بازگشت

سيولد الليلة المولود الکريم


عن حکيمة (ع) انها قالت: کانت لي جارية يقال لها: نرجس، فزارني ابن أخي الإمام الحسن العسکري واقبل يحدق النظر إليها، فقلت له: يا سيدي لعلک هويتها فأرسلها إليک؟

فقال: لا يا عمة، ولکني أتعجب منها.

فقلت: وما أعجبک منها؟

فقال (ع): سيخرج منها ولد کريم علي الله عزوجل، الذي يملأ الله به الأرض عدلاً وقسطاً کما ملئت جوراً وظلماً.

فقلت: فارسلها إليک يا سيدي؟

فقال: استأذني في ذلک أبي.

قالت: فلبست ثيابي وأتيت منزل أبي الحسن الهادي فسلّمت وجلست، فبدأني وقال: يا حکيمة، ابعثي نرجس إلي ابني أبي محمد.

قالت: فقلت يا سيدي علي هذا قصدتک علي أن استأذنک في ذلک.

فقال لي: يا مبارکة إن الله تبارک وتعالي أحب أن يشرکک في الاجر ويجعل لک في الخير نصيباً.

قالت حکيمة: فلم البث أن رجعت إلي منزلي وزينتها ووهبتها لأبي محمد وجمعت بينه وبينها في منزلي، فأقام عندي أياماً ثم مضي إلي والده، ووجّهت بها معه.

قالت حکيمة: فمضي أبو الحسن وجلس أبو محمد مکان والده وکنت أزوره کما کنت ازور والده، فجاءتني نرجس يوماً تخلع خفي فقالت: يا مولاتي ناوليني خفک.

فقلت:بل أنت سيدتي ومولاتي، والله لا ادفع إليک خفي لتخلعيه ولا لتخدميني، بل أنا أخدمک علي بصري.

فسمع أبو محمد ذلک فقال: جزاک الله يا عمة خيراً، فجلست عنده إلي وقت غروب الشمس فصحت بالجارية وقلت: ناوليني ثيابي لأنصرف.

فقال: لا يا عمتاه، بيتي الليلة عندنا فانه سيولد الليلة المولود الکريم علي الله عزوجل، الذي يحيي الله عزوجل به الأرض بعد موتها.

فقلت: ممن يا سيدي ولست أري بنرجس شيئاً من أثر الحبل.

فقال: من نرجس لا من غيرها.

قالت: فوثبت إليها فقلبتها ظهراً لبطن، فلم ار بها أثر حبل، فعدت إليه فأخبرته بما فعلت.

فتبسم [ثم قال لي: إذا کان وقت الفجر يظهر لک بها الحبل، لأن مثلها مثل أم موسي] لم يظهر بها الحبل ولم يعلم بها أحد إلي وقت ولادتها، لأن فرعون کان يشق بطون الحبالي في طلب موسي (ع)، وهذا نظير موسي.

وفي رواية أخري: انه قال: انا معاشر الأوصياء لسنا نحمل في البطون، وانما نحمل في الجنوب، ولا نخرج من الأرحام وانما نخرج من الفخذ الأيمن من أمهاتنا، لأننا نور الله الذي لا تناله الدانسات.

قالت حکيمة: فذهبت إلي نرجس وأخبرتها بما قال.

فقالت: لم أر شيئاً ولا أثراً.

فبقيت الليل هناک وافطرت عندهم ونمت قرب نرجس، وکنت أفحصها کل ساعة وهي نائمة، فازدادت حيرتي، واکثرت في هذه الليلة من القيام والصلاة، فلما کنت في الوتر من صلاة الليل قامت نرجس فتوضأت وصلّت صلاة الليل، ونظرت فإذا الفجر الأول قد طلع، فتداخل قلبي الشک.

فصاح بي أبو محمد فقال: لا تعجلي يا عمة فان الأمر قد قرب.

فرأيت اضطراباً في نرجس فضممتها إلي صدري وسميت عليها، فصاح أبو محمد وقال: اقرئي عليها: [إنا أنزلناه في ليلة القدر] [1] فأقبلت أقرأ عليها وقلت لها: ما حالک؟

قالت: ظهر بي الأمر الذي اخبرک به مولاي.

فاقبلت اقرأ عليها کما امرني، فأجاب الجنين من بطنها يقرأ کما أقرأ، وسلم علي.

قالت حکيمة: ففزعت لما سمعت.

فصاح بي أبو محمد: لا تعجبي من أمر الله عزوجل، ان الله تبارک وتعالي ينطقنا بالحکمة صغاراً، ويجعلنا حجة في أرضه کباراً، فلم يستتم الکلام حتي غيبت عني نرجس، فلم ارها کأنه ضرب بيني وبينها حجاب.

فعدوت نحو أبي محمد وأنا صارخة.

فقال لي: ارجعي يا عمة فانک ستجديها في مکانها.

قالت: فرجعت فلم البث أن کشف الحجاب الذي کان بيني وبينها، وإذا أنا بها وعليها من أثر النور ما غشي بصري، وإذا أنا بالصبي ساجداً علي وجهه، جاثياً علي رکبتيه، رافعاً سبابتيه نحو السماء وهو يقول:

(اشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريک له، وأن جدي محمداً رسول الله، وأن أبي أمير المؤمنين، ثم عدّ إماماً إماماً إلي أن بلغ إلي نفسه، فقال: اللهم انجز لي وعدي، وأتمم لي أمري، وثبت وطأتي، واملأ الأرض بي عدلاً وقسطاً).


پاورقي

[1] سورة القدر: 1.