بازگشت

الامام المهدي من ولد الحسين


بعد مناقشة الاحاديث الواردة في ان المهدي (ع) من ذرية الامام الحسن بن علي بن ابي طالب (ع)، وان اباه هو عبداللّه، وبيان ضعفها اسنادا وما يحتمل ان يکون من اسباب لوضعها وبيان معارضتها باحاديث اخري عن الرواة انفسهم، نعود مرة اخري لنؤکد ان عددا من حفاظ السنة ومحدثيها رووا عن الرسول (ص) احاديث اخري تصرح ان المهدي (ع) من ذرية الحسين (ع) او انه التاسع من ولد الحسين او انه الثاني عشر من ائمة اهل البيت (ع) فيکون من ولد الحسين ايضا لان تسعة منهم من ولده.فمن احاديث الطائفة الاولي ما رواه المقدسي السلمي الشافعي وقال: اخرجه الحافظ ابو نعيم الاصفهاني في صفة المهدي (ع) ونقل الشيخ مهيب البوريني محقق الکتاب ان السيوط ي ذکره في الحاوي 4/63 وابن القيم فيالمنار المنيف ص 148 عن حذيفة رضي اللّه عنه قال: خطبنا رسول اللّه (ص) فذکرنا بما هو کائن ثم قال: لو لم يبق من الدنيا الا يوم لطول اللّه ذلک اليوم حتي يبعث فيه رجلا من ولدي اسمه اسمي، فقام سلمان رضي اللّه عنه فقال: يا رسول اللّه من اي ولدک هو؟ قال: هو من ولدي هذاوضرب بيده علي الحسين (ع).

ومنها ما روي عن ابي هارون العبدي عن ابي سعيد الخدري رحمه اللّه قال: قلت له: هل شهدت بدرا، فقال: نعم. فقلت: الا تحدثني بشي ء مما سمعته في علي (ع) و فضله فقال: بلياخبرک ان رسول اللّه (ص) مرض مرضة نقه منها فدخلت عليه فاطمة (عليها السلام) تعوده وانا جالس عن يمين رسول اللّه (ص) فلما رات ما في رسول اللّه (ص)من الضعف خنقتها العبرة حتي بدت دموعها علي خدها، فقال لها رسول اللّه (ص): اما يکفيک يا فاطمة، اما علمت ان اللّه تعالي اطلع علي الارض اطلاعة، فاختار منهااباک فبعثه نبيا، ثم اطلع ثانية فاختار منها بعلک فانکحته واتخذته وصيا. ثم عدد لها الرسول ما انعم اللّه به علي اهل البيت من الفضل (ذکر ذلک ابو سعيد) قال: ثم قال:ومنا مهدي الامة الذي يصلي عيسي خلفه. ثم ضرب علي منکب الحسين (ع) فقال: من هذا مهدي الامة. قال: اخرجه الدارقطني صاحب الجرح والتعديل. وروي الکنجي، المتوفي سنة 658 ه، باسناده عن الاعمش عن زر بن حبيش عن حذيفة قال: قال رسول اللّه (ص): لو لم يبق من الدنيا الا يوم لبعث اللّه رجلا اسمه اسمي وخلقه خلقي يکني ابا عبداللّه يبايع له الناس بين الرکن والمقام يرد به اللّه الدين ويفتح له فتوحا فلا يبقي علي ظهر الارض الا من يقول «لا اله الا اللّه»، فقام سلمان فقال: يا رسول اللّه من اي ولدک هو؟ قال: من ولد ابني هذا وضرب بيده علي الحسين (ع). وروي السلمي عن علي (ع) حديثا طويلا عن الامام المهدي وما بين يديه من علامات وعن خروجه وصفاته ومما قال فيه: انه من ولد فاطمة (ع) من ولدالحسين(ع). ومن احاديث الطائفة الثانية ما رواه العلامة الحلي، في کشف اليقين، نقلا عن مسند احمد بن حنبل، ان الرسول (ص) قال للحسين (ع): هذا ابني، امام اخو امام ابو ائمة تسعة تاسعهم، ما نقله صدر الائمة ابو المؤيد الموفق بن قائمهم احمد المکي الحنفي المتوفي سنة 568 ه سنده عن سليم بن قيس الهلالي عن سلمان رضي اللّهعنه قال: دخلت علي النبي (ص) واذا بالحسين (ع) علي فخذه وهو يقبل عينيه ويلثم فاه ويقول: انک سيد ابن سيد ابو سادة، انک امام ابن امام ابو ائمة، انک حجة ابن حجة ابو حجج تسعة، تاسعهم قائمهم. وروي ايضا، في مناقب علي بن ابي طالب (ع) عن الحسين (ع) قال: دخلت علي جدي (ص) فقال: ان اللّه اختار من صلبک يا حسين تسعة ائمة تاسعهم قائمهم وکلهم في الفضل والمنزلة عند اللّه سواء. ونقل صاحب الينابيع عن الموفق بن احمد ايضا، بسنده عن وائلة بن الاسقع، عن جابر بن عبداللّه الانصاري رواية اخري مماثلة. وروي شيخ الاسلام ابراهيم بن محمد الجويني الشافعي، المتوفي سنة 720 ه، بسنده عن الامام علي بن موسي الرضا (ع) عن آبائه عن رسول اللّه (ص) قال في حديث طويل منه: «والحسن والحسين اماما امتي بعد ابيهما وسيدا شباب اهل الجنة وامهما سيدة نساء العالمين، وابوهما سيد الوصيين ومن ولد الحسين (ع) تسعة ائمة تاسعهم القائم من ولدي طاعتهم طاعتي ». وبسنده عن سليم بن قيس بن علي (ع) قال: ان عليا (ع) قام في احد المواقف في المهاجرين والانصار فقال: انشدکم اللّه اتعلمون ان رسول اللّه (ص) قام خطيبا لم يخطب بعد ذلک فقال: ايها الناس اني تارک فيکم الثقلين کتاب اللّه وعترتي اهل بيتي فتمسکوا بهما لن تضلوا فان اللطيف الخبير اخبرني وعهد الي انهما لن يفترقا حتي يرداعلي الحوض ثم ذکر رجلا سماه قام شبه مغضب فقال: يا رسول اللّه اکل اهل بيتک فقال: لا. ولکن اوصيائي اولهم اخي ووزيري ووارثي وخليفتي في امتي وولي کل مؤمن بعدي ثم ابني الحسن ثم ابني الحسين ثم تسعة من ولد الحسين واحدا بعد واحد حتي يردوا علي الحوض. هم شهداء اللّه في ارضه، وحجته علي خلقه، وخزائن علمه ومعادن کلمته من اطاعهم اطاع اللّه ومن عصاهم عصي اللّه. وروي القندوزي الحنفي عن مجاهد عن ابن عباس حديثا مماثلا. الطائفة الثالثة: روي الامام مسلم في صحيحه (في کتاب الامارة) بسندين عن عامر بن سعد عن جابر بن سمرة قال: سمعت رسول اللّه (ص) يوم جمعة، عشية رجم الاسلمي، يقول: لا يزال الدين قائما حتي تقوم الساعة او يکون عليکم اثنا عشر خليفة کلهم من قريش. وروي الامام البخاري في صحيحه في (کتاب الاحکام) بسنده عن جابر بن سمرة: يکون اثنا عشر اميرا. فقال کلمة لم اسمعها فقال ابي: انه قال: کلهم من قريش. ورواه الترمذي بسندين مع اضافة (من بعدي) بعد کلمة يکون. وروي الحاکم في المستدرک بسنده عن مسروق قال: کنا جلوسا ليلة عند عبداللّه يقرئنا القرآن فساله رجل فقال: يا ابا عبد الرحمن هل سالتم رسول اللّه (ص) کم يملک الامة من خليفة؟ فقال عبداللّه: ما سالني عن هذا احد منذ قدمت العراق قبلک قال: سالناه فقال:اثنا عشر عدة نقباء بني اسرائيل، والحديث رواه کل اصحاب الصحاح والسنن والمسانيد والمعاجم الحديثية ولم يختلفوا في صحته. وقد اظهرت محاولات تطبيقه علي الخلفاء الذين حکموا الامة وقادوها سياسيا کالخلفاء الاربعة ثم الحسن ثم خلفاء بني امية وبني العباس عجزا واضحا من حيث العدد ومن حيث الصفة ومن حيث الاثر بالنسبة للدين والامة. واذا امکن لدي اصحاب هذه المحاولات ادخال الخلفاء الاربعة ثم الحسن فمن هم الاخرون؟ ان السير حسب التسلسل التاريخي لا ياتي الاشکال فيه من انتهاء هذا العدد قبل انتهاء الخلفاء الامويين فقط بل سيدخل من لا يمکن ان يکون من حيث الصفة والاثر بالنسبة للدين والامة مقصودا اجماعا فان تشبيههم بنقباء بني اسرائيل ليس لبيان العدد، فقد ذکر في الحديث: وانما هو اشارة الي جنبة علم وهدي سماوي يکونون فيه امتدادا للرسول (ص) فان نقباء بني اسرائيل لهم مثل هذه الصفة کما يفهم من قوله تعالي: (ولقد اخذنا ميثاق بني اسرائيل وبعثنا منهم اثني عشر نقيبا) [المائدة: 12]. ومما يؤکد ان هذه الاشارة هي المقصودة من قبل النبي (ص) ما بينه في الروايات الاخري من الاثر الواقعي لوجود هؤلاء الخلفاء في حياة الدين والامة، ففي رواية اوردهامسلم في صحيحه قال (ص): «لا يزال هذا الدين عزيزا»، وفي اخري: «لا يزال الاسلام عزيزا»، وفي رواية ثالثة: «لا يزال الدين قائما» وفي خامسة وسادسة:«لا يزال امر الناس ماضيا». وبالربط بين ما تشير اليه هذه الروايات وبين واقع الخلفاء السياسيين امويين وعباسيين علي المستوي الشخصي او الامرالمتصل بالسياسة العامة للدولة، من حيث علاقتها بالقيم والاحکام الاسلامية، يبدو لنا بوضوح ان لا مجال لانطباق هذه الاوصاف عليهم. ومن البين ان هذه الاوصاف تشبث ان خلافة هؤلاء الخلفاء الاثني عشر خلافة هدي وعلم قبل کل شي ء، وان کان لا ينافيها ان تجمع اليها الخلافة السياسية بل ذلک هوالمفروض استحقاقا، لکن امامتهم لا تتوقف عليها الا بمقدار فقدانهم فيها وسيلة في التنفيذ والايصال. بدليل رجوع الامة الي هؤلاء الائمة وافادتها منهم بما جعل الدين قائما کما مر في الروايات. ان عزة الدين ومضي امر الامة بهؤلاء الائمة يتصل من دون شک بجانب الهدي والعلم والقدوة الممثلة لهما نظريا وعمليا بوصفهم امتدادا للرسول (ص) کامتدادالنقباء الاثني عشر عن موسي (ع) واين خلفاء بني امية وبني العباس من ذلک؟. ثم ان الرسول (ص) حدد هؤلاء بهذا العدد (اثني عشر) لما بينه وبين الساعة کما هو مفاد رواية صحيح مسلم: «ان هذا الامر لا ينقضي »، وهو يعني بقاء امامتهم کل هذه المدة مهما طالت لانهبقاء الرسالة من خلال شاهدها التالي. وذلک ما لا يتطابق مع واقع الخلفاء السياسيين الذين جاءوا بعد الرسول (ص) من امويين وعباسيين نظرياوواقعيا فهم لا اکثر من حکام زمنيين تتحدد امامتهم الواقعية بمدة حکمهم، فضلا عن عدم تطابق العدد والصفة. ولا شک في ان الانتقاء بالصورة التي قام بها بعض الاعلام ليقدم بها مصداقا واقعيا للحديث محاولة بائسة تکشف عن عجز وان التحکم فيها واضح لدرجة يعجب المرءکيف يمکن ان تطرح من قبل اولئک العلماء. ولعل خير تفسير لها ما رآه استاذنا الحکيم في قوله: «ولعل حيرة کثير من العلماء في توجيه هذه الاحاديث وملاءمتها للواقع التاريخي کان منشاها عدم تمکنهم من تکذيبها، ومن هنا تضاربت الاقوال في توجيهها وبيان المراد منها». لقد ادخل بعض العلماء الذين حاولوا تطبيق الحديث بالصورة التي ذکرناها سابقا الامام عليا والحسن والمهدي (ع) ولکن من هم الاخرون؟ ان الدليل النظري الذي تتسق شواهده ويتطابق مع الواقع التاريخي قائم بوضوح، يتمثل في خط يتبناه بعض الامة، فاذا ما التفتنا الي ما اشرنا اليه من التشبيه بنقباء بني اسرائيل من جهة والي ما ذکر من آثار واقعية لامامتهم بالنسبة للدين والامة والي امتداد هذه الامامة الي قيام الساعة، وربطنا ذلک بحديث الثقلين الذي يقول فيه الرسول (ص): «اني تارک فيکم الثقلين کتاب اللّه واهل بيتي وانهما لن يفترقا حتي يردا علي الحوض »، وبحديث سفينة نوح الذي يقول فيه الرسول(ص): «مثل اهل بيتي مثل سفينة نوح من رکبها نجا ومن تخلف عنها غرق، وانما مثل اهل بيتي فيکم مثل باب حطة بني اسرائيل من دخله غفر له »،وحديث «اهل بيتي امان لامتي من الاختلاف ». واذا عرفنا انه لا يوجد في التاريخ الاسلامي لدي اي فئة من الامة واقعيا خلفاء وائمة في الهدي والعلم تنطبق عليهم هذه الصفات وبهذا العدد الا الائمة الاثني عشر من اهل البيت (ع) من الامام علي (ع) الي الامام المهدي (ع) فانه لا يبقي امامنا مجال لرؤية اي مصداق آخر سواهم للائمة في هذا الحديث او يبقي الحديث من دون مصداق وذلک ما لا يمکن ان يکون. ان الحديث يحمل بنفسه شاهدا مضافا علي صدقه وصحة صدوره عن الرسول (ص) عدا الحکم بصحة اسناده من قبل جميع علماء الحديث وانه من شواهد النبوة لانه کان ماثورا في بعض الصحاح والمسانيد، قبل ان يکتمل عدد الائمة الاثني عشر من اهل البيت فلا يحتمل ان يکون من الموضوعات کما يتصور بعضهم مخطئا بعداکتمال العدد المذکور. ان بعض المحدثين والحفاظ، من اهل السنة، ذکروا روايات تتسق في دلالتها مع ما ذکرناه من کون هؤلاء الخلفاء هم الائمة من اهل البيت (ع) قدمنا منها بعضا ونقدم هنابعضا آخر، ومن هؤلاء الحافظ ابو نعيم المتوفي سنة 430 ه. فقد روي بسنده عن ابن عباس قال: قال رسول اللّه (ص): «من سره ان يحيا حياتي ويموت مماتي ويسکن جنة عدن غرسها ربي فليوال عليا من بعدي وليوال وليه وليقتد بالائمة من بعدي فانهم عترتي خلقوا من طينتي رزقوا فهما وعلما، وويل للمکذبين بفضلهم من امتي القاطعين فيهم صلتي لا انالهم اللّه شفاعتي ». وروي ابو المؤيد الموفق بن احمد الخوارزمي الحنفي، المتوفي سنة 568 ه، بسنده عن علي (ع) عن رسول اللّه (ص) قال: «الائمة من بعدي اثنا عشر اولهم انت يا علي وآخرهم القائم الذي يفتح اللّه علي يديه مشارق الارض ومغاربها». وروي شيخ الاسلام المحدث ابراهيم بن محمد الجويني الشافعي المتوفي سنة 720 ه عن سعيد بن جبير عن ابن عباس: ان رسول اللّه (ص) قال: «ان خلفائي و اوصيائي و حجج اللّه علي الخلق من بعدي اثنا عشر اولهم علي (ع) وآخرهم المهدي (ع)». وروي ايضا عن عباية بن ربعي عن ابن عباس: ان الرسول (ص) قال: «انا سيد النبيين وعلي سيد الوصيين وان اوصيائي بعدي اثنا عشر اولهم علي (ع) وآخرهم المهدي (ع)». وبذلک يکون المهدي ليس فقط من ذرية الحسين (ع) لا من ذرية الحسن (ع) بل يتشخص بالامام محمد بن الحسن العسکري (ع) الثاني عشر بين ائمة اهل البيت،وذلک لا ينفي الروايات التي جعلت اباه عبداللّه فقط، بل ينفي ما اثير من شکوک حول ولادته، ثم ينفي اقتطاعه عن سلسلة الاوصياء من آبائه، فالمهدي الذي اثبتت روايات المسلمين له من المکانة ما يجعل المسيح ياتم به ويصلي خلفه وما يکون بها جبرائيل عن يمينه وميکائيل عن شماله هو ابن الاوصياء الاحد عشر الذين هم امتداد لرسول اللّه (ص) في العصمة العلمية والعملية التالين له في المکانة، وبذلک فان منزلته وصفاته وخصائصه ليست مفصولة عن خصائص آبائه وصفاتهم. ان کثيرا من الامة انما ترفض امامة الائمة (ع) بالصورة التي يثبتها لهم الامامية بحکم الادلة بدعوي ان ما يعط ي لهم من خصائص وصفات تکاد تکون نبوة جديدة،ولکن هذا يبطله انهم في طول الرسول (ص) وبعده امتداد له وهداة وشهود لرسالته وان النبوة التي ختمها اللّه بمحمد (ص) انما هي النبوة بالمعني الاصطلاحي تلک التي تؤسس دينا وتنسخ بدليل اثبات هذه الخصائص للامام المهدي (ع) اجماعا دون اشکال.