بازگشت

الاجماع


نقل جماعة من علمائنا إجماع الاِمامية علي اعتقاد صحة الرجعة وإطباقهم علي نقل أحاديثها وروايتها، وعلي أنّها من اعتقادات أهل العصمة عليهم السلام، وکل ما کان من اعتقاداتهم فهو حقّ، وتأولوا معارضها علي شذوذ وندور:

قال الشيخ الجليل رئيس المحدثين أبو جعفر ابن بابويه رحمه الله في کتاب (الاعتقادات) باب الاعتقاد بالرجعة: اعتقادنا ـ يعني الاِمامية ـ في الرجعة أنّها حق [1] .

وقال الشيخ المفيد رحمه الله: اتفقت الاِمامية علي رجعة کثير من الاَموات إلي الدنيا قبل يوم القيامة، وإن کان بينهم في معني الرجعة اختلاف [2] .

ونقل الاجماع السيد المرتضي علم الهدي رحمه الله في أکثر من موضع من رسائله، قال في (الدمشقيات): قد اجتمعت الاِمامية علي أنَّ الله تعالي



[ صفحه 49]



عند ظهور القائم صاحب الزمان عليه السلام يعيد قوماً من أوليائه لنصرته والابتهاج بدولته، وقوماً من أعدائه ليفعل بهم ما يستحق من العذاب، وإجماع هذه الطائفة قد بيّنا في غير موضع من کتبنا أنّه حجة، لاَنَّ المعصوم فيهم، فيجب القطع علي ثبوت الرجعة مضافاً إلي جوازها في القدرة [3] .

وقال في جواب المسائل التي وردت إليه من الري: الطريق إلي إثبات الرجعة إجماع الاِمامية علي وقوعها، فإنّهم لا يختلفون في ذلک، وإجماعهم قد بيّنا في مواضع من کتبنا أنّه حجة لدخول قول الاِمام فيه، وما يشتمل علي قول المعصوم من الاَقوال لا بدَّ فيه من کونه صواباً [4] ونقل هذا عنه الشيخ ابن شهر آشوب رحمه الله في (متشابه القرآن) [5] .

وقال الشيخ الطبرسي قدس سره في تفسيره: إنَّ الرجعة لم تثبت بظواهر الاَخبار المنقولة فيتطرق إليها التأويل عليها ـ أي علي رجوع الدولة دون رجوع أعيان الاَشخاص ـ وإنّما المعوّل في ذلک علي إجماع الشيعة الاِمامية، وإن کانت الاَخبار تعضده وتؤيده [6] .

وألف الشيخ الحسن بن سليمان بن خالد القمي رسالة في الرجعة قال فيها: الرجعة مما أجمع عليه علماؤنا بل جميع الاِمامية [7] .



[ صفحه 50]



ونقل الاِجماع علي ذلک من علمائنا المتأخرين الشيخ الحر العاملي، قال: الذي يدلُّ علي صحة الرجعة إجماع جميع الشيعة الاِمامية وإطباق الطائفة الاثني عشرية علي اعتقاد صحة الرجعة، فلا يظهر منهم مخالف يعتدّ به من العلماء السابقين ولا اللاحقين، وقد علم دخول المعصوم في هذا الاجماع بورود الاَحاديث المتواترة عن النبي والاَئمة عليهم السلام الدالة علي اعتقادهم بصحة الرجعة، حتي إنّه قد ورد ذلک عن صاحب الزمان محمد ابن الحسن المهدي عليه السلام في التوقيعات الواردة عنه وغيرها [8] ومما يدلُّ علي ثبوت الاجماع اتّفاقهم علي رواية أحاديث الرجعة حتي إنّه لا يکاد يخلو منها کتاب من کتب الشيعة [9] .

وکذلک العلاّمة المجلسي في (البحار)، قال: أجمعت الشيعة علي الرجعة في جميع الاَعصار، واشتهرت بينهم کالشمس في رابعة النهار، حتي نظموها في أشعارهم [10] واحتجوا بها علي المخالفين في جميع أمصارهم، وشنّع المخالفون عليهم في ذلک، وأثبتوه في کتبهم وأسفارهم، منهم الرازي والنيسابوري وغيرهما [11] .


پاورقي

[1] الاعتقادات، للصدوق: 60.

[2] أوائل المقالات، للمفيد: 46. والاختلاف الذي أشار إليه وقع في تأويل معني الرجعة علي رجوع الدولة والاَمر والنهي دون رجوع أعيان الاَشخاص وإحياء الاَموات وسيأتي بيانه في الفصل اللاحق.

[3] رسائل الشريف المرتضي 3: 136 ـ الدمشقيات ـ دار القرآن الکريم ـ قم.

[4] المصدر السابق 1: 125.

[5] متشابه القرآن ومختلفه، لابن شهر آشوب 2: 97.

[6] مجمع البيان، للطبرسي 7: 367.

[7] الايقاظ من الهجعة، للحر العاملي: 43.

[8] الايقاظ من الهجعة، للحر العاملي: 33.

[9] المصدر السابق: 43.

[10] من ذلک ما رواه ابن عياش في (المقتضب: 48) بالاسناد عن أبي سهل النوشجاني، أنّه أنشد لاَبيه مصعب بن وهب الحرون:



ولي ثقة بالرجعة الحقّ مثلما

وثقت برجع الطرف مني إلي الطرف



.

[11] بحار الاَنوار، للمجلسي 53: 122.