بازگشت

50ـ باب سياق حديث معمر المغربي


50ـ باب سياق حديث معمر المغربي



أبي الدنيا على بن عثمان بن الخطاب بن مرة بن مؤيد



1 - حدثنا أبوسعيد عبدالله بن محمدبن عبدالوهاب بن نصر السجزي(1) قال: حدثنا أبوبكر محمدبن الفتح الرقي(2)، وأبوالحسن علي بن الحسن بن - الاشكي(3) ختن أبي بكر قالا: لقينا بمكة رجلا من أهل المغرب فدخلنا عليه مع جماعة من أصحاب الحديث ممن كان حضر الموسم في تلك السنة وهي سنة تسع وثلاثمائة فرأينا رجلا أسود الرأس واللحية كأنه شن بال(4)، وحوله جماعة هم أولاده وأولاد أولاده ومشائخ من أهل بلده، وذكروا أنهم من أقصي بلاد المغرب بقرب باهرت العليا و شهدوا هؤلاء المشائخ أناسمعنا آبائنا حكواعن أبائهم وأجدادهم أنا عهدنا(5) هذا الشيخ

___________________________________



(1) في بعض النسخ " الشجري.



(2) مجهول لايعرف وفي بعض النسخ البرقي، وفي بعضها " المزني " وفي بعضها " المركي " وفى بعضها " المركني " وجعل في جميع هذه النسخ " القاسم " بدل " الفتح ".



(3) في بعض النسخ " على بن الحسين بن حثكا اللائكي " واحتمل كونه على بن الحسن اللاني المعنون في تقريب التهذيب.



(4) أي القربة الخلقة الصغيرة.



(5) في بعض النسخ " أنهم سمعوا آباء هم واجداد هم أنهم عهدوا "



[539]



المعروف بأبي الدنيا معمرواسمه علي بن عثمان بن خطاب بن مرة بن مؤيد وذكروا أنه همداني، وأن أصله من صنعاء اليمن(1) فقلنا له: أنت رأيت علي بن أبي طالب عليه السلام؟ فقال بيده(2) ففتح عينيه وقدكان وقع حاجباه عليهما ففتحهما كأنهما سراجان، فقال: رأيته بعيني هاتين وكنت خادما له، وكنت معه في وقعة صفين، وهذه الشجة من دابة على عليه السلام، وأرانا أثرها على حاجبه الايمن، وشهد الجماعة الذين كانوا حوله من المشايخ ومن حفدته وأسباطه بطول العمر، وأنهم منذولدوا عهدوه على هذه الحالة وكذا سمعنا من آبائنا وأجدادنا، ثم إنا فاتحنا ه وساء لناه عن قصته وحاله و سبب طول عمره فوجدناه ثابت العقل، يفهم مايقال له ويجيب عنه بلب وعقل، فذكر أنه كان له والد قد نظر في كتب الاوائل وقرأها وقدكان وجد فيها ذكر نهر الحيوان وأنها تجري في الظلمات، وأنه من شرب منها طال عمره، فحمله الحرص على دخول الظلمات فتحمل وتزود حسب ماقدر أنه يكتفي به في مسيره، وأخرجني معه و أخرج معنا خادمين باذلين وعدة جمال لبون(عليها) روايا وزاد وأنا يومئذ ابن ثلاثة عشر سنة، فساربنا إلي أن وافينا طرف الظلمات، ثم دخلنا الظلمات فسرنا فيها نحو ستة أيام ولياليها، وكنا نميز بين الليل والنهار بأن النهار كان يكون أضوء قليلا وأقل ظلمة من الليل، فنزلنا بين جبال وأودية ودكوات(3)، وقدكان والدي رضي الله عنه يطوف في تلك البقعة في طلب النهر لانه وجد في الكتب التي قرأها أن مجري نهر الحيوان في ذلك الموضع، فأقمنا في تلك البقعة أياما حتي فني الماء الذي كان معنا واستقيناه جمالنا، ولولا أن جمالنا كانت لبونا لهلكنا وتلفنا عطشا، وكان والدي يطوف في تلك البقعة في طلب النهر ويأمرنا أن نوقد نارا ليهتدي بضوئها إذا أراد الرجوع إلينا، فمكثنا في تلك البقعة نحو خمسة أيام ووالدي يطلب النهر فلايجده



______________________________



(1) في بعض النسخ " صعيد اليمن ".



(2) أي أشار، وفى معني القول توسع.



(3) الدك: مااستوي من الرمل كالدكة والمستوي من المكان، والتل والجبل



[540]



وبعد الاياس عزم على الانصراف حذرا على التلف لفناء الزاد والماء، والخدم الذين كانوا معنا ضجروا فأوجسوا التلف على أنفسهم(1) وألحوا على والدي بالخروج من الظلمات فقمت يوما من الرحل لحاجتي فتباعدت من الرحل قدر رمية سهم فعثرت بنهر ماء أبيض اللون، عذب لذيذ، لابالصغير من الانهار ولابالكبير، ويجري جريانا لينا فذنوت منه وغرفت منه بيدي غرفتين أوثلاثة فوجدته عذبا باردا لذيذا، فبادرت مسرعا إلي الرحل وبشرت الخدم بأني قد وجدت الماء، فحملوا ماكان معنا من القرب والادوات لنملاها، ولم أعلم أن والدي في طلب ذلك النهر وكان سروري بوجود الماء، لماكان عدمنا الماء وفني ماكان معنا، وكان والدي في ذلك الوقت غائبا عن الرحل مشغولا بالطلب فجهدنا وطفنا ساعة هوية(2) على أن نجد النهر، فلم نهتدي إليه حتي أن الخدم كذبوني وقالوا لي: لم تصدق، فلما انصرفت إلي الرحل وانصرف والدي أخبرته بالقصة فقال لي: يابني الذي أخرجني إلي هذاالمكان وتحمل الخطر كان لذلك النهر ولم أرزق أنا وأنت رزقته وسوف يطول عمرك حتي تمل الحياة و رحلنا منصرفين وعدنا إلي أو طاننا وبلدنا وعاش والدي بعد ذلك سنيات ثم توفي رضي الله عنه فلما بلغ سني قريبا من ثلاثين سنة وكان(قد) اتصل بنا وفاة النبي صلى الله عليه وآله و وفاة الخليفتين بعده خرجت حاجا فالحقت آخر أيام عثمان فمال قلبي من بين جماعة أصحاب النبي صلى الله عليه وآله إلي علي بن أبي طالب عليه السلام فأقمت معه، أخدمه وشهدت معه وقايع وفي وقعة صفين أصابتني هذه الشجة من دابته، فمازلت مقيما معه إلي أن مضي لسبيله عليه السلام، فألح علي أولاده وحرمه أن اقيم عندهم فلم أقم وانصرفت إلي بلدي وخرجت أيام بني مروان حاجا وانصرفت مع أهل بلدي إلي هذه الغاية ما خرجت في سفر إلاماكان(إلي) الملوك في بلاد المغرب يبلغهم خبري وطول عمري فيشخصوني إلي حضرتهم ليروني ويسألوني عن سبب طول عمري وعما شاهدت و



______________________________



(1) في بعض النسخ " في أنفسهم " وفى بعضها " وخشوا على أنفسهم ".



(2) أى زمانا طويلا



[541]



وكنت أتمني وأشتهي أن أحج حجة اخري فحملني هؤلاء حفدتي وأسباطي الذين ترونهم حولي وذكر أنه قد سقطت أسنانه مرتين أوثلاثة، فسألناه أن يحدثنا بما سمعه من أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام فذكر أنه لم يكن له حرص ولاهمة في العلم في وقت صحبته لعلي بن أبي طالب عليه السلام، والصحابه أيضا كانوا متوافرين فمن فرط ميلي إلي علي بن أبي طالب عليه السلام ومحبتي له لم أشتغل بشئ سوي خدمته وصحبته، والذي كنت أتذكره مما كنت سمعته منه قدسمعه مني عالم كثيرمن الناس ببلاد المغرب ومصر والحجاز، وقد انقرضوا وتفانوا وهؤلاء أهل بيتي وحفدتي قددو نوه فأخرجوا إلينا النسخة، فأخذ يملي علينا من حفظه(1):



2 - حدثنا(2) أبوالحسن علي بن عثمان بن خطاب بن مرة بن مؤيد الهمداني المعروف بأبي الدنيا معمر المغربي رضي الله عنه حيا وميتا قال: حدثنا علي بن - أبي طالب عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من أحب أهل اليمن فقد أحبني، ومن أبغض أهل اليمين فقد أبغضني.



3 - وحدثنا أبوالدنيا معمر المغربي قال: حدثنا علي بن أبي طالب عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من أعان ملهوفا كتب الله له عشر حسنات ومحي عنه عشر سيئات، ورفع له عشر درجات ثم قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من سعي في حاجة أخيه المؤمن(3) لله عزوجل فيها رضاء وله فيها صلاح - فكأنما خدم الله عزوجل ألف سنة لم يقع في معصيته طرفة عين.



4 - وحدثنا أبوالدنيا معمر المغربي قال: سمعت علي بن أبي طالب عليه السلام يقول: أصاب النبي صلى الله عليه وآله جوع شديد وهو في منزل فاطمة عليها السلام، قال علي عليه السلام:



______________________________



(1) في بعض النسخ " من خطه ".



(2) معلق على السند الاول وكذا مايأتي.



(3) في بعض النسخ " أخيه المسلم ".



[542]



فقال لي النبي صلى الله عليه وآله: ياعلي هات المائدة فقدمت المائدة وعليها خبز ولحم مشوي.



5 - وحدثنا أبوالدنيا معمر المغربي قال: سمعت أمير المؤمنين علي بن أبي - طالب عليه السلام يقول: جرحت في وقعة خيبر خمسا وعشرين جراحة فجئت إلي النبي صلى الله عليه وآله فلما رآي مابي من الجراحة بكي وأخذ من دموع عينيه فجعلها على الجراحات فاسترحت من ساعتي.



6 - وحدثنا أبوالدنيا معمر المغربي قال: حدثني علي بن أبي طالب عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من قرأ " قل هوالله أحد " مرة فكأنما قرأ ثلث القرآن ومن قرأها مرتين فكأنما قرأ ثلثي القرآن، ومن قرأها ثلاث مرات فكأنما قرأ القرآن كله.



7 - وحدثنا أبوالدنيا معمر المغربي قال: سمعت علي بن أبي طالب عليه السلام يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: كنت أرعي الغنم فإذا أنا بذئب على قارعة الطريق فقلت له: ماتصنع ههنا: فقال لي: وأنت ماتصنع ههنا؟ قلت: أرعي الغنم، قال لي مر - أوقال ذا الطريق - قال: فسقت الغنم فلما توسط الذئب الغنم إذا أنا بالذئب قد شد على شاة فقتلها، قال: فجئت حتي أخذت بقفاه فذبحته وجعلته على يدي وجعلت أسوق الغنم فما سرت غير بعيد إذا أنا بثلاثة أملاك: جبرئيل وميكائيل وملك الموت عليهم السلام فلما رأوني قالوا: هذا محمد بارك الله فيه فاحتملوني وأضجعوني وشقوا جوفي بسكين كان معهم وأخرجوا قلبي من موضعه وغسلوا جوفي بماء بارد كان معهم في قارورة حتي نقي من الدم، ثم رد واقلبي إلي موضعه وأمروا أيديهم إلي جوفي، فالتحم الشق بإذن الله عزوجل فما أحسست بسكين ولاوجع، قال: وخرجت أعدوا إلي امي - يعني حليمة داية النبي صلى الله عليه وآله - فقالت لي: أين الغنم؟ فخبرتها بالخبر فقالت: سوف يكون لك في الجنة منزلة عظيمة.



8 - وحدثنا أبوسعيد عبدالله بن محمدبن عبدالوهاب قال: ذكر أبوبكر



[543]



محمد بن الفتح الرقي(1)، وأبوالحسن على بن الحسين الاشكي أن السلطان بمكة لما بلغة خبر أبي الدنيا تعرض له وقال: لابد أن اخرجك معي إلي بغدادإلي حضرة أمير المؤمنين المقتدر فإني أخشي أن يعتب على إن لم اخرجك، فسأله الحاج من أهل المغرب وأهل المصر والشام أن يعفيه ولايشخصه فإنه شيخ ضعيف ولايؤمن مايحدث عليه، فأعفاه قال أبوسعيد: ولو أني حضرت الموسم في تلك السنة لشاهدته، وخبره كان مستفيضا شائعا في الامصار، وكتب عنه هذه الاحاديث المصريون والشاميون و البغداديون ومن سائر الامصار ممن حضر الموسم وبلغه خبر هذا الشيخ وأحب أن يلقاه ويكتب عنه هذه الاحاديث نفعنا الله وإياهم بها(2).



9 - وأخبرني أبومحمد الحسن بن محمدبن يحيى بن الحسن بن جعفر بن عبدالله ابن الحسن بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام فيما أجازه لي مما صح عندي من حديثه(3)، وصح عندي هذا الحديث برواية الشريف أبي عبدالله محمدبن - الحسن بن إسحاق بن الحسين(4) بن إسحاق بن موسى بن جعفر بن محمدبن علي بن الحسين بن علي أبي طالب عليهم السلام أنه قال: حججت في سنة ثلاث عشرة وثلاثمائة وفيها حج نصر القشوري صاحب المقتدر بالله(5) ومعه عبدالله بن حمدان المكني بأبي الهيجاء فدخلت مدينة الرسول صلى الله عليه وآله في ذي القعدة فأصبت قافلة المصريين وفيها أبوبكر محمدبن علي الماذراثي



______________________________



(1) تقدم الكلام فيه وفى قرينه ص 538.



(2) في بعض النسخ " ويكتب عنه نفعهم الله وايانابه ".



(3) ذلك لان أبامحمد الحسن بن محمدبن يحيى العلوي روي عن المجاهيل أحاديث منكرة وقال العلامة: رأيت أصحابنا يضعفونه(صه عن جش) وقال ابن الغصائري انه كان كذابا يضع الحديث مجاهرة، ويدعي رجالا غرباء ولايعرفون(صه) توفي 358(جامع الرواة).



(4) في بعض النسخ " الحسن ".



(5) " " " " حاجب المقتدر بالله "



[544]



ومعه رجل من أهل المغرب وذكر أنه رآي(رجلا من) أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله فاجتمع عليه الناس وازدحموا وجعلوا يتمسحون به وكادوا يأتون على نفسه فأمر عمي أبوالقاسم طاهربن يحيى رضي الله عنه فتيانه وغلمانه، فقال: أفرجوا عنه الناس ففعلوا وأخذوه وفأدخلوه إلي دار ابن أبي سهل الطفي وكان عمي نازلها، فادخل واذن للناس فدخلوا وكان معه خمسة نفر(و) ذكروا أنهم أولاد أولاده فيهم شيخ له نيف و ثمانون سنة فسألناه عنه، فقال: هذا ابن ابني، وآخر له سبعون سنة فقال: هذا ابن ابني، وإثنان لهما ستون سنة أوخمسون سنة أونحوها وآخر له سبع عشرة سنة، فقال: هذا ابن ابن ابني ولم يكن معه فيهم أصغر منه، وكان إذا رأيته قلت: هذا ابن ثلاثين سنة أو أربعين سنة، أسود الرأس واللحية، شاب نحيف الجسم أدم، ربع من الرجال خفيف العارضين،(هو) إلي القصر أقرب، قال أبومحمد العلوي: فحدثنا هذا الرجل و اسمه علي بن عثمان بن الخطاب بن مرة بن مؤيد بجميع ماكتبناه عنه وسمعنا من لفظه، ومارأيناه من بياض عنفقته(1) بعد اسودادها ورجوع سوادها بعد بياضها عند شبعه من الطعام وقال أبومحمد العلوي رضي الله عنه: ولولا أنه حدث جماعة من أهل المدينة من الاشراف والحاج من أهل مدينة السلام وغيرهم من جميع الآفاق، ماحدثت عنه بما سمعت وسماعي منه بالمدينة وبمكة في دار السهميين في دار المعروفة بالمكبرية وهي دار علي بن عيسى بن الجراح وسمعت منه في مضرب القشوري ومضرب الماذرائي عند باب الصفا، وأراد القشوري أن يحمله وولده إلي مدينة السلام إلي المقتدر، فجاء ه أهل مكة فقالوا: أيد الله الاستاذ إنا روينا في الاخبار المأثورة عن السلف أن المعمر المغربي إذا دخل مدينة السلام فنيت وخرجت وزال الملك فلا تحمله ورده إلي المغرب فسألنا مشايخ أهل المغرب ومصر فقالوا: لم نزل نسمع به من آبائنا ومشايخنا يذكرون اسم هذا الرجل، واسم البلدة التي هو مقيم فيما طنجة(2) وذكروا أنهم كان يحد ثهم بأحاديث



______________________________



(1) العنفقة، الشعر الذي في الشفة السفلي، وقيل.



الشعر الذي بينها وبين الذقن(النهاية).



(2) بلدة بساحل بحر المغرب(ق) كمال الدين - 34 -



[545]



قد ذكرنا بعضها في كتابنا هذا قال أبومحمد العلوي(رضي الله عنه): فحدثنا هذا الشيخ أعني على بن عثمان المغربي ببدء خروجه من بلدة حضرموت، وذكر أن أباه خرج هو وعمه محمد وخرجا به معهما يريدون الحج وزيارة النبي صلى الله عليه وآله فخرجوا من بلادهم من حضرموت وساروا أياما، ثم أخطأوا الطريق وتاهوا في المحجة فأقاموا تائهين ثلاثة أيام، وثلاث ليال علي غير محجة فبيناهم كذلك إذا وقعوا على جبال رمل يقال لها: رمل عالج، متصل برمل إرم ذات العماد قال: فبينما نحن كذلك إذا نظرنا إلي أثر قدم طويل فجعلنا نسير على أثرها، فأشرفنا على واد وإذا برجلين قاعدين على بئر أو على عين، قال: فلما نظرا إلينا قام أحدهما فأخذ دلوا فأدلاه فاستقي فيه من تلك العين أو البئر، واستقبلنا وجاء الي أبي فناوله الدلو فقال أبي: قد أمسينا ننيخ(1) على هذا الماء ونفطر إن شاء الله، فصار إلي عمي وقال له: اشرب فرد عليه كمارد عليه أبي، فناولني وقال لي:: اشرب فشربت فقال لي: هنيئا لك إنك ستلقي علي بن أبي طالب عليه السلام فأخبره أيها الغلام بخبرنا وقل له: الخضر وإلياس يقرئانك السلام، وستعمر حتي تلقي المهدي وعيسى بن - مريم عليهما السلام فإذا لقيتهما فأقرئهما منا السلام، ثم قالا: مايكونان هذان منك؟ فقلت: أبي وعمي، فقالا: أما عمك فلا يبلغ مكة، وأما أنت وأبوك فستبلغان ويموت أبوك وتعمر أنت ولستم تلحقون النبي صلى الله عليه وآله لانه قدقرب أجله ثم مرا فوالله ماأدري أين مرا في السماء أو في الارض فنظرنا فإذا لابئر ولا عين ولاماء فسرنا متعجبين من ذلك إلي أن رجعنا إلي نجران فاعتل عمي ومات بها وأتممت أنا وأبي حجنا ووصلنا إلي المدينة فاعتل أبي ومات، وأوصي بي إلي على بن - أبي طالب عليه السلام فأخذني وكنت معه أيام أبي بكر وعمر وعثمان وأيام خلافته حتي قتله ابن ملجم لعنه الله



______________________________



(1) أناخ الجمل: أبركه



[546]



وذكر أنه لما حوصر عثمان بن عفان في داره دعاني فدفع إلي كتابا ونجيبا وأمرني بالخروج إلي على بن أبي طالب عليه السلام وكان غائبا بينبع في ضياعه وأمواله فأخذت الكتاب وسرت حتي إذاكنت بموضع يقال له: جدار أبي عباية فسمعت قرآنا فإذا أنا بعلي بن أبي طالب عليه السلام يسير مقبلا من ينبع وهويقول: " أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لاترجعون " فلما نظر إلي قال: ياأبا الدنيا ماوراء ك؟ قلت: هذا كتاب أميرالمؤمنين عثمان، فأخذه فقرأه فإذا فيه: فان كنت مأكولا فكن أنت آكلي(1) * وإلا فأدركني ولما امزق فإذا قرأه قال: برسر(2) فدخل إلي المدينة ساعة قتل عثمان بن عفان فمال عليه السلام إلي حديقة بني النجار وعلم الناس بمكانه فجاؤوا إليه ركضا وقدكانوا عازمين على أن يبايعوا طلحة بن عبيدالله فلما نظروا إليه ارفضوا إليه ارفضاض الغنم يشد عليها السبع، فبايعة طلحة ثم الزبير، ثم بايع المهاجرون والانصار فأقمت معه أخدمه فحضرت معه الجمل وصفين فكنت بين الصفين واقفا عن يمينه إذا سقط سوطه من يده، فأكببت آخذه وأدفعه إليه وكان لجام دابته حديدا مزججا(3) فرفع الفرس رأسه فشجني هذه الشجة التي في صدغي، فدعاني أمير المؤمنين عليه السلام فتفل فيها وأخذ حفنة من تراب(4) فتركه عليها فوالله ماوجدت لها ألما ولاوجعا، ثم أقمت معه عليه السلام وصحبت الحسن بن علي عليهما السلام حتي ضرب بساباط المدائن، ثم بقيت معه بالمدينة أخدمه وأخدم الحسين عليه السلام حتي مات الحسن عليه السلام مسموما، سمته جعدة بنت الاشعث ابن قيس الكندي لعنها الله دسا من معاوية ثم خرجت مع الحسين بن علي عليهما السلام حتي حضرت كربلاء وقتل عليه السلام وخرجت هاربا من بني امية، وأنا مقيم بالمغرب أنتظر خروج المهدي وعيسى بن - مريم عليه السلام



______________________________



(1) رواه القاموس في مادة " مزق " وفيه " خير آكل ".



(2) رجل برسر أي يبر ويسر(الصحاح).



(3) المزجج: المرقع الممدود.وفي بعض النسخ " مدمجا " أي مستحكما.



(4) الحفنة هي مل ء الكف



[547]



قال أبومحمد العلوي رضي الله عنه: ومن عجيب مارأيت من هذا الشيخ على ابن عثمان وهوفي دار عمي طاهر بن يحيى رضي الله عنه وهو يحدث بهذه الاعاجيب وبدء خروجه فنظرت عنفقته قد احمرت ثم ابيضت فجعلت أنظرإلي ذلك لانه لم يكن في لحيته ولافي رأسه ولافي عنفقته بياض، قال: فنظر إلي نظري إلي لحيته وإلي عنفقته وقال: أما ترون أن هذا يصيبني إذا جعت وإذا شبعت رجعت إلي سوادها، فدعا عمي بطعام فأخرج من داره ثلاث موائد فوضعت واحدة بين يدي الشيخ وكنت أنا أحد من جلس عليها فجلست معه ووضعت المائدتان في وسط الدار وقال عمي للجماعة: بحقي عليكم إلا أكلتم وتحرمتم بطعامنا، فأكل قوم وامتنع قوم، وجلس عمي عن يمين الشيخ يأكل ويلقي بين يدى فأكل أكل شاب وعمي يحلف عليه وأنا أنظر إلي عنفقته تسود حتي عادت إلي سوادها وشبع.



10 - فحدثنا على بن عثمان بن الخطاب قال: حدثني علي بن أبي طالب عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من أحب أهل اليمن فقد أحبني ومن أبغضهم فقد أبغضني