ابوجعفر محمد بن عثمان بن سعيد العمري
ابو جعفر محمد بن عثمان بن سعيد العمري (المتوفي سنة304 او 305 ه) رضوان اللّه عليه.
عن ابي نصر هبة اللّه بن احمد الکاتب قال: «کانت توقيعات صاحب الامر (ع) تخرج علي يدي عثمان بن سعيد وابنه ابي جعفر محمد بن عثمان الي شيعته، وخواص ابيه ابي محمد (ع) بالامر والنهي، والاجوبة عما تسال الشيعة عنه اذا احتاجت الي سؤال فيه، بالخط الذي کان يخرج في حياة الحسن (ع) فلم تزل الشيعة مقيمة علي عدالتهما الي ان توفي عثمان.... وحصل الامر کله مردودا اليه والشيعة مجتمعة علي عدالته، والثقة به، وامانته لما تقدم له من النص عليه بالامانة، والعدالة، والامر بالرجوع اليه في حياة الحسن (ع) وبعد موته في حياة ابيه عثمان رحمة اللّه عليه ». وقد سبق ان ذکرنا النص الذي اشار اليه الکاتب رحمه اللّه علي ابي جعفر محمد بن عثمان في عدة روايات، وفي اکثر من مرة، من قبل الامام الحسن (ع) في حديثناالمتقدم عن ابيه رضي اللّه عنه، لان الامام (ع) جمع بينهما فيه، وافرد (ع) ابا جعفر في بعضها بالاشارة الي انه وکيل الامام المهدي (ع). اما النص عليه من الامام المهدي (ع) فبالرغم من انه لا حاجة اليه مجددا بحکم نيابته القائمة له زمن ابيه رحمه اللّه فانه مع ذلک اکد (ع) استمرار هذه النيابة کما هوواضح في کتاب تعزيته له بابيه رضي اللّه عنه. وکتب اخري تلقاها عدد من اعيان الشيعة آنذاک. روي مسندا عن محمد بن ابراهيم بن مهزيار انه خرج اليه بعد وفاة ابي عمرو (عثمان بن سعيد) رحمه اللّه من الامام المهدي (ع) توقيع جاء فيه: «والابن وقاه اللّه لم يزل ثقتنا في حياة الاب (رضي اللّه عنه، وارضاه ونضر وجهه) يجري عندنا مجراه، ويسد مسده، وعن امرنا يامر الابن وبه يعمل تولاه اللّه! فانته الي قوله، وعرف معاملتنا ذلک ». وروي ايضا مسندا عن محمد بن يعقوب عن اسحاق بن يعقوب: انه تلقي التوقيع بخط مولانا صاحب الدار (ع) وفيه: «واما محمد بن عثمان العمري رضي اللّه عنه وعن ابيه من قبل فانه ثقتي وکتابه کتابي ». وبالاسناد الي عبداللّه بن جعفر الحميري قال: لما مضي ابو عمرو رضي اللّه عنه، اتتنا الکتب بالخط الذي کنا نکاتب به (يعني من الامام المهدي (ع)) باقامة ابي جعفر رضي اللّه عنه مقامه. وجاء في رواية هبة اللّه عن شيوخه، وهم يتحدثون عن ابي جعفر العمري قولهم: «وقد نقلت عنه دلائل کثيرة، ومعجزات الامام ظهرت علي يديه، وامور اخبرهم بها عنه زادتهم في هذا الامر بصيرة، وهي مشهورة عند الشيعة ». وروي، مسندا عن عبداللّه بن جعفر الحميري، رحمه اللّه، انه قال: سالت محمد بن عثمان رضي اللّه عنه فقلت له: هل رايت صاحب هذا الامر؟ قال: نعم، وآخر عهدي به عندبيت اللّه الحرام، وهو (ع) يقول: «اللّهم انجز لي ما وعدتني ». وقال (رضي اللّه عنه) في رواية ابي جعفر بن بابويه: «ان صاحب هذا الامر ليحضر الموسم کل سنة يري الناس ويعرفهم ويرونه ولا يعرفونه ». من توقيعات الامام المهدي (ع) بوساطته امتدت نيابة ابي جعفر محمد بن عثمان العمري رضوان اللّه عليه للامام (ع) زمنا طويلا لم يحصل لاي واحد من النواب الاخرين. فقد تولي ذلک في حياة الامام الحسن(ع) مع ابيه رحمه اللّه للامام الحسن ثم المهدي (ع)، واستمر مع ابيه حتي توفي ثم قام بذلک منفردا حتي وفاته سنة 304 ه او سنة 305 ه، وقد قدروا مدة توليه للنيابة بنحو خمسين سنة. ولذلک، فمن المتوقع ان يکون ما جاء بوساطته من آثار الامام (ع) وتوقيعاته کثيرا جدا، ولم يصلنا منه الا القليل لما بيناه من الاسباب. ومع ذلک فما اثر عنه رحمه اللّهاکثر مما هو عن غيره.. ومن الاثار المعروفة التي جاءت عن طريقه بعض الادعية، کالدعاء الذي ورد في کتب الدعاء «انه يقرا في کل يوم من رجب، وهو کما يري العارفون من اهم الادعية في مضامينه المعرفية المتصلة بولاية الخلق الاول، اي المبادي الاولي القائمة بربها، والمقومة لما بعدها بحکم ما يقتضيه الخلق من سلسلة طولية واکوان متعددة تکون وسطا واسبابا لکون الکائن المرکب ». وکدعاء الافتتاح المشهور الذي يقرا في ليالي رمضان، ولا حاجة لبيان انه من اهم الادعية في لغته واسلوبه ومضامينه العقائدية، فهذا الجانب ملحوظ لدي کل من قراه، ولقد رايت شخصا غمرته روعة اسلوبه ومعانيه، وهو يقراه فرفع راسه قائلا: کيف يقولون: انه غائب وهذا نوره يضي ء قلوبنا وهذه انفاسه تهزنا من العمق؟ وذکرت ادعية وزيارات اخري نسبت الي الامام (ع) وانها صدرت في زمن الشيخ رحمه اللّه يمکن من شاء مراجعتها والتاکد من نسبتها من مصادرها الخاصة، ککتب الادعية والزيارات المعروفة والکتب المؤلفة في الامام (ع) ونوابه وما صدر عنهم. ومن توقيعاته (ع) بواساطته ما رواه محمد بن يعقوب الکليني عن اسحاق بن يعقوب قال: سالت محمد بن عثمان العمري، رحمه اللّه، ان يوصل لي کتابا قد سالت فيه عن مسائل اشکلت علي فورد التوقيع بخط مولانا صاحب الزمان (ع): «اما ما سالت عنه، ارشدک اللّه وثبتک ووقاک، امر المنکرين لي من اهل بيتنا، وبني عمنا، فاعلم انه ليس بين اللّه عز وجل وبين احد قرابة، ومن انکرني فليس مني وسبيله سبيل ابن نوح. واما سبيل عمي جعفر وولده فسبيل اخوة يوسف، واما الفقاع فشربه حرام ولا باس بالشلماب. واما اموالکم فلا نقبلها الا لتطهروا، فمن شاء فليصل ومن شاء فليقطع، وما آتانا اللّه خير مما آتاکم. واما ظهور الفرج فانه الي اللّه، وکذب الوقاتون. واما قول من زعم ان الحسين (ع) لم يقتل فکفر وتکذيب وضلال. واما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها الي رواة حديثنا فانهم حجتي عليکم، وانا حجة اللّه. واما محمد بن عثمان العمري فرضي اللّه عنه وعن ابيه من قبل فانه ثقتي وکتابه کتابي. واما محمد بن علي بن مهزيار الاهوازي فسيصلح اللّه قلبه، ويزيل شکه.. واما ما وصلتنا به فلا قبول عندنا الا لما طاب وطهر، وثمن المغنية حرام. واما محمد بن شاذان بن نعيم فانه رجل من شيعتنا اهل البيت. واما ابو الخطاب محمد بن ابي زينب الاجدع (من رؤوس الغلاة) فملعون، واصحابه ملعونون، فلا تجالس اهل مقالتهم فاني منهم بري ء وآبائي منهم براء. واما المتلبسون باموالنا فمن استحل منها شيئا فاکله فانما ياکل النيران. واما الخمس فقد ابيح لشيعتنا وجعلوا منه في حل الي وقت ظهور امرنا لنطيب ولادتهم، ولا تخبث. واما ندامة قوم شکوا في دين اللّه علي ما وصلونا به، فقد اقلنا من استقال فلا حاجة الي صلة الشاکين. واما علة ما وقع من الغيبة فان اللّه عز وجل يقول: (يا ايها الذين آمنوا لا تسالوا عن اشياء ان تبد لکم تسؤکم) [المائدة: 101] انه لم يکن احد من آبائي الا وقد وقعت في عنقه بيعة لطاغية زمانه، واني اخرج حين اخرج ولا بيعة لاحد من الطواغيت في عنقي. واما وجه الانتفاع بي في غيبتي فکالانتفاع بالشمس اذا غيبتها عن الابصار السحاب واني لامان لاهل الارض کما ان النجوم امان لاهل السماء، فاغلقواابواب السؤال عما لا يعنيکم، ولا تتکلفوا علم ما قد کفيتم، واکثروا الدعاء بتعجيل الفرج فان ذلک فرجکم. والسلام عليک يا اسحاق بن يعقوب وعلي من اتبع الهدي ». وفاة الشيخ ابي جعفر العمري روي عن ابي الحسن علي بن احمد الدلال القمي رحمه اللّه قال: «دخلت علي ابي جعفر محمد بن عثمان رضي اللّه عنه يوما لاسلم عليه، فوجدته وبين يديه ساجة ونقاش ينقش عليها ويکتب آيا من القرآن واسماء الائمة (ع)، فقلت: يا سيدي ما هذه الساجة؟ فقال لي: هذه لقبري تکون فيه، وقال: وانا في کل يوم انزل فيه فاقرا جزءا من القرآن وآخذ بيدي فارانيه. فاذا کان يوم کذا وکذا من شهر کذا وکذا من سنة کذا وکذا صرت الي اللّه عز وجل ودفنت فيه، وهذه الساجة معي فلما خرجت من عنده اثبت ما ذکره، ولم ازل مترقبا به ذلک. فما تاخر الامر حتي اعتل ابو جعفر رحمه اللّه فمات في اليوم الذي ذکره من الشهر الذي قاله من السنة التي ذکرها ودفن فيه ». وکانت وفاته في آخر جمادي الاولي سنة 304 او سنة 305 ه.