بازگشت

کيف سينتصر؟


يسال بعضهم قائلا اذا کان الامام (ع)، وهو من قد غاب، في کلتا غيبتيه القصيرة والطويلة، اتقاء للاعداء في عصر الخلافة العباسية بين 260 و328 ه، فکيف يمکن ان نتصور ظهوره وانتصاره في مثل هذا العصر؟

لقد استبعد الاسلام اليوم بوصفه قاعدة للرؤية والتشريع والحکم، واصبح المسلمون دولا بعد ان کانوا دولة واحدة، وتواشجت علاقات ومصالح دول العالم مسلمة وغيرمسلمة حتي اصبحت محاولات التغيير الحقيقي الجاد لا بالنسبة للمسلمين فقط وان کانوا الاکثر خطرا في نظر العالم ايديولوجيا وموقعا جغرافيا واقتصاديا بل في کل بقعة من الارض لا تعني اهلها بل العالم کله ودوله الکبري بالذات، بصورة قد تصل سلبا الي درجة المواجهة الفعلية. والسلاح في عصرنا ووسائل الملاحقة والمراقبة لاتقبل القياس بالعهد الذي غاب فيه الامام (ع) ولا حاجة لتفصيل ذلک فهو معروف. فلو کان الامام (ع) يملک امکانيات الانتصار لکان قد انتظر في ذلک العهد الذي تتکافا فيه من حيث الاصل الاسلحة والوسائل بين مختلف الخصوم، اما اليوم فالامر آکما يبدو خارج حدود ما يقاس وما يفهم... فکيف يمکن اذا ان نتصور ظهور الامام (ع) وانتصاره؟ والخطا الاول، في هذا السؤال، يتمثل في النظر الي الامام (ع) وحرکته وامکانياته بالحسابات الشخصية او الاجتماعية والسياسية والعسکرية التي ينظر فيها بالنسبة لاي انسان آخر لا بحساب علاقته باللّه ومشيئته وقياس موقفه ووظيفته وحرکته في الظهور علي ما کان قائما في مرحلة امامته في ذلک العهد الذي کان يسير فيه آبحکم مرحلة التاسيس علي خطبائه نفسه من الحسن العسکري (ع) حتي الامام علي (ع) بل وبالمعيار العام حتي الرسول (ص) من حيث الطرح، ووسائل المقابلة للخصوم والاعداء.. والمسالة ليست کذلک. ان الاجابة تقتضي ان نعود لنتذکر ما اشرنا اليه في الاجابة علي السؤال عن حکمة الغيبة الکبري، واتصالها بالرسالة، وان التقية کانت بالنظر اليها، والي اشتراطات الظهور ظرفا، ودعوة، ووسائل مقابلة، لا الي الامام (ع) شخصيا.. وقد کان من تلک الحکم: انتظار الظرف الملائم من کل جهة. ومما يتصل بذلک: اولا: ان يتهيا العالم بصورة عامة في غاية مساره العلمي والعقلي لتقبل الرسالة الاسلامية بکل ابعادها، والاصغاء لاخر اوصياء الرسول عليه وعليهم السلام، فهي في واقعها خارج نطاق الاراء والاجتهادات المذهبية الصيغة الالهية النهائية لحياة الانسان عقيدة وقيما وقواعد تشريع. وتبدو في العالم العلمي في عصرنا اکثر من جهة بدات تشير من خلال ما وصل اليه الفکر الانساني والبحث العلمي في مختلف المجالات الي لقاء حقيقي مع اهم الرکائز التي يقوم عليها الدين، والدين الاسلامي بخاصة، مما کان موضع تقاطع حاد بينهما في السابق بحيث تهيات بالفعل لاول مرة في التاريخ قواعد مشترکة،وهو ما لم يکن قائما في اي وقت مضي... ان من خصائص العلماء وصفاتهم عدا انهم اکثر ادراکا، واستيعابا للحقيقة، واهتماما بها انهم اکثر موضوعية، وبالتالي اقل انانية وتعصبا للموروث مما هو العائق الاول دون الحق. وحين يشيع العلم، وتتسع آفاق الرؤية لدي اکثر الناس تتهيا القاعدة الاولي لظهور الامام (ع) ودعوته، لذلک فهو لا يخاطب المسلمين وحدهم وان کانواالمنطلق الاول لدعوته، بل العالم باجمعه، ولا علي الامة الاسلامية بل تشمل البشرية بعامة. وورد ان المسلمين، بحکم تخلفهم العلمي وتعصبهم للموروث، ابطا استجابة له مما هم النصاري الا قليلا، ليس بما هم نصاري بل بما هم في تلک المرحلة اهل علم وموضوعية. لقد ذکروا ان ذلک بسبب نزول المسيح (ع) معه وصلاته خلفه، وهو مناقش بان احدا منهم لا يشخص المسيح (ع) صورة وشکلا، فاذا ما راوه، فمن خلال الايات التي يقوم بها مع المهدي (ع)، ولذلک فاستجابتهم ليست الا من خلال العلم والوعي اللذين رفضوا بهما التثليث المسيحي والحلول والغلو وآراء رجال الکهنوت ومن خلال وعيهم للحق فقط. ان ظهور المسيح (ع) وصلاته خلف الامام (ع) اشارة لما شاء اللّه سبحانه ان يحيط به الامام من آيات کبيرة هائلة، وبما هو مداه الذي يضم العالم کله. وحين تستجيب قمة العالم العلمي المعاصر للامام (ع) استجابة السحرة لموسي (ع) في عهد فرعون بما يظهره اللّه علي يد حجته، وصي محمد (ص) خاتم الرسل (ع)، من علم وآيات باهرات فان الانتصار الحقيقي علي مستوي العالم کله يکون قد حصل حتي لو ابي ذلک الاخرون. ان هذه القاعدة الاولي للانتصار يمکن ان تري من خلال النظر الي ما ورد من مؤشرات التقدم العلمي والعقلي والتقني القائم في الواقع، والمؤشر اليه في علامات الظهور الخاصة، وفي ما ذکرناه في الهامش السابق مما وصل اليه البحث العلمي من لقاء مع رکائز الدين. ثم في ما ورد من روايات تشير الي ان الامام (ع) يظهر العلم کله، وهو ما لم يتسع له ادراک اي عصر آخر، وفيه نلمح الصورة العقلية والعلمية للناس في عهده. وبالنظر الي ذلک کله نعرف مدي ما اعط ي اللّه للامام (ع) من علم وهدي، بحيث يصبح قائدا وهاديا ومعلما لعصر العلم. وان صلاة المسيح خلفه التي تواترت فيهاالروايات ليست اشارة الي هذه المکانة. ولنعرف مدي ما اعط ي الامام (ع) من العلم والهدي علينا ان نقرا الروايات التالية: 1 روي مسندا عن ابي خالد الکابلي عن ابي جعفر (ع) قال: اذا قام قائمنا وضع يده علي رؤوس العباد فجمع به عقولهم، واکمل به اخلاقهم، وفي رواية اخري احلامهم. 2 وعن جابر عن ابي جعفر (الباقر) (ع) قال: انما سمي المهدي لانه يهدي الي امر خفي. 3 وعن ابي الجارود عن ابي جعفر (ع) قال (ع): يوحي اليه هذا الامر ليله نهاره. قال قلت: يوحي اليه يا ابا جعفر؟! قال: يا ابا الجارود ليس وحي النبوة، ولکنه يوحي اليه کوحيه الي مريم بنت عمران والي ام موسي والي النحل. يا ابا الجارود: ان قائم آل محمد لاکرم عند اللّه من مريم بنت عمران وام موسي والنحل. 4 وروي مسندا عن ابي بصير عن ابي عبداللّه (الصادق) (ع) قال: اذا تناهت الامور الي صاحب هذا الامر رفع اللّه تبارک وتعالي کل ما ينخفض من الارض، وخفض له کل مرتفع منها حتي تکون الدنيا عنده بمنزلة راحته، فايکم کانت في راحته شعرة لم يبصرها. 5 وعن ابان عن الامام الصادق (ع) قال: اذا خرج القائم لم يبق بين يديه احد الا عرفه صالح او طالح. وعن عبداللّه بن عجلان عن ابي عبداللّه الصادق (ع) قال، من حديث: يلهمه اللّه تعالي فيحکم بعلمه، ويخبر کل قوم بما استبطنوه، ويعرف وليه من عدوه بالتوسم، قال اللّهسبحانه: (ان في ذلک لايات للمتوسمين، وانها لسبيل مقيم). 6 وعن ابان عن ابي عبداللّه (الصادق) (ع) قال: العلم سبعة وعشرون حرفا، فجميع ما جاءت به الرسل حرفان فلم يعرف الناس حتي اليوم غير الحرفين، فاذا قام قائمنااخرج الخمسة والعشرين حرفا فبثها في الناس وضم اليها الحرفين حتي يبثها سبعة وعشرين حرفا. ومع معرفة ما وصلت اليه البشرية من علم نري انها تستطيع ان تعرف ان ما اعطاه اللّه للامام (ع) مما لا يقع تحت قياس، وبذلک يعط ي الحجة علي کونه خليفة للّهوامامامنه. ثانيا: کثرة تجارب البشرية في العالم للقيادات والانظمة، تحت مختلف الاسماء والعناوين والاسر والاحزاب والحرکات الثورية والاصلاحية من هذه وتلک، من دون ان يحقق اي منها ما يطمح اليه الناس من العدل والامان والضمان والحرية والکرامة، والتربية الاخلاقية التي تعط ي للانسانية معناها، او ينهي ما تعانيه من الفقر والقهروالظلم، وتفشي الجرائم والحرب وسقوط الاخلاق، وغير ذلک مما اشارت اليه العلامات العامة والخاصة. ولذلک فهي من دون شک ستصغي، وتستجيب لدعوة التغيير الشامل التي ياتي بها الامام المهدي (ع)، وربما الي ذلک اشار ما ورد بالاسناد الي ابي صادق عن الامام ابي جعفر (ع) قال: «دولتنا آخر الدول، ولن يبقي اهل بيت لهم دولة الا ملکوا قبلنا، لئلا يقولوا اذا راوا سيرتنا اذا ملکنا سرنا مثل سيرة هؤلاء، وهو قول اللّه عز وجل: (والعاقبة للمتقين) [الاعراف: 128]. وعن هشام بن سالم عن الصادق (ع) قال: «ما يکون هذا الامر حتي لا يبقي صنف من الناس الا وقد ولوا علي الناس حتي لا يقول قائل: انا لو ولينا لعدلنا. ثم يقوم القائم بالحق والعدل ». والصنف هنا ناظر للايديولوجيات والافکار والدعوات والاطاريح لا الي الاجناس والشعوب والقبائل. ثالثا: ان الاسلام نفسه، عقيدة وتشريعا وقيما وآفاق رؤية، اذا عرف کما هو، معري عن الاراء والاجتهادات الخاطئة، والتطبيقات التاريخية المحرفة دين الهي حق يملا النفس والعقل، ويتطابق مع معطيات الفکر والعلم والتجربة في نهاياتها، وتتماسک عقائده ومفاهيمه الکونية والخلقية وتشريعاته الاجتماعية والسياسية والاقتصادية بصورة لا يجد الباحث عن الحقيقة عنه بديلا. وکدليل علي ذلک يمکن ان ترجع الي القائمة الکبيرة للعلماء والمفکرين الاوروبيين الذين اعتنقوه في هذاالعصر، وهو قمة التقدم العلمي والتقني رغم ما لحقه من تاثير خلافات المذاهب الاسلامية والتطبيق التاريخي. وکمثل قريب نذکر منهم رجلا لا يختلف اثنان علي مکانته في بلده، کمفکر وفيلسوف معاصر، هو روجيه غارودي الذي کان عضو اللجنة المرکزية للحزب الشيوعي الفرنسي والمؤلف الاصيل المعروف. فماذا لو عرف العالم العلمي الاسلام کما هو في واقعه؟ لا شک انه عدة وقوة لا تقاوم وذلک مما هو بيد المهدي (ع). رابعا: ظهور آيات کونية ملفتة توقظ الانسان من غفلته، وتقتل غروره ولا مبالاته، وتقوده مرغما الي اللّه تعالي. وبالتالي تهيئه للانضواء الي حجته (ع). 1- فقد روي عن الامام الصادق (ع) انه قال: يزجر الناس، قبل قيام القائم (ع)، عن معاصيهم بنار تظهر في السماء وحمرة تجلل السماء. (الرواية). ومن تلک الايات الصيحة او الفزعة في شهر رمضان. 2- روي الحسن بن زياد الصيقل قال: سمعت ابا عبداللّه جعفر بن محمد (ع) يقول: ان القائم لا يقوم حتي ينادي مناد من السماء تسمع الفتاة في خدرها ويسمع اهل المشرق والمغرب. وفي رواية اخري، عن زرارة: حتي يسمعه کل قوم قال (ع): وفيه نزلت هذه الاية (ان نشا ننزل بلسانهم عليهم من السماء آية فظلت اعناقهم لها خاضعين) [الشعراء: 4]. 3- وروي السلمي الشافعي عن امير المؤمنين علي بن ابي طالب (ع) انه قال: «اذا نادي مناد من السماء ان الحق في آل محمد، فعند ذلک يظهر المهدي (ع)» قال:اخرجه الحافظ ابو القاسم الطبراني، في معجمه، والحافظ ابو نعيم في مناقب المهدي (ع) والحافظ ابو عبداللّه نعيم بن حماد في کتاب الفتن. وقد تقدم، في «العلامات الخاصة »، الحديث عن طلوع الشمس من مغربها وما يتصل بها من آيات کونية، ومنها ان تطول السنون، ويلبث الفلک حتي يکون اليوم کعشرة ايام والشهر کعشرة اشهر والسنة کعشرة سنين من سنينکم ولذلک کله من دون شک، ومتصلا بالاوضاع والاحوال الاخري التي تعيشها البشرية:اثره البالغ في عقول الناس ونفوسهم بصورة تتهيا معها بصورة تلقائية لاستقبال الامام (ع) بل الهرب اليه. خامسا: ما ذکرناه في «العلامات الخاصة » من الفناء الذي يلحق البشرية حتي يذهب ثلثا العالم، او تسعة اعشاره او خمسة من کل سبعة کما ورد في الروايات وما يتصل بذلک من خوف وجوع وفوضي تجعل الناس في حالة ماساوية لا نظير لها. واذا کان المسلمون في الثلث او العشر الناجي کما في الروايات فان هذا لا يعني ان تکون هذه النجاة کاملة فالاثار نفسيا وبدنيا واجتماعيا وسياسيا واقتصاديا لا بد من ان تکون قائمة بصورة ماساوية. 1- فعن محمد بن مسلم عن الامام الصادق (ع) انه قال: «ان قدام القائم (ع) بلوي من اللّه، قلت: وما هي جعلت فداک؟ فقرا: (ولنبلونکم بشي ء من الخوف والجوع ونقص من الاموالوالانفس والثمرات وبشر الصابرين)». ثم قال: «الخوف... والجوع من غلاء الاسعار، ونقص الاموال من کساد التجارات، وقلة الفضل فيها، ونقص الانفس بالموت الذريع، ونقص الثمرات بقلة ريع الزرع وقلة الثمار». 2- وعن الامام الباقر (ع) انه قال: «لا يقوم القائم (ع) الا علي خوف شديد من الناس وزلازل وفتنة وبلاء يصيب الناس وطاعون، قبل ذلک، وسيف قاطع بين العرب واختلاف شديد في الناس وتشتت في ما بينهم وتغير من حالهم حتي يتمني المتمني الموت صباحا ومساء مما يري من کلب الناس واکل بعضهم بعضا. فخروجه (ع)، اذا خرج، يکون عند الياس والقنوط من ان يروا فرجا، فيا طوبي لمن ادرکه وکان من انصاره، والويل لمن ناواه وخالفه وخالف امره وکان من اعدائه ». وبذلک تکون الاستجابة للامام (ع) اشبه باستجابة الضال لدليله والغريق لمنقذه، اي انها استجابة فهم واضطرار معا بحکم الحالة، وما يمثله الامام (ع) فيها مرکزا للامان،وموطنا للّهدي وساحة للابصار في عالم تعمه الظلمة والضلالة والخوف. وجاء في حديث حذيفة بن اليمان عن النبي (ص): يفرح به اهل السماء والارض والطير والوحش والحيتان في البحر. وفي حديث قتادة: محبوب في الخلائق يطفي ء اللّه به الفتنة العمياء وتامن الارض. سادسا: ما اعط ي اللّه الامام (ع)، خاتم اوصياء محمد (ص) وشاهد رسالته، من قدرات ووهبه من وسائل النصر المعجز بصورة يستطيع بها ان يحقق ما اراده له سبحانه من دور. فاذا کان عهد التاسيس لا يسمح للرسول (ص) ولا لاوصيائه (ع) بتجاوز الوسائل العادية المقابلة الا بحدود اقامة الحجة، اما الحرب فبالوسائل المتکافئة فان المهدي (ع)سيشهر قوة اللّه التي وهبها له، ويستعمل المعجز لاخضاع الطواغيت والجبابرة وبغاة الظلم والفجور. ان الفرصة الطويلة التي اعطيت للعالم، منذ بعثة الرسول (ص)، لمناقشة الرسالة الالهية الاسلامية في اسسها العقائدية وقواعدها التشريعية وما دعمها اللّه به من شواهدالعلم والواقع، کافية لتبرير اللجوء الي ذلک مقابل المعرضين کبرا وعنادا واصرارا علي الباطل، وهذا هو ما سيکون. ان المعرفة باللّه، کما تحصل من خلال مظاهر اسمائه: الرحمن الرحيم العفو الغفار، فانها تحصل من خلال مظاهر اسمائه: الجبار المنتقم شديد العقاب. والمهدي (ع) هو من سيعطيها بهذه وتلک. لذلک ورد فيه (ع) انه (ع) من الساعة، وهي عند اهل العرفان ليست الا ظهور المعرفة الکاملة التي تحصل في الموت والقيامة لدي تقطع الاسباب والرجوع الي اللّه، وتحصل ايضا لدي ظهور الامام (ع) ومواجهته العالم باسماء اللّه في جانب العدل والرحمة وجانب العذاب والنقمة وبمايجاوز المعروف حتي يعرف. وقد فسر بعضهم الوقت المعلوم الذي انظر اللّه اليه ابليس حين استنظره بظهور المهدي (ع) الذي سيقتل ومعه المسيح الدجال والسفياني: وجهي ابليس البشريين.ويقتل الشيطان نفسه. وسنورد بعض الروايات التي تتحدث عما اعط ي اللّه الامام (ع) من قوي وجند، وعما يقوم به بدءا في معاملة المارقين والمنافقين علي اساس علمه لا علي ما يظهرمنهم. 1- روي مسندا عن محمد بن مسلم قال: سمعت ابا جعفر (الباقر) (ع) يقول: القائم منصور بالرعب، مؤيد بالنصر، تطوي له الارض، وتظهر له الکنوز ويبلغ سلطانه المشرق والمغرب ويظهر اللّه عز وجل به دينه ولو کره المشرکون. 2- وعن عبداللّه بن سنان عن الامام ابي عبداللّه جعفر بن محمد (الصادق) (ع) قال ما معناه ان الامام (ع) ينشر راية رسول اللّه (ص)، وذکر ما يفهم منه انه ليس المرادبالراية ما يفهمه الناس منها او معناها الحقيقي، بل هو رمز لسر النصر المعط ي للرسول محمد (ص) فقال: ما هي واللّه من قطن ولا کتان ولا قز ولا حرير. فقلت: من اي شي ءهي؟ قال: من ورق الجنة. الي ان قال (ع): لا ينشرها احد حتي يقوم القائم فاذا قام نشرها. قال (ع): «ويسير الرعب قدامها شهرا، ووراءها شهرا، وعن يمينها شهرا، وعن يسارها شهرا». 3- وروي مسندا عن الثمالي قال: قال ابو جعفر (الباقر) (ع): «يا ثابت کاني بقائم اهل بيتي قد اشرف علي نجفکم هذا..» واوما بيده الي ناحية الکوفة. «فاذا هواشرف علي نجفکم نشر راية رسول اللّه، فاذا هو نشرها انحطت عليه ملائکة بدر». وفي هذه الرواية ايضا يعط ي للراية معني غير معناها الحقيقي في اللغة. وانها من اسرار النصر الذي يعطيه اللّه له، فحين ساله الثمالي: وما راية رسول اللّه (ص)؟ قال (ع):عودها من عمد عرش اللّه وسائرها من نصر اللّه لا يهوي بها الي شي ء الا اهلکه اللّه. 4- وبالاسناد الي الثمالي ايضا قال: سمعت ابا جعفر محمد بن علي (الباقر) (ع) يقول: لو قد خرج قائم آل محمد لنصره اللّه بالملائکة المسومين والمردفين والمنزلين والکروبيين، يکون جبرائيل امامه، وميکائيل عن يمينه، واسرافيل عن يساره والرعب مسيرة شهر امامه وخلفه وعن يمينه وعن شماله والملائکة المقربون حذاه. 5- وبالاسناد الي عبد الرحمن بن کثير عن ابي عبداللّه الصادق (ع) في قول اللّه تعالي: (اتي امر اللّه فلا تستعجلوه)[النحل: 1]. قال: هو امرنا امر اللّه عز وجل الا نستعجل به يؤيده بثلاثة اجناد بالملائکة والمؤمنين والرعب. 6- وبالاسناد الي ابي الجارود عن ابي جعفر (ع) قال: «اذا ظهر القائم (ع): ظهر براية رسول اللّه (ص) وخاتم سليمان وحجر موسي وعصاه ». والذي نفهه اجمالا انه يعط ي من القدرات والايات ما اعطاه اللّه للانبياء واوصيائهم بحکم الدور الذي شاءه اللّه له بوصفه وصي محمد (ص) الحامل لرايته. والاخبار في ذلک کثيرة تقدم بعض منها في الابحاث السابقة، ولا شک في ان بعض ما ذکرناه کاف ليجيب عن السؤال: کيف سينتصر الامام (ع)؟ ان الامر حين يکون مما شاءه اللّه سبحانه وامر الامام المهدي (ع) مما شاءه کما ثبت بالاخبار المتواترة فان السؤال کيف؟ يصبح لا معني له بالنسبة للمؤمن.. سابعا: لا يعني ما ذکرناه من القدرات والجند المعط ي للامام (ع) انه سيستخدم ذلک ابتداء، بل هو يدعو للّه وللاسلام کما امر، ويقابل بالوسائل المعتادة حين يکون ذلک مجديا، ويتعب نفسه داعيا ومحاججا ومجاهدا مع انصاره حتي يسيل العلق والعرق في روايات کثيرة، الا ان ذلک کله له لو شاء ان يتصدي له طاغوت او ما لاقبل للمؤمنين به کثرة وقوة، وقد ورد ان جنده يفتحون روما بالتکبير. وورد في بعض الاخبار ان اللّه سبحانه يوط ي ء للامام المهدي(ع) قبل ظهوره بطائفة في اوساط الامة بمختلف اقطارها اهل ايمان ومعرفة يلتزمون الحق، ويرفضون الباطل، ومن ذلک ما رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما عن رسول اللّه قال (ص): لا تزال طائفة من امتي ظاهرين ويقاتلون حتي ياتيهم امر اللّه وهم ظاهرون. وفي رواية مسلم في باب الامارة: لا تزال طائفة من امتي يقاتلون علي الحق ظاهرين علي من ناواهم حتي يقاتل آخرهم المسيح الدجال. وقد عقد السلمي الشافعي الباب الخامس من کتابه عقد الدرر (من ص 187 الي ص 201) حول من يبعثهم اللّه للتوطئة له قبل امارته، ومما ورد فيه عن عبداللّه بن الحارث: قال رسول اللّه (ص): «يخرج ناس من المشرق فيطئون للمهدي (ع)». ويصف الامام علي (ع) في رواية عنه کنوزا في طالقان ليست من ذهب ولا فضة، ولکن رجال عرفوا اللّه حق معرفته وهم انصار المهدي (ع) آخر الزمان، وتذکر روايات اخري ابدال الشام، ونقباء مصر ونجباء العراق. وتذکر بعضها الرايات السود التي تاتي من خراسان. ورايي ان کثيرا من هذا الروايات التي تذکر مدنا معينة وصفات لرايات من وضع انصار العباسيين الذين ادعي فيهم محمد بن عبداللّه المنصور المهدوية، ولعلاقة ذلک بابي مسلم الخراساني وما اختاروه من شعار السواد، او من وضع انصار الفاطميين في ما يتعلق بالروايات التي تذکر المغرب ومصر والشام، لعلاقة ذلک بدعوة عبداللّهالمهدي اول الخلفاء الفاطميين ومحل دعوته وملکه. وممن ذهب الي هذا الراي بخصوص وضع الاخبار حول الرايات السود من خراسان ابو الاعلي المودودي قال: «ذکر الرايات السود من قبل خراسان مما يدل دلالة واضحة علي ان العباسيين ادخلوا هذه الرواية من عند انفسهم بما يوافق اهواءهم وسياستهم، لان اللون الاسود کان شعارا للعباسيين ». وفي رواية اخري عن علي (ع) «فيجمع اللّه تعالي له قوما قزعا کقزع السحاب يؤلف اللّه بين قلوبهم الخ...»، وهناک روايات اخري يمکن مراجعتها في ما اشرنا اليه من مصادر. وقد ظن بعض المؤمنين، في عصر الائمة من آبائه (ع)، ان الامام (ع) وقد حباه اللّه من آياته ونصره بما اشرنا اليه، سيخضع الناس له من دون عناء، لکنهم (ع) اعلموهم ان الامر ليس کما تصوروا فهو سيعادي بدءا من المسلمين، فضلا عن غيرهم وسيدخل بالوسائل المعتادة حربا مجهدة. روي بالاسناد الي بشير النبال انه قال لابي جعفر (ع) انهم يقولون: ان المهدي (ع) لو قد قام لاستقامت له الامور عفوا ولا يهريق محجمة دم فقال (ع): «کلا والذي نفسي بيده لو استقامت لاحد عفوا لاستقامت لرسول اللّه (ص) حين ادميت رباعيته وشج في وجهه، کلا والذي نفسي بيده حتي نمسح نحن وانتم العرق والعلق. ثم مسح جبهته ».وبالاسناد الي الثمالي قال: سمعت ابا جعفر (ع) يقول: ان صاحب هذا الامر لو قد ظهر للقي من الناس مثل ما لقي رسول اللّه (ص) واکثر. وبالاسناد الي الفضيل قال: سمعت ابا عبداللّه (الصادق) (ع) يقول: «ان قائمنا اذا قام استقبل من جهلة الناس اشد مما استقبله رسول اللّه (ص) من جهال الجاهلية. فقلت:وکيف ذلک؟ قال: ان رسول اللّه (ص) اتي الناس وهم يعبدون الحجارة والصخور والعيدان والخشب المنحوتة، وان قائمنا اذا قام اتي الناس وکلهم يتاول عليه کتاب اللّه،ويحتج عليه به، ثم قال: اما واللّه ليدخلن عليهم عدله جوف بيوتهم کما يدخل الحر والقر». وبالاسناد الي المفضل قال: «سمعت ابا عبداللّه (الصادق) (ع) وقد ذکر القائم (ع) فقلت: اني لارجو ان يکون امره في سهولة. فقال: لا يکون ذلک حتي تمسحوا العرق والعلق ».قال الشيخ محيي الدين بن عربي في «الفتوحات المکية »، علي ما نقله الشعراني والشيخ ابن الصبان في الباب 366: «يبيد الظلم واهله، ويقيم الدين واهله، وينفخ الروح في الاسلام يعز اللّه به الاسلام بعد ذله ويحييه بعد موته، يضع الجزية، ويدعو الي اللّه بالسيف، فمن ابي قتل ومن نازعه خذل، يظهر من الدين ما هو عليه في نفسه حتي لو کان رسول اللّه (ص) حيا لحکم به، فلا يبقي في زمانه الا الدين الخالص من الراي يخالف في غالب احکامه مذاهب العلماء فينقبضون منه ذلک لظنهم ان اللّه تعالي لا يحدث بعد ائمتهم مجتهدا». وعلي کل حال، ومهما کانت صور المقابلة التي سيستخدمها الامام (ع) في مقابلة خصومه من داخل المسلمين، او من خارجهم، فان من المقطوع به طبقا للروايات المتواترة لدي المسلمين من اهل السنة والشيعة انه سينتصر علي العالم کله ويملا الارض قسطا وعدلا کما ملئت ظلما وجورا. روي مسندا عن جابر الانصاري قال: سمعت رسول اللّه (ص) يقول: «ان ذا القرنين کان عبدا صالحا جعله اللّه حجة علي عباده » الي ان قال (ص): «وان اللّه مکن له في الارض وآتاه منکل شي ء سببا وبلغ المشرق والمغرب، وان اللّه تبارک وتعالي سيجري سنته في القائم من ولدي، ويبلغه شرق الارض وغربها حتي لا يبقي سهل ولاموضع من سهل ولا جبل وطئه ذو القرنين الا وطئه، ويظهر اللّه کنوز الارض ومعادنها وينصره بالرعب يملا الارض عدلا وقسطا کما ملئت جورا وظلما». وروي مسندا الي ابي بصير قال: قال ابو عبداللّه (الصادق) (ع) في قوله عز وجل (هو الذي ارسل رسوله بالهدي ودين الحق ليظهره علي الدين کله ولو کره المشرکون)[براءة: 33]. فقال: واللّه ما نزل تاويلها، ولا ينزل تاويلها حتي يخرج القائم (ع) فاذا خرج القائم لم يبق کافر باللّه العظيم ولا مشرک (فلو کان) في بطن صخرة لقالت: يا مؤمن في بطني کافر فاکسرني واقتله. وعن ابي بکير قال: «سالت ابا الحسن (ع) عن قوله: (وله اسلم من في السماوات والارض طوعا وکرها) [آل عمران: 38]. قال (ع): انزلت في القائم (ع) اذا خرج (قام) باليهود والنصاري والصابئين والزنادقة واهل الردة والکفار في شرق الارض وغربها فعرض عليهم الاسلام فمن اسلم طوعاامره بالصلاة والزکاة وما يؤمر به المسلم و(ما) يجب للّه عليه، ومن لم يسلم ضرب عنقه. قلت له: جعلت فداک، ان الخلق اکثر من ذلک. فقال (ع): ان اللّه اذا اراد امرا قلل الکثير، وکثر القليل ». وعن ابي المقدام عن ابي جعفر (ع) في قول اللّه تعالي: (ليظهره علي الدين کله ولو کره المشرکون) [براءة: 33] قال (ع): لا يبقي احد الا اقر بمحمد. وعن حذيفة بن اليمان عن رسول اللّه (ص) من حديث: «فلا يبقي علي وجه الارض الا من يقول: لا اله الا اللّه».