صاحب الشهباء والنهر
کشف الغمة: ج2 ص502 الباب 25 في الدلالة علي کون المهدي؟ حياً باقياً منذ غيبته إلي الآن.
وروي القطب الراوندي عن أبي الحسن المسترق الضرير انه قال: کنت يوماً في مجلس الحسن بن عبد الله بن حمدان ناصر الدولة، فتذاکرنا أمر الناحية (ع). قال: کنت ازري عليها إلي أن حضرت مجلس عمي الحسين يوماً فأخذت أتکلم في ذلک، فقال: يا بني قد کنت أقول بمقالتک هذه إلي أن ندبت لولاية قم حين استصعبت علي السلطان، وکان کل من ورد اليها من جهة السلطان يحاربه أهلها، فسلّم إلي جيشاً وخرجت نحوها، فلما بلغت إلي ناحية طرز خرجت إلي الصيد ففاتتني طريدة فاتبعتها وأوغلت في اثرها حتي بلغت إلي نهر فسرت فيه وکلما اسير يتسع النهر، فبينما أنا کذلک إذا طلع عليّ فارس تحته شهباء وهو متعمم بعمامة خز خضراء لا اري منه إلا عينيه وفي رجليه خفّان أحمران.
فقال لي: يا حسين، فلا هو امرني ولا کناني.
فقلت: ماذا تريد؟
قال: لِمَ تزري علي الناحية؟ ولِمَ تمنع اصحابي خمس مالک؟
وکنت الرجل الوقور الذي لا يخاف شيئاً، فارعدت منه وتهيّبت وقلت له: أفعل يا سيدي ما تأمر به.
فقال: إذا مضيت إلي الموضع الذي أنت متوجه إليه فدخلته عفواً وکسبت ما کسبته، تحمل خمسه إلي مستحقه.
فقلت: السمع والطاعة.
فقال: امض راشداً، ولوّي عنان دابته وانصرف، فلم ادر أي طريق سلک، وطلبته يميناً وشمالاً فخفي عليّ أمره، وازددت رعباً وانکفأت راجعاً إلي عسکري وتناسيت الحديث.
فلما بلغت قم وعندي انني أريد محاربة القوم، خرج إلي أهلها وقالوا: کنا نحارب من يجيئنا لخلافهم لنا، وأما إذا وافيت أنت فلا خلاف بيننا وبينک، ادخل البلدة فدبرها کما تري، فأقمت فيها زماناً وکسبت اموالاً زائدة علي ما کنت أقدر، ثم وشي القوّاد بي إلي السلطان وحسدت علي طول مقامي وکثرة ما اکتسبت، فعزلت ورجعت إلي بغداد، فابتدأت بدار السلطان وسلّمت عليه وأتيت إلي منزلي وجاءني فيمن جاءني محمد بن عثمان العمري، فتخطي رقاب الناس حتي اتکأ علي تکأتي، فاغتظت من ذلک ولم يزل قاعداً ما يبرح والناس داخلون وخارجون وأنا أزداد غليظاً.
فلما تصرم الناس وخلا المجلس دنا إلي وقال: بيني وبينک سر فاسمعه.
فقلت: قل.
فقال: صاحب الشهباء والنهر يقول: قد وفينا بما وعدنا.
فذکرتُ الحديث وارتعت من ذلک وقلت: السمع والطاعة، فقمت فأخذت بيده ففتحت الخزائن فلم يزل يخمّسها إلي أن خمس شيئاً کنت قد اُنسيته مما کنت قد جمعته، وانصرف ولم اشک بعد ذلک وتحققت الأمر، فأنا منذ سمعت هذا من عمّي أبي عبد الله زال ما کان اعترضني من شک.