بازگشت

ماهي طريقة التغيير في اليوم الموعود؟


ونصل في النهاية إلي السؤال الأخير من الأسئلة التي عرضناها، هو السؤال عن الطريقة التي يمکن أن نتصوّر من خلالها ما سيتمُّ علي يد ذلک الفرد من انتصار حاسم للعدل، وقضاء علي کيانات الظلم المواجهة له.

والجواب المحدّد عن هذا السؤال يرتبط بمعرفة الوقت والمرحلة التي يقدّر للإمام المهديّ (ع) أن يظهر فيها علي المسرح، وإمکان افتراض ما تتميز به تلک المرحلة من خصائص وملابسات لکي تُرسم في ضوء ذلک الصورة التي قد تتّخذها عملية التغيير، والمسار الذي قد تتحرک ضمنه، وما دمنا نجهل المرحلة ولا نعرف شيئاً عن ملابساتها وظروفها فلا يمکن التنبّؤ العلمي بما سيقع في اليوم الموعود، وإن أمکنت الافتراضات والتصوّرات التي تقوم في الغالب علي أساس ذهني لا علي أسس واقعية عينية.

وهناک افتراض أساسي واحد بالإمکان قبوله علي ضوء الأحاديث التي تحدثت عنه، [1] والتجارب التي لوحظت لعمليات التغيير الکبري في التاريخ، وهو افتراض ظهور المهديّ (ع) في أعقاب فراغ کبير يحدث نتيجة نکسة وأزمة حضارية خانقة. [2] وذلک الفراغ يتيح المجال للرسالة الجديدة أن تمتدّ، وهذه النکسة تهيّء الجو النفسي لقبولها، وليست هذه النکسة مجرد حادثة تقع صدفة في تاريخ الحضارة الإنسانية، وإنما هي نتيجة طبيعية لتناقضات التاريخ المنقطع عن الله - سبحانه وتعالي - التي لا تجدُ لها في نهاية المطاف حلاًّ حاسماً فتشتعل النار التي لا تُبقي ولا تذر، ويبرز النور في تلک اللحظة ليطفئ النار ويقيم علي الأرض عدل السماء.

والحمد الله ربّ العالمين والصلاة والسلام علي محمّد وآله الطاهرين. وقد وقع الابتداء في کتابة هذه الوريقات في اليوم الثالث عشر من جمادي الثانية سنة 1397 هـ، ووقع الفراغ منها عصر اليوم السابع عشر من الشهر نفسه.

والله ولي التوفيق.

محمد باقر الصدر - النجف الأشرف

تمّ الفراغ من تحقيق هذا الکتاب في شهر رجب المرجّب من سنة 1416 هـ، وذلک في قم المقدسة.

الدکتور عبدالجبار شرارة


پاورقي

[1] إشارة إلي علامات الظهور أو الملابسات والأحداث والوقائع التي تسبق ظهوره المبارک أو ترافق ظهوره کما صوّرتها الروايات ووردت بها الآثار الصحيحة، وقد بُسّطت تفصيلاً في (عصر الظهور) للسيد محمد الصدر. وراجع: الإرشاد / الشيخ المفيد: ص 356 وما بعدها.

وراجع أيضاً: الإشاعة لأشراط الساعة / محمد بن رسول الحسينيّ البرزنجيّ.

[2] وفيه إشارة إلي ما يمکن أن تجّر إليه الإنسانية من أزمة حضارية بسبب التنافسات والصراعات بين الحضارات المادية والکيانات السياسية، وفشلها في تحقيق الأمن والاستقرار والسعادة للإنسان، ولقد بدأت بوادر مثل هذا الفراغ تظهر وتتّسع شيئاً فشيئاً في عصرنا الراهن في شرق الأرض وغربها، وکلّ متتب،ع للأخبار والتقارير الصحفية والتحقيقات الخبريّة يعرف ذلک جيّداً. وما اليوم الموعود ببعيد.