن الواضح ان التعليم في هذه الروايات ليس للقراءة وانما للتفسير، وبيان معاني الايات وتاويلها بقرينة قوله «کما انزل »، لان الاختلاف، ومظنة الخطا والتحريف،ليس في القرآن من حيث کلماته وآياته وسوره، فذلک مما يجمع علماء شيعة اهل البيت علي نفيه، وانما هو في تفسيره وتاويله، ولا جدال في ان المفسرين يطرحون وجهات نظر مختلفة في بعض الايات: مذهبية وشخصية قد يبعد بعضها عما هو الحق فيها، لذلک يقوم الامام (ع) ببيان معاني الايات القرآنية کما انزلت، ويبطل ما لاعلاقة له بها. وقد روي عن حمران بن اعين عن ابي جعفر (الباقر) (ع) انه قال: «وتؤتون الحکمة في زمانه حتي ان المراة لتقضي في بيتها بکتاب اللّه تعالي وسنة رسول اللّه (ص)». وفي دعاء السجاد في «عرفة »، کما في الصحيفة السجادية، قال (ع): «واقم به کتابک وحدودک وشرائعک، وسنن رسولک صلواتک اللّهم عليه وآله واحي به مااماته الظالمون من معالم دينک، واجل به صدا الجور عن طريقتک، وابن به الضراء عن سبيلک، وازل به الناکثين عن صراطک، وامحق به بغاة قصدک عوجا، والن جانبه لاوليائک، وابسط يده علي اعدائک وهب لنا رافته ورحمته، وتعطفه وتحننه ». وفي دعاء الافتتاح الذي رواه الشيخ ابو جعفر محمد بن عثمان بن سعيد العمري عن الحجة (ع): «اللّهم، وصل علي ولي امرک، القائم المؤمل والعدل المنتظر، واحففه بملائکتک المقربين، وايده بروح القدس، يا رب العالمين، اللّهم اجعله الداعي الي کتابک والقائم بدينک استخلفه في الارض کما استخلفت الذين من قبله مکن له دينه الذي ارتضيته له ». الي ان يقول: «اللّهم انا نرغب اليک في دولة کريمة، تعز بها الاسلام واهله وتذل به النفاق واهله، وتجعلنا فيها من الدعاة الي طاعتک والقادة الي سبيلک، وترزقنا فيهاکرامة الدنيا والاخرة ». وقال الشيخ الصدوق: حدثنا ابو محمد الحسين بن احمد المکتب قال: حدثنا ابو علي بن همام بهذا الدعاء، وذکر ان الشيخ العمري قدس اللّه روحه املاه عليه وامره ان يدعو به، وهو الدعاء في غيبة القائم (ع) ومما جاء فيه: «اللّهم، واحي بوليک القرآن، وارنا نوره سرمدا لا ظلمة فيه واحي به القلوب الميتة، واشف به الصدور الوغرة، واجمع به الاهواء المختلفة علي الحق، واقم به الحدود المعطلة والاحکام المهملة حتي لا يبقي حق الا ظهر ولا عدل الا زهر، واجعلنا يا رب من اعوانه ومقوية سلطانه والمؤتمرين لامره والمسلمين لاحکامه ». ومن الواضح ان استشهادنا بالادعية الواردة عنهم هنا، بالنظر الي ان الدعاء لا يکون الا بما هو المرجو والمامول ان يکون لدي ظهور الامام (ع)، او بما هو مهمته وغاية عمله لو ظهر، وليس في ذلک امر کما رايت عدا اقامة الکتاب والسنة وتنفيذ الاحکام والحدود التي شرعها اللّه. الامام (ع) يبني المساجد لقد ذکرنا، في العلامات الخاصة، روايات تقول ان الامام (ع) يبني في الغري مسجدا له الف باب. وکان ذکرنا لها هناک لجهة اخري من الدلالة تتصل بکونها علامة واخبارا غيبيا هاما لانعدام المؤشرات الموضوعية اليه، اما اشارتنا الي ذلک هنا فلبيان مدي اهتمام الامام (ع)، وهو سيد اهل المعرفة، بفريضة الصلاة التي يراها ادعياء العرفان حجابا. ومما جاء في رواية عمرو بن ثابت عن ابيه عن ابي جعفر (الباقر) (ع) قال: قال (ع): «فاذا کانت الجمعة الثانية قال الناس (في الکوفة): يا ابن رسول اللّه! الصلاة خلفک تضاهي الصلاة خلف رسول اللّه (ص) والمسجد لا يسعنا، فيقول (ع): انا مرتاد لکم فيخرج الي الغري فيخط مسجدا له الف باب يسع الناس ». وورد ايضا انه يبني اربعة مساجد اخري في الکوفة ومسجدا ذا خمسمئة باب في الحيرة يصلي فيها نوابه. الزاهد المجاهد عن ابي بصير عن ابي عبداللّه الصادق (ع) قال: «ما يستعجلون بخروج القائم، واللّه ما طعامه الا الشعير والجشب، ولا لباسه الا الغليظ، وما هو الا السيف والموت تحت ظل السيف ». المهدي واصحابه واثر السجود في جباههم وروي بسنده عن الامام جعفر الصادق (ع) انه قال، وهو يتحدث عن الامام المهدي (ع) في بعض مراحل جهاده وحربه للکفر. «کاني انظر الي القائم (ع) واصحابه، في نجف الکوفة، کان علي رؤوسهم الطير قد فنيت ازوادهم وخلقت ثيابهم، قد اثر السجود بجباههم، ليوث بالنهار رهبان بالليل کان قلوبهم زبر الحديد، يعط ي الرجل منهم قوة اربعين رجلا». يقبل الناس في زمنه علي العبادة وعن امير المؤمنين (ع) قال: «فيبعث المهدي (ع) الي امرائه بسائر الامصار بالعدل بين الناس الي ان يقول: ويذهب الشر، ويبقي الخير... ويذهب الزنا وشرب الخمر، ويقبل الناس علي العبادات والشرع والديانة والصلاة في الجماعات، وتطول الاعمار وتؤدي الامانات وتضاعف البرکات وتهلک الاشرار وتبقي الاخيار، ولا يبقي من يبغض اهل البيت (ع)». والشواهد من دعوته، وسيرته، واعماله، وادعيته علي انه امتداد للرسول (ص) وللاوصياء من آبائه لا يکاد يختلف الا بالخصائص المتصلة بعصر الظهور وسعة السلطان کثيرة جدا، وفي ما قدمناه منها ومن الادلة الاخري کفاية للرد علي من يفسر الامر الجديد بما هو خارج علي الشريعة الاسلامية بمصادرها من الکتاب والسنة آکما هما من خلال وصي الرسول (ص) وشاهد الرسالة (ع). وسياتي في الفصل الرابع بيان اسس هؤلاء ومنطلقاتهم، علي اختلاف عناوينهم عامدين او ضالين بشبهة اومخدوعين، ثم ايضاح وجه الباطل والضلالة فيها، تحذيرا للمسلمين والبسطاء والابرياء منهم خاصة، لانهم الضحية في الغالب.