و ماذا عن واقع الإنسان المعاصر؟
إنه واقع البؤس والدمار، فکم من شعب يعيش الاستعمار والتشريد والحرمان علي مسمع العالم ومرآه؟
فهذا الشعب الفلسطيني المضطهد، وقد تواطأت الدول الکبري علي سلب أرضه وتشريده من وطنه، وإحلال فلول الصهيونية مکانه، ليبنوا لهم دولة الحلم والأمل في فلسطين المقدسة!
وهکذا يحتل اليهود الغرباء فلسطين ويحولونها إلي ترسانة سلاح، بينما يعيش الشعب الفلسطيني مشرداً بعيداً عن أرضه ووطنه رغم إصرار هذا الشعب وکفاحه من أجل استرداد أرضه السليبة.
فمنذ سنة 1948م وإلي الآن سنة 1978م لا يزال هذا الشعب يقدم الضحايا والشهداء والقرابين داخل فلسطين وخارجها بيد أن إرادة الاستعمار لا تزال تفرض عليه حياة التشريد والعذاب! إنها لجريمة العصر التي لا تغتفر.
ولکن القضية الفلسطينية ليست هي الجريمة الوحيدة التي تشهد علي شقاء إنسان هذا العصر ومآسيه، فهناک جرائم أخري لا تقل بشاعة.. فهذا الشعب الأرتيري لا يزال يعاني من الاستعمار والتسلط الأثيوبي الظالم، والذي يجيد فن المذابح والمجازر الجماعية للسکان الأبرياء.
«وقد شهدت ميدينة (حرقيقو) الواقعة علي بعد 12کم إلي الجنوب من ميناء (مصرع) مجزرة بشعة في 10 نيسان 1975م ذهب ضحيتها أکثر من (500) شخصاً معظمهم من العجزة والنساء والأطفال! حيث أغارت القوات الأثيوبية علي المدينة فجراً، وبدأت بالقتل الجماعي، ثم ترکت الجثث لمدة أسبوع کامل دون مواراة مع مرابضة القوات الظالمة!» [1] .
وفي روديسيا وجنوب أفريقيا لا يزال الحکم العنصري يصادر حقوق الإنسان هناک ويسلب کرامته.
هذا ويعلم اللَّه کم عدد المعتقلين والأساري في سجون هذا العالم.
فالولايات المتحدة الأمريکية تقول صحفها:
إن السجون مکتظة بالنزلاء الذي يصل عددهم إلي نحو ألف شخص [2] وقبل أيام قليلة احتفلت إحدي الدول التي لا يزيد عدد سکانها عن (7) ملايين نسمة، احتفلت بأحد أعيادها وذکرت أنها أصدرت العفو عن (7) آلاف سجين من معتقلاتها بتلک المناسبة. تري کم سجين تضم تلک الدولة الصغيرة؟
ثم هل تعرفون الأوضاع التي يعيشها المساجين والمعتقلون، إنها أوضاع قاسية بشعة مؤلمة إلي أبعد الحدود، في أکثر سجون العالم.
فمع التقدم العلمي والصناعي حدث تقدم وتطور فظيع في أساليب تعذيب الإنسان وسحق کرامته وتحطيم أعصابه.
فمن الضرب بالسياط إلي حد الإدماء والإغماء، إلي التعذيب بتعليق الإنسان المعتقل کالشاة من يديه ورجليه، ثم الانهيال عليه بالسياط والکرباج إلي أن تتفجر کل أنحاء جسمه بالدمن إلي إجباره علي شرب الماء المالح جداً ومياه القذارات والبالوعات!
إلي إرغام الشخص علي الجلوس بقوة علي قنينة (کوکا کولا) حتي تدخل دبره وتمزّق أطرافه إلي تسليط أسلاک الکهرباء علي المناطق الحساسة من جسم الإنسان المعذّب. إلي شد جهاز التناسل بعنف وتجريحه! [3] .
وإلي ما هنالک من الوسائل الجهنمية البشعة التي يعاني منها الإنسان المعاصر في معتقلات العالم.
پاورقي
[1] السياسة الکويتية، 25/ 4/ 1975م.
[2] القبس الکويتية، 24 أغسطس 1975م.
[3] راجع کتاب: العقوبات في الإسلام، للعلامة الحجة السيد صادق الشيرازي دام تأييده.