بازگشت

مقدمة المرکز


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدُ لله ربِّ العالمين، وأفضل الصلاة وأتمّ التسليم علي الحبيب المصطفي وآله الطيبين الطاهرين.

ممّا لا ريب فيه أنَّ صحة الاَحکام والعقائد تتوقف علي ورودها في مصادر التشريع الاِسلامي، سيّما ما يتعلق منها بأنباء الغيب وحوادث المستقبل.

والرجعة التي تعدُّ واحدة من أُمور الغيب وأشراط الساعة، استدلّ الاِمامية علي صحة الاعتقاد بها بالاَحاديث الصحيحة المتواترة عن النبي صلي الله عليه وآله وسلم وآله المعصومين عليهم السلام المروية في المصادر المعتبرة، فضلاً عن اجماع الطائفة المحقّة علي ثبوتها حتي أصبحت من ضروريات المذهب عند جميع الاَعلام المعروفين والمصنفين المشهورين، وهذان الدليلان من أهمّ ما استدلّ به الاِمامية علي صحة الاعتقاد بها.

کما استدلوا علي إمکانها بالآيات القرآنية الدالة علي رجوع أقوام من الاُمم السابقة إلي الحياة الدنيا رغم خروجهم من عالم الاَحياء إلي عالم الموتي، کالذين خرجوا من ديارهم حذر الموت وهم أُلوف، والذي مرَّ علي قرية وهي خاوية علي عروشها، والذين أخذتهم الصاعقة، وأصحاب الکهف، وذي القرنين وغيرهم، أو الدالة علي وقوعها في المستقبل إما نصّاً صريحاً کقوله تعالي: (ويوم نحشر من کلِّ أُمّةٍ فوجاً) الدال علي الحشر الخاص قبل يوم القيامة، أو بمعونة الاَحاديث المعتمدة في تفسيرها کقوله تعالي: (وحرام علي قريةٍ أهلکناها أنهم لا يرجعون).

ويمکن أن يتجلّي لنا الهدف من هذا الاَمر الخارق الذي أخبر عنه أئمة الهدي من آل محمد عليهم السلام إذا عرفنا أنَّ العدل الاِلهي واسع سعة الرحمة الاِلهية ومطلق لا يحدّه زمان ولا مکان وأنّه أصيل علي أحداث الماضي



[ صفحه 6]



والحاضر والمستقبل، والرجعة نموذج رائع لتطبيق العدالة الاِلهية، ذلک لاَنّها تعني أنّ الله تعالي يعيد قوماً من الاَموات ممن محض الاِيمان محضاً أو محض الکفر محضاً، فيديل المحقين من المبطلين عند قيام المهدي من آل محمد عليهم السلام وهو يوم الفتح الذي أخبر عنه تعالي بقوله: (ويقولون متي هذا الفتح إن کنتم صادقين، قُل يوم الفتح لا ينفع الذين کفروا إيمانهم ولا هم ينظرون) وفيه يتحقق الوعد الاِلهي بالنصر للاَنبياء والمؤمنين (إنّا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الاَشهاد).

ولقد اتّخذت الرجعة وسيلة للطعن والتشنيع علي مذهب الاِمامية حتي عدّها بعض المخالفين من المستنکرات التي يستقبح الاعتقاد بها، مع أنّ الدليل علي إمکانها وارد في الکتاب الکريم بصريح العبارة وبما لا يقبل التأويل أو الحمل، ومع أنّها من أشراط الساعة کنزول عيسي عليه السلام وظهور الدجال وخروج السفياني وأمثالها من القضايا الشائعة عند المسلمين ولا يترتب علي اعتقادهم بها أدني إنکار لاَيّ حکم ضروري من أحکام الاِسلام، وفوق ذلک أنّ الرجعة دليل علي القدرة البالغة لله تعالي کالبعث والنشور، وهي من الاُمور الخارقة للعادة التي تصلح أن تکون معجزة کبري لنبينا وآل بيته المعصومين عليهم السلام.

فمن أجل توضيح مباني هذا الاعتقاد وإزالة اللبس الذي يعتري أذهان البعض حوله، قام مرکزنا باصدار هذه الدراسة التي تحتوي علي ستة فصول تلمّ بأطراف الموضوع تعريفاً وأدلةً وأحکاماً باعتماد ما ورد في الکتاب العزيز والاَحاديث المستفيضة عن النبي الاَکرم وأهل بيته الطاهرين عليهم السلام، نسأل الله تعالي أن ينفع بها.

إنّه ولي التوفيق

مرکز الرسالة



[ صفحه 7]