بازگشت

13ـ باب في خبر سيف بن ذي يزن


ـ باب في خبر سيف بن ذى يزن



وكان سيف بن ذي يزن عارفا بأمر رسول الله صلى الله عليه وآله وقد بشربه عبدالمطلب لما وفد عليه.



32 - حدثنا محمدبن علي ماجيلويه رضي الله عنه قال: حدثني عمي محمد ابن أبي القاسم، عن محمد بن علي الكوفي، عن علي بن حكيم، عن عمروبن بكار العبسي، عن محمدبن السائب، عن أبي صالح، عن ابن عباس، وحدثنا محمدبن علي ابن محمد بن حاتم البوفكى قال: حدثنا أبومنصور محمد بن أحمد بن أزهر بهراة(2) قال:



___________________________________



(2) هو الازهري اللغوي الشافعي المترجم في الوافي بالوفيات ج 2 ص 45 تحت رقم



319، وأما راويه فلم أجده فيما عندي من كتب التراجم.



وبوفك قرية من قرى نيسابور.



و في بعض النسخ " محمدبن على بن حاتم البرمكي " وفى بعضها " النوفلي " ثم اعلم أن أكبر رجال السندين مجاهيل أو ضعفاء.



[177]



حدثنا محمدبن إسحاق البصري قال: أخبرنا علي بن حرب قال: حدثني أحمد بن عثمان ابن حكيم قال: حدثنا عمروبن بكر(1)، عن أحمد بن القاسم، عن محمد بن السائب، عن أبي صالح، عن ابن عباس قال: لماظفر سيف بن ذي يزن بالحبشة وذلك بعد مولد النبى صلى الله عليه وآله بسنين أتاه وفد العرب وأشرافها وشعراؤها بالتهنئة وتمدحه و تذكر ماكان من بلائه وطلبه بثار قومه فأتاه وفدمن قريش ومعهم عبدالمطلب بن هاشم وامية بن عبد شمس وعبدالله بن جذعان وأسد بن خويلد بن عبد العزي ووهب ابن عبد مناف في اناس من وجوه قريش فقدموا عليه صنعاء فاستأذنوا فاذا هوفي رأس قصر يقال له: غمدان، وهو الذي يقول فيه امية بن أبي الصلت:



اشرب هنيئا عليك التاج مرتفعا*** في رأس غمدان دارامنك محلالا



فدخل عليه الآذن فأخبره بمكانهم، فأذن لهم فلما دخلوا عليه دنا عبدالمطلب منه فاستأذن في الكلام فقال له،: إن كنت ممن يتكلم بين يدي الملوك فقد أذنالك، قال: فقال عبدالمطلب: إن الله قد أحلك أيها الملك محلا رفيعا صعبا منيعا شامخا باذخا وأنبتك منبتا طابت أرومته، وعذبت جرثومته(2) وثبت أصله وبسق فرعه(3) في أكرم موطن وأطيب(موضع وأحسن) معدن، وأنت أبيت اللعن(4) ملك العرب وربيعها الذي تخصب به.



وأنت أيها الملك رأس العرب الذي له تنقاد، وعمودها الذي عليه العماد ومعقلها الذي يلجأ إليه العباد، سلفك خيرسلف، وأنت لنا منهم خير خلف، فلن



___________________________________



(1) متروك كمافي تقريب التهذيب.



وفى بعض النسخ " بكير " وهو تصحيف.



(2) الباذخ: الشامخ.



والارومة: الاصل.



والجرثومة بمعناها.



(3) الباسق: المرتفع، وبسق النخل: طال.



(4) قال الجوهري: قولهم في تحية الملوك في الجاهلية: " أبيت اللعن " قال ابن السكيت: أي أبيت أن تأتي من الامور ماتلعن عليه.



[178]



يخمل من أنت سلفه، ولن يهلك من أنت، نحن أيها الملك أهل حرم الله وسدنة بيته أشخصنا إليك الذي أبهجنا من كشف الكرب الذي فدحنا(1) فنحن وفد التهنئة لا وفد المرزئة(2).



قال: وأيهم أنت أيها المتلكم؟ قال: أنا عبدالمطلب بن هاشم، قال: ابن اختنا؟ قال: نعم، قال: ادن، فدنا منه، ثم أقبل على القوم وعليه فقال: مرحبا وأهلا، وناقة ورحلا، ومستناخا سهلا، وملكا وربحلا(3)، قد سمع الملك مقالتكم وعرف قرابتكم وقبل: وسيلتكم، فأنتم أهل الليل وأهل النهار، ولكم الكرامة ما أقمتم، والحباء إذا ظعنتم(4) قال: ثم انهضوا إلى دار الضيافة والوفود فأقاموا شهرا لايصلون إليه ولا يأذن لهم بالانصراف، ثم انتبه لهم انتباهة(5) فأرسل إلى عبد االمطلب فأدني مجلسه وأخلاه، ثم قال له: يا عبدالمطلب إني مفوض إليك(6) من سر علمي أمرا ما لو كان غيرك لم أبح له به ولكني رأيتك معدنه فاطلعك طلعة(7) فليكن عندك مطويا حتى يأذن الله فيه فان الله بالغ أمره، إني أجد في الكتاب المكنون والعلم المخزون الذي اخترناه لانفسنا واحتجنا دون غير نا خبرا عظيما وخطرا جسيما، فيه شرف الحياة وفضيلة الوفاة، للناس عامة، ولرهطلك كافة



___________________________________



(1) البهج: السرور.



و " فدحنا " أي أثقلنا وبهظنا.



(2) المرزئة: المصيبة العظيمة.



(3) في أكثر النسخ وكنز الفوائد للكراجكي بدون الواو.



لكن في البحار " وربحلا " وقال في بيانه في النهاية: الربحل - بكسر الراء وفتح الباء الموحدة -: الكثير لعطاء.



وفى بعض النسخ " ونجلا " والنجل: النسل.



(4) قوله: و " أنتم أهل الليل والنهار " أي نصحبكم ونأنس بكم فيهما.



والحباء العطاء.



والظعن: الارتحال.



(5) أي ذكرهم مفاجأة.



(6) في بعض النسخ " انى مفض اليك " وهوالاصوب.



(7) في بعض النسخ " فأطلعك عليه ".



[179]



ولك خاصة، فقال عبدالمطلب: مثلك أيها الملك من سروبر، فما هو فداك أهل الوبر زمرا بعد زمر، فقال: إذا ولد بتهامة غلام بين كتفيه شامة، كانت له الامامة ولكم به الدعامة(1) إلى يوم القيامة.



فقال له عبدالمطلب: أبيت اللعن لقد ابت بخبر ماآب بمثله وافد، ولو لا هيبة الملك وإجلاله وإعظامه لسألته عن مسارة إياي ماازداد(2) به سرورا، فقال ابن ذي يزن: هذا حينه الذي يولد فيه أوقد ولدفيه، اسمه محمد، يموت أبوه وامه ويكلفه جده وعمه، وقد ولد سرارا، والله باعثه جهارا، وجاعل له منا أنصارا، ليعزبهم أولياؤه، ويذل بهم أعداء ه، يضرب بهم الناس عن عرض(3)، ويستفتح بهم كرائم الارض، يكسر الاوثان، ويخمد النيران، ويعبد الرحمن، ويدحر الشيطان، قوله فصل، وحكمه عدل، يأمر بالمعروف ويفعله، وينهى عن المنكر ويبطله.



فقال عبدالمطلب: أيها الملك عزجدك وعلا كعبك(4)، ودام ملكك، و طال عمرك فهل الملك ساري بافصاح فقد أوضح لي بعض الايضاح، فقال ابن ذي يزن: والبيت ذي الحجب والعلامات على النصب(5) إنك يا عبدالمطلب لجده غير كذب



___________________________________



(1) في بعض النسخ " الزعامة " أي الرئاسة.



والدعامة: عماد البيت.



(2) في البحار وبعض نسخ الكتاب " لسألته من أسراره ماأراد - الخ ".



(3) العرض - بضم العين المهملة والضاد المعجمة بينهما راء مهملة - قال في القاموس: " يضربون الناس عن عرض " أي يبالون من ضربوا.



(4) قال الجزري في حديث قيلة " والله لايزال كعبك عاليا " هو دعاء لها بالشرف والعلو، والاصل فيه كعب القناة، وكل شئ علا وارتفع فهو كعب.



ومنه سميت الكعبة للبيت الحرام، وقيل: سميت لتكعيبها أي تربيعها.



والمعني: لاتزال كنت شريفا مرتفعا على من يعاديك.



والجد: البخت والنصيب.



(5) في بعض النسخ " على البيت " والنصب فسر بحجارة كانوا يذبحون عليها للاصنام ويمكن أن يكون المراد أنصاب الحرم.



[180]



قال: فخز عبدالمطلب ساجدا فقال له: ارفع رأسك ثلج صدرك(1) وعلا أمرك، فهل أحسست شيئا مماذكرته؟ فقال: كان لي ابن وكنت به معجبا وعليه رفيقا فزوجته بكريمة من كرائم قومي اسمها آمنة بنت وهب فجاء ت بغلام سميته محمدا، مات أبوه و امه وكفلته أنا وعمه، فقال ابن ذي يزن: إن الذي قلت لك كما قلت لك، فاحتفظ بابنك واحذر عليه اليهود فإنهم له أعداء ولن يجعل الله لهم عليه سبيلا، و اطو ماذكرت لك دون هولاء الرهط الذين معك، فإني لست آمن أن تدخلهم النفاسة من أن تكون له الرئاسة، فيطلبون له الغوائل(2) وينصبون له الحبائل، وهم فاعلون أو أبناؤهم، ولو لا علمى بأن الموت مجتاحي(3) قبل مبعثه لسرت بخيلى ورجلي حتى صرت بيثرب دار ملكه نصرة له، لكني أجد في الكتاب الناطق والعلم السابق أن يثرب دار ملكه، وبها استحكام أمره وأهل نصرته وموضع قبره، ولو لا أني أخاف فيه الآفات وأحذر عليه العاهات لاعلنت على حداثة سنة أمره في هذا الوقت ولاوطئن أسنان العرب عقبه(4) ولكني صارف إليك عن غير تقصير منى بمن معك.



قال: ثم أمر لكل رجل من القوم بعشرة أعبد وعشر إماء وحلتين من البرود، ومائة من الابل، وخمسة أرطال ذهب وعشرة أرطال فضة وكرش مملوء ة عنبرا.



قال: وأمر لعبد المطلب بعشرة أضعاف ذلك، وقال: إذا حال الحول فائتني، فمات ابن ذي يزن قبل أن يحول الحول، قال: فكان عبدالمطلب كثيرا مايقول: يامعشر قريش لايغبطني



___________________________________



(1) في النهاية " تلجت نفسى بالامر " اذا اطمأنت اليه وسكنت وثبتت فيها ووثقت به.



ومنه حديث ابن ذي يزن " وثلج صدرك ".



(2) المراد بالنفاسة: الحسد، وفى الاصل بمعنى البخل والاستبداد بالشئ و الرغبة فيه.



والغوائل جمع الغائلة وهي الشر، والحبائل: المصائد.



(3) الاجتياح: الاهلاك والاستيصال.



(4) كذا وفي النهاية: في حديث ابن ذي يزن " لاوطئن أسنان العرب كعبه " يريد ذوي أسنانهم وهم الاكابر والاشراف.



وقال العلامة المجلسي بعدذكره: أي لرفعته على أشرافهم وجعلتهم موضع قدمه.



[181]



رجل منكم بجزيل عطاء الملك وإن كثر فإنه إلى نفاد، ولكن يغبطني بمايبقى لي ولعقبي من بعدي ذكره وفخره وشرفه.



وإذا قيل متى ذلك؟ قال: ستعلمن نبأ ما أقول ولو بعد حين.



وفي ذلك يقول امية بن عبدشمس يذكر مسيرهم إلى ابن ذي يزن:



جلبنا الضح تحمله المطايا*** على أكوار أجمال ونوق(1)



مغلغلة مغالقها تغالى(3) *** إلى صنعاء من فج عميق



يؤم بنا ابن ذي يزن ويهدي(3) *** ذوات بطونها أم الطريق(4)



وتزجي من مخائله بروقا*** مواصلة الوميض إلى بروق(5)



فلما وافقت صنعاء صارت*** بدار الملك والحسب العريق(6)



إلى ملك يدر لنا العطايا*** بحسن بشاشة الوجه الطليق***



___________________________________



(1) قال الجزري: فيه " يكون رسول لله في الضح والريح " قال الهروي: أراد كثرة الخيل والجيش، يقال: جاء فلان بالضح والريح أي بماطلت عليه الشمس.وهبت عليه الريح.يعنون المال الكثير.



قوال: الاكوار جمع كور - بالضم - وهورحل الناقة بأداته.



(2) المغلغلة - بفتح الغينين المعجمتين - الرسالة المحمولة من بلد إلى بلد.



و - بكسر الثانية -: المسرعة من الغلغلة: سرعة السير.



وقوله " تغالى " من الغلو وفي أكثر النسخ بالعين المهملة وفى البحار أيضا أى تتصاعد وتذهب.



(3) في بعض النسخ وأكثر الروايات " وتغري " أي تقطع.



(4) أم الطريق: معظمه.



(5) الازجاء: السوق والدفع.



والمخائل جمع المخيلة وهي السحابة التي تحسبها ماطرة.



والوميض: لمعان البرق.



(6) أعرق الرجل أى صار عريقا وهو الذي له عرق في الكرام(الصحاح)