بازگشت

انتظار الفرج والدعاء بتعجيله


اما الاول: اعني انتظار الفرج، فلانه ما تمليه العقيدة ببقاء الامام (ع) وغيبته وظهوره، وهو بهذا اللحاظ وما يصحبه من تحمل للظروف النفسية والموضوعية عبادة وجهاد. وقد وردت روايات کثيرة في اهمية الانتظار، ومکانته، وثوابه، منها ما ورد عن الحرث بن المغيرة عن الامام (الباقر) (ع) قال: قال (ع):

«العارف منکم هذا الامر، المنتظر له، المحتسب فيه، کمن جاهد واللّه مع قائم آل محمد بسيفه. ثم قال: بل واللّه کمن استشهد مع رسول اللّه (ص) في فسطاطه ». وعن ابي بصير عن الامام (الصادق) (ع) انه قال: «ان لنا دولة يجي ء اللّه بها اذا شاء». ثم قال: «من سره ان يکون من اصحاب القائم (ع) فلينتظر، وليعمل بالورع ومحاسن الاخلاق وهو منتظر، فان مات وقام القائم بعده کان له من الاجر مثل اجر من ادرکه ». وعن ابي بصير عن ابي عبداللّه الصادق انه قال (ع) ذات يوم: «الا اخبرکم بما لا يقبل اللّه عز وجل عملا الا به؟ فقلت: بلي. فقال (ع): شهادة ان لا اله الا اللّه، وان محمدا عبده ورسوله، والاقرار بما امر اللّه، والولاية لنا، والبراءة من اعدائنا، والتسليم لامرنا، والورع، والاجتهاد،والطمانينة، والانتظار للقائم (ع)». وعن علي بن حاتم عن ابيه عن ابي جعفر (ع) قال: «ما ضر من مات منتظرا لامرنا الا يموت في وسط فسطاط المهدي (ع) وعسکره ». وعن الامام علي (ع) قال: «انتظروا الفرج ولا تياسوا من روح اللّه، فان احب الاعمال الي اللّه عز وجل انتظار الفرج ». وقال (ع): «الاخذ بامرنا معنا في حظيرة القدس، والمنتظر لامرنا کالمتشحط بدمه في سبيل اللّه». الدعاء بتعجيل الفرج واما الثاني: اي الدعاء بتعجيل الفرج، فان ما ورد من الحث عليه، وما ورد من الادعية المنشاة من قبل الائمة من اهل البيت (ع) واوليائهم فيه اکثر من ان نورده هنا، وقدکتب العلامة الحجة السيد محمد تقي الموسوي الاصفهاني في ذلک سفرا کبيرا اسماه «مکيال المکارم في فوائد الدعاء للقائم (ع)»، ويکفي في ذلک ما جاء عن الامام المهدي (ع) قال: «واکثروا الدعاء بتعجيل الفرج فانه فرجکم ». واذا عرفنا ان الدعاء يدخل ضمن الاسباب الکونية المؤثرة في التقدير، واذا تذکرنا حديثنا في البداء في ما تعطيه العلاقة بين المقتضي والمانع من الاسباب يتضح لنا ما يمکن ان يسهم به الدعاء في تهيئة الظرف المؤهل لاستقبال الامام (ع) ومعني ان يهتم الائمة من اهل البيت (ع) به بالصورة التي اشرنا اليها عدا کونه ترديدالهذه العقيدة وايحاء بها يؤدي الي ترکيزها في نفس المؤمن. فاقرا منها ما ورد في دعاء السجاد (ع) في عرفة. وما ورد في آخر دعاء الافتتاح المروي عن الامام المهدي (ع). وما رواه الشيخ ابو علي بن همام رحمه اللّه عن الشيخ العمري رضوان اللّه عليه قال: انه املاه عليه وامره ان يدعو به في غيبة القائم (ع) واوله: (اللّهم عرفني نفسک فانک ان لم تعرفني نفسک لم اعرف نبيک اللّهم عرفني نبيک فانک ان لم تعرفني نبيک لم اعرف حجتک). الانتظار لا يعني ترک العمل الانتظار او الترقب حالة نفسية لدي من يؤمن بمجي ء (موعود) ويتبعها تلقائيا الاستعداد بما هو المفروض لدي حضوره عادة، لذلک فهو حالة طبيعية واقعية لدي المؤمنين، وما ورد من الاخبار عن الائمة من اهل البيت (ع) ليس دعوة له، بمقدار ما هو ثناء وبشارة للمنتظرين وتطمين لمن خشي ان يدرکه الموت قبل الظهور: بانه قد ادرک ما امله من المنزلة والفضل، بنفس الانتظار ولا علاقة للانتظار اصلا، ولا لما ورد فيه کما قد تصور البعض في ان يکون تخديرا، او دعوة للسلبية، بل علي العکس فان الانتظار للموعود يدعو بطبيعته الي الاستعداد المناسب له، وذلک يعني العمل سواءا ما اتصل منه بالذات او بالاخرين، وحين يکون الموعود هو ظهور الامام (ع) فلا بد ان يکون الاستعداد هو العمل علي ان نکون في وضع مؤهل عقائديا وروحيا واخلاقيا لاستقباله والکون في خدمته علي مستوي النصرة. ويبدو ان من يتصور ان الانتظار يناقض العمل هو ممن يري: ان العمل ينحصر في العمل السياسي الذي ينشط بسبيل الثورة، وتسلم السلطة، ومقاليد الحکم شان اية جماعة سياسية اخري وهي رؤية ضيقة جدا لمفهوم العمل وغاياته من زاوية اسلامية عامة، والاخذ به يعني اخراج المعصومين الاثني عشر (ع) في فترة من حياتهم بالنسبة للبعض کما في علي (ع) والحسنين (ع) او في حياتهم کلها بالنسبة للبعض الاخر: من ساحة العاملين والمجاهدين، ولا اظن ان احدا يجرا علي ان يري ذلک. وفي مقارنة سريعة بين مردود عملهم العلمي والتربوي وقيامهم کقدوة ونموذج في الروح والفکر والسلوک والمواقف الذي ظل يمثل حتي الان قواعد ومنارات للامة کلها وبين مردود تلک الثورات التي قام بها الزيديون مثلا ليس الان بل حتي في وقتها يبدو لنا الفرق واضحا وکبيرا لا يقبل القياس وهي ردنا الفاحم علي من يحصرالعمل في کل ظرف بالعمل السياسي. ان السلطة ليست في نظر اهل البيت (ع) واوليائهم من المؤمنين الا وسيلة لتسويد القيم، والمبادي ء والاحکام الاسلامية، وحين يکون العمل لها، او بها خارج نطاق هذه القيم والمبادي ء او ينتهي بصورة او اخري الي ذلک بحکم فقدان القاعدة المتمثلة للرسالة رؤية وخلقا وعملا وبحکم تشظ ي الامة، فسيکون الخسار في العمل لهااکثر قطعا، وفرق کبير بين حرکات سياسية تقبل من الانصار نماذج ممن يتحرک بدافع کم تهب لنا؟ کما قال جورج جرداق وبين حرکات لا تقبل الا من يعمل للّهولغرض الرسالة کما وعاها وعاشها فکرا وخلقا دونما النظر لما ياتي به الحکم من مکاسب شخصية. ان استيعاب الامکانات في الواقع هو الذي يملي الانتظار، وهو ليس ترکا بل رفض للاستعجال فيه. الاستعجال الذي لا يضع اشتراطات العمل الرسالية الحق کما هو في الاسلام الحق اسلوبا وتعاملا وغاية في الحساب، مما يجعله في هذه الحالة يستملي العاطفة والحماس وحب الظهور واهواء الامة اکثر مما يستوحي المبادي ء ومصلحة الرسالة.واذا فالخلاف ليس في اصل المسالة بل في ظروفها وشروطها. وذلک ما اشارت اليه غيبتا الامام المهدي (ع) الصغري والکبري، وما اشارت اليه الروايات الواردة في ذلک عن اهل البيت (ع) ايضا لدي اجابتهم من دعاهم من الحرکات لتزعمها. فحين عرض ابو مسلم الخراساني علي الامام الصادق ذلک قال له: «ما انت من رجالي ولاالزمان زماني ». وبمثل ذلک اجاب المتحمسين من اوليائه والروايات في ذلک کثيرة. قال الامام الباقر (ع) لجابر وهو يلفته الي ما اشرنا اليه من خلال تقويمه للظرف ولامکانات الرسالي الملتزم اسلوبا وتعاملا وغاية فيه ازاء ما تملکه القوي الاخري: «مثل من خرج منا اهل البيت (ع) قبل قيام القائم (ع) مثل فرخ طار ووقع من وکره فتلاعبت به الصبيان ». وفي روايتي ابي بصير عن الامام الصادق (ع) اللتين قدمناهما آنفا تحت عنوان (انتظار الفرج) يتبين لنا الاتجاه الذي اراده الائمة من اهل البيت (ع) في فترة الانتظاربسبيل ايجاد القاعدة الموطئة لظهور الامام (ع)، وقد ذکر المحدثون من المسلمين سنة وشيعة: ان الرسول (ع) بشر بطائفة من الامة يوطؤون للمهدي (ع) ويکونون من انصاره وقد عقد السلمي الشافعي المتوفي سنة 685 الباب الخامس من قلائد الدرر لايراد ما جاء حول ذلک. ومن ذلک ما رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما عن معاذ بن جبل رحمه اللّه قال: قال رسول اللّه (ص): «لا تزال طائفة من امتي يقاتلون علي الحق ظاهرين علي من ناواهم حتي يقاتل آخرهم المسيح الدجال ».في رواية مسلم عن جابر بن عبداللّه بعد صدر الحديث (ظاهرين الي يوم القيامة). يقول الاستاذ الحجة الشيخ محمد رضا المظفر قدس اللّه نفسه: «ومما يجدر ان نعرفه في هذا الصدد ونذکر انفسنا به انه: ليس معني انتظار المصلح المنقذ المهدي (ع) ان يقف المسلمون مکتوفي الايدي في ما يعود الي الحق من دينهم، وما يجب عليهم من نصرته والجهاد في سبيله، والاخذ باحکامه، والامر بالمعروف والنهي عن المنکر.بل المسلم ابدا مکلف بالعمل بما انزل من الاحکام الشرعية وواجب عليه السعي لمعرفتها علي وجهها الصحيح بالطرق الموصلة اليها حقيقية، وواجب عليه ان يامربالمعروف، وينهي عن المنکر ما تمکن من ذلک وبلغت اليه قدرته (کلکم راع، وکلکم مسؤول عن رعيته). ولا يجوز له التاخر عن واجباته بمجرد الانتظارللمصلح المهدي والمبشر الهادي (ع) فان هذا لا يسقط تکليفا ولا يؤجل عملا».