بازگشت

کلمة الناشر


جميل.. وعنفوان جليل.

وريح العطور.. وشذي الزهور.. وعبق المسک والکافور، يملؤ جوَّ الأصيل.

أو کأن کل ذلک محمول ـ بل محمّل ـ لنسيم الصبح العليل.

ذکر تقدّس، واسم تعاظم، وصفات جلّت عن الحصر والتقدير، والفهم والتفکير، فهو الذي لا يعلم من هو إلا الله رب العالمين.. ورسوله الأمين (ع) وآباؤه الأکرمين من آل طه (ع) الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً..

نور يعمّ الأرجاء، وفکرة تبعث علي الرجاء، وأمل يدغدغ الأرواح المؤمنة والقلوب الطاهرة النظيفة، فتبعث فيها أمل اللقاء بالمخلِّص الرباني المنتظر، وأمل الخلاص من کل هذه المآسي والمحن، والظلم والجور والفتن، التي أصبحت تلفُّ العالم بجدار سميک من الظلام الدامس، والظلم الفاحش.

فکر عملاق، وعمل في القمة، لأنه يختزن وعداً بکل خير.. بکثرة الأرزاق، وفتح الأسواق، وکثرة الأموال حتي أن الذهب سيکوّم في المعابر والطرقات، ولا أحد يأخذ منه إلاّ حاجته ويدع الباقي في مکانه ـ کما ورد في الحديث ـ فوجب علي من يؤمن به أن يعمل بجد ونشاط، دون کلل أو ملل، من أجل تلک الدولة المنتظرة، بتلک القيادة المظفرة..

هو حقيقة واقعية، وضرورة حياتية حضارية لبني البشر کلهم ـ دون استثناء ـ حتي اللادينيين، واللاخلاقيين، واللامسؤولين، فهم أيضاً يأملون في أن يحيوا حياة سعيدة وان ينعموا بالأمن والإطمئنان والرفاه والحرية.. وکل ذلک وأکثر في دولة الإمام المنتظر (ع) العادلة.

فهو ليس فکرة مجرَّدة، بل فکر واقعي حضاري.

وهو ليس سراب بقيعة، بل هو حقيقة نعيشها في کل لحظة.

وهو بالتالي ليس اسطورة إغريقية قديمة، بل هو قائد وموجّه وإمام، ومعه رسالة ودين، نأمل أن نراها ونحيا في ظلالها الوارفة، وإن لم نبلغ ذلک لا شک إن جيلاً من الأجيال القادمة سيشهدونها وينعمون في أفيائها بکل ما يأملون أو حتي يحلمون به...

فالإنفتاح علي قضية الإمام المهدي المنتظر (ع)، والتملي من إشراقاتها، والتشبع من منهل مائها العذب الرقراق، الذي هو لذة للشاربين، تجعل الإنسان المؤمن يطلُّ من أعلي قمم المجد والفخر والنور، علي ساحة عريضة مخضرة.. تجتمع فيها قلوب رسالية، وعقول ملائکية، وأجساد بشرية، بأرواح ونفحات إلهية رائعة..

تلک الساحة التي يرتفع منها الظلم والظلام، ويحل محله العدل والمساواة والنور، وتخلو من الخوف والجزع، وينعم أهل الأرض جميعاً بالأمن والأمان، وتتطهر المجتمعات من غل وحقد، وحسد وتباغض، ويسود مکانها المحبة والمودة، والتلاؤم والإخلاء..، کل هذا وأکثر منه نعيم يتلوه نعيم، وخيرات متواليات بعضها في اثر بعض.

وکم هي الکتب التي کُتبت واُلفت عن هذا العظيم المنتظر (ع) من کل طائفة ومذهب، بل ومن کل دين ومنهج، فالکل يتطلع إلي المخلِّص الأعظم، فکُتبت مئات ـ بل الآلاف ـ من الکتب التي تتناول أحاديث وأحوال وصفات الإمام المهدي (ع) ودولته المبارکة.

وفي هذا السباق نلتقي مع فکرة هذا الکتاب «الإمام المهدي (ع)» وهو موجز عن أحوال الإمام (ع)، بالاضافة إلي بعض الأحاديث المختارة والموثوقة من خلال السند والمتن والرواية.. جمعها، وعلَّق علي بعض المبهمات فيها، وشرح بعض النقاط الهامة… سماحة الإمام المرجع الديني الأعلي السيد محمد الحسيني الشيرازي (دام ظله) فجاء هذا الکتاب الجميل والذي هو في بابه جليل.

وقد قمنا بطباعة ونشره هذا الکتاب، ليکون لنا شرف المشارکة في توجيه هذه الأجيال إلي إمامها ومخلصها من عذاباتها: الإمام المهدي المنتظر (ع).

وندعو الله متضرعين بحق «الإمام المهدي (ع)» أن يحفظه ويعجل مخرجه، ويجعلنا من جنده والمستشهدين بين يديه، وان يسدد هذه الأمة إلي ما فيه صلاحها، وأن يحفظ علماء الدين لا سيما العاملين منهم، وان يمد سماحة الإمام الشيرازي بطول العمر المبارک وأن يفرّج کربته بحقِّ مفرج الکربات عن وجه رسول الله (ع) ذاک أمير المؤمنين الإمام علي (ع).

وان يوفقنا إلي ما فيه الصلاح والإصلاح لنا ولأمتنا وللناس أجمعين، إله الحق آمين والحمد لله رب العالمين.

مؤسسة المجتبي للتحقيق والنشر

بيروت ـ لبنان ص ب: 6080 / 13