باب - 4: ماروي في أن الائمة اثنا عشر اماما وأنهم من الله وباختياره
باب - 4: ماروى في أن الائمة اثنا عشر اماما وأنهم من الله وباختياره
1 - أخبرنا أبوسليمان أحمد بن هوذة أبي هراسة الباهلي(1)، قال: حدثنا إبراهيم بن إسحاق النهاوندي سنة ثلاث وسبعين ومائتين(2)، قال: حدثنا أبومحمد عبدالله بن حماد الانصاري سنة تسع وعشرين ومائتين، قال: حدثنا عمرو بن شمر، عن المبارك بن فضالة، عن الحسن بن أبي الحسن البصري يرفعه قال: " أتى جبرئيل النبي(صلى الله عليه وآله) فقال: يا محمد إن الله عزوجل يأمرك أن تزوج فاطمة من على أخيك فأرسل رسول الله(صلى الله عليه وآله) إلى على(عليه السلام)، فقال له: يا علي إنى مزوجك فاطمة ابنتي سيدة نساء العالمين وأحبهن إلى بعدك، وكائن منكما سيدا شباب أهل الجنة، والشهداء المضر جون(3) المقهورون في الارض من بعدي، والنجباء الزهر
___________________________________
(1) هو أحمد بن نصر بن سعيد الباهلى المعروف بابن أبى هراسة، عنونه الجامع و قال: سمع منه التلعكبرى سنة احدى وثلاثين وثلاثمائة، ومات يوم التروية سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة، وقال الخطيب في التاريخ ج 5 ص 183: ابوسليمان النهروانى، يعرف بابن أبى هراسة، حدث عن ابراهيم بن اسحاق الاحمرى - شيخ من شيوخ الشيعة -.
(2) في بعض النسخ " ثلاث وتسعين ومائتين " وتقدم أن النهاوندى كما يظهر من جامع الرواة وتاريخ الخطيب صحف بالنهروانى او بالعكس.
(3) ضرجه - من باب التفعيل - أى لطخه بالدم أو صبغه بالحمرة، والمراد الملطخون بدمائهم.
(*)
[58]
الذين يطفئ الله بهم الظلم، ويحيى بهم الحق، ويميت بهم الباطل، عدتهم عدة أشهر السنة، آخرهم يصلي عيسى بن مريم(عليه السلام) خلفه ".
2 - أخبرنا عبدالواحد بن عبدالله بن يونس الموصلي(1) قال: حدثنا محمد بن جعفر(2) قال: حدثنا أحمد بن محمد بن خالد، قال: حدثنا أبوهاشم داود بن القاسم الجعفرى، عن أبي جعفر محمد بن علي(عليهما السلام)(3) عن آبائه(عليهما السلام) قال " أقبل أمير المؤمنين صوات الله عليه ذات يوم ومعه الحسن بن على، وسلمان الفارسي.
وأميرالمؤمنين متكئ على يد سلمان - رضي الله عنه - فدخل المسجد الحرام فجلس، إذ أقبل رجل حسن الهيئة واللباس فسلم على أمير المؤمنين وجلس بين يديه وقال: يا أمير المؤمنين أسألك عن ثلاث مسائل، قال أمير المؤمنين: سلني عمابد لك، فقال الرجل: أخبرنى عن الانسان إذا نام أين تذهب روحه؟ عن الرجل كيف يذكر وينسى؟ وعن الرجل كيف يشبه ولده الاعمام والاخوال؟ فالتفت أمير المؤمنين(عليه السلام) إلى الحسن وقال: أجبه يا أبا محمد، فقال أبومحمد(عليه السلام) للرجل: أما ما سألت عنه عن أمر الرجل إذا نام أين تذهب روحه، فإن روحه معلقة بالريح والريح بالهواء معلقة إلى وقت ما يتحرك صاحبها باليقظة(4)، فإن أذن الله تعالى برد تلك الروح على ذلك البدن(5) جذبت تلك الروح الريح، وجذبت الريح الهواء فاستكنت في بدن صاحبها، وإن لم يأذن الله برد تلك الروح على ذلك البدن جذب الهواء الريح، وجذبت الريح الروح فلا ترد على صاحبها إلى وقت مايبعث.
___________________________________
(1) عبدالواحد بن عبدالله بن يونس الموصلى اخو عبدالعزيز، يكنى أباالقاسم كان ثقة، يروى عن التلعكبرى سنة ست وعشرين وثلاثمائة كما في الخلاصة.
(2) محمد بن جعفر القرشى كما صرح به المؤلف في باب من ادعى الامامة هو محمد ابن جعفر الاسدى ابوالحسين الرزاز، كان أحد الابواب، والظاهر كونه ابن جعفر بن محمد ابن عون كمااستقر به الميرزافى المنهج.
(3) يعنى به اباجعفر الثانى الجواد عليه السلام.
(4) في بعض النسخ " لليقظة ".
(5) في بعض النسخ " على بدن صاحبها ".
(*)
[59]
وأما ما ذكرت من أمر الذكر والنسيان، فإن قلب الانسان في حق(1) وعلى الحق طبق، فإذا هو صلى على محمد وآل محمد صلاة تامة انكشف ذلك الطبق عن ذلك الحق فأضاء القلب وذكر الرجل مانسى، وإن هو لم يصل على محمد وآل محمد، أوانتقص من الصلاة عليهم وأغضى عن بعضها(2) انطبق ذلك الطبق على الحق فأظلم القلب وسهى الرجل ونسى ما كان يذكره.
وأما ما ذكرت من أمر المولود يشبه الاعمام والاخوال، فإن الرجل إذا أتى أهله فجامعها بقلب ساكن وعروق هادئة(3) وبدن غير مضطرب استكنت تلك النطفة في جوف الرحم فخرج المولود يشبه أباه وامه، وإن هو أتى زوجته بقلب غير ساكن وعروق غير هادئة وبدن مضطرب اضطربت تلك النطفة فوقعت في حال اضطرابها على بعض العروق فإن وقعت على عرق من عروق الاعمام أشبه المولود أعمامه، وإن وقعت على عرق من عروق الاخوال أشبه الولد أخواله، فقال الرجل: أشهد أن لا إله إلا الله، ولم أزل أشهد بها وأشهد أن محمدا رسول الله(صلى الله عليه وآله)، ولم أزل أشهد بها وأقولها وأشهد أنك وصى رسول الله(صلى الله عليه وآله) والقائم بحجته، ولم أزل أشهد بها وأقولها - وأشار بيده إلى أمير المؤمنين(عليه السلام) - وقال: أشهد أنك وصيه والقائم بحجته، ولم أزل أقولها - وأشار بيده إلى الحسن(عليه السلام) - وأشهد على الحسين ابن على أنه وصيه والقائم بحجته، ولم أزل أقولها وأشهد على علي بن الحسين أنه القائم بأمر الحسين، وأشهد على محمد بن على أنه القائم بأمر علي وأشهد على جعفر أنه القائم بأمر محمد وأشهد على موسى أنه القائم بأمر جعفر وأشهد على علي
___________________________________
(1) حق الطيب - بضم الحاء المهملة -: وعاؤه.
(2) أى سكت عن " وآله " من الاغضاء وهو صرف النظر عن الامر.
(3) الهادئة: الساكنة غير المضطربة.يقال: هدأ هدء ا وهدوء ا: سكن.وللعلامة المجلسى بيان شاف كاف للخبر في البحار جزء السماء والعالم، ومرآة العقول باب ما جاء في الاثنى عشر، فمن أراد الاطلاع فليراجع.
(*)
[60]
أنه ولى موسى(1) وأشهد على محمد أنه القائم بأمر علي وأشهد على على أنه القائم بأمر محمد وأشهد على الحسن أنه القائم بأمر على وأشهد على رجل من ولد الحسين لا يسمى ولا يكنى حتى يظهر الله أمره، يملاء الارض عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما، والسلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته، ثم قام فمضى.
فقال أمير المؤمنين للحسين(عليهما السلام): يا أبا محمد اتبعه فانظر أين يقصد، قال: فخرجت في أثره فما كان إلا أن وضع رجله خارج المسجد حتى مادريت أين أخذ من الارض، فرجعت إلى أمير المؤمنين(عليه السلام) فأعلمته، فقال يا أبا محمد تعرفه؟ قلت: لا، والله ورسوله وأمير المؤمنين أعلم، فقال: هو الخضر(عليه السلام) ".
3 - وأخبرنا محمد بن يعقوب الكلينى، عن عدة من رجاله، عن أحمد بن أبي - عبدالله محمد بن خالد البرقي، عن الحسن بن العباس بن الحريش، عن أبي جعفر محمد ابن علي(عليهما السلام)، عن آبائه(عليهم السلام) أن أمير المؤمنين(عليه السلام) قال لابن عباس: إن ليلة القدر في كل سنة، وإنه ينزل في تلك الليلة أمر السنة وما قضي فيها، ولذلك الامر ولاة بعد رسول الله(صلى الله عليه وآله)، فقال ابن عباس: من هم يا أمير المؤمنين؟ فقال: أنا وأحد عشر من صلبى أئمة محدثون "(2).
4 - وأخبرنا محمد بن يعقوب، قال: حدثنا على بن محمد، عن بدالله بن محمد بن خالد قال: حدثنى نصر بن محمد بن قابوس(3)، عن منصور بن السندي، عن أبى داود المسترق، عن ثعلبة بن ميمون، عن مالك الجهني، عن الحارث بن المغيرة، عن الاصبغ بن نباتة، قال: أتيت أمير المؤمنين عليا(عليه السلام) ذات يوم فوجدته مفكرا
___________________________________
(1) في بعض لنسخ " أنه القائم بأمرموسى ".
(2) المحدث بصيغة اسم المفعول من القى في روعه.
(3) كذا في النسخ، لكن في الكافى ج 1 ص 338 " عن منذر بن محمد بن قابوس " والظاهر هوالصواب لان في مختار الكشى " قال محمد بن مسعود - يعنى العياشى -: حدثنا عبدالله بن محمد بن خالد قال: حدثنا منذر بن قابوس، وكان ثقة - الخ ".
(*)
[61]
ينكت في الارض، فقلت: يا أمير المؤمنين تنكت في الارض أرغبة منك فيها(1)، فقال: لا والله ما رغبت فيها ولا في الدنيا ساعة قط(2) ولكن فكري في مولود يكون من ظهري(3) هو المهدي الذي يملا ها قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا، تكون له حيرة وغيبة(4)، يضل فيها أقوام ويهتدى فيها آخرون، فقلت: يا أمير المؤمنين فكم تكون تلك الحيرة والغيبة؟ فقال: سبت من الدهر(5).
فقلت: إن هذا لكائن فقال: نعم كما أنه مخلوق(6)، قلت: ادرك ذلك الزمان؟ فقال: أنى لك يا أصبغ بهذا الامر، أولئك خيار هذه الامة مع أبرار هذه العترة فقلت: ثم ما ذا يكون بعد ذلك(7)؟ قال: يفعل الله ما يشاء، فإن له إرادات وغايات ونهايات "(8).
___________________________________
(1) في النهاية في الحديث " بينا هو ينكت اذا انتبه " أى يفكر ويحدث نفسه، وأصله من النكت بالحصى، ونكت الارض بالقضيب، وهو أن يؤثر فيها بطرفه فعل المفكر المهموم انتهى.
وقوله " أرغبة منك فيها " أى أتنكت لرغبة في الارض، والمراد اهتمامك وتفكرك في أن تملك الارض وتصيروا ليا لاقطارها، وقيل: ضمير " فيها " راجع إلى الخلافة، ولعل الكلام في سبيل المطايبة.
(2) في بعض النسخ " يوما قط ".
(3) في بعض نسخ الحديث " يكون من ظهر الحادى عشر من ولدى " فيحتاج إلى التوجيه والتكلف بان يقال " من ولدى " نعت " مولود " و " ظهر الحادى عشر " أى الامام الحادى عشر.
(4) يعنى في المسكن، أو المراد تكون لاهل زمانه حيرة.
(5) كذا، وفى الكافى ج 1 ص 338 " فقال: ستة أيام، أو ستة أشهر، أو ست سنين " وقال العلامة المجلسى - رحمه الله - في بيانه: ان هذا مبنى على وقوع البداء في هذا الامر، ولذا تردد عليه السلام بين أمور وأشار بعد ذلك إلى احتمال التغيير بقوله " يفعل الله ما يشاء ".
(6) أى مقدر محتوم، ويمكن أن يكون الضمير راجع إلى المهدى عليه السلام أى كما أن خلقه محتوم كذلك غيبته مقدرة.
(7) " أولئك خيار هذه الامة " أى انصار القائم عليه السلام." ثم ماذا يكون " أى بعد وقوع الغيبة، أو بعدالظهور، أو بعد دورانه عليه السلام هل ترفع الامامة أم لا.
(8) في الكافى " فان له بداء ات وارادات - الخ " أى يظهر من الله فيه امور بدائية في امتداد غيبته وزمان ظهوره.
وارادات في الاظهار والاخفاء والغيبة والظهور، وغايات اى علل ومنافع ومصالح في تلك الامور، ونهايات مختلفة لغيبته وظهوره بحسب ما يظهر للخلق من ذلك البداء.(راجع مرآة العقول).
(*)
[62]
5 - وحدثنى موسى بن محمد القمى أبوالقاسم(1) بشيراز سنة ثلاث عشرة وثلاثمائة، قال: حدثنا سعد بن عبدالله الاشعرى، عن بكر بن صالح، عن عبدالرحمن ابن سالم، عن أبى بصير، عن أبى عبدالله جعفر بن محمد(عليهما السلام) قال: " قال أبى لجابر بن عبدالله الانصارى إن لى إليك حاجة فمتى يخف عليك أن أخلوبك فيها فأسألك عنها، قال جابر: في أى الاوقات أحببت، فخلابه أبى يوما، فقال له: يا جابر أخبرنى عن اللوح الذى رأيته بيد فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليهما وعما أخبرتك امى فاطمة به مما في ذلك اللوح مكتوب، فقال جابر: اشهد الله لا شريك له أنى دخلت على امك فاطمة(عليها السلام) في حياة رسول الله(صلى الله عليه وآله) فهنيتها بولادة الحسين(عليه السلام) ورأيت في يدها لوحا اخضر ظننت أنه من زمرد، ورأيت فيه كتابه بيضاء شبيهة بنور الشمس(2)، فقلت لها: بأبى أنت وامى ما هذا اللوح؟ فقالت: هذا لوح أهداه الله عزوجل إلى رسوله(صلى الله عليه وآله وسلم) فيه اسم أبى واسم بعلى واسم ولدى واسم الاوصياء من ولدي، أعطانيه أبى ليبشرني بذلك(3)، قال جابر: فدفعته إلى أمك فاطمة(عليها السلام) فقرأته ونسخته فقال له أبى(عليه السلام): يا جابر فهل لك أن تعرضه على؟ قال: نعم فمشى معه أبى إلى منزله، فأخرج أبى صحيفة من رق(4)، فقال: ياجابر انظر في كتابك
___________________________________
(1) هو ابن بنت سعد بن عبدالله الاشعرى وكان يسكن شيراز قال النجاشى: هو ثقة من أصحابنا، له كتاب الكمال في أبواب الشريعة.
(2) قال الفيض - رحمه الله - كأن اللوح الاخضر كان من عالم الملكوت - البرزخى وخضرته كناية عن توسطه بين بياض نور عالم الجبروت وسواد ظلمة عالم الشهادة، وانما كان مكتوبه أبيض لانه كان من العالم الاعلى النورى المحض(الشافى).وفى بعض النسخ " رأيت فيه كتابا أبيض شبيه نورالشمس ".وفى الكافى " شبه لون الشمس ".
وفى كمال - الدين مثل ما في المتن.
(3) في الكافى " ليسرنى بذلك " ففيه اشعار بحزنها قبل هذا بخبر قتل الحسين عليه السلام كما جاء ت في خبر ابن الزيات وأبى خديجة سالم بن مكرم عن أبى عبدالله عليه السلام في باب مولد الحسين عليه السلام من الكافى.
(4) الرق - بالفتح والكسر -: الجلد الرقيق الذى يكتب فيه.
(*)
[63]
حتى أقرأ أنا عليك، فقرأه أبي عليه فما خالف حرف حرفا، فقال جابر فأشهد الله أني هكذا رأيته في اللوح مكتوبا: بسم الله الرحمن الرحيم، هذا كتاب من الله العزيز الحكيم لمحمد نبيه و نوره وحجابه(1) وسفيره ودليله، نزل به الروح الامين من عند رب العالمين، يا محمد عظم أسمائي، واشكر نعمائي، ولا تجحد آلائي، إني أنا الله لا إله إلا أنا، قاصم الجبارين، ومديل المظلومين، وديان يوم الدين(2)، وإنى أنا الله لا إله إلا أنا، فمن رجا غير فضلي، أو خاف غير عدلي(3) عذبته عذابا لا أعذبه(4) أحدا من العالمين، فإياي فاعبد، وعلي فتوكل(5)، إني لم أبعث نبيا فأكملت أيامه، وانقضت مدته إلا جعلت له وصيا، وإني فضلتك على الانبياء، وفضلت وصيك
___________________________________
(1) قال العلامة المجلسى: أطلق الحجاب عليه صلى الله عليه وآله من حيث أنه واسطة بين الخلق وبين الله سبحانه، أو أن له وجهين وجها إلى الله عزوجل، ووجها إلى الخلق، وقيل: الحجاب: المتوسط الذى لا يوصل إلى السلطان الا به.
(2) القصم: الكسر، والادالة: اعطاء الدولة والغلبة، وديان يوم الدين أى المجازى لكل مكلف بما عمل من خير أو شر، ويوم الدين أى يوم الجزاء.
(3) قوله " فمن رجا غير فضلى " قال العلامة المجلسى - رحمه الله -: كأن المعنى كل ما يرجوه العباد من ربهم فليس جزاء لاعمالهم بل هو من فضله سبحانه، ولا يستحقون بأعمالهم شيئا من الثواب، بل ليس مكافئا لعشر من أعشار نعمه السابقة على العمل، وان لزم عليه سبحانه اعطاء الثواب بمقتضى وعده، لكن وعده أيضا من فضله، وما توهم من أن المراد رجاء فضل غيره تعالى، فهو وان كان مرجوحا لكن لا يستحق به العذاب، مع أنه بعيد عن اللفظ، والفقرة الثانية أيضا مؤيدة لما ذكرنا، أعنى " أو خاف غير عدلى " اذ العقوبا؟ التى يخافها العباد انما هى من عدله، ومن اعتقد أنها ظلم فقد كفر واستحق عقاب الابد.
(4) أى تعذيبا - على سبيل الاتساع - والضمير في " لا أعذبه " للمصدر، ولو اريد بالعذاب ما يعذب به لم يكن بد من الباء.كما قاله الشربينى وغيره في أواخر سورة المائدة.
(5) تقديم المفعول يدل على الحصر.
(*)
[64]
على الاوصياء، وأكرمتك بشبليك وسبطيك(1) الحسن والحسين، فجعلت الحسن معدن علمي بعد انقضاء مدة أبيه، وجعلت حسينا معدن وحيي(2) فأكرمته بالشهادة وختمت له بالسعادة، فهو أفضل من استشهد في، وأرفع الشهداء درجة عندي، جعلت كلمتي التامة معه(3) وحجتي البالغة عنده، بعترته اثيب واعاقب(4) أولهم على سيد العابدين وزين أوليائي الماضين(5) وابنه سمي جده المحمود، محمد الباقر لعلمي والمعدن لحكمتي، سيهلك المرتابون في جعفر، الراد عليه كالراد علي، حق القول مني لاكرمن مثوى جعفر ولا سرنه في أشياعه وأنصاره وأوليائه(6) أتيحت بعده فتنة عمياء حندس، لان خيط فرضى لا ينقطع(7)، وحجتي لا تخفى و [أن] أوليائي
_________________________________________
(1) الشبل: ولد الاسد، وشبههما بولد الاسد في الشجاعة، أو شبهه بالاسد في ذلك و هما معا، ولعل المعنى ولدى أسدك تشبيهأ لامير المؤمنين(ع) بالاسد، والسبط - بالكسر - ولدالولد، والقبيلة، والامة، وأولاد البنات.
(2) كذا وفى الكافى والكمال " وجعلت حسينا خازن علمى " أى حافظ ما اوحيته إلى الانبياء.
(3) اى جعلت الامامة في عقبه كما ورد في قوله تعالى " وجعلها كلمة باقية في عقبه " عن الرضا عليه السلام أن المراد بها الامامة.راجع مقدمة تفسير مرآة الانوار اواخر باب الكاف.
(4) لان الايمان بهم وبولايتهم هو الركن الاعظم من التوحيد، وشرط لقبول الاعمال وترك ولايتهم هو أصل الكفر والعصيان.
(5) أى السابقين تخصيصا للفرد الاخفى بالذكر.
(6) قوله " لاكرمن - الخ " اى اكرمن مقامه العالى في الدنيا بظهور علمه وفضله على الناس، ولا سرنه - " في أشياعه " أى أتباعه وتلامذته من شيعته وأصحابه بكثرة عددهم وفضلهم على الناس أو المراد مقامه السامى في القيامة وسروره بقبول شفاعته فيهم.
(7) أتيحت - بالتاء المثناة الفوقية والحاء المهملة على بناء المجهول - من قولهم: تاح له الشئ واتيح له أى قدر وهيئى، والنسخ في ضبط هذه الكلمة مختلفة ففى بعضها " انتجب " أى أختار، وفى بعضها " ابيحت ".
ووصف الفتنة بالعمياء على سبيل التجوز، فان الموصوف بالعمى انما هو أهلها.
والحندس - بالكسر - المظلم، الشديد الظلمة، وانما كانت الفتنة حينذاك عمياء لان خفاء أمر موسى بن جعفر ليهما السلام أكثر من خفاء أمر آبائه عليهم السلام لشدة التقية، كما ورد أن أباه عليه السلام أوصى في ظاهر ا لامر إلى خمسة: الخليفة أبى جعفر المنصور، وحاكم المدينة محمد بن سليمان، وابنه عبدالله أفطح، وموسى بن جعفر(ع)، وزوجته حميدة.
وذلك لان الخليفة كتب إلى عامله بالمدينة: انظر إلى ما أوصى اليه جعفر فان كان أوصى إلى رجل واحد بعينه فقدمه واضرب عنقه.كما في الكافى وغيره من كتب المتقدمين.ولا يبعد أن يكون المراد بالفتنة العمياء ذهاب جماعة إلى الوقف في جعفر بن محمد عليهما السلام، وجماعة إلى الوقف في موسى عليه السلام، كما ذهب جماعة إلى الكيسانية.
[65]
بالكأس الا وفى يسقون، أبدال الارض(1)، ألاومن جحد واحدا منهم فقد جحدني نعمتي، ومن غير آية من كتابي فقد افترى علي، ويل للمفترين الجاحدين عند انقضاء مدة عبدي موسى وحبيبي وخيرتي، إن المكذب به كالمكذب بكل أوليائي [و] هو وليي وناصري، ومن أضع عليه أعباء النبوة(2)، وأمتحنه بالاضطلاع بها(3) وبعده خليفتي علي بن موسى الرضا يقتله عفريت مستكبر، يدفن في المدينة التي بناها العبد الصالح ذو القرنين، خير خلقي يدفن إلى جنب شر خلقي، حق القول مني لا قرن عينه بابنه محمد، وخليفته من بعده، ووراث علمه، وهو معدن علمي، وموضع سري، وحجتي على خلقي، جعلت الجنة مثواه، وشفعته في سبعين ألفا من أهل بيته(4) كلهم قد استوجبوا النار، وأختم بالسادة لابنه علي وليي وناصري،
___________________________________
(1) " ابدال الارض " جمع البدل أوالبديل وهو الكريم الشريف، وهذه الجملة ليست في الكافى والكمال وانما كان في الاخير " أن أوليائى لا يشقون أبدا " وقوله " ان أوليائى - الخ " تعليل للافتتان لشدة الابتلاء، فان الابتلاء كلما كان أشد كان جزاؤه أوفى وأجزل.
(2) الاعباء جمع عب ء - بالكسر - وهى الاثقال، والمراد به العلوم التى أوحى الله تعالى إلى الانبياء، أو الصفات المتشركة بينه وبينهم عليهم السلام كالعصمة والعلم.
(3) الاضطلاع اما القدرة أو القيام بالامر.وفى بعض النسخ " وامنحه الاطلاع بها ".
(4) في الكافى " وحجتى على خلقى لا يؤمن به عبد الا جعلت الجنة مثواه، وشفعته في سبعين من أهل بيته ".
(*)
[66]
والشاهد في خلقي، وأميني على وحيي، اخرج منه الداعي إلى سبيلي، والخازن لعلمي الحسن، ثم اكمل ذلك بابنه رحمة للعالمين(1)، عليه كمال موسى، وبهاء عيسى، وصبر أيوب، تستذل أوليائي في زمانه(2)، وتتهادى رؤوسهم كما تتهادى رؤوس الترك والديلم(3) فيقتلون ويحرقون، ويكونون خائفين وجلين مرعوبين، تصبغ الارض من دمائهم ويفشو الويل والرنة في نسائهم(4)، أولئك أوليائي حقا وحق علي أن أرفع عنهم كل عمياء حندس(5) وبهم أكشف الزلازل، وأرفع عنهم الآصار والاغلال(6)، " اولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة، واولئك هم المهتدون ".
قال أبوبصير: " لو لم تسمع في دهرك إلا هذا الحديث الواحد لكفاك، فصنه إلا عن أهله ".
6 - وأخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد ابن عقدة الكوفي، قال: حدثنا يحيى بن زكريا ابن شيبان(7) من كتابه سنة ثلاث وسبعين ومائتين، قال: حدثنا علي بن سيف بن عميرة، قال: حدثنا أبان بن عثمان، عن زرارة، عن أبي جعفر الباقر(عليه السلام) عن آبائه(عليهم السلام) قال: " قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): إن من أهل بيتي اثنى عشر محدثا(8)،
___________________________________
(1) قوله " رحمة للعالمين " اما حال عن " ابنه " أو مفعول لاجله لا كمل.
(2) أى في زمان غيبته وخفائه عليه السلام عن الناس.
(3) تتهادى على بناء المجهول أى يرسلها بعضهم إلى بعض هدية.
والترك والديلم طائفتان من المشركين في ذاك العصر كنى بهما عن الكفار.
(4) الرنة - بالفتح -: الصياح في المصيبة.
(5) في الكافى والكمال " بهم أدفع كل فتنة عمياء حندس ".
(6) الاصار: الذنوب والاثقال، أى الشدائد والبلايا العظمية والفتن الشديدة اللازمة في أعناق الخلق كالاغلال.
(المرآة).
(7) عنونه النجاشى وقال بعد عنوانه: ابوعبدالله الكندى العلاف الشيخ الثقة الصدوق لا يطعن عليه، يروى عن على بن سيف.وهو ثقة مشهور.
(8) المحدث - كمعظم - من يحدثه الملك، أو من القى في روعه.
(*)
[67]
فقال له رجل يقال له عبدالله بن زيد(1) وكان أخا علي بن الحسين(عليهما السلام) من الرضاعة: سبحان الله محدثا؟ - كالمنكر لذلك - قال: فأقبل عليه أبوجعفر(عليه السلام) فقال له: أما والله إن ابن امك كان كذلك - يعني علي بن الحسين(عليهما السلام) - ".
7 - أخبرنا محمد بن همام، قال: حدثنا أبي وعبدالله بن جعفر الحميري، قالا: حدثنا أحمد بن هلال، قال حدثني محمد بن أبي عمير سنة أربع ومائتين، قال: حدثني سعيد بن غزوان، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله، عن آبائه(عليهم السلام) قال: " قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): إن الله عزوجل اختار من كل شئ شيئا [اختار من الارض مكة، واختار من مكة المسجد، واختار من المسجد الموضع الذي فيه الكعبة واختار من الانعام إناثها ومن الغنم الضأن و] اختار من الايام يوم الجمعة، واختار من الشهور شهر رمضان، ومن الليالي ليلة القدر، واختار من الناس بني هاشم، واختارني وعليا من بني هاشم، واختار مني ومن علي الحسن والحسين(2) ويكمله اثني عشر إماما من ولد الحسين، تاسعهم باطنهم وهو ظاهرهم وهو أفضلهم وهو قائمهم "(3).
قال عبدالله بن جعفر في حديثه: " ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين ".
وأخبرنا محمد بن همام ومحمد بن الحسن بن محمد بن جمهور، عن الحسن بن محمد ابن جمهور، قال: حدثني أحمد بن هلال، قال: حدثني محمد بن أبي عمير، عن سعيد بن
___________________________________
(1) في بعض النسخ " عبدالله بن يوسف ".
(2) في بعض النسخ بعد قوله: " ليلة القدر " هكذا " واختار من الناس الانبياء، واختار من الانبياء الرسل، واختارنى من الرسل، واختار منى عليا، واختار من على الحسن والحسين والاوصياء [من ولده] ينفون عن التنزيل تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين ".
(3) كذا، وفى كمال الدين هكذا " تاسعهم قائمهم، وهو ظاهرهم وهو باطنهم " ولعل المراد بظاهرهم الذى يظهر ويغلب على الاعادى، وبباطنهم الذى يبطن ويغيب عنهم زمانا.كذا ذكره العلامة المجلسى(ره).
(*)
[68]
غزوان(1)، عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: " قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): إن الله عزوجل اختارني الحديث ".
ومن كتاب سليم بن قيس الهلالى(2):
8 - ما رواه أحمد بن محمد بن سعيد ابن عقدة(3)، ومحمد بن همام بن سهيل، و عبدالعزيز وعبدالواحد ابنا عبدالله بن يونس الموصلي - عن رجالهم - عن عبدالرزاق ابن همام، عن معمر بن راشد(4): عن أبان بن أبي عياش، عن سليم بن قيس.
وأخبرنا به من غير هذه الطرق هارون بن محمد قال: حدثنى أحمد بن عبيدالله ابن جعفر بن المعلى الهمداني، قال: حدثني أبوالحسن عمرو بن جامع بن عمرو بن حرب الكندى(5)، قال: حدثنا عبدالله بن المبارك شيخ لنا كوفي ثقة(6)، قال:
___________________________________
(1) كذا.وفى كمال الدين " عن سعيد بن غزوان، عن أبى بصير، عن أبى عبدالله عليه السلام ".
(2) كان سليم من أصحاب على عليه السلام طلبه الحجاج بن يوسف ليقتله ففرمنه وأوى إلى أبان بن أبى عياش فبقى مخفيا عنده حتى حضره الوفاة فلما كان عند موته قال لابان: ان لك على حقا وقد حضرنى الموت ياابن اخى انه كان من الامر بعد رسول الله صلى الله عليه وآله كيت وكيت، وأعطاء كتابا، فلم يروه عن سليم أحد من الناس سوى أبان كما نقله العلامة عن العقيقى.
(3) في بعض النسخ " مما رواه أحمد بن محمد بن سعيد ".
(4) قد تقدم الكلام في عبدالرزاق بن همام، وأما معمر بن راشد الازدى مولاهم أبو - عروة البصرى عنونه ابن حجر في التقريب، وصفى الخزرجى في تذهيب الكمال وقالا: ثقة ثبت صالح فاضل.واما أبان وسليم كانا من المشاهير تجد ترجمتهما في جميع كتب رجال الشيعة، وجل رجال العامة.
(5) لم نعثر في كتب الرجال على عنوان لهؤلاء الثلاثة.
(6) عبدالله بن المبارك عنونه ابن حجر في التهذيب ونقل عن جماعة من الاعلام كونه عالما فقيها عابدا زاهدا شيخا شجاعا كيسا مثبتا ثقة، وقال ابن معين: كان عالما صحيح الحديث وكانت كتبه التى حدث بها عشرين ألفا أو احدى وعشرين ألفا.
وعنونه الخطيب في ج 10 ص 152 من تاريخه وأطال الكلام في شأنه وقال: كان من الربانيين في العلم، الموصوفين بالحفظ ومن المذكورين بالزهد.لكن عد عبدالرزاق من رواته، ولعله غيره.
(*)
[69]
حدثنا عبدالرزاق بن همام شيخنا، عن معمر، عن أبان بن أبي عياش، عن سليم ابن قيس الهلالي.
وذكر أبان أنه سمعه أيضا عن عمر بن أبي سلمة.
قال معمر: وذكر أبوهارون العبدي أنه سمعه أيضا عن عمر بن أبي سلمة، عن سليم أن معاوية لما دعا أبا الدرداء وأبا هريرة ونحن مع أمير المؤمنين علي(عليه السلام) بصفين فحملهما الرسالة إلى امير المؤمنين علي(عليه السلام) وأدياه إليه، قال: " قد بلغتماني ما أرسلكما به معاوية فاستمعا مني وأبلغاه عني كما بلغتماني، قالا: نعم فأجابه علي(عليه السلام) الجواب بطوله حتى إذا انتهى إلى ذكر نصب رسول الله(صلى الله عليه وآله) إياه بغدير خم بأمر الله تعالى قال: لما نزل عليه " إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلوة ويؤتون الزكوة وهم راكعون"(1) فقال الناس: يا رسول الله أخاصة لبعض المؤمنين أم عامة لجميعهم؟ فأمر الله تعالى نبيه(صلى الله عليه وآله) أن يعلمهم ولاية من أمرهم الله بولايته(2)، وأن يفسر لهم من الولاية ما فسر لهم من صلاتهم وزكاتهم وصومهم وحجهم.
قال علي(عليه السلام) فنصبني رسول الله بغدير خم وقال: إن الله عزوجل أرسلني برسالة ضاق بها صدري وظننت أن الناس مكذبوني، فأوعدني لا بلغنها أو ليعذبني قم يا علي، ثم نادى بأعلى صوته بعد أن أمر أن ينادى بالصلاة جامعة، فصلى بهم الظهر، ثم قال: يا أيها الناس إن الله مولاي، وأنا مولى المؤمنين، وأنا أولى بهم منهم بأنفسهم، من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه(3).
فقام إليه سلمان الفارسي فقال: يا رسول الله ولاء ماذا؟(4) فقال من كنت أولى به من نفسه فعلي أولى به من نفسه، فأنزل الله عزوجل " اليوم أكملت لكم دينكم
___________________________________
(1) المائدة: 54.
(2) في بعض النسخ " أن يعلمهم من أمر الله بولايته ".
(3) زاد في كتاب سليم " وانصر من نصره واخذل من خذله ".
(4) في كتاب سليم " يا رسول الله ولاؤه كماذا؟ فقال: ولاؤه كولايتى، من كنت أولى به - الخ ".
(*)
[70]
وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا "(1) فقال له سلمان: يا رسول الله أنزلت هذه الآيات في علي خاصة؟ قال: بل فيه وفي أوصيائي إلى يوم القيامة، فقال: يا رسول الله بينهم لي(2)، قال: علي أخي ووصيي ووارثي(3) وخليفتي في امتي وولي كل مؤمن بعدي وأحد عشر إماما من ولده، أولهم ابني حسن، ثم ابني حسين، ثم تسعة من ولد الحسين واحدا بعد واحد، هم مع القرآن، والقرآن معهم، لا يفارقونه ولا يفارقهم حتى يردوا علي الحوض.
فقام اثنا عشر رجلا من البدريين فقالوا: نشهد أنا سمعنا ذلك من رسول الله(صلى الله عليه وآله) كما قلت يا امير المؤمنين سواء لم تزد ولم تنقص، وقال بقية البدريين(4) الذين شهدوا مع علي صفين: قد حفظنا جل ماقلت، ولم نحفظ كله، وهؤلاء الاثنا عشر خيارنا وأفاضلنا.
فقال علي(عليه السلام) صدقتم ليس كل الناس يحفظ، وبعضهم أفضل من بعض(5).
وقام من الاثنى عشر أربعة: أبوالهيثم بن التيهان، وأبوأيوب، وعمار، وخزيمة بن ثابت ذو الشهادتين(6) فقالوا: نشهد أنا قد حفظنا قول رسول الله(صلى الله عليه وآله)
___________________________________
(1) المائدة: 3.
(2) في بعض النسخ " سمهم لى ".
وفى كتاب سليم " بينهم لنا ".
(3) في بعض النسخ " وصيى وصنوى ووارثى " وفى بعضها " ووزيرى " مكان " و وارثى ".
(4) في بعض النسخ " بقية السبعين ".
(5) في كتاب سليم " وبعضهم أحفظ من بعض ".
(6) أبوالهيثم مالك بن التيهان كان من السابقين الذين رجعواالى أمير المؤمنين عليه السلام ومن النقباء، شهد مع رسول الله صلى الله عليه وآله المشاهد كلها، وقتل مع على عليه السلام بصفين.
وابوأيوب خالد بن زيد الانصارى الخزرجى هو الذى نزل النبى صلى الله عليه وآله عنده حين دخل المدينة، شهد بدرا والمشاهد كلها معه صلى الله عليه وآله.مات بأرض الروم غازيا سنة 52 ودفن إلى حصن بالقسطنطينية، واهل الروم يستسقون به.وروى حارث بن ابى بصير الازدى عن ابى صادق عن محمد بن سليمان قال قدم علينا أبوأيوب الانصارى فنزل ضيعتنا يعلف خيلا له فاتيناه فاهدينا له، قال: قعدنا عنده فقلنا له: يا أبا أيوب قاتلت المشركين بسيفك هذا مع رسول الله " ص " ثم جئت تقاتل المسلمين؟ ! فقال ان رسول الله " ص " أمرنى بقتال القاسطين والمارقين والناكثين، فقد قاتلت الناكثين وقاتلت القاسطين وانا أقاتل ان شاء الله تعالى بالسعفات بالطرقات بالنهروانات وما أدرى أنى هى.
وسئل الفضل بن شاذان عن أبى أيوب وقتاله مع معاوية المشركين، فقال: كان ذلك منه قلة فقه وغفلة، ظن أنه انما يعمل عملا لنفسه يقوى به الاسلام ويوهى به الشرك، وليس عليه من معاوية شئ، كان معه أو لم يكن، وأما عمار بن ياسر بن عامر أبواليقظان مولى بنى مخزوم، فهو صحابى جليل شهد بدرا وأحدا والمشاهد كلها، وقتل بصفين وهو مع أمير المؤمنين(ع) قتلته الفئة الباغية اتباع معاوية.
واما خزيمة بن ثابت ذو الشهادتين فهو الذى جعل رسول الله صلى الله عليه وآله شهادته شهادة رجلين، شهد مع رسول الله صلى الله عليه وآله بدرا وأحدا، وشهد صفين مع أميرالمؤمنين عليه السلام و قتل يومئذ بعد عمار - رحمهما الله -.
[71]
يومئذ، والله إنه لقائم وعلي(عليه السلام) قائم إلى جانبه وهو يقول: " ياايها الناس إن الله أمرنى أن أنصب لكم إماما يكون وصيي فيكم، وخليفتي في أهل بيتي وفي امتي من بعدي، والذي فرض الله طاعته على المؤمنين في كتابه وأمركم فيه بولايته، فقلت: يارب خشيت(1) طعن أهل النفاق وتكذيبهم، فأوعدني لا بلغنها أو ليعاقبني، أيها الناس إن الله عزوجل أمركم في كتابه بالصلاة، وقد بينتها لكم وسننتها لكم، والزكاة والصوم، فبينتهما لكم وفسرتهما، وقد أمركم الله في كتابه بالولاية، وإني اشهدكم أيها الناس إنها خاصة لهذا ولاوصيائي من ولدي وولده، أولهم ابني الحسن، ثم الحسين، ثم تسعة من ولد الحسين، لايفارقون الكتاب حتى يردوا علي الحوض.
يا أيها الناس إني قد أعلمتكم مفزعكم بعدي، وإمامكم ووليكم وهاديكم بعدي وهو علي بن ابي طالب أخي وهو فيكم بمنزلتي، فقلدوه دينكم وأطيعوه في جميع اموركم، فإن عنده جميع ما علمني الله عزوجل، أمرني الله عزوجل أن اعلمه إياه(2) وأن اعلمكم أنه عنده، فسلوه وتعلموا منه ومن أوصيائه، ولا تعلموهم ولا
___________________________________
(1) كذا والقياس " أخشى ".
(2) في بعض النسخ " أن اعلمه جميع ما علمنى الله عزوجل ".
(*)
[72]
تتقدموا عليهم، ولاتتخلفوا عنهم فإنهم مع الحق والحق معهم، لايزايلهم ولا يزايلونه.
ثم قال على صلوات الله عليه لابي الدرداء وأبي هريرة، ومن حوله: يا أيها الناس أتعلمون أن الله تبارك وتعالى أنزل في كتابه " إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا(1) " فجمعني رسول الله وفاطمة والحسن والحسين في كساء، ثم قال: " اللهم هؤلاء أحبتى وعترتي [وثقلي] وخاصتى(2) وأهل بيتى فاذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا " فقالت أم سلمة: وأنا، فقال صلى الله عليه وآله لها: " وأنت إلى خير، إنما أنزلت في وفي أخي علي وفي ابنتى فاطمة وفي ابنى الحسن والحسين و [في] تسعة من ولد الحسين خاصة، ليس فيها معنا أحد غيرنا" فقام جل الناس فقالوا: نشهد أن أم سلمة حدثتنا بذلك، فسألنا رسول الله صلى الله عليه وآله فحدثنا كما حدثتنا أم سلمة.
فقال علي(عليه السلام): ألستم تعلمون ان الله عزوجل أنزل في سورة الحج " يا ايها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون وجاهدوا في الله حق جهاده هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا(3) ليكون الرسول شهيدا عليكم وتكونوا شهداء على الناس ".
فقام سلمان - رضي الله عنه - عند نزولها فقال:
___________________________________
(1) الاحزاب: 33.
(2) في بعض النسخ " وحامتى " مكان " وخاصتى ".
(3) " اجتباكم " أى اصطفا كم واختاركم.
والحرج: الضيق، وقوله " ملة " نصب على المصدر لفعل دل عليه مضمون ما قبلها بحذف المضاف، أى وسع دينكم توسعة ملة ابراهيم والمراد دينه فان ملة ابراهيم داخلة في دين محمد صلى الله عليه وآله، وقال تعالى " أبيكم " لان أكثر العرب أو الائمة عليهم السلام من ذرية ابراهيم عليه السلام.
" هو سماكم " أى الله تعالى، أو ابراهيم عليه السلام لقوله " ومن ذريتنا امة مسلمة لك "، وقوله " من قبل " يعنى في الكتب المتقدمة، " وفى هذا " أى في هذا الكتاب.
(*)
[73]
يا رسول الله من هؤلاء الذين أنت شهيد عليهم وهم شهداء على الناس الذين اجتباهم الله ولم يجعل عليهم في الدين من حرج ملة ابيهم ابراهيم؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " عنى الله تعالى بذلك ثلاثة عشر إنسانا: أنا وأخى عليا وأحد عشر من ولده "؟ فقالوا: اللهم نعم قد سمعنا ذلك من رسول الله(صلى الله عليه واله).
فقال علي(عليه السلام): أنشد كم بالله تعلمون أن رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم) قام خطيبا ثم لم يخطب بعد ذلك فقال: " أيها الناس إنى قد تركت فيكم أمرين(1) لن تضلوا ما [إن] تمسكتم بهما، كتاب الله عزوجل وأهل بيتى، فإن اللطيف الخبير قد أخبرني وعهد إلي أنهما لن يفترقا(2) حتى يردا علي الحوض "؟، فقالوا: [نعم] اللهم قد شهدنا(3) ذلك كله من رسول الله(صلى الله عليه وآله)، فقام اثنا عشر رجلا من الجماعة فقالوا: نشهد أن رسول الله حين خطب في اليوم الذي قبض فيه قام عمر بن الخطاب شبه المغضب فقال: يارسول الله لكل أهل بيتك؟ فقال: " لا، ولكن لاوصيائي منهم: على أخى ووزيرى ووارثى وخليفتى في امتي وولى كل مؤمن بعدي، وهو أولهم وخيرهم، ثم وصيه بعده ابنى هذا وأشار إلى الحسن ثم وصيه [ابني] هذا وأشار إلى الحسين، ثم وصيه ابني بعده سمي أخي، ثم وصيه بعده سميي، ثم سبعة من ولده واحد بعد واحد حتى يردوا على الحوض، شهداء الله في أرضه وحججه على خلقه، من أطاعهم أطاع الله، ومن عصاهم عصى الله ".
فقام السبعون البدريون ونحوهم من المهاجرين فقالوا: ذكر تمونا ما كنا نسيناه نشهد أنا قد كنا سمعنا ذلك من رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم).
فانطلق أبوالدرداء وأبوهريرة فحدثا معاوية بكل ما قال على(عليه السلام) وما استشهد عليه، وما رد عليه الناس وشهدوا به ".
___________________________________
(1) في بعض النسخ " فيكم ثقلين ".
(2) في بعض النسخ " لايفترقان ".
(3) في بعض النسخ " فقالوا اللهم نعم قد شهدنا ".
(*)
[74]
9 - وبهذا الاسناد عن عبدالرزاق بن همام قال: حدثنا معمر بن راشد، عن أبان ابن أبى عياش، عن سليم بن قيس الهلالى قال: " لما أقبلنا من صفين مع أميرالمؤمنين(عليه السلام) نزل قريبا من دير نصراني(1) إذ خرج علينا شيخ من الدير جميل الوجه؟ حسن الهيئة والسمت(2) معه كتاب حتى أتى أمير المؤمنين فسلم عليه، ثم قال: إنى من نسل حواري عيسى بن مريم وكان أفضل حواري عيسى - الاثنى عشر - وأحبهم إليه وآثرهم عنده(3)، وأن عيسى أوصى إليه ودفع إليه كتبه، وعلمه حكمته(4)، فلم يزل أهل هذا البيت على دينه، متمسكين بملته(5) لم يكفروا ولم يرتدوا ولم يغيروا، وتلك الكتب عندي إملاء عيسى بن مريم وخط أبينا بيده، فيها كل شئ يفعل الناس من بعده، واسم ملك ملك [من بعده] منهم، وأن الله تبارك وتعالى يبعث رجلا من العرب من ولد [إسماعيل بن] إبراهيم خليل الله من أرض [يقال لها:] تهامة، من قرية يقال لها: مكة، يقال له: أحمد، له اثنا عشر اسما، وذكر مبعثه ومولده ومهاجرته، ومن يقاتله، ومن ينصره، ومن يعاديه، وما يعيش، وما تلقى امته بعده إلى أن ينزل عيسى بن مريم من السماء، وفي ذلك الكتب ثلاثة عشر رجلا من ولد إسماعيل بن إبراهيم خليل الله من خير خلق الله، ومن أحب خلق الله إليه، والله ولي لمن والاهم، وعدو لمن عاداهم، من أطاعهم اهتدى، ومن عصاهم ضل، طاعتهم لله طاعة، ومعصيتهم لله معصية، مكتوبة أسماؤهم وأنسابهم و نعوتهم، وكم يعيش كل رجل منهم واحد بعد واحد وكم رجل منهم يستتر بدينه
___________________________________
(1) في بعض النسخ " من دير نصارى ".
(2) السمت - بالفتح -: هيئة أهل الخير، والحالة التى يكون عليه الانسان من السكينة والوقار، وحسن السيرة الطريقة واستقامة المنظر.
(3) في منقوله في البحار " وأبرهم عنده ".
(4) في بعض النسخ " وعلمه وحكمته ".
(5) في بعض النسخ " متمسكين عليه ".
(*)
[75]
ويكتمه من قومه، ومن الذى يظهر منهم وينقاد له الناس حتى ينزل عيسى بن مريم(عليه السلام) على آخرهم فيصلى عيسى خلفه ويقول: إنكم لائمة لا ينبغى لاحد أن يتقدمكم، فيتقدم فيصلى بالناس وعيسى خلفه في الصف.
أولهم وخيرهم و أفضلهم - وله مثل اجورهم وأجور من أطاعهم واهتدى بهم - رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) اسمه: محمد وعبدالله ويس والفتاح والخاتم والحاشر والعاقب والماحى والقائد ونبى الله وصفى الله، وحبيب الله(1) وأنه يذكر إذا ذكر، من أكرم خلق الله على الله(2)، وأحبهم إلى الله، لم يخلق الله ملكا مكرما(3) ولا نبيا مرسلا من آدم فمن سواه خيرا عند الله ولا أحب إلى الله منه، يقعده يوم القيامة على عرشه، ويشفعه في كل من يشفع فيه(4).باسمه جرى القلم(5) في اللوح المحفوظ محمد رسول الله.وبصاحب اللواء يوم الحشر الاكبر أخيه ووصيه ووزيره وخليفته في امته.
ومن أحب خلق الله إلى الله بعده علي ابن عمه لامه وأبيه، وولى كل مؤمن بعده، ثم أحد عشر رجلا من ولد محمد وولده، أولهم يسمى باسم ابنى هارون شبر وشبير، و تسعة من ولد أصغرهما واحد بعد واحد، آخرهم الذي يصلى عيسى بن مريم خلفه - وذكر باقى الحديث بطوله ".
10 - وبهذا الاسناد عن عبدالرزاق، عن معمر، عن أبان، عن سليم بن قيس الهلالى قال: " قلت لعلي(عليه السلام): إنى سمعت من سلمان ومن المقداد من أبى ذر أشياء من تفسير القرآن ومن الرواية عن رسول الله(صلى الله عليه وآله) [غير ما في أيدي الناس] ثم سمعت منك تصديقا لما سمعت منهم، ورأيت في أيدى الناس أشياء كثيرة من تفسير
___________________________________
(1) في بعض النسخ " وجنب الله ".
(2) في بعض النسخ " وهو اكرم خلق الله عليه ".
(3) في بعض النسخ " ملكا مقربا ".
(4) في بعض النسخ " في كل من شفع فيه ".
(5) في البحار " صرح القلم ".
(*)
[76]
القرآن ومن الاحاديث عن رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) يخالفونهم فيها ويزعمون أن ذلك(1) كان كله باطلا، أفترى أنهم يكذبون على رسول الله(صلى الله عليه وآله) متعمدين ويفسرون القرآن بآرائهم؟ قال: فأقبل علي(عليه السلام) وقال: قد سألت فافهم الجواب، إن في أيدي الناس حقا وباطلا، وصدقا وكذبا، وناسخا ومنسوخا، وخاصا وعاما، و محكما ومتشابها، وحفظا ووهما(2)، وقد كذب على رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم) على عهده حتى قام خطيبا فقال: " أيها الناس قد كثرت علي الكذابة(3)، فمن كذب علي متعمدا فليتبوء مقعده من النار(4) " ثم كذب عليه من بعده، وإنما أتاك بالحديث أربعة ليس لهم خامس: رجل منافق مظهر للايمان، متصنع للاسلام باللسان،
___________________________________
(1) في بعض النسخ " ومن الاحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنتم تخالفونهم فيها وتزعمون أن ذلك ".
وفى خصال الصدوق هكذاأيضا.
(2) قوله " حقا وباطلا وصدقا وكذبا " ذكر الصدق والكذب بعد الحق والباطل من قبيل ذكر الخاص بعد العام، لان الصدق والكذب من خواص الخبر، والحق والباطل يصدقان على الافعال أيضا، وقيل: الحق والباطل هنا من خواص الرأى والاعتقاد، والصدق والكذب من خواص النقل والرواية.
وقوله " محكما ومتشابها " المحكم في اللغة هو المضبوط المتقن، ويطلق في الاصطلاح على ما اتضح معناه، وعلى ما كان محفوظا من النسخ أو التخصيص أو منهما معا، وعلى ما كان نظمه مستقيما خاليا عن الخلل، وما لا يحتمل من التأويل الاوجها واحدا، ويقابله بكل من هذه المعانى المتشابه.
وقوله " وهما " بفتح الهاء - مصدر قولك: وهمت - بالكسر - أى غلطت وسهوت، وقد روى " وهما " بالتسكين - مصدر وهمت - بالفتح - اذا ذهب وهمك إلى شئ وأنت تريد غيره، والمعنى متقارب - كما قاله في البحار.
(3) بكسر الكاف وتخفيف الذال مصدر كذب يكذب أى كثرت على كذبة الكذابين.
(4) قوله " فليتبوء " بصيغة الامر ومعناه الخبر كقوله تعالى: " من كان في الضلالة فليمدد له الرحمن مدا ".
(*)
[77]
لايتأثم(1) ولا يتحرج أن يكذب على رسول الله(صلى الله عليه وآله) متعمدا، فلو علم الناس(2) أنه منافق كاذب ما قبلوا منه، ولم يصدقوه، ولكنهم قالوا: هذا قد صحب رسول الله(صلى الله عليه وآله) وقد رآه وسمع منه [وأخذوا عنه، وهم لا يعرفون حاله](3) وقد أخبرك الله عن المنافقين بما أخبرك(4) ووصفهم بما وصفهم، فقال عزوجل: " وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم "(5) ثم بقوا بعد رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) و تقربوا إلى أئمة الضلال والدعاة إلى النار بالزور والكذب والبهتان حتى ولو هم الاعمال وحملوهم على رقاب الناس(6) وأكلوا بهم الدنيا، وإنما الناس مع الملوك
___________________________________
(1) " متصنع الاسلام " أى متكلف له ومتدلس به غير متصف به في نفس الامر.
وقوله " لا يتأثم " أى لا يكف نفسه عن موجب الاثم، أو لا يعد نفسه آثما بالكذب عليه صلوات الله عليه، وكذا قوله: " لايتحرج " من الحرج بمعنى الضيق أى لا يتجنب الاثم.
(2) في بعض النسخ " فلو علم المسلمون " والمتن موافق للكافى والخصال.
(3) ما بين القوسين كان في بعض النسخ دون بعض ولكنه موجود في الخصال والكافى، وقوله " وهم لا يعرفون حال" ذلك لكون ظاهره ظاهرا حسنا، وكلامه كلاما مزيفا وذلك يوجب اغترار الناس به وتصديقهم له فيما أخبر به أو نقل عن غيره.
(4) كذا في نهج البلاغة أيضا، وفى الخصال والكافى " وقد أخبره الله عن المنافقين بما أخبره ".
(5) المنافقين: 3.
ويرشد عليه السلام بذلك إلى أنه سبحانه خاطب نبيه صلى الله عليه وآله بقوله " واذا رأيتهم تعجبك اجسامهم " لصباحتهم وحسن منظرهم، " وان يقولوا تسمع لقولهم " أى تصغى اليهم لذلاقة ألسنتهم.
(6) أى أن أئمة الضلال بسبب وضع الاخبار اعطوا هؤلاء المفترين الوضاعين الولايات وسلطوهم على رقاب الناس، وقصد المنافقون بجعلهم الاخبار التقرب إلى الامراء لينالوا من دنياهم، وقد افتعل في ايام خلافة بنى امية لاسيما زمان معاوية بن أبى سفيان حديث كثير على هذا الوجه جدا جلها في المناقب أعنى مناقب الخلفاء وولائجهم، وبعضها في الطعن على أهل الحق الذين تحزبوا عن أهل الباطل ولجاؤا إلى الحصن الحصين امير المؤمنين على عليه السلام.
ومن مفتعلاتهم ما رواه أبوهريرة الدوسى أو رووا عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " لو لم ابعث فيكم لبعث عمر، أيد الله عمر بملكين يوفقانه ويسد دانه، فاذا أخطأ صرفاه حتى يكون صوابا " وذكره السيوطى في الموضوعات.
وعنه أيضا قال: " خرج النبى صلى الله عليه وآله متكئا على على بن أبى طالب فاستقبله أبوبكر وعمر فقال صلى الله عليه وآله يا على أتحب هذين الشيخين؟ قال: نعم يا رسول الله، قال: حبهما تدخل الجنة " رواه الخطيب في تاريخه وعده السيوطى من الموضوعات.
ونقل ابونعيم في الحلية مسندا عن أبى هريرة مرفوعا عن النبى صلى الله عليه وآله " ما من مولود الا وقد ذر عليه من تراب حفرته [فاذا دنا أجله قبضه الله من التربة التى منها خلق وفيها يدفن] وخلقت أنا وأبوبكر وعمر من طينة واحدة وندفن فيها في بقعة واحدة " قال أبوعاصم ما نجد فضيلة لابى بكر وعمر مثل هذه لان طينتهما من طينة رسول الله صلى الله عليه وآله ومعه دفنا " وذكره السيوطى أيضا في الموضوعات.
ونص الطبرى في تاريخه وغيره أن عمر بن الخطاب استعمل أبا هريرة على البحرين واليمامة.
ثم عزله بعد عامين لخيانته، واستنقذ منه ما اختلسه من أموال المسلمين وقال له: انى استعملتك على البحرين وأنت بلا نعلين، ثم بلغنى أنك ابتعت أفراسا بألف دينار وستمائة دينار، وضربه بالدرة حتى أدماه.
فرجع إلى حاله الاول وبقى إلى زمان خلافة عثمان فانضم اليه وأخذ يفتعل الاحاديث في فضله لينال من دنياه فقال قال رسول الله صلى الله عليه وآله " ان لكل نبى رفيقا في الجنة ورفيقى فيها عثمان " ذكره الترمذى في صحيحهوقال الذهبى في ميزانه ببطلانه.
وقال أيضا قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " لكل نبى خليل في امته وان خليلى عثمان بن عفان " ذكره السيوطى في الجامع الصغير.وقال الذهبى في الميزان ببطلانه.إلى غير ذلك من أمثاله.
ومن ذلك ما رواه أبوالعباس الزورقى في كتاب شجرة العقل عن عبدالله بن الحضرمى - عامل عثمان بن عفان على مكة - أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله لعمر " لو لم ابعث لبعثت " وقد ذكره السيوطى في الموضوعات.
وروى أن سمرة بن جندب أعطاه معاوية بن أبى سفيان من بيت المال أربعمائة ألف درهم على أن يخطب في أهل الشام بان قوله تعالى: " ومن الناس من يعجبك قوله في الحيوة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام - الاية " انها نزلت في على بن أبى طالب [عليه السلام] وأن قوله تعالى " ومن الناس من يشرى نفسه ابتغاء مرضات الله " نزل في ابن ملجم أشقى مراد، فقيل: فعل ذلك.
واستخلفه زياد على البصرة فقتل فيها ثمانية آلاف من الناس، كما نص عليه الطبرى وغيره.
وقد روى ابن عرفة المعروف بنفطويه الذى كان من اعلام المحدثين في تاريخه نحو ما تقدم ثم قال ان اكثر الاحاديث الموضوعة في فضائل الصحابة افتعلت في ايام بنى امية تقربا اليهم بما يظنون انهم يرغمون بها انف بنى هاشم.
كخبر زيد بن ثابت عنه صلى الله عليه وآله قال: أتانى جبرئيل فذكرنى فسألته عن فضل عمر فقال: يا محمد لو جلست احدثك عن فضائل عمر وماله عند الله جلست معك اكثر مما جلس نوح في قومه ".
وذلك قليل من كثير فان اردت ان تقف على اكثر من ذلك فراجع اللئالى المصنوعة في الاحاديث الموضوعة للسيوطى باب مناقب الخلفاء.