بازگشت

41ـ باب ماروي في نرجس أم القائم عليهما السلام واسمها


41ـ باب ماروي في نرجس أم القائم عليهما السلام واسمها



مليكة بنت يشوعا(2) بن قيصر الملك



1 - حدثنا محمدبن علي بن حاتم النوفلي قال: حدثنا أبوالعباس أحمدبن عيسى الوشاء البغدادي قال: حدثنا أحمد بن طاهر القمي قال: حدثنا أبوالحسين محمدبن بحر الشيباني قال: وردت كربلاسنة ست وثمانين ومائتين، قال: وزرت قبر غريب رسول الله صلى الله عليه والله ثم انكفأت إلي مدينة السلام متوجها إلي مقابر قريش في وقت قدتضر مت الهواجر وتوقدت السمائم، فلما وصلت منها إلي مشهد الكاظم عليه السلام واستنشقت نسيم تربته المغمورة من الرحمة، المحفوفة بحدائق الغفران أكببتت عليها بعبرات متقاطرة، وزفرات متتابعة



___________________________________



(2) في بعض النسخ " يوشعا " وفي بعضها " يستوعا ".



[418]



وقدحجب الدمع طرفي عن النظر فلما رقأت العبرة وانقطع النحيب فتحت بصري فاذا أنا بشيخ قد انحني صلبه، وتقوس منكباه، وثفنت جبهته وراحتاه، وهويقول لآخر معه عند القبر: ياابن أخي لقدنال عمك شرفا بما حمله السيدان من غوامض الغيوب وشرائف العلوم التي لم يحمل مثلها إلاسلمان، وقد أشرف عمك على استكمال المدة و انقضاء العمر، وليس يجد في أهل الولاية رجلا يفضي إليه بسره، قلت: يانفس لايزال العناء والمشقة ينالان منك باتعابي الخف والحافر(1) في طلب العلم، وقدقرع سمعي من هذا الشيخ لفظ يدل على علم جسيم وأثر عظيم، فقلت: أيها الشيخ ومن السيدان؟ قال: النجمان المغيبان في الثري بسر من رأي، فقلت: إني اقسم بالموالاة وشرف محل هذين السيدين من الامامة والوراثة إني خاطب علمهما، وطالب آثارهما، وباذل من نفسي الايمان المؤكدة على حفظ أسرارهما، قال: إن كنت صادقا فيما تقول فأحضر ماصحبك من الآثار عن نقلة أخبارهم، فلما فتش الكتب وتصفح الروايات منها قال: صدقت أنا بشر بن سليمان النخاس(2) من ولد أبي أيوب الانصاري أحد موالي أبي الحسن وأبي محمد عليهما السلام وجارهما بسر من رأي، قلت: فأكرم أخاك ببعض ماشاهدت من آثارهما قال: كان مولانا أبوالحسن على بن محمد العسكري عليهما السلام فقهني في أمر الرقيق فكنت لاأبتاع ولاأبيع إلا بإذنه، فاجتنبت بذلك موارد الشبهات حتي كملت معرفتي فيه فأحسنت الفرق

[فيما]

بين الحلال والحرام فبينما أناذات ليلة في منزلي بسر من رآي وقد مضي هوي(3) من الليل إذ قرع الباب قارع فعدوت مسرعا فإذا أنا بكافور الخادم رسول مولانا أبي الحسن علي بن محمد عليهما السلام يدعوني إليه فلبست ثيابي ودخلت عليه فرأيته يحدث ابنه أبا محمد واخته حكيمة من وراء الستر، فلما جلست قال: يابشر إنك من ولد الانصار وهذه الولاية لم تزل فيكم يرثها خلف عن سلف، فأنتم ثقاتنا أهل البيت وإني مزكيك ومشرفك بفضيلة



___________________________________



(1) كناية عن البعير والفرس.



(2) مهمل.



(3) يعني زمانا غير قليل.



[419]



تسبق بها شأو الشيعة(1) في الموالاة بها: بسر أطلعك عليه وأنفذك في ابتياع أمة(2) فكتب كتابا ملصقا(3) بخط رومي ولغة رومية، وطبع عليه بخاتمه، وأخرج شستقة(4) صفراء فيها مائتان وعشرون دينارا فقال: خذها وتوجه بها إلي بغداد، واحضر معبر الفرات ضحوة كذا، فإذا وصلت إلي جانبك زواريق السبايا وبرزن الجواري منها فستحدق بهم طوائف المبتاعين من وكلاء قواد بني العباس وشراذم من فتيان العراق، فإذا رأيت ذلك فأشرف من البعد على المسمي عمر بن يزيد النخاس عامة نهارك إلي أن يبرز للمبتاعين جارية صفتها كذا وكذا، لابسة حرير تين صفيقتين، تمتنع من السفور ولمس المعترض، والانقياد لمن يحاول لمسها ويشغل نظره، بتأمل مكاشفها من وراء الستر الرقيق فيضربها النخاس فتصرخ صرخة رومية، فاعلم أنها تقول: واهتك ستراه، فيقول بعض المبتاعين علي بثلاثمائة دينار فقد زادني العفاف فيها رغبة، فتقول بالعربية: لو برزت في زي سليمان وعلى مثل سرير ملكه مابدت لي فيك رغبة فأشفق عيل مالك، فيقول النخاس: فما الحيلة ولابد من بيعك، فتقول الجارية: وما العجلة ولابد من اختيار مبتاع يسكن قلبي

[إليه و]

إلي أمانته وديانته، فعند ذلك ثم إلي عمربن يزيد النخاس وقل له: إن معي كتابا ملصقا لبعض الاشراف كتبه بلغة رومية وخط رومي، ووصف فيه كرمه ووفاه ونبله وسخاء فناولها لتتأمل منه أخلاق صاحبه فإن مالت إليه ورضيته، فأنا وكيله في ابتياعها منك قال بشربن سليمان النخاس: فامتثلت جميع ماحده لي مولاي أبوالحسن عليه السلام في



___________________________________



(1) في بعض النسخ " سائر الشيعة "، والشأو مصدر الامد الغاية يقال فلان بعيد الشأ وأي عالي الهمة.



(2) في بعض النسخ " في تتبع أمره " مكان " في ابتياع أمة ".



(3) في بعض النسخ " مطلقا " وفى بعضها " ملفقا ".



(4) كذا في أكثر النسخ وفي بعض النسخ " الشنسقة " والظاهر الصواب " الشنتقة " معرب " چنته " وفى البحار " الشقة " وهى بالكسر والضم - السبيبة المقطوعة من الثياب المستطيلة.وعلى أي المراد الصرة التي يجعل فيه الدنانير



[420]



أمر الجارية، فلما نظرت في الكتاب بكت بكاء شديدا، وقالت لعمربن يزيد النخاس: بعني من صاحب هذا الكتاب، وحلفت بالمحرجة المغلظة() 1) إنه متي امتنع من بيعها منه قتلت نفسها، فمازلت اشاحه في ثمنها حتي استقر الامر فيه على مقدار ماكان أصحبنيه مولاي عليه السلام من الدنانير في الشستقة الصفراء فاستوفاه مني وتسلمت منه الجارية ضاحكة مستبشرة، وانصرفت بها إلي حجرتي التي كنت آوي إليها ببغداد فما أخذها القرار حتي أخرجت كتاب مولاها عليه السلام من جيبها وهي تلثمه(2) وتضعه على خدها وتطبقه علي جفنها وتمسحه على بدنها، فقلت: تعجبا منها أتلثمين كتابا ولا تعرفين صاحبه؟ قالت: أيها العاجز الضعيف المعرفة بمحل أولاد الانبياء أعرني سمعك وفرغ لي قلبك أنا مليكة بنت يشوعا(3) بن قيصر ملك الروم، وأمي من ولدا الحواريين تنسب إلي وصي المسيح شمعون، أنبئك العجب العجيب إن جدي قيصر أراد أن يزوجني من ابن أخيه وأنا من بنات ثلاث عشرة سنة فجمع في قصره من نسل الحواريين ومن القسيسين والرهبان ثلاثمائة رجل ومن ذوي الاخطار سبعمائة رجل وجمع من أمراء الاجناد وقواد العساكر ونقباء الجيوش وملوك العشائر أربعة آلاف، وأبرزمن بهو ملكه عرشا مسوغا(4) من أصناف الجواهر إلي صحن القصر فرفعه فوق أربعين مرقاة فلما صعد ابن أخيه وأحدقت به الصلبان وقامت الاساقفة عكفا ونشرت أسفار الانجيل تسافلت الصلبان(5) من الاعالي فلصقت بالارض، وتقوضت الاعمدة(6)



___________________________________



(1) المحرجة: اليمين الذي يضيق المجال على الحالف ولايبقي له ندوحة عن برقسمه والمغلظة: المؤكدة.



(2) اى تقبله.



(3) في بعض النسخ " يوشعا ".



(4) في بعض النسخ " وابرز هومن ملكه عرشا مصنوعا " والبهو: البيت المقدم امام البيوت.



وفي بعض النسخ " مصنوعا " مكان " سوغا ".



(5) في بعض النسخ " تساقطت الصلبان ".



(6) في بعض النسخ " تفرقت الاعمدة " وفي بعضها " تقرضت "



[421]



فانهارت إلي القرار: وخر الصاعد من العرش مغشيا عليه، فتغيرت ألوان الاساقفة، وارتعدت فرائصهم، فقال كبيرهم لجدي: أيها الملك أعفنا من ملاقاة هذه النحوس الدالة على زوال هذاالدين المسيحي والمذهب الملكاني(1)، فتطير جدي من ذلك تطيرا شديدا، وقال للاساقفة: أقيموا هذه الاعمدة وارفعوا الصلبان، واحضروا أخا هذا المدبر العاثر(2) المنكوس جده لازوج منه هذه الصبية فيدفع نحوسه عنكم بسعوده، فلما فعلوا ذلك حدث على الثاني ماحدث على الاول، وتفرق الناس وقام جدي قيصر مغتما ودخل قصره وارخيت الستور فأريت في تلك الليلة كان المسيح و الشمعون وعدة من الحواريين قد اجتمعوا في قصر جدي ونصبوا فيه منبرا يباري السماء علوا(3) وارتفاعا في الموضع الذي كان جدي نصب فيه عرشه، فدخل عليهم محمدا صلى الله عليه وآله مع فتية وعدة من بنيه فيقوم إليه المسيح فيعتنقه فيقول: ياروح الله إني جئتك خاطبا من وصيك شمعون فتاته مليكة لابني هذا، وأو مأبيده إلي أبي محمد صاحب هذا الكتاب، فنظر المسيح إلي شمعون فقال له: قد أتاك الشرف فصل رحمك برحم رسول الله صلى الله عليه وآله قال: قدفعلت، فصعد ذلك المنبر وخطب محمد صلى الله عليه وآله وزوجني وشهد المسيح عليه السلام وشهد بنوا محمد صلى الله عليه وآله والحواريون، فلما استيقظت من نومي أشفقت أن أقص هذه الرؤيا على أبي وجدي مخافة القتل، فكنت أسرها في نفسي ولاأبديها لهم، وضرب صدري بمحبة أبي محمد حتي امتنعت من الطعام والشراب وضعفت نفسي ودق شخصي ومرضت مرضا شديدا فمابقي من مدائن الروم طبيب إلا أحضره جدي وسأله عن دوائي فلما برح به اليأس(4) قال: ياقرة عيني فهل تخطر ببالك شهوة فازودكها في هذه الدنيا؟ فقلت: ياجدي أري أبواب الفرج على مغلقة فلو كشفت العذاب



___________________________________



(1) الملكانية أصحاب ملكا الذي ظهر بالروم واستولي ليها.



ومعظم الروم ملكانية قالوا: ان الكلمة اتحدت بجسد المسيح(الملل والنحل).



(2) في بعض النسخ " العابر " وفى البحار نقلا عن غيبة الشيخ " العاهر ".



(3) يباري السماء: أي يعارضها.



(4) برح به الامر تبريحا: جهده وأضربه.



[422]



عمن في سجنك من اساري المسلمين وفكتت عنهم الاغلال وتصدقت عليهم ومننتهم بالخلاص لرجوت أن يهب المسيح وامه لي عافية وشفاء، فلما فعل ذلك جدي تجلدت في إظهار الصحة في بدني وتناولت يسيرا من الطعام فسر بذلك جدي وأقبل على إكرام الاساري إعزازهم، فرأيت أيضا بعد أربع ليال كأن سيدة النساء قد زارتني ومعها مريم بنت عمران وألف وصيفة من وصائف الجنان فتقول لي مريم: هذه سيدة النساء أم زوجك أبي محمد عليه السلام: فأتعلق بها وأبكي وأشكو إليها امتناع أبي محمد من زيارتي، فقالت لي سيدة النساء عليها السلام: إن ابني أبا محمد لايزورك وأنت مشركة بالله وعلى مذهب النصاري(1) وهذه اختي مريم تبرأ إلي تعالى من دينك فإن ملت إلي رضاالله عزوجل ورضا المسيح ومريم عنك وزيارة أبي محمدأ ياك فتقولي: أشهد أن لاإله إلا الله وأشهد أن - أبي - محمدا رسول الله، فلما تتكلمت بهذه الكلمة ضمتني سيدة النساء إلي صدرها فطيبت لي نفسي، وقالت: الآن توقعي زيارة أبي محمد إياك فإني منفذه إليك، فانتبهت وأنا أقول: واشوقاه إلى لقاء أبي محمد، فلما كانت الليلة القابلة جاء ني أبومحمد عليه السلام في منامي فرأيته كأني أقول له: جفوتني ياحبيبي بعد أن شغلت قلبي بجوامع حبك؟ قال: ماكان تأخيري عنك إلا لشركك وإذقد أسلمت فإني زائرك في كل ليلة إلى أن يجمع الله شملنا في العيان، فما قطع عني زيارته بعد ذلك إلي هذه الغاية قال بشر: فقلت لها: وكيف وقعت في الاسر(2) فقالت: أخبرني أبومحمد ليلة من الليالي أن جدك سيسرف(3) جيوشا إلي قتال المسلمين يوم كذا، ثم يتبعهم فعليك باللحاق بهم متنكرة في زي الخدم مع عدة من الوصائف من طريق كذا، ففعلت فوقعت علينا طلائع المسلمين حتي كان من أمري مارأيت وماشاهدت وماشعر أحد

[بي]

بأني ابنة ملك الروم إلى هذه الغاية سواك، وذلك باطلاعي إياك عليه، ولقد سألني الشيخ الذي وقعت إليه في سهم الغنيمة عن اسمي فأنكرته، وقلت: نرجس، فقال:



___________________________________



(1) كذا في البحار وفي جميع النسخ على دين مذهب النصاري ".



(2) في بعض النسخ " وكيف صرت فس الاساري ".



(3) أي سيرسل وفي البحار عن الغيبة " سيسر "



[423]



اسم الجواري، فقلت: العجب إنك رومية ولسانك عربي؟ قالت: بلغ من ولوع جدي وحمله إياي على تعلم الآداب أن أوعز(1) إلي إمرأة ترجمان له في الاختلاف إلي، فكانت تقصدني صباحا ومساء وتفيدني العربية حتي استمر عليها لساني واستقام قال بشر: فلما انكفأت بها إلي سر من رأي(2) دخلت على مولانا أبي الحسن العسكري عليه السلام فقال لها: كيف أراك الله عز الاسلام وذل النصرانية، وشرف أهل بيت محمد صلى الله عليه وآله؟ قالت: كيف أصف لك ياابن رسول الله ماأنت أعلم به مني؟ قال: فإني اريد(3) أن اكرمك فأيما أحب إليك عشرة آلاف درهم؟ أم بشري لك فيها شرف الابد؟ قالت: بل البشري(4)، قال عليه السلام: فأبشري بولد يملك الدنيا شرقا وغربا ويملا الارض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا، قالت: ممن؟ قال عليه السلام: ممن خطبك رسول الله صلى الله عليه وآله له من ليلة كذا من شهر كذا من سنة كذا بالرومية، قالت: من المسيح ووصية؟ قال: فممن زوجك المسيح ووصية، قالت: من ابنك أبي محمد؟ قال: فهل تعرفينه؟ قالت: وهل خلوت ليلة من زيارته إياي منذ الليلة التي أسلمت فيها على يد سيدة النساء أمه فقال أبوالحسن عليه السلام: ياكافور ادع لي اختي حكيمة، فلما دخلت عليه قال عليه السلام لها: هاهيه فاعتنقتها طويلا وسرت بها كثيرا، فقال لها مولانا: يابنت رسول الله أخرجيها إلى منزلك وعلميها الفرائض والسنن فإنها زوجة أبي محمد وأم القائم عليه السلام(5)



___________________________________



(1) أو عز اليه في كذا: تقدمه.



(2) انكفأت أي رجعت.



(3) في بعض النسخ " أحب ".



(4) في بعض النسخ " قال: بل الشرف ".



(5) سيأتي ص 427 ماينافيه في الجملة: ونقلنا هناك في عدم التنافي كلاما.