بازگشت

الحزن علي غيبة الإمام


ثم إن ما يظهر من الروايات أن الأرض تبدل غير الأرض في زمانه [1] فمعناه أن تصبح الأرض لا کأرضنا اليوم، وأناسها لا کأناس اليوم في أخلاقهم وصفاتهم وما أشبه، ولا تکون کالجنة، وإنما الوسط فتکون بين الدنيا الحاضرة وبين الجنة الموعودة کما أشرنا إلي ذلک سابقاً، ويستلزم ذلک بالنسبة إلي المنتظرين أن يهيئوا أنفسهم، فيلزم أن يکون الإنسان مهموماً مغموماً لأجل غيبة الإمام المنتظر (ع) ولأجل ما يراه من ضعف الدين والمؤمنين به، وما يجري عليهم من المأساة... کما ورد في دعاء الندبة:

(عزيز علي أن أري الخلق ولا تري، ولا أسمع لک حسيساً ولا نجوي، عزيز علي أن تحيط بک دوني البلوي ولا ينالک مني ضجيج ولا شکوي، بنفسي أنت من مغيب لم يخل منا، بنفسي أنت من نازح ما نزح عنا، بنفسي أنت أمنية شائق يتمني، من مؤمن ومؤمنة ذکراً فحناً، بنفسي أنت من عقيد عزٍّ لا يسامي (إلي أن قال) إلي متي أحار فيک يا مولاي والي متي، وأي خطاب أصف فيک وأي نجوي، عزيز عليّ ان أجاب دونک وأناغي، عزيز علي أن أبکيک ويخذلک الوري، عزيز علي أن يجري عليک دونهم ما جري، هل من معين فأطيل معه العويل والبکاء، هل من جزوع فأساعد جزعه إذا خلا، هل قذيت عين فساعدتها عيني علي القذي، هل إليک يا بن أحمد سبيل فتلقي، هل يتصل يومنا بغده فنحظي، متي نرد مناهلک الروية فنروي، متي ننتفع من عذب مائک فقد طال الصدي، متي نغاديک ونراوحک فتقر عينا، متي ترانا ونراک وقد نشرت لواء النصر تري، أترانا نحف بک وانت تؤم الملأ، وقد ملئت الأرض عدلاً وأذقت أعدائک هوانا وعقابا وأبرت العتاه وجحدة الحق وقطعت دابر المتکبرين واجتثثت أصول الظالمين ونحن نقول الحمد لله رب العالمين...). [2] وإذا کان الإنسان کذلک مهموماً مغموماً منتظراً لفرجه يکون قد أدي بعض الواجب بالنسبة إلي عظم حق الإمام (ع).


پاورقي

[1] راجع (غيبة النعماني) ص146، وفيه: (ومن نسل علي؟ القائم المهدي الذي يبدل الأرض غير الأرض).

[2] الاقبال: ص298 دعاء الندبة، الدعاء والزيارة: ص؟، دعاء الندبة، مفاتيح الجنان: دعاء الندبة.