بازگشت

اعتراض آخر:


اعتراض آخر:



قالت الزيدية: اختلفت الامامية في الوقت الذي مضى فيه الحسن بن على عليهما السلام فمنهم من زعم أن ابنه كان ابن سبع سنين، ومنهم من قال: إنه كان صبيا(1) أورضيعا وكيف كان فانه في هذه الحال لايصلح للامامة ورئاسة الامة وأن يكون خليفة الله في بلاده وقيمة في عباده، وفئة المسلمين إذا عضتهم الحروب، ومدبر جيوشهم، والمقاتل عنهم والذاب عن حوزتهم، والدافع عن حريمهم لان الصبى الرضيع والطفل لايصلحان لمثل هذه الامور، ولم تجرالعادة فيماسلف قديما وحديثا أن تلقى الاعداء بالصبيان ومن لايحسن الركوب ولايثبت على السرج، ولايعرف كيف يصرف العنان، ولاينهض



___________________________________



(1) في بعض النسخ " جنينا ".



[79]



بحمل الحمائل، ولا بتصريف القناة، ولايمكنه الحمل على الاعداء في حومة الوغاء، فان أحد أوصاف الامام أن يكون أشجع الناس.



الجواب: يقال لمن خطب بهذه الخطبة: إنكم نسيتم كتاب الله عزوجل: ولولاذلك لم ترموا الامامية بأنهم لايحفظون كتاب الله وقد نسيتم قصة عيسى عليه السلام وهو في المهدحين يقول: " إنى عبدالله آتانى الكتاب وجعلنى نبيا وجعلنى مباركا أينما كنت - الآية(1) أخبرونا لو آمن به بنوإسرائيل ثم حزبهم أمرمن العدو(2) كيف كان يفعل المسيح عليه السلام وكذلك القول في يحيى عليه السلام، وقد أعطاه الله الحكم صبيا فان جحدوا ذلك فقد جحدوا كتاب الله، ومن لم يقدر على دفع خصمه إلا بعد أن يجحد كتاب الله فقد وضح بطلان قوله.



ونقول في جواب هذا الفصل: إن الامر لو أفضى بأهل هذا العصر إلى ما وصفوا لنقض الله العادة فيه، وجعله رجلا بالغا كاملا فارسا شجاعا قادرا على مبارزة الاعداء والحفظ لبيضة الاسلام والدفع عن حوزتهم.



وهذا جواب لبعض الامامية على أبي القاسم البلخي.



اعتراض آخر: قالت الزيدية: قد شك الناس في صحة نسب هذا المولود إذا أكثر الناس يدفعون أن يكون للحسن بن على عليهما السلام ولد.



فيقال لهم: قد شك بنو إسرائيل في المسيح ورموا مريم بماقالوا " لقد جئت شيئا فريا "(3) فتكلم المسيح ببراء ة امه عليه السلام فقال: " إنى عبدالله آتانى الكتاب



___________________________________



(1) مريم: 32.



(2) حزبه أمر أى أصابه.



(3) مريم: 28.



وقوله " فريا " أي عظيما بديعا أو قبيحا منكرا، من الافتراء وهو الكذب.



[80]



وجعلنى نبيا " فعلم أهل العقول أن الله عزوجل لايختار لاداء الرسالة مغمور النسب ولاغير كريم المنصب، كذلك الامام عليه السلام إذا ظهر كان معه من الآيات الباهرات و الدلائل الظاهرات مايعلم به أنه بعينه دون الناس هو خلف الحسن بن على عليهما السلام.



قال بعضهم: ماالدليل على أن الحسن بن على عليه السلام توفي؟ قيل له: الاخبار التى وردت في موته هي أوضح وأشهر وأكثر من الاخبار التى وردت في موت أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام لان أبا الحسن عليهما السلام مات في يد الاعداء ومات أبومحمد الحسن بن علي عليهما السلام في دار على فراشه، وجرى في أمره ماقد أوردت الخبربه مسندا في هذا الكتاب.



فقال قائل منهم: فهلادلكم تنازع ام الحسن وجعفر في ميراثه أنه لم يكن له ولد؟ لانا بمثل هذا نعرف من يموت ولاعقب له ان لا يظهر ولده ويقسم ميراثه بين ورثته؟ فقيل له: هذه العادة مستفيضة وذلك أن تدبير الله في أنبيائه ورسله وخلفائه ربما جرى على المعهود المعتاد وربما جرى بخلاف ذلك، فلايحمل أمرهم في كل الاحوال على العادات كما لايجعل أمر المسيح عليه السلام على العادات.



قال: فان جازله أن يشك(1) في هذا لم لايجوز أن نشك في كل من يموت ولاعقب له ظاهر.



قيل له: لانشك في أن الحسن عليه السلام كان له خلف من عقبه بشهادة من أثبت له ولدا من فضلاء ولد الحسن والحسين عليهما السلام والشيعة الاخبار لان الشهادة التى يجب قبولها هي شهادة المثبت لاشهادة النافي وإن كان عدد النافين أكثر من عدد المثبتين، ووجدنا لهذا الباب فيما مضى مثالا وهو قصه موسى عليه السلام لان الله سبحانه لما أراد أن ينجى بنى إسرائيل من العبودية ويصيردينه على يديه غضا طريا أوحى إلى امه " فاذا خفت عليه فألقيه في اليم ولاتخافي ولاتحزنى إنا راد وه إليك وجاعلوه من المرسلين "(2) فلو أن أباه عمران مات في ذلك الوقت لماكان الحكم في ميراثه إلا كالحكم في ميراث



___________________________________



(1) في بعض النسخ " فان جاز لنا أن نشك ".



(2) القصص: 7.



[81]



الحسن عليه السلام، ولم يكن في ذلك دلالة على نفى الولد.



وخفى على مخالفينا فقالوا: إن موسى في ذلك الوقت لم يكن بحجة والامام عندكم حجة، ونحن إنما شبهنا الولادة والغيبة بالولادة والغيبة، وغيبة يوسف عليه السلام أعجب من كل عجب لم يقف على خبره أبوه وكان بينهما من المسافة ما يجب أن لاينقطع لولا تدبير الله عزوجل في خلقه أن ينقطع خبره عن أبه وهؤلاء إخوته دخلوا عليه فعرفهم وهم له منكرون.



وشبهنا أمر حياته بقصة أصحاب الكهف فانهم لبثوا في كهفهم ثلاثمائة سنين وازدادو تسعا، وهم أحياء.



فان قال قائل: إن هذه امور قد كانت ولادليل معنا على صحة ماتقولون.



قيل له: أخرجنا بهذه الامثلة أقوالنا من حد الاحالة إلى حد الجواز، وأقمنا الادلة على صحة قولنا بأن الكتاب لايزال معه من عترة الرسول صلى الله عليه وآله من يعرف حلاله وحرامه ومحكمه ومتشابهه، وبما أسندناه في هذا الكتاب من الاخبار عن النبى والائمة صلوات الله عليهم.



فان قال: فكيف التمسك به؟ ولانهتدي إلى مكانة ولا يقدر أحد على إتيانه؟ قيل له: نتمسك بالاقرا بكونه وبامامته وبالنجباء الاخيار والفضلاء الابرار القائلين بامامته، المثبتين لولادته وولايته، المصدقين للنبي والائمة عليهم السلام في النص عليه باسمه ونسبه من أبررشيعته، العالمين بالكتاب والسنة، العارفين بوحدانية الله تعالى ذكره النافين عنه شبه المحدثين المحرمين للقياس، المسلمين لما يصح وروده عن النبى و الائمة عليهم السلام.



فان قال قائل: فان جاز أن يكون نتمسك بهؤلاء الذين وصفتهم ويكون تمسكنا بهم تمسكا بالامام الغائب فلم لايجوز أن يموت رسول الله صلى الله عليه وآله ولايخلف أحدا فيقتصرا مته على حجج العقول والكتاب والسنة؟ قيل له: ليس الاقتراح على الله عز و جل علينا وإنما علينا فعل ما نؤمر به وقد دلت الدلائل على فرض طاعة هؤلاء الائمة الاحد عشر عليهم السلام الذين مضوا ووجب القعود معهم إذا قعدوا والنهوض معهم إذا نهضوا، و



[82]



الاسماع منهم إذا نطقوا.



فعلينا أن نفعل في كل وقت ما دلت الدلائل على أن علينا أن نفعله.