بازگشت

10ـ باب في خبرقس بن ساعدة الايادي


باب في خبرقس بن ساعدة الايادي



ومثل قس بن ساعدة الايادي في علمه وحكمته.



كان يعرف النبي صلى الله عليه وآله وينتظر ظهوره ويقول: إن الله دينا خير من الدين الذي أنتم عليه.



وكان النبي صلى الله عليه وآله يترحم عليه ويقول: يحشر يوم القيامة امة وحدة(2).



22 - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعدبن عبدالله، عن أحمد بن محمد ابن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن العلاء بن رزين، عن محمدبن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام قال: بينا رسول الله صلى الله عليه وآله ذات يوم بفناء الكعبة يوم افتتح مكة إذ أقبل إليه وفد فسلموا عليه، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: من القوم؟ قالوا: وفد بكربن وائل، قال: فهل عندكم علم من خبر قس بن ساعدة الايادي؟ قالوا: نعم يا رسول الله، قال: فمافعل؟ قالوا: مات، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: الحمدالله رب الموت ورب الحياة، كل نفس ذائقة الموت، كأني أنظر إلى قس بن ساعدة الايادي ؤهو بسوق عكاظ على جمل له أحمر وهويخطب الناس ويقول: اجتمعموا أيها الناس، فإذا اجتمعتم فأنصتوا



___________________________________



(1) آبي بمد الهمزة وامالة الياء من ألقاب علماء النصاري.



وسيأتي في باب نوادر الكتاب اواخر الجزء الثاني أن آخر اوصياء عيسى عليه السلام رجل يقال له: بالط.



وكأن اسم ذلك الرجل " آبي بالط ".



(2) كذا ولعل النكتة في عدم النصب حفظ صورة الكلمة لئلا يشتبه بأبي.



(3) المراد أنه على دين الحق والتوحيد وليس في زمانه من يدين بدين الحق غيره.



[167]



فاذا أنصتم فاسمعوا، فإذا سمعتم فعوا، فاذا وعيتم فاحفظوا، فإذا حفظتم فاصدقوا، ألا إنه من عاش مات، ومن مات فات، ومن فات فليس بآت، إن في السماء خبرا وفي الارض عبرا، سقف مرفوع، ومهاد موضوع، ونجوم تمور(1) وليل يدور، وبحار ماء(لا) تغور، يحلف قس ما هذا بلعب وإن من وراء هذا لعجبا، مالي أري الناس يذهبون فلا يرجعون، أرضوا بالمقام فأقاموا؟ أم تركوا فناموا؟ يحلف قس يمينا غير كاذبة إن لله دينا هو خير من الدين الذي أنتم عليه.



ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله: رحم الله قسا يحشريوم القيامة امة وحدة، قال: هل فيكم أحد يحسن من شعره شيئا؟ فقال بعضهم: سمعته يقول:



في الاولين الذاهبين*** من القرون لنابصائر



لما رأيت مواردا*** للموت ليس لها مصادر



ورأيت قومي نحوها*** تمضى الاكابر والاصاغر



لايرجع الماضي إلى*** ولامن الباقين غابر(2)



أيقنت أني لامحالة***حيث صار القوم صائر



وبلغ من حكمة قس بن ساعدة ومعرفته أن النبي صلى الله عليه وآله كان يسأل من يقدم عليه من أياد من حكمه ويصغي إليه سمعه.



23 - حدثنا الحسن بن عبدالله بن سعيد قال: حدثنا أبو الحسن على بن - الحسين بن إسماعيل قال: أخبرنا محمدبن زكريا قال: حدثنا عبدالله بن الضحاك، عن هشام، عن أبيه(3) أن وفدا من أياد قدموا على رسول الله صلى الله عليه وآله فسألهم عن حكم قس ابن ساعدة فقالوا: قال قس:



___________________________________



(1) مار الشي يمور مورا أي تحرك وجاء وذهب.



(2) كذا وفي بعض نسخ الحديث هكذا:



لايرجع الماضى ولا

*** يبقي من الباقين غابر.



(3) المراد بهشام هشام بن محمد بن السائب الكلبي.



كمايظهر من كتاب مقتضب الاثر ص 37.



[168]



ياناعى الموت والاموات في جدث***عليهم من بقايا بزهم خرق



دعهم فإن لهم يوما يصاح بهم***كماينبه من نوماته(1) الصعق



منهم عراة ومنهم في ثيابهم***منها الجديد ومنها الاورق الخلق(2)



حتى يعودوا بحال غير حالتهم خلق جديد وخلق بعدهم خلقوا مطر ونبات، وآباء وامهات، وذاهب وآت، وآيات تفي أثر آيات، وأموات بعد أموات، ضوء وظلام، وليال وأيام، وفقير وغني، وسعيد وشقي، ومحسن ومسئ، نبألارباب الغفلة(3)، ليصلحن كل عامل عمله، كلا بل هو الله واحد، ليس بمولود ولا والد، أعاد وأبدا، وإليه المآب غدا.



وأما بعد يا مشعر أياد أين ثمود وعاد؟ وأين الآباء والاجداد؟ أين الحسن الذى لم يشكر والقبيح الذى لم ينقم، كلا ورب الكعبة ليعودن مابدا، ولئن ذهب يوم ليعودن يوم.



وهو قس بن ساعدة بن حذاقة بن زهر بن أياد بن نزار، أول من آمن بالبعث من أهل الجاهلية، وأول من توكآ على عصا(4) ويقال: إنه عاش ستمائة سنة وكان يعرف النبي صلى الله عليه وآله باسمه ونسبه ويبشر الناس بخروجه، وكان يستعمل التقية و يأمر بها في خلال مايعظ به الناس.



24 - حدثنا الحسن بن عبدالله بن سعيد قال: أخبرنا أبوالحسن علي بن الحسين ابن إسماعيل قال: أخبرنا محمدبن زكريا بن دينار قال: حدثني مهدي بن سابق، عن عبدالله بن عباس، عن أبيه قال: جمع قس بن ساعدة ولده فقال: إن المعاتكفيه البقلة



___________________________________



(1) في بعض نسخ الحديث " من رقداته ".



(2) في بعض النسخ " ومنها الرث والخلق " والرث: البالي كالخلق.



(3) في بعض النسخ " أين الارباب الغفلة " وفى بعضها " الفعلة ".



(4) أي أول من توكأ على عصا من أهل الجاهلية، وأو لضعف كثرة السن أو نحوها ذلك لئلا ينتقض بماحكاء الله سبحانه عن موسى عليه السلام " قال هي عصاى أتوكأ عليها - الاية ".



[169]



وترويه المذقة(1) ومن عيرك شيئا ففيه مثله، ومن ظلمك وجد من يظلمه، متى عدلت على نفسك عدل عليك من فوقك، فإذا نهيت عن شئ فأبدء بنفسك، ولاتجمع مالاتأكل ولا تأكل مالاتحتاج إليه، وإذا ادخرت فلايكونن كنزك إلا فعلك، وكن عف العيلة مشترك الغنى تسد قوم، ولاتشاورن مشغولا وإن كان حازما، ولا جائعا وإن كان فهما، ولامذعورا وإن كان ناصحا، ولاتضعن في عنقك طوقا لايمكنك نزعه إلا بشق نفسك، وإذا خاصمت فاعدل، وإذاقلت فاقتصد، ولاتستودعن أحدا دينك وإن قربت قرابته، فإنك إذا فعلت ذلك لم تزل وجلا وكان المستودع بالخيار في الوفاء بالعهد، وكنت له عبدا مابقيت، فإن جنى عليك كنت أولي بذلك، وإن وفي كان الممدوح دونك، عليك بالصدقة فإنها تكفر الخطيئة.



فكان قس لايستودع دينه أحدا وكان يتكلم بمايخفى معناه على العوام ولا يستدركه إلا الخواص.



___________________________________



(1)المذقة - بفتح الميم والقاف وسكون الدال -: الشربة من اللبن الممذوق والمذق.



المزج والخلط، يقال: مذقت اللبن فهومذيق اذا خلطته بالماء.