بازگشت

الي متي


کلما أوجعت الإنسان سياط الظلم، وأرهقته عهود الجور والطغيان، وسلبت کرامته ظروف الفساد والانحراف.. شحّ بصره واشرأب عنقه تجاه الإمام المنقذ صاحب العصر والزمان.. وتوجه إليه من أعماق نفسه، وأطلق آهات الاستغاثة.. ورفع أنات الشکوي وآهات الألم.. يستعجل ظهور الإمام المنقذ..

وکلما شاهد المؤمن مظاهر الکفر والنفاق، ورأي تکاتف أنظمة الجور علي سحق مبادئ الإسلام، وأزعجته معاملة الکبت والإرهاب التي يعيشها المؤمنون المخلصون في ظل سلطات الانحراف...

کلما حدث ذلک التجأ المؤمن إلي اللَّه يدعوه ويطلب إليه الإسراع في خروج أمل الإنسانية وإمام الحق صاحب العصر والزمان..

فتارة تکون آهات الاستغاثة علي شکل دعاء يتوجه به المؤمن إلي ربه الحکيم جلّ وعلا لينجز وعده بإظهار دين الحق والعدل وخروج إمام العصر والزمن:

«اللهم إنا نشکو إليک فقد نبينا -صلواتک عليه وآله- وغيبة إمامنا، وکثرة عدونا، وقلة عددنا، وشدة الفتن بنا، وتظاهر الزمان علينا، فصلِّ علي محمد وآله محمد، وأعنا علي ذلک بفتح منک تعجله، وضرّ تکشفه، ونصر تعزه، وسلطان حق تظهره، ورحمة منک تجللناها، وعافية منک تلبسناها برحمتک يا ارحم الراحمين» [1] .

وفي دعاء آخر تمتزج فيه مآسي الواقع بآمال المستقبل المشرق ويختلط فيه الطلب من اللَّه بالاستثارة المباشرة للإمام المنتظر..

«هل إليک يا بن أحمد سبيل فتلقي؟

هل يتصل يومنا منک بغده فنحظي؟

متي نرد مناهلک الروية فنروي؟

متي ننتجع من عذب مائک فقد طال الصدي؟

متي نغاديک ونراوحک فتقرّ منا عيوننا؟

متي ترانا ونراک وقد نشرت لواء النصر؟

أترانا نحف بک وأنت تؤم الملأ وقد ملأت الأرض عدلاً وأذقت أعداءک هواناً وعقاباً، وأبرت العتاة وجحدة الحق وقطعت دابر المتکبرين واجتثثت أصول الظالمين، ونحن نقول الحمد للّه رب العالمين...

اللهم أنت کشّاف الکرب والبلوي، وإليک أستعدي فعندک العدوي، وأنت رب الآخرة والأولي، فأغث يا غياث المستغيثين عبيدک المبتلي، وأره سيده يا شديد القوي، وأزل عنه به الأسي والجوي، وبرّد غليله يا من علي العرش استوي، ومن إليه الرجعي والمنتهي.

اللهم ونحن عبيدک التائقون إلي وليک، المذکر بک وبنبيک خلقته لنا عصمة وملاذاً، وأقمته قواماً ومعاذاً وجعلته للمؤمنين منا إماماً، فبلغه منا تحية وسلاماً» [2] .

وتارة تنفجر أحاسيس الألم، في قلب المؤمن، فتتدفق في قنوات الشعر الحماسي المثير، الذي يتقاطر شوقاً وتلهفاً لظهور دولة العدل والأمان التي ينتقم اللَّه فيها من جبابرة الأرض، وطغاة التاريخ ويمن بها علي المستضعفين والمحرومين والمؤمنين، فهذا أحدهم يقول:



يا صاحب العصر أدرکنا فليس لنا

وردٌ هنيءٌ ولا عيش لنا رغد



طالت علينا ليالي الانتظار فهل

يا بن الزکي لليل الانتظار غد؟



فاکحل بطلعتک الغرا منا مقلاً

يکاد يأتي علي إنسانها الرمد



ها نحن مرمي لنبل النائبات وهل

يغني اصطبار وهي من درعة الزرد



کم ذا يؤلف شمل الظالمين لکم

وشملکم بيدي أعدائک بدد



فانهض فدتک بقايا أنفس ظفرت

بها النوائب لما خانها الجلد [3] .



وهذا آخر يستغيث الإمام المهدي ويستحثه الخروج باسم العدالة والدين والإنسانية فقد حزّ في قلبه أن يتحکم في مصير الشعوب مجموعة من الخمارين الذين سلبوا حرية رعاياهم وکرامتهم:



يا صاحب العصر أترضي رحي

عصارة الخمر علينا تدار



قد ذهب العدل ورکن الهدي

قد هدّ والجور علي الدين جار



أغث رعاک اللَّه من ناصر

رعيةً ضاق عليها القفار



فهاک قلبها قلوب الوري

إذا بها الوجد من الانتظار



متي تسل البيض من غمدها

وتشرع السمر وتحمي الذما؟ [4] .



وتارة أخري: يعرب الإنسان عن تضايقه من واقع الطغيان والانحراف، وتلهفه لحياة السعادة والأمان بتساؤله عن سبب تأخر ظهور الإمام المهدي إلي آخر الزمان؟ فلماذا لم يخرج حتي الآن؟ أما يکفي ما عاشته الإنسانية من مشاکل وآلام عبر التاريخ؟ أما آن بوضع حد لمعاناة هذا الإنسان المحروم؟

وسنحاول الآن الإجابة علي هذه الأسئلة الحائرة التي تنبع من ضمير الإنسان وتفرضها معاناته.

إنما خلق اللَّه الحياة لتکون مسرح ابتلاء، وقاعة امتحان للإنسان عن طريق احتدام معرکة الصداع بين الخير والشر، بين الحق والباطل، يقول تعالي:

«تَبَارَکَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْکُ وَهُوَ عَلَي کُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1) الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَکُمْ أَيُّکُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً» [5] .

«إِنَّا خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا (2) إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاکِرًا وَإِمَّا کَفُورًا» [6] .

«وَنَبْلُوکُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ» [7] .

وما دامت الحياة دار ابتلاء، وامتحان، وميدان معرکة وصراع، فقد منح اللَّه الإنسان حريته الکاملة في اختيار الجبهة التي يناضل ضمن خطوطها في ميدان الحياة..

واقتصر دور السماء علي توجيه الإنسان وتوعيته بحقيقة الجبهتين العريضتين في الحياة.. ودعوة الإنسان للانضمام إلي جبهة الحق ومقاومة إغراءات الباطل وجحافل الشر.

ودارت رحي المعرکة الخطيرة بين دواعي الخير ونوازع الشر في الحياة منذ نعومة أظفار الإنسان وبداية وجوده ولا تزال مستمرة.. تمر علي کل جيل من أجيال البشرية فتفرز عناصره وتکشف عن اتجاهات أفرادنا، وتميز بين رواد الحق وأتباع الباطل..

وقد شاء اللَّه تعالي أن تکون المعرکة أبدية ترافق استمرار الإنسان في الحياة «لِيَمِيزَ اللّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ» [8] ، «فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْکَاذِبِينَ» [9] من جميع الأجيال وکل العصور.

وقد کشفت هذه المعرکة الدائمة عن سقوط الأغلبية الساحقة من الناس في أوحال الباطل ومزالق الشر، وثبوت أقلية مؤمنة صمدت في مواقع الخير، وأصرّت علي مواقف الحق.. لذلک ان النصر غالباً وفي أکثر فترات التاريخ، ومناطقه حليف جبهة الباطل وعصابات الشر..

وقد توعد اللَّه الباطل بهزيمة نکراء، ينتقم بها للحق وأتباعه من الباطل وفلوله. وذلک في معرکة حاسمة لا تبقي للباطل بعدها باقية..

ولکن هل يصح أن يکون توقيت تلک المعرکة الحاسمة أثناء مسيرة الحياة وفي وسط طريقها؟

کلا! لأن ذلک يعني حينئذٍ إنهاء معرکة الصراع وتوقف فرصة الابتلاء والامتحان.. حينما يتواري ظلام الجور والکفر في العالم وتشرق شمس الهداية والخير علي الحياة.. حينما يولي الظالم مدحوراً لا يجد له مقراً في الأرض التي سيملؤها القسط والعدل.

إذن فلابد أن تؤجل تلک المعرکة الحاسمة الفاصلة إلي أواخر مسيرة الحياة وخاتمة مطاف الدنيا.. عند اقتراب الساعة وقبيل مجيء القيامة..

وقد اختارت مشيئة اللَّه الأمام المهدي ليکون قائد تلک المعرکة الحاسمة.. وبطل تلک الجولة الأخيرة في ميدان الصراع بين الحق والباطل.

فکان لابد وأن يتأخر خروجه إلي نهاية الحياة ليتاح للإنسان أن يمارس امتحانه بظروف طبيعية وبحريته الکاملة.

لذلک تحرص أکثر الأحاديث الإسلامية التي تتحدث عن ظهوره عليه السلام بالتأکيد علي أن ظهوره لا يکون إلا في آخر الزمان.. وآخر يوم من الدنيا.. وقبيل قيام الساعة کقوله صلي اللَّه عليه وآله: «أبشروا بالمهدي فإنه يأتي في آخر الزمان علي شدة وزلزال يسع اللَّه له الأرض عدلاً وقسطاً» [10] .

«ولو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول للَّه ذلک اليوم حتي يملک رجل من أهل بيتي...» [11] .

«لا تقوم الساعة حتي يملک رجل من أهل بيتي يملأ الأرض عدلاً کما ملئت قبله جوراً» [12] .

المشکلة الرئيسية في تاريخ الإنسان هي مشکلة إيجاد النظام الأفضل للحياة الاجتماعية.. فالإنسان إنما کان يعاني من اعتداء بعضه علي بعض، لتعارض المصالح وتناقض الحقوق، وضياع الحدود فيما بين أفراد المجتمع البشري.

ولکن هل يستطيع الإنسان أن يوفر لنفسه النظام الصالح للحياة، والذي يضمن لکل فرد حقوقه ويحمي مصالحه ويرسم له حدوده؟

لقد أثبت الواقع الإنساني بتجاربه التاريخية الکثير عجز الإنسان عن توفير النظام الاجتماعي الأصلح لحياته.

وذلک لمحدودية معارف الإنسان وقوة أنانيته وشهواته واختلاف مدارکه ومستوياته، بيد أن السماء لم تترک الإنسان يتخبط في صحراء الجهل والظلام، بل تحملت عنه المهمة وکفته المسؤولية فأعدت له خير نظام يوفر له السعادة، ويعالج کل قضاياه ومشاکله بأفضل طريقة وخير أسلوب.

غير أن الإنسان قد ضلله الغرور، واستهوته الإغراءات والشهوات، فلم يخضع لرسالة السماء والنظام الأفضل الذي وضعته لحياته، وطفق يبحث يميناً وشمالاً، ويفتش شرقاً وغرباً، ويحاول بوحي من غروره وشهواته أن يوفر لنفسه بديلاً آخر يغنيه عن رسالة السماء ويضمن له السعادة بشکل أفضل!

ورغم المآسي التي أعقبت تجاربه القاسية والمضاعفات التي أنتجتها محاولاته الفاشلة، إلا أنه لا يزال سادراً في غيه ممعناً في غروره وتمرده.. ظاناً أنه يمکنه العثور علي نظام أفضل للحياة الاجتماعية بعيداً عن تعاليم السماء ورسالتها.

ولابد وأن يتيح اللَّه للإنسان الفرصة الکاملة ليجرب کل محاولاته في هذا المجال، وليطبق کل أفکاره وأوهامه.

إلي أن يصل الإنسان إلي طريق مسدود ويستسلم لليأس، ويفقد الأمل ويعترف علي نفسه بالعجز والفشل، حينئذٍ تکون الأجواء مهيأة جداً لظهور شريعة الإسلام وتطبيق رسالة السماء وذلک علي يد الإمام القائد المنتظر.

من هذا المنطلق کان من الطبيعي أن يتأخر خروج الإمام المهدي إلي أن يستفيد الإنسان کل ما في جعبته من الأطروحات والإيديولوجيات والأنظمة والقوانين، و «حَتَّي إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّواْ أَن لاَّ مَلْجَأَ مِنَ اللّهِ إِلاَّ إِلَيْهِ» [13] .

هنالک يخرج الإمام القائد ليسعد الإنسانية بتطبيق شريعة اللَّه وتنفيذ رسالته.

ولهذا الأمر يشير الإمام الصادق سلام اللَّه عليه في قوله: «ما يکون هذا الأمر -يعني دولة المهدي- حتي لا يبقي صنف من الناس إلاّ وقد ولوا من الناس، حتي لا يقول قائل: إنا لو ولينا لعدلنا. ثم يقوم القائم بالحق والعدل» [14] .

وفي حديث آخر قال عليه السلام: «إن دولتنا آخر الدول، ولم يبق أهل بيت لهم دولة إلا ملکوا قبلنا، لئلا يقولوا إذا رأوا سيرتنا: لو ملکنا سرنا مثل سيرة هؤلاء.» [15] .

أيُّ مهمة تنتظر الإمام المهدي عند خروجه؟ إنها مهمة خطيرة لم يتحمل نقلها ولم يستوعبها تاريخ الإنسان علي امتداده وسعته، ولم يتأت لها التحقيق في تاريخ البشرية.

إنها إقامة دولة عالمية تخضع لها جميع الشعوب والمجتمعات حيث يصبح البشر کلهم رعية لقائد واحدة، وفي ظل حکومة مرکزية واحدة، ويسود العالم نظام واحد هو النظام الإسلامي.

يقول الإمام الصادق عليه السلام وهو يتحدث عن عالمية دولة الإمام المنتظر: «إذا قام القائم المهدي لا تبقي أرض إلا نودي فيها بشهادة لا إله إلا اللَّه وأن محمداً رسول اللَّه» [16] .

وعن أبي جعفر الباقر عليه السلام: «المهدي وأصحابه يُمَلِّکهم اللَّه مشارق الأرض ومغاربها، ويظهر الدين ويميت اللَّه عزّ وجلّ به وبأصحابه البدع والباطل، کما أمات السفهة الحق حتي لا يري أثر من الظلم» [17] .

وقد مرت علينا بعض الأحاديث التي تؤکد علي أنه يملأ الأرض -کلها- قسطاً وعدلاً. ولکن کيف يستطيع قائد واحد أن يتحمل مسؤولية رعاية جميع أقطار العالم وشعوبه ومجتمعاته وأفراده؟ وهل تتمکن حکومة واحدة أن تلبي متطلبات وحوائج کل أفراد العالم؟

وکيف يمکن تطبيق شريعة واحدة علي عالم مختلف القوميات والعادات والمشاکل؟

صحيح أن خضوع العالم وتسلميه سيجعل المهمة سهلة، ولکن هناک مشاکل طبيعية يجب أن نحسب لها حساباً في تصورنا لذلک المستقبل السعيد.. منها اختلاف اللغات وبعد المسافات، وکثرة متطلبات الحياة، وصعوبة اتصال الجميع بقائد واحدة وتعقيد قضايا الحياة.. وقد يبادر البعض إلي إلقاء المسؤولية علي الإعجاز، فالإمام مؤيد من قبل اللَّه ويمکنه أن يستعين بالمعجزة لعلاج کل هذه المشاکل! ولکنها حينئذ ستکون دولة يحکمها الغيب، وتديرها المعجزة.. مع أن الغيب لا يتدخل في قضايا الحياة إلا عبر السنن والقوانين الطبيعية اللهم إلا في بعض الحالات الاستثنائية المؤقتة حيث يحدث هناک التدخل المباشر وتکون المعجزة.

أما أن تتحول المعجزة إلي قانون يحکم العالم کله، فهذا خلاف سنة اللَّه التي لن تجد لها تحويلاً ولن تجد لها تبديلاً.

إذن فيجب أن نعتقد أن الدولة ستدار وتحکم بشکل مرکزي وطبيعي -وليس عن طريق المعجز- من قبل الإمام المهدي. وإذا کان کذلک فيجب أن تتوفر کل الوسائل اللازمة التي تمکّن حکومة واحدة من إدارة العالم کله.. والنصوص الإسلامية التي بين أيدينا تلمح إلي توفر هذه الوسائل في عصر الإمام المهدي، فالصعوبات کلها ستکون سهلة، وثروات الکون تکتشف وتتفجر جميعها، والمسافات ستصبح قريبة وتنتهي مشکلة المواصلات، والاتصال بالإمام أو بأي مسؤول في حکومته أمر ممکن لتوفر الوسائل المساعدة.

يقول الإمام موسي بن جعفر عليه السلام: «الثاني عشر منا، يسهِّل اللَّه تعالي له کل عسر، ويذلل کل صعب، ويظهر له کنوز الأرض، ويقرّب عليه کل بعيد» [18] .

وعن الإمام الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام عن أبيه سلام اللَّه عليه: «يبعث اللَّه رجلاً في آخر الزمان، وکلب من الدهر، وجهل من الناس، يؤيده اللَّه بملائکة ويعصم أنصاره، وينصره بآياته، ويظهره علي أهل الأرض حتي يدينوا طوعاً أو کرهاً، يملأ الأرض عدلاً وقسطاً ونوراً وبرهاناً، يدين له عرض البلاد وطولها، لا يبقي کافر إلا آمن، ولا طالح إلا صلح، وتصطلح في ملکه السباع، وتخرج الأرض نبتها، وتنزل السماء برکتها، وتظهر له الکنوز» [19] .

وعن الإمام الرضا عليه السلام: «هو الذي ستطوي له الأرض» [20] .

أما الإمام الصادق عليه فيقول: «إن قائمنا إذا قام مدّ اللَّه لشيعتنا في أسماعهم وأبصارهم، حتي لا يکون بينهم وبين القائم بريد، يکلمهم فيسمعون وينظرون إليه وهو في مکانه» [21] .

وقال أيضاً: «إن المؤمن في زمان القائم وهو بالمشرق ليري أخاه الذي في المغرب، وکذا الذي في المغرب يري أخاه الذي بالمشرق» [22] .

إن هذه الظروف المساعدة علي نجاح مهمة الإمام المهدي إذا کانت لا تعتمد کلها علي المعجزة، ويکون تحققها بشکل طبيعي فلابد وأن تکون بفضل الخبرات والمکاسب البشرية التي تمکن الإنسان من توفير تلک الوسائل.

وها نحن نشهد توفر بعض تلک الوسائل التي أشارت إليها بعض الأحاديث، کتقليص المسافات المعبر عنه بـ (يقرب له لک بعيد أو تطوي له الأرض). وکذلک مشکلة الاتصال فليس صعباً الآن وبإنجازات العلم الباهرة: أن يتکلم قائد فيسمعه أفراد رعيته في کل أنحاء العالم، کما أنه أصبح من المعتاد أن يسمع أهل المشرق صوت أهل المغرب، وبالعکس ولعل هناک اختراعات واکتشافات أخري ستفتق عنها عقل الإنسان في مستقبل التاريخ ولتکون عوناً ودعماً لحکومة الإمام الواحدة القائدة لجميع العالم. من هنا يحق لنا أن نحتمل أن من بين أسباب تأخر خروج الإمام المهدي هو انتظار يهيؤ الأجواء والظروف المادية والآلية والاجتماعية، ليستطيع الإمام عندها من إنجاز مهمته وتنفيذ دوره الخطير علي أحسن وجه مستعيناً بإنجازات العلم الحديث ومکاسب الإنسانية الجبارة.


پاورقي

[1] دعاء الافتتاح.

[2] دعاء الندبة.

[3] للسيد رضا الهندي.

[4] للسيد صالح الحلي.

[5] سورة الملک، الآية 1 - 2.

[6] سورة الإنسان، الآية 2 - 3.

[7] سورة الأنبياء، الآية 35.

[8] سورة الأنفال، الآية 37.

[9] سورة العنکبوت، الآية 3.

[10] الإمام المهدي، ص104.

[11] الإمام المهدي، ص69.

[12] المصدر السابق، ص106.

[13] سورة التوبة، الآية 118.

[14] تاريخ الغيبة الکبري، ص389.

[15] المصدر السابق.

[16] في انتظار الإمام، ص66.

[17] منتخب الأثر، ص47.

[18] منتخب الأثر، ص239.

[19] المصدر السابق، ص487.

[20] المصدر السابق، ص220.

[21] المصدر السابق، ص483.

[22] المصدر السابق، ص483.