بازگشت

الرجعة تفضي إلي القول بالتناسخ


الرجعة تفضي إلي القول بالتناسخ.

وللجواب علي هذه الشبهة لا بدَّ من بيان عدّة أُمور:

1 ـ تواترت الروايات عن أئمة الهدي عليهم السلام علي بطلان التناسخ وامتناعه، واتّفقت کلمة الشيعة علي ذلک وقد کتبوا في ذلک مقالات ورسائل.

سأل المأمون الاِمام الرضا عليه السلام: ما تقول في القائلين بالتناسخ؟ فقال عليه السلام: «من قال بالتناسخ فهو کافر مکذّب بالجنة» [1] .

ويقول الشيخ الصدوق قدس سره: القول بالتناسخ باطل، ومن دان بالتناسخ فهو کافر، لاَنّ في التناسخ إبطال الجنة والنار [2] .

2 ـ إنَّ الذين يقولون بالتناسخ هم أهل الغلو الذين ينکرون القيامة والآخرة، وقد فرق الاَشعري في (مقالات الاِسلاميين) بين قول الشيعة بالرجعة وقول الغلاة بالتناسخ بقوله:

واختلف الروافض في رجعة الاَموات إلي الدنيا قبل القيامة، وهم فرقتان:



[ صفحه 100]



الاُولي: يزعمون أنّ الاَموات يرجعون إلي الدنيا [3] قبل يوم الحساب، وهذا قول الاَکثر منهم [4] ، وزعموا أنه لم يکن في بني إسرائيل شيء إلاّ ويکون في هذه الاُمّة مثله، وإنّ الله سبحانه قد أحيا قوماً من بني إسرائيل بعد الموت، فکذلک يحيي الاَموات في هذه الاُمّة ويردّهم إلي الدنيا قبل يوم القيامة.

والثانية: وهم أهل الغلو، ينکرون القيامة والآخرة، ويقولون ليس قيامة ولا آخرة، وإنّما هي أرواح تتناسخ في الصور، فمن کان محسناً جُوزيَ بأن ينقل روحه إلي جسد لا يلحقه فيه ضرر ولا ألم، ومن کان مسيئاً جُوزيَ بأن ينقل روحه إلي أجساد يلحق الروح في کونه فيها الضرر والاَلم، وليس شيء غير ذلک، وأنّ الدنيا لا تزال أبداً هکذا [5] .

ومن درس تاريخ أهل البيت الاَطهار عليهم السلام وشيعتهم الاَبرار يلمس أنهم يکفّرون الغلاة ويبرأون منهم، ولهم في هذا الباب مواقف مشهورة يطول شرحها.

يقول الدکتور ضياء الدين الريس بعد تعداده لفرق الشيعة: وقد تزاد عليهم فرقة خامسة هي الغلاة، ولکنها في الحقيقة ليست منهم، بل يخرجها غلوّها عن دائرة الاِسلام نفسه [6] .



[ صفحه 101]



3 ـ إنَّ من طعن في الرجعة باعتبار أنها من التناسخ الباطل، فلاَنه لم يفرّق بين معني التناسخ وبين المعاد الجسماني، والرجعة من نوع المعاد الجسماني، فإنّ معني التناسخ هو انتقال النفس من بدن إلي بدن آخر منفصل عن الاَول، وليس کذلک معني المعاد الجسماني، فإنَّ معناه رجوع نفس البدن الاَول بمشخصاته النفسية، فکذلک الرجعة.

وإذا کانت الرجعة تناسخاً، فإنَّ إحياء الموتي علي يد عيسي عليه السلام کان تناسخاً، وإذا کانت الرجعة تناسخاً کان البعث والمعاد الجسماني تناسخاً [7] .

وبعد هذا ليس لمتطفّل علي العلم أن يقول: وفکرة الرجعة شبيهة مع فارق کبير إلي الفکرة التناسخية التي جاء بها فيثاغورس... [8] .


پاورقي

[1] بحار الاَنوار، للمجلسي 4: 320.

[2] الاعتقادات، للصدوق: 62.

[3] لا يرجع جميع الاَموات، بل الرجعة خاصة کما بيّناه في الفصل الثالث.

[4] بيّنا في الفصل الثالث أن بعض الاِمامية قد تأولوا الرجعة بمعنيً يخالف ما عليه ظواهر أحاديثها.

[5] مقالات الاِسلاميين، لاَبي الحسن الاَشعري 1: 114.

[6] النظريات السياسية الاسلامية: 64 ط4 سنة 1967 م.

[7] عقائد الاِمامية، للمظفر: 110. والالهيات 2: 809. والملل والنحل 6: 364.

[8] الشيعة والتصحيح، موسي الموسوي: 142 ـ 143.