بازگشت

و ماذا عن مستقبل الإنسانية؟


من الجميل جداً ومما يريح النفس أن تتفاءل للإنسانية بمستقبل سعيد، وأن نعقد آمالنا علي غدٍ مشرق، تسطع فيه علي الإنسان شمس الراحة والأمن والسلام..

بيد أن أنباء التنافس الحادّ علي إنتاج الأسلحة الفتاکة المدمرة وأخبار التجارب النووية الرهيبة وتقليعات القنابل الذرية والهيدروجينية والنيترونية الحديثة..

هذه الأنباء تعصف أي بارقة أمل يزرعها التفاؤل في النفس بمستقبل السعادة والهناء.. وتنسف کل ذرة اطمئنان تلوح في أفق الضمير.. وتقضي علي أي نسمة ارتياح تهب علي شاطئ الخيال..

فأي تفاؤل تقبله النفس ويرتاح إليه الضمير الإنساني في ظل أبناء الرعب التي سننقل بعضاً منها:

تمتلک البشرية اليوم من القنابل الذرية والهيدروجينية ما يکفي لتدمير الأرض کلها (12) مرة ونصف! [1] .

وکان في حوزة الاتحاد السوفييتي عام 1974م (1520) صاروخاً عابر القارات، و (270) صاروخاً نووياً خاصاً بالغواصات، و (700) صاروخاً متوسطة المدي، و (200) صاروخاً قصيرة المدي!!

أما أميرکا فقد کان لديها (1054) صاروخاً عابر القارات، و (544) صاروخاً خاصاً بالغواصات، و (1000) من الصواريخ المتوسطة المدي، و (1000) من الصواريخ القصيرة المدي [2] .

ولا أدري لمن تعد هذه الأسلحة الفتاکة وضد من ستوجه هذه الصورايخ؟ هل إلا إلي قلب حياة هذا الإنسان المعذب، وإلي صميم سعادته وجوده؟!

ويقول معهد الدراسات الاستراتيجية بلندن، في دراسة نشرها عام 1972م: إن المخزون النووي لکل شخص علي وجه الأرض يبلغ [3] طناً من مادة (ت. ن. ت.) في حين أن مخزون المواد الغذائية لا يزيد عن نصف طن للشخص الواحد!!

ويضيف التقرير: إن حجم الإنفاقات العسکرية في العالم يساوي الدخل القومي لدول العالم الثالث، وأن الدول المتخلفة تنفق ما بين 30 و 60 بالمائة من مزانيتها علي السلاح (15).

والأبشع والأغرب من کل ذلک هو هذا الاختراع الجديد: (قنبلة النيترون) والتي لا تصيب العمارات والمصانع والآلات بأي سوء يذکر، ولکنها تفني الإنسان والأحياء وتسلبهم الحياة في لحظات قصيرة.

ارأيتم مدي عذاب الإنسان و معاناته في هذا العالم

فوجوده بکل صراحة غير مهم ولا قيمة له ولکن المهم هو سلامة العمارات والمصانع!! وهناک سلاح سام رهيب کيماوي بيولوجي، يستخرج من جرثومة اسمها: Ghlostridium Botulinus، وهي تسبب عادة تسمماً غذائياً مميتاً، ويکفي ما مقداره 8 أونس أي حوالي (225) غراماً لقتل کل سکان العالم [4] .

أما مادة (ال - اس - دي L. S. D.) فيکفي أن نضع منها کيلوغراماً واحداً في خزان مياه لتعطيل سکان مدينة بأسرها بالتأثير علي الأجسام والعقول معاً. ويقول الدکتور (جرودن تيلور) البريطاني:

«لقد أوصي الجنرالات الأميرکان باستعمال (L. S. D.) في الحرب لأنها تؤثر علي عزيمة وإرادة المقاومة عند الأعداء مدعين -أي الجنرالات الأميرکان- أن هذا السلاح هو سلاح إنساني!! لا يسبب إراقة الدماء!!!».

وتقول بعض المصادر: إن الولايات المتحدة الأميرکية تملک کمية مخزون من غازات الأعصاب القاتلة تکفي لإبادة سکان العالم جميعاً.. حتي ولو کان عددهم أکثر مما هو الآن بثلاثين مرة. وأن روسيا تملک قدرة تفوق قدرة العالم الغربي بسبع أو ثمان مرات في مجال الأسلحة الکيماوية والجرثومية [5] .

فباللّه عليکم في ظل هذه الأوضاع المأساوية والأنباء المؤلمة کيف يمکن للأمل أن ينمو وللتفاؤل أن يمکث في النفس..


پاورقي

[1] مهمة الأنبياء في عصر الفضاء، للسيد هادي المدرسي، ص8.

[2] الروس قادمون، ص273.

[3] الحوادث اللبنانية، 9/ 5/ 1975م.

[4] الأسلحة الکيماوية والجرثومية، ص19.

[5] المصدر السابق.