کيف نؤمن بأنّ المهدي قد وُجد؟
ونصل الآن إلي السؤال الرابع وهو يقول: هب أنّ فرضيّة القائد المنتظر ممکنة بکلّ ما تستبطنه من عمر طويل، وإمامة مبکّرة، وغيبة صامتة، فإنّ الإمکان لا يکفي للاقتناع بوجوده فعلاً.
فکيف نؤمن فعلاً بوجود المهديّ؟ وهل تکفي بضع روايات تنقل في بطون الکتب عن الرسول الأعظم (ص)، للاقتناع الکامل بالإمام الثاني عشر، علي الرغم ممّا في هذا الافتراض من غرابة وخروج عن المألوف؟ بل کيف يمکن أن نثبت أنّ للمهدي وجوداً تاريخياً حقّاً وليس مجرد افتراض توفّرت ظروف نفسية لتثبيته في نفوس عدد کبير من الناس؟ [1] .
والجواب: إنّ فکرة المهديّ بوصفه القائد المنتظر لتغيير العالم إلي الأفضل قد جاءت في أحاديث الرسول الأعظم عموماً، وفي روايات أئمّة أهل البيت خصوصاً، وأکّدت في نصوص کثيرة بدرجة لا يمکن أن يرقي إليها الشکّ. وقد أحصي أربعمئة حديث عن النبيّ (ص) من طرق إخواننا أهل السنّة، [2] کما أُحصي مجموع الأخبار الواردة في الإمام المهديّ من طرق الشيعة والسنّة فکان أکثر من ستة آلاف رواية، [3] وهذا رقم إحصائي کبير لا يتوفّر نظيره في کثير من قضايا الإسلام البديهية التي لا يشکّ فيها مسلم عادة.
وأما تجسيد هذه الفکرة في الإمام الثاني عشر عليه الصلاة والسلام فهذا ما توجد مبرّرات کافية وواضحة للاقتناع به.
ويمکن تلخيص هذه المبرّرات في دليلين:
أحدهما إسلامي.
والآخر علمي.
فبالدليل الإسلامي نثبت وجود القائد المنتظر.
وبالدليل العلمي نبرهن علي أنّ المهديّ ليس مجرّد أُسطورة وافتراض، بل هو حقيقة ثبت وجودها بالتجربة التاريخية.
أما الدليل الإسلامي:
فيتمثّل في مئات الروايات الواردة عن رسول الله (ص) [4] والأئمّة من أهل البيت (ع)، والتي تدلُّ علي تعيين المهديّ وکونه من أهل البيت.. [5] .
ومن ولد فاطمة.. [6] .
ومن ذرية الحسين.. [7] .
وأنه التاسع من ولد الحسين.. [8] .
وأن الخلفاء اثنا عشر. [9] فإنّ هذه الروايات تحدّد تلک الفکرة العامة وتشخيصها في الإمام الثاني عشر من أئمّة أهل البيت، وهي روايات بلغت درجة کبيرة من الکثرة والانتشار، علي الرغم من تحفّظ الأئمّة (ع) واحتياطهم في طرح ذلک علي المستوي العام، وقايةً لللخلف الصالح من الاغتيال أو الإجهاز السريع علي حياته. [10] وليست الکثرة العددية للروايات هي الأساس الوحيد لقبولها، بل هناک إضافة إلي ذلک مزايا وقرائن تبرهن علي صحّتها، فالحديث النبوي الشريف عن الأئمّة أو الخلفاء أو الأمراء بعده وأنهم اثنا عشر إماماً أو خليفةً أو أميراً - علي اختلاف متن الحديث في طرقه المختلفة - قد أحصي بعض المؤلفين رواياته فبلغت أکثر من مئتين وسبعين رواية [11] مأخوذة من أشهر کتب الحديث عند الشيعة والسنّة، بما في ذلک البخاري [12] ومسلم [13] والترمذي [14] وأبي داود [15] ومسند أحمد [16] ومستدرک الحاکم علي الصحيحين، [17] ويلاحظ هنا أنّ البخاري الذي نقل هذا الحديث کان معاصراً للإمام الجواد والإمامين الهادي والعسکريّ، وفي ذلک مغزيً کبير لأنه يبرهن علي أنّ هذا الحديث قد سُجّل عن النبيّ (ص) قبل أن يتحقق مضمونه وتکتمل فکرة الأئمّة الاثني عشر فعلاً، وهذا يعني أنه لا يوجد أي مجال للشک في أن يکون نقل الحديث متأثراً بالواقع الإمامي الاثني عشري وانعکاساً له لأنّ الأحاديث المزيفة التي تنسب إلي النبيّ (ص) ـ وهي انعکاسات أو تبريرات لواقع متأخر زمنياً ـ لا تسبق في ظهورها وتسجيلها في کتب الحديث ذلک الواقع الذي تشکّل انعکاساً له، فما دمنا قد ملکنا الدليل المادي علي أنّ الحديث المذکور سبق التسلسل التاريخي للأئمّة الاثني عشر، وضبط في کتب الحديث قبل تکامل الواقع الإمامي الاثني عشري، أمکننا أن نتأکد من أنّ هذا الحديث ليس انعکاساً لواقع وإنما هو تعبير عن حقيقة ربانية نطق بها من لا ينطق عن هوي، [18] فقال: «إنّ الخلفاء بعدي اثنا عشر». [19] وجاء الواقع الإمامي الاثني عشري ابتداءً من الإمام عليّ وانتهاءً بالمهديّ ليکون التطبيق الوحيد المعقول [20] لذلک الحديث النبوي الشريف.
وأما الدليل العلميّ:
فهو يتکوّن من تجربة عاشتها أمّة من الناس فترة امتدّت سبعين سنة تقريباً وهي فترة الغيبة الصغري. ولتوضيح ذلک نمهد بإعطاء فکرة موجزة عن الغيبة الصغري. [21] .
إنّ الغيبة الصغري تعبّر عن المرحلة الأولي من إمامة القائد المنتظر عليه الصلاة والسلام، فقد قدّر لهذا الإمام منذ تسلّمه للإمامة أن يستتر عن المسرح العام ويظلُّ بعيداً باسمه عن الأحداث، وإن کان قريباً منها بقلبه وعقله، وقد لوحظ أنّ هذه الغيبة إذا جاءت مفاجئة حقّقت صدمة کبيرة للقواعد الشعبية للإمامة في الأمة الإسلامية لأنّ هذه القواعد کانت معتادة علي الاتّصال بالإمام في کلّ عصر، والتفاعل معه والرجوع إليه في حلّ المشاکل المتنوّعة، فإذا غاب الإمام عن شيعته فجأة وشعروا بالانقطاع عن قيادتهم الروحية والفکرية، سبّبت هذه الغيبة [22] المفاجئة الإحساس بفراغ دفعي هائل قد يعصف بالکيان کلّه ويشتّت شمله، فکان لابدّ من تمهيد لهذه الغيبة لکي تألفها هذه القواعد بالتدريج، وتکيّف نفسها شيئاً فشيئاً علي أساسها، وکان هذا التمهيد هو الغيبة الصغري التي اختفي فيها الإمام المهديّ عن المسرح العام، غير أنه کان دائم الصلة بقواعده وشيعته عن طرق وکلائه ونوّابه، والثقات من أصحابه الذين يشکّلون همزة الوصل بينه وبين الناس المؤمنين بخطه الإمامي. [23] وقد شغل مرکز النيابة عن الإمام في هذه الفترة أربعة ممّن أجمعت تلک القواعد علي تقواهم وورعهم ونزاهتهم التي عاشوا ضمنها. وهم کما يلي:
1 - عثمان بن سعيد العمريّ.
2 - محمد بن عثمان بن سعيد العمريّ.
3 - أبوالقاسم الحسين بن روح.
4 - أبوالحسن عليّ بن محمد السمريّ.
وقد مارس هؤلاء الأربعة [24] مهامّ النيابة بالترتيب المذکور، وکلما مات أحدهم خلفه الآخر الذي يليه بتعيين من الإمام المهديّ (ع).
وکان النائب يتصل بالشيعة ويحمل أسئلتهم إلي الإمام، ويعرض مشاکلهم عليه، ويحمل إليهم أجوبته شفهية أحياناً وتحريريّة [25] في کثير من الأحيان، وقد وجدت الجماهير التي فقدت رؤية إمامها العزاء والسلوة في هذه المراسلات والاتّصالات غير المباشرة. ولا حظت أنّ کلّ التوقعيات والرسائل کانت ترد من الإمام المهديّ (ع) بخطّ واحد وسليقة واحدة [26] طيلة نيابة النواب الأربعة التي استمرت حوالي سبعين عاماً، وکان السمّريّ هو آخر النواب، فقد أعلن عن انتهاء مرحلة الغيبة الصغري التي تتميز بنوّاب معيّنين، وابتداء الغيبة الکبري التي لايوجد فيها أشخاص معيّنون بالذات للوساطة بين الإمام القائد والشيعة، وقد عبّر التحوّل من الغيبة الصغري إلي الغيبة الکبري عن تحقيق الغيبة الصغري لأهدافها وانتهاء مهمتها لأنها حصّنت الشيعة بهذه العملية التدريجية عن الصدمة والشعور بالفراغ الهائل بسبب غيبة الإمام، واستطاعت أن تکيّف وضع الشيعة علي أساس الغيبة، وتعدّهم بالتدريج لتقبّل فکرة النيابة العامة عن الإمام، وبهذا تحولت النيابة من أفراد منصوصين [27] إلي خطّ عام [28] ، وهو خط المجتهد العادل البصير بأمور الدنيا والدين تبعاً لتحوّل الغيبة الصغري إلي غيبة کبري.
والآن بإمکانک أن تقدّر الموقف في ضوء ما تقدم، لکي تدرک بوضوح أنّ المهديّ حقيقة عاشتها أمة من الناس، وعبّر عنها السفراء والنواب طيلة سبعين عاماً من خلال تعاملهم من الآخرين، ولم يلحظ عليهم أحدٌ کلّ هذه المدة تلاعباً في الکلام، أو تحايلاً في التصرف، أو تهافتاً في النقل. فهل تتصور - بربّک - أنّ بإمکان أکذوبة أن تعيش سبعين عاماً، ويمارسها أربعة علي سبيل الترتيب کلهم يتّفقون عليها، ويظلّون يتعاملون علي أساسها وکأنها قضية يعيشونها بأنفسهم ويرونها بأعينهم دون أن يبدر منهم أي شيء يثير الشکّ، ودون أن يکون بين الأربعة علاقة خاصة متميزة تتيح لهم نحواً من التواطؤ، ويکسبون من خلال ما يتّصف به سلوکهم من واقعية ثقة الجميع، وإيمانهم بواقعية القضية التي يدّعون أنهم يحسّونها ويعيشون معها؟!
لقد قيل قديماً: إنّ حبل الکذب قصير، ومنطق الحياة يثبت أيضاً أنّ من المستحيل عمليّاً بحساب الاحتمالات أن تعيش أکذوبة بهذا الشکل، وکلّ هذه المدّة، وضمن کلّ تلک العلاقات والأخذ والعطاء، ثمّ تکسب ثقة جميع من حولها.
وهکذا نعرف أنّ ظاهرة الغيبة الصغري يمکن أن تعتبر بمثابة تجربة علمية لإثبات ما لها من واقع موضوعيّ، والتسليم بالإمام القائد بولادته [29] وحياته وغيبته، وإعلانه العام عن الغيبة الکبري التي استتر بموجبها عن المسرح ولم يکشف نفسه لأحد. [30] .
پاورقي
[1] هذه التساؤلات يطرحها السيد الشهيد (ص) بصفتها من الإشکالات التي أثيرت وتُثار عادةً حول المهديّ (ع)، وهي أقصي ما يُثار في هذا الصدد، حتي أنّ بعض الکتّاب المعاصرين قد أثاروها أخيراً مدفوعين بدوافع غير علمية، مصحوبة تلک الإثارة بضجيج مکثّف، ومحاولات بائسة من الوهابية لترويجها وتبنّيها، ولا تخفي الدوافع بعد ذلک علي أحد. وقد أجاب الإمام الشهيد بجواب علمي لمن يريد الحقيقة. راجع ما کتبناه في المقدمة أيضاً.
[2] يلاحظ کتاب (المهديّ) للسيد العم الصدر قدّس الله روحه الزکية. (الشهيد الصدر).
راجع: ما أثبته الشيخ العبّاد في مجلد الجامعة الإسلامية / العدد 3 سنة 1969.
وراجع: المهديّ الموعود المنتظر / الشيخ نجم الدين العسکري.
[3] يلاحظ کتاب منتخب الأثر في الإمام الثاني عشر للشيخ لطف الله الصافي. (الشهيد الصدر).
[4] راجع: معجم أحاديث الإمام المهديّ / مؤسّسة المعارف الإسلاميّة / الجزء الأول ـ أحاديث النبيّ.
[5] أخرج أحمد وابن أبي شيبة وابن ماجة ونعيم بن حمّاد في الفتن عن علي (ع) قال: قال رسول الله (ص): «المهديّ منّا أهل البيت يصلحه الله في ليلة».
راجع: الحاوي للفتاوي / السيوطي 2: 213 و 215 وفيه، أيضاً: أخرج أحمد وابن أبي شيبة وأبو داود، عن عليّ، عن النبيّ (ص) قال: «لو لم يبقَ من الدهر إلاّ يومٌ لبعث الله رجلاً من أهل بيتي يملؤها عدلاً کما ملئت جوراً»، وراجع: صحيح سنن المصطفي 2: 207، وسنن ابن ماجة 2: 1367 / 4085.
وراجع: معجم أحاديث المهديّ 1: 147 وما بعدها، إذ ينقل أحاديث کثيرة عن الصحاح والمسانيد في هذا المعني. موسوعة الإمام المهديّ / ترتيب مهدي فقيه إيماني، الجزء الأول، وفيها نسخة مصوّرة عن محاضرة الشيخ العبّاد حول ما جاء من الأحاديث والآثار في المهديّ (ع).
[6] الحاوي للفتاوي / السيوطي جلال الدين 2: 214، قال: وأخرج أبو داود وابن ماجة والطبراني والحاکم عن أمّ سلمة قالت: سمعت رسول الله (ص) يقول: «المهديّ من عترتي من ولد فاطمة». راجع صحيح سنن المصطفي لأبي داود 2: 208.
[7] حديث المهديّ من ذرية الحسين (ع) کما في المصادر الآتية علي ما نقل في معجم أحاديث المهديّ وهي: الأربعون حديثاً لأبي نعيم الأصفهاني کما في عقد الدرر للمقدسي الشافعي، وأخرجه الطبراني في الأوسط علي ما في المنار المنيف لابن القيّم، وفي السيرة الحلبية 1: 193، وفي القول المختصر لابن حجر. راجع منتخب الأثر للشيخ لطف الله الصافي في ما نقله من کتب الشيعة، وراجع توهين الرواية التي تقول بأنّه من ولد الإمام الحسن (ع) کتاب السيد العميدي (دفاع عن الکافي 1: 296).
[8] راجع الرواية التي تنص علي أنّه التاسع من ولد الحسين (ع) في: ينابيع المودّة للقندوزي الحنفي: ص 492، وفي مقتل الإمام الحسين للخوارزمي 1: 196، وفي فرائد السمطين للجويني الشافعي 2: 310 ـ 315 الأحاديث من 561 ـ 569، وراجع منتخب الأثر للعلاّمة الشيخ الصافي إذ خرّجها من طرق الفريقين (دفاع عن الکافي 1: 294).
[9] حديث «الخلفاء بعدي اثنا عشر کلهم من قريش» أو «لا يزال هذا الدين قائماً ما وليه اثنا عشر، کلهم من قريش».
هذا الحديث متواتر، روته الصحاح والمسانيد بطرق متعدّدة وإن اختلف في متنه قليلاً. نعم، اختلفوا في تأويله واضطربوا. راجع: صحيح البخاري 9: 101 کتاب الأحکام ـباب الاستخلاف. وصحيح مسلم 2: 119 کتاب الإمارة. مسند أحمد 5: 90، 93، 97.
[10] راجع الغيبة الکبري / السيد محمد الصدر: ص 272 وما بعدها.
[11] راجع التاج الجامع للأصول 3: 40، قال: رواه الشيخان والترمذي، وراجع في تحقيق الحديث وطرقه وأسانيده کتاب الإمام المهديّ (ع) / عليّ محمد عليّ دخيل.
[12] صحيح البخاري / المجلد الثالث / 9: 101، کتاب الأحکام ـ باب الاستخلاف. طبعة دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.
[13] راجع: التاج الجامع للأصول 3: 40، قال تعقيباً علي الحديث: رواه الشيخان والترمذي، وفي الهامش قال: رواه أبو داود في کتاب المهدي بلفظ: لا يزال هذا الدين قائماً حتي يکون عليکم اثنا عشر خليفة...، وراجع سنن أبي داود 2: 207.
[14] المصدر السابق.
[15] المصدر السابق.
[16] مسند الإمام أحمد 5: 93، 100.
[17] المستدرک علي الصحيحين 3: 618.
[18] إشارة إلي قوله تعالي: (وما ينطق عن الهوي، إن هو إلاّ وحيٌ يوحي)النجم: 3 ـ 4.
[19] تقدّم تخريج الحديث.
[20] اضطرب العلماء في تأويله بعد إطباقهم علي صحته، وما أوردوه من مصاديق لا يمکن قبولها، بل أنّ بعضها غير معقول تماماً کإدخالهم يزيد بن معاوية المجاهر بالفسق، المحکوم بالمروق والکفر أو من هو علي شاکلته. راجع ما نقله السيد ثامر العميدي من أقوالهم، وقد ناقش هذه القضية مناقشة وافية وعلمية، وأبطل تأويلاتهم بما لا مزيد عليه في دفاع عن الکافي 1: 540 وما بعدها.
[21] راجع: الغيبة الصغري / السيد محمد الصدر، فقد توسّع في بحثها.
[22] إشارة إلي الغيبة الکبري.
[23] راجع: تبصرة الولي فيمن رأي القائم المهديّ / السيد هاشم البحراني. ودفاع عن الکافي / السيد ثامر العميدي 1: 568 وما بعدها.
[24] راجع ترجمة هؤلاء الأربعة في کتاب الغيبة الصغري للسيد محمد الصدر، الفصل الثالث: ص 395 وما بعدها، نشر دارالتعارف للمطبوعات / بيروت 1980.
[25] وهذه تُعرف بالتوقيعات، وهي الأجوبة التحريريّة والشفويّة التي نقلت عن الإمام المهديّ (ع). راجع: الاحتجاج / الطبرسي 2: 523 وما بعدها.
[26] مما استقر في الأوساط الأدبية وعند نقّاد الأدب قديماً وحديثاً أنّ الأسلوب هو الرجل، وهذه المقولة صحيحة. ومن هنا رأينا وسمعنا أنّ کثيراً من الأدباء وقارئي الأدب يميّزون بمجرّد قراءة النصّ شعريّاً کان أم نثريّاً أنه لفلان، وما ذلک إلاّ لأنّ الأسلوب هو الرجل، وأنّ لکلّ کاتب سمةً وطابعاً خاصّاً في کتابته يمکن تمييزه من غيره، هذا فضلاً علي تميّز خطّه الشريف من غيره من الخطوط.
[27] إشارة إلي النوّاب الأربعة المذکورين.
[28] وهو ما اصطلح عليه (بالمرجعيّة الدينيّة)، ويلاحظ هنا الصفات التي يري الإمام الشهيد لزوم توفّرها في المرجعيّة.
[29] إنّ اتّصال الإمام القائد المهديّ بقواعده الشيعيّة عن طريق نوابه ووکلائه، أو بأساليب أخري متنوّعة واقع تاريخي موضوعي ليس من سبيل إلي إنکاره، کما في السفارة، فضلاً عن الدلائل الأخري الکثيرة المستندة إلي إخبار من يجب تصديقه، ثم هو مقتضي الأحاديث المتواترة، کحديث: «من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتةً جاهلية»، وغير ذلک. إنّ کلّ ذلک مجموعاً ـ وهو محل اتّفاق أکثر طوائف الملّة الإسلامية ـ يدحض وبشکل قاطع ما يثيره المتشکّکون حول وجود الإمام واستمرار حياته المبارکة الشريفة، راجع: الغيبة الصغري / السيد محمد الصدر: ص 566. وراجع ما أثبتناه في المقدمة: ص 15 وما بعدها.
[30] ورد التوقيع الشريف عن الإمام القائد المهديّ (ع) بعدم إمکان رؤيته بشکل صريح بعد وقوع الغيبة الکبري، وهذا محل اتّفاق علماء الإمامية. وراجع مناقشة المسألة في: الغيبة الصغري / السيد محمد الصدر: ص 639 وما بعدها.