بازگشت

12ـ باب في خبر عبدالمطلب وأبي طالب


باب في خبر عبدالمطلب وأبي طالب



وكان عبدالمطلب وأبوطالب من أعرف العلماء وأعلمهم بشأن النبي صلى الله عليه وآله وكانا يكتمان ذلك عن الجهال وأهل الكفر والضلال.



28 - حدثنا على بن أحمد بن موسى رضي الله عنه قال: حدثنا أحمد بن يحيى ابن زكريا القطان قال: حدثنا محمدبن إسماعيل قال: حدثنا عبدالله بن محمد قال: حدثنا أبي قال: حدثني الهيثم بن عمرو المزني، عن إبراهيم بن عقيل الهذلي، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: كان يوضع لعبد المطلب فراش في ظل الكعبة لايجلس عليه أحد إلا هو إجلالاله وكان بنوه يجلسون حوله حتى يخرج عبدالمطلب، فكان رسول الله صلى الله عليه وآله يخرج وهو غلام فيمشي حتى يجلس على الفراش فيعظم ذلك على أعمامه(2) ويأخذونه ليؤخروه فيقول لهم عبدالمطلب إذا رأي ذلك منهم: دعوا بنى فوالله إن له لشأنا عظيما إني أري أنه سيأتي عليكم يوم وهو سيدكم، إني أري غرته غرة تسود الناس ثم يحمله فيجلسه معه ويمسح ظهره ويقبله ويقول: مارأيت قبلة أطيب منه ولاأطهر قط، ولاجسدا ألين منه ولا أطيب منه، ثم يلتفت إلى أبي طالب وذلك أن عبدالله وأبا طالب لام واحد،



___________________________________



(2) في بعض النسخ " فيعظمان ذلك أعمامه ".



[172]



فيقول: يا أبا طالب إن لهذا الغلام لشأنا عظيما فاحفظه واستمسك به فإنه فرد وحيد وكن له كالام، لايصل إليه بشئ يكرهه، ثم يحمله على عنقه فيطوف به اسبوعا، فكان عبدالمطلب قد علم أنه يكره اللات والعزى فلا يدخله عليهما، فلما تمت له ست سنين ماتت امة آمنة بالابواء بين مكة والمدينة وكانت قدمت به على أخواله من بني عدي فبقي رسول الله صلى الله عليه وآله يتيما لاأب له ولا ام فأزداد عبدالمطلب له رقة وحفظا، وكانت هذه حاله حتى أدركت عبدالمطلب الوفاة فبعث إلى أبي طالب ومحمد على صدره وهو في غمرات الموت وهويبكى ويلتفت إلي أبي طالب ويقول: ياأبا طالب انظرأن تكون حافظا لهذا الوحيد الذي لم يشم رائحة أبيه ولاذاق شفقة امه، انظر يا أبا طالب أن يكون من جسدك بمنزلة كبدك فإني قد تركت بني كلهم واوصيتك به لانك من ام أبيه، يا أبا طالب إن أدركت أيامه فاعلم أني كنت من أبصر الناس و أعلم الناس به، فإن استطعت أن تتبعه فافعل وانصره بلسانك ويدك ومالك فإنه و الله سيسودكم ويملك مالم يملك أحد من بني آبائي، يا أبا طالب ما أعلم أحدا من ابائك مات عنه أبوه على حال أبيه ولا امه على حال امه فاحفظه لوحدته، هل قبلت وصيتي فيه؟ فقال: نعم قد قبلت، والله علي بذلك شهيد، فقال عبدالمطلب: فمد يدك إلي، فمد يده إليه، فضرب يده على يده ثم قا ل عبدالمطلب: الآن خفف على الموت، ثم لم يزل يقبله، ويقول: أشهد أني لم أقبل أحدا من ولدي أطيب ريحا منك ولا أحس وجها منك، ويتمني أن يكون قد بقي حتى يدرك زمانه، فمات عبدالمطلب وهوابن ثمان سنين، فضمه أبوطالب إلى نفسه لايفارقه ساعة من ليل ولانهار وكان ينام معه حتى لايأتمن عليه أحدا.



29 - حدثنا أحمد بن محمد بن الحسين البزاز قال: حدثنا محمد بن يعقوب الاصم قال: حدثنا أحمد بن عبدالجبار العطاردي قال: حدثنا يونس بن بكير، عن محمد ابن إسحاق بن يسار المدنى(1) قال: حدثنا العباس بن عبدالله بن سعيد، عن بعض



___________________________________



(1) هو محمد بن اسحاق بن يسار أبوبكر المطلبي مولاهم المدني نزل العراق، امام المغازي(التقريب)



[173]



أهله قال: كان يوضع لعبد المطلب جد رسول الله صلى الله عليه وآله فراش في ظل الكعبة فكان لايجلس عليه أحد من بنيه إجلالا له، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله يأتي حيت يجلس عليه فيذهب أعمامه ليؤخروه، فيقول جده عبدالمطلب: دعوا ابني، فيمسح على ظهره ويقول: إن لابني هذا لشأنا.



فتوفي عبدالمطلب والنبي صلى الله عليه واله ابن ثمان سنين بعد عام الفيل بثمان سنين.



30 - حدثنا على بن أحمد رضي الله عنه قال: حدثنا أحمدبن يحيى قال: حدثنا محمد ابن إسماعيل قال: حدثنا عبدالله بن محمد قال: حدثنا أبي، عن خالد بن الياس، عن أبي بكر ابن عبدالله بن أبي جهم قال: حدثني أبي، عن جدي قال: سمعت أبا طالب يحدث عن عبدالمطلب قال: بينا أنانائم في الحجر(1) إذرأيت رؤيا هالتني فأتيت كاهنة قريش وعلي مطرف خز، وجمتي(2) تضر ب منكبي فلما نظرت إلى عرفت في وجهي التغير فاستوت وأنا يومئذ سيد قومي، فقالت: ماشأن سيد العرب متغير اللون هل رابه من حدثان الدهر ريب(3) فقلت لها: بلي إني رأيت الليلة وأناقائم في الحجر كأن شجرة قد نبتت على ظهري قد نال رأسها السماء وضربت أغصانها الشرق والغرب ورأيت نورا يظهر منها أعظم من نور الشمس سبعين ضعفا ورأيت العرب والعجم ساجدة لها وهي كل يوم تزداد عظماونورا، ورأيت رهطا من قريش يريدون قطعها فاذا دنوا منها أخذ هم شاب من أحسن الناس وجهها وأنظفهم ثيابا فيأخذهم ويكسر ظهورهم، ويقلع أعينهم، فرفعت يدي لاتناول غصنا من أغصانها، فصاح بى الشاب وقال: مهلا ليس لك منها نصيب، فقلت: لمن النصيب والشجرة مني؟ فقال النصيب لهؤلاء الذين قد تعلقوا بها وستعود(4)



___________________________________



(1) يعنى حجر اسماعيل عليه السلام.



(2) المطرف - بضم الميم وكسرها وفتحها الثوب الذي في طرفيه علمان.



والجمة - بالضم والشد -: مجتمع شعر الرأس وماسقط على المنكبين منها وهي أكثر من الوفرة، ويقال للرجل الطويل الجمة: الجماني بالنون على غير قياس(الصحاح).



(3) رابه أمر يريبه: رأى منه مايكرهه ويزعجه، والريب نازلة الدهر.



(4) في بعض النسخ " سيعود ".



[174]



إليها فانتبهت مذعورا فزعا متغير اللون فرأيت لون الكاهنة قد تغير، ثم قالت: لئن صدقت رؤياك ليخرجن من صلبك ولد يملك الشرق والغرب، ينبأ في الناس، فسري عنى غمي(1) فانظر يا أبا طالب لعلك تكون أنت، فكان أبوطالب يحدث الناس بهذا الحديث والنبي صلى الله عليه وآله قد خرج ويقول: كانت الشجرة والله أبا القاسم الامين، فقيل له: فلم لم تؤمن به؟ فقال: للسبة والعار(2).



قال أبوجعفر محمدبن علي مصنف هذا الكتاب - رضي الله عنه -: إن أبا طالب كان مؤمنا ولكنه يظهر الشرك ويستتر الايمان ليكون أشد تمكنا من نصرة رسول الله صلى الله عليه وآله.



31 - حدثنا محمدبن الحسن رضي الله عنه قال: حدثنا محمدبن الحسن الصفار، عن أيوب بن نوح، عن العباس بن عامر، عن علي بن أبي سارة، عن محمد ابن مروان، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: إن أبا طالب أظهر الكفر وأسر الايمان فلما حضرته الوفاة أوحى الله عزوجل إلى رسول الله صلى الله عليه وآله اخرج منها فليس لك بها ناصر فهاجر إلى المدينة.



32 - حدثنا أحمدبن محمد الصائغ قال: حدثنا محمد بن أيوب، عن صالح بن أسباط عن إسماعيل بن محمد، وعلى بن عبدالله، عن الربيع بن محمد المسلي، عن سعد بن طريف عن الاصبغ بن نباته قال: سمعت أمير المؤمنين صلوات الله عليه يقول: والله ما عبد أبي



___________________________________



(1) سرى الغم: ذهب وزال.



(2) السبة: العار، وقال العلامة المجلسي(ره): يحتمل أن يكون المراد بالذين تعلقوا بهاالذين يريدون قلعها، ويكون قوله: " وستعود " بالتاء اى ستعودتلك الجماعة بعد منازعتهم ومحاربتهم إلى هذه الشجرة ويؤمنون بها فيكون لهم النصيب منها، أوبالياء فيكون المستثر راجعا إلى الرسول صلى الله عليه وآله والبارزقي " منها " إلى الجماعة أي سيعود النبي اليهم بعد اخرا جهم له إلى الشجرة أي سيرجع هذا الشاب إلى الشجرة في اليقظة كماتعلق بها في النوم، و احتمل احتمالين آخرين راجع البحار باب تاريخ ولادته صلى الله عليه وآله ومايتعلق بها.



[175]



ولاجدي عبدالمطلب ولاهاشم ولا عبد مناف صنما قط، قيل له: فما كانوا يعبدون؟ قال: كانوا يصلون إلى البيت على دين إبراهيم عليه السلام متمسكين به.



33 - حدثنا على بن أحمد رضي الله عنه قال: حدثنا أحمد بن يحيى قال: حدثنامحمد بن إسماعيل قال: حدثنا عبدالله بن محمد قال: حدثنا أبي، عن سعيد بن مسلم، عن قمار مولى لبني مخزوم، عن سعيد بن أبي صالح، عن أبيه(1)، عن ابن عباس قال: سمعت أبي العباس يحدث قال: ولد لابي عبدالمطلب عبدالله فرأينا في وجهه نورا يزهر كنور الشمس، فقال أبي: إن لهذا الغلام شأنا عظيما، قال: فرأيت في منامي أنه خرج من منخره طائر أبيض فطار فبلغ المشرق والمغرب ثم رجع راجعا حتى سقط على بيت الكعبة، فسجدت له قريش كلها، فبينما الناس يتأملونه إذا صار نورا بين السماء والارض وامتد حتى بلغ المشرق والمغرب، فلما انتبهت سألت كاهنة بنى مخزوم فقالت لي: يا عباس لئن صدقت رؤياك ليخرجن من صلبه ولد يصيرأهل المشرق والمغرب تبعا له، قال أبي: فهمني أمر عبدالله إلى أن تزوج بآمنة وكانت من أجمل نساء قريش وأتمها خلقا فلما مات عبدالله ولدت آمنة رسول الله صلى الله عليه وآله أتيت فرأيت النوربين عينيه يزهر فحملته وتفرست في وجهه فوجدت منه ريح المسك، وصرت كأني قطعة مسك من شدة ريحي، فحدثتني آمنة وقالت لي: إنه لما أخذتي الطلق واشتدبي الامر سمعت جلبة(2) وكلاما لايشبه كلام الآدميين، فرأيت علما من سندس على قضيب من ياقوت قد ضرب بين السماء والارض، ورأيت نورا يسطع من رأسه حتى بلغ السماء، ورأيت قصورا الشامات كلها شعلة نور(3)، ورأيت حولي من القطاة أمرا عظيما قد نشرت من أجنحتها حولى ورأيت تابع شعيرة الاسدية قد مرت وهي تقول: آمنة مالقيت الكهان والاصنام من ولدك، ورأيت رجلا شابا من أتم الناس طولا وأشد هم بياضا



___________________________________



(1) أبوصالح الذي يروي عن ابن عباس اسمه ميزان بصري وثقة ابن معين لكن لم أظفر على سعيد في كتب الرجال وكذا راوية قمرا أو قصارو السند كماتري عامى مجهول مقطوع.



(2) الجلبة: اختلاط الاصوات.



(3) في بعض النسخ " شعلة نار ".



[176]



وأحسنهم ثيابا ما ظننته إلا عبدالمطلب قد دنامني فأخذ المولود فتقل في فيه ومعه طست من ذهب مضروب بالزمرد ومشط من ذهب فشق بطنه شقا ثم أخرج قلبه فشقه فأخرج منه نكتة سوداء فرمي به ثم أخرج صرة من حريرة خضراء ففتحها فإذافيها كالذريرة البيضاء فحشاه، ثم رده إلى ماكان، ومسح على بطنه واستنطقه فنطق فلم أفهم ماقال إلا أنه قال: في أمان الله وحفظه وكلاء ته، وقد حشوت قلبك إيمانا وعلما وحلما ويقينا وعقلا وحكما فأنت خير البشر، طوبي لم اتبعك وويل لمن تخلف عنك، ثم أخرج صرة اخري من حريرة بيضاء ففتحها فإذا فيها خاتم فضرب به على كتفيه، ثم قال: أمرني ربى أن أنفخ فيك من روح القدس، فنفخ فيه، وألبسه قميصا وقال: هذا أمانك من آفات الدنيا، فهذا مارأيت ياعباس بعيني، فقال العباس: وأنا يومئذ أقرء فكشفت عن ثوبه فإذا خاتم النبوة بين كتفيه، فلم أزل أكتم شأنه ونسيت الحديث فلم أذكره إلى يوم إسلامى حتى ذكرني رسول الله صلى الله عليه وآله(1).



___________________________________



(1) في بعض النسخ هنا حديث كعب الاخبار وهو موجود في الامالى ولاحاجة إلى ذكره بعد ما لم يكن في أكثر النسخ -