9ـ باب خبر سلمان الفارسي - رحمه الله عليه - في ذلك
باب خبر سلمان الفارسى - رحمه الله عليه - في ذلك
21 - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا محمدبن يحيى العطار، وأحمد ابن إدريس جميعا، عن أحمد بن محمدبن عيسى، عن محمد بن علي بن مهزيار، عن أبيه، عمن ذكره، عن موسى بن جعفر عليهما السلام قال: قلت: ياابن رسول الله ألا تخبرنا كيف كان سبب إسلام سلمان الفارسي؟ قال: حدثني أبي صلوات الله عليه أن أمير المؤمنين على
[162]
ابن أبي طالب صلوات الله عليه وسلمان الفارسي وأباذر وجماعة من قريش كانوا مجتمعين عند قبر النبي صلى الله عليه وآله فقال أمير المؤمنين عليه السلام لسلمان: يا أبا عبدالله إلا تخبرنا بمبدء أمرك؟ فقال سلمان: والله يا أمير المؤمنين لو أن غيرك سألني ما أخبرته، أنا كنت رجلا من أهل شيراز من أبناء الدهاقين وكنت عزيزا على والدي فبينا أنا سائر مع أبي في عيد لهم إذا أنا بصومعة وإذا فيها رجل ينادي أشهد أن لا إله إلا الله وأن عيسى روح الله، وأن محمد احبيب الله، فرسخ وصف محمد(1) في لحمي ودمي فلم ينهئني طعام ولاشراب، فقالت لى امي: يابني مالك اليوم لم تسجد لمطلع الشمس؟ قال: فكابر تهاحتى سكتت، فلما انصرفت إلى منزلى إذا أنابكتاب معلق في السقف فقلت لامي: ماهذا الكتاب؟ فقالت: ياروزبه إن هذا الكتاب لما رجعنا من عيدنا رأيناه معلقا، فلاتقرب ذلك المكان فانك إن قربته قتلك أبوك، قال: فجاهدتها حتى جن الليل فنام أبي وامي فقمت وأخذت الكتاب وإذا فيه بسم الله الرحمن الرحيم هذا عهد من الله إلى آدم أنه خالق من صلبه نبيا يقال له: محمد، يأمر بمكارم الاخلاق وينهي عن عبادة الاوثان، ياروز به ائت وصي عيسى وآمن واترك المجوسية، قال: فصعقت صعقة وزادني شدة قال: فعلم بذلك أبي وامى فأخذوني وجعلوني في بئر عميقة، وقالوا لى: إن رجعت وإلا قتلناك، فقلت لهم: افعلوا بى ماشئتم، حب محمد لايذهب من صدري، قال سلمان: ماكنت أعرف العربية قبل قراء تى الكتاب، ولقد فهمني الله عزوجل العربية من ذلك اليوم قال: فبقيت في البئر فجعلوا ينزلون في البئر إلى أقراصا صغارا.
قال: فلما طال أمري رفعت يدي إلى السماء فقلت: يارب إنك حببت محمد ا و وصيه إلى فبحق وسيلته عجل فرجى وأرحنى مما أنافيه، فأتاني آت عليه ثياب بيض فقال: قم ياروزبه، فأخذ بيدي وأتي بى إلى الصومعة فأنشأت أقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأن عيسى روح الله، وأن محمدا حبيب الله، فأشرف على الديراني فقال: أنت روزبه؟ فقلت: نعم، فقال: اصعد فأصعدني إليه وخدمته حولين كاملين، فلما حضرته
___________________________________
(1) في بعض النسخ " فرصف حب محمد ".
[163]
الوفاة قال: إنى ميت فقلت له: فعلى من تخلفني؟ فقال: لاأعرف أحدا يقول بمقالتي هذه إلا راهبا بأنطاكية، فاذا لقيته فأقرئه مني السلام وادفع إليه هذا اللوح، وناولني لوحا، فلما مات غسلته وكنفته ودفنته وأخذت اللوح وسرت به إلى أنطاكية وأتيت الصومعة وأنشأت أقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأن عيسى روح الله وأن محمدا حبيب الله، فأشرف على الديراني فقال: أنت روزبه، فقلت: نعم، فقال: اصعد فصعدت إليه فخدمته حولين كاملين، فلما حضرته الوفاة قال لي: إني ميت، فقتل: على من تخلفني؟ فقال: لا أعرف أحدا يقول بمقالتي هذه إلا راهبا بالاسكندرية فاذا أتيته فأقرئه منى السلام وادفع إليه هذا اللوح، فلما توفي غسلته وكفنته ودفنته وأخذت اللوح وأتيت الصومعة وأنشأت أقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأن عيسى روح الله وأن محمدا حبيب الله، فأشرف على الديراني فقال: أنت روزبه؟ فقلت: نعم، فقال: اصعد فصعدت إليه وخدمته حولين كاملين، فلما حضرته الوفاة قال لي: إني ميت فقلت: على من تخلفني؟ فقال: لاأعرف أحدا يقول بمقالتي هذه في الدنيا وإن محمدبن عبدالله بن عبدالملك قد حانت ولادته فإذا أتيته فأقرئه منى السلام، وادفع إليه هذا اللوح، قال: فلما توفى غسلته وكفنته ودفنته وأخذت اللوح وخرجت، فصحبت قوما فقلت لهم: ياقوم الكفوني الطعام والشراب أكفكم الخدمة؟ قالوا: نعم، قال: فلما أرادوا أن يأكلوا شد وا على شاة فقتلوها بالضرب، ثم جعلوا بعضها كبابا وبعضها شواء فامتنعت من الاكل، فقالوا: كل فقلت: إني غلام ديراني وإن الديرانيين لايأكلون اللحم، فضربوني وكادوا يقتلونني فقال بعضهم: امسكوا عنه حتى يأتيكم شرابكم فانه لايشرب، فلما أتوا بالشراب قالوا: اشرب؟ فقلت: إنى غلام ديراني وإن الديرانيين لايشربون الخمر، فشدوا لعى وأرادوا قتلى، فقلت لهم: يا قوم لاتضربوني ولاتقتلوني فإني اقرلكم بالعبودية فأقررت لواحد منهم فأخرجني وباعني بثلاثمائة درهم من رجل يهودي قال: فسألني عن قصتي فأخبرته وقلت: له ليس لي ذنب إلا أني أحببت محمدا ووصيه، فقال اليهودي: وإنى لابغضك وابغض محمدا، ثم أخرجني إلى خارج داره وإذا رمل كثير على بابه، فقال: والله يارزوبه لئن أصحبت ولم تنقل هذا الرمل كله من هذا الموضع لاقتلنك،
[164]
قال: فجعلت أحمل طول ليلتي فلما أجهدني التعب رفعت يدي إلى السماء وقلت: يا رب إنك حببت محمدا ووصيه إلى فبحق وسيلته عجل فرجى وأرحني مما أنا فيه، فبعث الله عزوجل ريحا فقلعت ذلك الرمل من مكانه إلى المكان الذي قال اليهودي، فلما أصبح نظر إلى الرمل قد نقل كله، فقال: ياروزبه أنت ساحر وأنا لا أعلم فلاجرجنك من هذه القرية لئلا تهلكها، قال: فأخرجني وباعني من امرأة سلمية فأحبتنى حبا شديدا وكان لها حائط، فقالت: هذا الحائط لك كل منه وماشئت و هب وتصدق.
قال: فبقيت في ذلك الحائط ماشاء الله فبينا أناذات يوم في الحائط إذا أنا بسبعة رهط قد أقبلوا تظلهم غمامة، فقلت في نفسي: والله ما هؤلاء كلهم أنبياء ولكن فيهم نبيا قال: فأقبلوا حتى دخلوا الحائط والغمامة تسير معهم، فلما دخلوا إذا فيهم رسول الله صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين عليه السلام وأبوذر والمقداد وعقيل بن أبي طالب(1) وحمزة بن عبدالمطلب وزيدبن حارثة، فدخلوا الحائط فجعلوا يتناولون من حشف النخل ورسول الله صلى الله عليه وآله يقول لهم: كلوا الحشف ولاتفسدوا على القوم شيئا، فدخلت على مولاتي فقلت لها: يامولاتي هبي لي طبقا من رطب، فقالت: لك ستة أطباق، قال: فجئت فحملت طبقا من رطب، فقلت في نفسي: إن كان فيهم نبى فإنه لايأكل الصدقة، ويأكل الهدية،
___________________________________
(1) فيه وهم كما لايخفي لان اسلام عقيل على ما ذكروه قبل الحديبية وهو لم يشهد المواقف التى قبلها وقد أخرج مع المشركين كرها إلى بدروا سر وفداه عمه العباس بن عبدالمطلب وكان حمزة - رضى الله عنه - استشهد يوم أحد، واسلام سلمان كان بقباء حين قدوم النبي صلى الله عليه وآله المدينة مهاجرا، وعده ابن عبدالبر فيمن شهد بدرا، فان لم نقبل ذلك فلا أقل من حضوره في غزوة الاحزاب فان المسلمين حفروا الخندق بمشورته، فكيف يجمع بين حمزة وعقيل مع النبي صلى الله عليه وآله في حائط من حيطان المدينة قبل اسلام سلمان رضى الله عنه.
ولايقال: لعل عقيل تصحيف جعفر، لان جعفر حينذاك في الحبشة وقدم المدينة بعد فتح خيبر، ثم اعلم أن الامر في الخبر سهل لانه مرسل وهو كما ترى يشبه القصص والاساطير، والله العالم.
[165]
فوضعته بين يديه، فقلت: هذه صدقة فقال رسول الله صلي الله عليه وآله: كلوا وأمسك رسول الله وأمير المؤمنين وعقيل بن أبي طالب وحمزة بن عبدالمطلب، وقال لزيد: مد يدك وكل فقلت في نفسي هذه علامة، فدخلت إلى مولاتي فقلت لها: هبي لي طبقا آخر، فقالت: لك ستة أطباق قال: فجئت فحملت طبقا من رطب فوضعة بين يديه فقلت: هذه هدية، فمديده وقال: بسم الله كلوا ومد القوم جميعا أيديهم فأكلوا، فقلت في نفسي هذه أيضا علامة، قال: فبينا أناأدور خلفه إذ حانت من النبي صلى الله عليه وآله التفاته، فقال: ياروزبه تطلب خاتم النبوة، فقلت: نعم، فكشف عن كتفيه فإذا أنا بخاتم النبوة معجوم بين كتفيه عليه شعرات قال: فسقطت على قدم رسول الله صلى الله عليه وآله اقبلها، فقال لي: ياروزبه ادخل إلى هذه المرأة وقل لها يقول لك محمدبن عبدالله تبيعينا هذا الغلام؟ فدخلت فقلت لها: يامولاتي إن محمدبن عبدالله يقول لك: تبيعينا هذا الغلام؟ فقالت قل له: لا أبيعك إلا بأربعمائة نخلة مائتي نخلة منها صفراء ومائتي نخلة منها حمراء، قال: فجئت إلى النبي صلى الله عليه وآله: فأخبرته، فقال: وما أهون ماسألت، ثم قال: قم ياعلي فاجمع هذا النوي كله فجمعه وأخذه فغرسه، ثم قال: إسقه فسقاه أمير المؤمنين فما بلغ آخره حتى خرج النخل ولحق بعضه بعضا فقال: لي ادخل إليها وقل لها يقول لك محمدبن عبدالله: خذي شيئك وادفعي إلينا شيئنا قال: فدخلت عليها وقلت ذلك لها، فخرجت ونظرت إلى النخل فقالت: والله لا أبيعكه إلا بأربعمائة نخلة كلها صفراء قال: فهبط جبرئيل عليه السلام فمسح جناحيه على النخل فصار كله أصفر، قال: ثم قال لي: قل لها: إن محمدا يقول لك: خذي شيئك وادفعي إلينا شيئنا قال: فقلت لها ذلك فقالت: والله لنخلة من هذه أحب إلي من محمد ومنك، فقلت لها: والله ليوم واحد مع أحب إلى منك ومن كل شئ أنت فيه، فأعتقني رسول الله صلى الله عليه وآله وسماني سلمان.
قال مصنف هذا الكتاب رضي الله عنه: كان اسم سلمان روزبه بن خشبوذان و ماسجد قط لمطلع الشمس وإنما كان يسجد لله عزوجل وكانت القبلة التي أمر بالصلاة إليها شرقية وكان أبواه يظنان أنه إنما يسجد لمطلع الشمس كهيئتهم، وكان سلمان
[166]
وصى وصى عيسى عليه السلام في أداء ماحلم إلى من انتهت إليه الوصية من المعصومين، و هو آبي عليه السلام(1) وقد ذكر قوم أن " أبي "(2) هو أبوطالب.
وإنما اشتبه الامر به، لان أمير المؤمنين عليه السلام سئل عن آخر أوصياء عيسى عليه السلام فقال: " آبي " فصحفه الناس وقالوا: " أبي " ويقال له: " بردة " أيضا.