بازگشت

الاختلاف في معني الرجعة


رغم أنّ الاَخبار قد تضافرت عن أهل بيت العصمة عليهم السلام بوقوع الرجعة إلي الدنيا بعد الموت، والاِمامية بأجمعها علي ذلک أخذاً بالروايات الصريحة الواردة في هذا الباب، لکن البعض من المتقدمين تأول ما ورد في الرجعة بأنَّ معناها رجوع الدولة والاَمر والنهي إلي آل البيت عليهم السلام بظهور الاِمام المنتظر عليه السلام من دون رجوع أعيان الاَشخاص وإحياء الموتي، وإلي هؤلاء المتأوّلين يشير الشيخ المفيد قدس سره بقوله: اتفقت الاِمامية علي رجعة کثير من الاَموات إلي الدنيا قبل يوم القيامة، وإن کان بينهم في معني الرجعة اختلاف [1] .

وأشار إلي هذا الاختلاف العلاّمة الطبرسي في تفسيره الآية 83 من سورة النمل حيث قال: استدلّ بهذه الآية علي صحة الرجعة من ذهب إلي ذلک من الاِمامية [2] .



[ صفحه 58]



وقد ذکر هذا الاختلاف الشيخ أبو زهرة حيثُ قال: ويظهر أنّ فکرة الرجعة علي هذا الوضع ليست أمراً متّفقاً عليه عند إخواننا الاثني عشرية، بل فريق لم يعتقده [3] .

إذن هناک متأولون للرجعة من بين الشيعة الاِمامية، فهؤلاء ينکرون الرجعة بالمعني الذي ذهبت إليه أکثر الشيعة الاِمامية أخذاً بالاَخبار والروايات الواردة فيها، ولم يصرّح أحد بکفر هؤلاء أو خروجهم من الاِسلام، لاَنّهم لم ينکروا أصل الاعتقاد بالرجعة والروايات المتکاثرة الواردة فيها.

علي أنَّ المحققين من أعلام الطائفة قد أجابوا هؤلاء عن قولهم بما لامزيد عليه، قال السيد المرتضي علم الهدي مجيباً علي سؤال بهذا الخصوص، وهو من جملة المسائل التي وردت عليه من الري: فأمّا من تأول الرجعة من أصحابنا علي أنّ معناها رجوع الدولة من دون رجوع الاَشخاص وإحياء الاَموات، فانّ قوماً من الشيعة لمّا عجزوا عن نصرة الرجعة وبيان جوازها وأنها تنافي التکليف [4] عوّلوا علي هذا التأويل للاَخبار الواردة بالرجعة، وهو منهم غير صحيح، لاَنَّ الرجعة لم تثبت بظواهر الاَخبار المنقولة فتتطرق التأويلات عليها، وکيف يثبت ما هو مقطوع علي صحته بأخبار الآحاد التي لا توجب العلم، وإنما المعول في إثبات الرجعة علي إجماع الاِمامية علي معناها، بأنَّ الله يحيي أمواتاً عند قيام القائم عليه السلام من أوليائه وأعدائه علي ما بيناه، فکيف يتطرق التأويل



[ صفحه 59]



علي ماهو معلوم، فالمعني غير محتمل [5] .


پاورقي

[1] أوائل المقالات: 46.

[2] مجمع البيان 7: 366.

[3] الامام الصادق، للشيخ محمد أبو زهرة: 240.

[4] وسيأتي الجواب تاماً عن هذه المسألة في الفصل السادس.

[5] رسائل الشريف المرتضي 1: 126.