بازگشت

خطبة الکتاب و الداعي الي تأليف الرسالة


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي أنار قلوب أوليائه بضياء معرفة وليه، المحجوب عن الابصار و شرح صدور أحبائه بنور محبة صفيه، المستور عن الاغيار، علا صنعه المتقن عن أن يتطرق إليه توهم العبث و الجهالة، و حاشا قضاؤه المحکم أن يترک العباد في تيه الضلالة.

و الصلاة علي البشير النذير، و السراج المنير، صاحب المقام المحمود و الحوض المورود، و اللواء المعقود، أول العدد، الحميد المحمود الاحمد أبي القاسم محمد.

و علي آله الطيبين الطاهرين الهادين الانجبين.

خصوصا علي عنقاء قاف القدم، القائم فوق مرقاة الهمم، الاسم الاعظم الالهي، الحاوي للعلم الغير المتناهي، قطب رحي الوجود، و مرکز دائرة الشهود کمال النشأة و منشأ الکمال، جمال الجمع و مجمع الجمال، المترشح بالانوار الالهية، المربي تحت أستار الربوبية، مطلع الانوار المصطفوية، و منبع الاسرار المرتضوية، ناموس ناموس الله الاکبر، و غاية نوع البشر، أبي الوقت و مربي الزمان، الذي هو للحق أمين، و للخلق أمان، ناظم المناظم، الحجة القائم.

و لعنة الله علي أعدائهم، و المنکرين لشرف مقامهم، إلي يوم يدعي کل أناس بإمامهم.

و بعد فيقول العبد المذنب المسيئ حسين بن محمد تقي النوري الطبرسي نور الله بصيرته بروية إمامه، و جعله نصب عينيه في يقظته و منامه: اني منذ هاجرت ثانيا من المشهد المقدس الغروي، و أسکنت ذريتي بواد ذي زرع عند بيت الحجة القائم المهدي عليه آلاف السلام السلام و التحية من الله الملک العلي مشهد



[ صفحه 201]



والده وجده عليهما السلام و مغيبه لما أراد الله إنفاذ أمره، و إنجاز وعده، أکثر البلاد موطئا للحجج بعد طيبة وأم القري، و أفضلها عندهم لطيب الهواء و قلة الداء و عذوبة الماء الممدوح بلسان الهادي عليه السلام و أخرجت إليها کرها و لو أخرجت عنها أخرجت کرها [1] المدعو تارة بسامرا، و أخري بسر من رأي طهرها الله تعالي من الارجاس، و جعلها شاغرة عن أشباه الناس، کان يختلج في خاطري، و يتردد في خلدي، أن أبتغي وسيلة بقدر الوسع و الميسور، إلي صاحب هذا القصر المشيد، و البيت المعمور، فلم أهتد إلي ذلک المرام سبيلا، و لم أجد لما أتمناه هاديا و لا دليلا.

مفضي علي ذلک عشر سنين، فقلت يا نفس: هذا و الله هو الخسران المبين إن کنت لا تجدين ما يليق عرضه علي هذا السلطان، العظيم القدر و الشأن، فلا تقصرين عن قبرة أهدي جرادة إلي سليمان، و هو بمقام من الرأفة و الکرم، لا يحوم حوله نبي و لا رسول من الروح إلي آدم، فکيف بغيره من طبقات الامم، يقبل البضاعة و لو کانت مزجاة، و يتأسي بجده الاطهر في إجابة الدعوات، و لو إلي کراع شاة.

فبينما أنا بين اليأس و الطمع، و الصبر و الجزع، إذ وقع في خاطري أنه قد سقط عن قلم العلامة المجلسي رضوان الله عليه في باب من رآه عليه السلام في الغيبة من المجلد الثالث عشر من البحار، جماعة فازوا بشرف اللقاء، و حالزوا السبق الاعلي و القدح المعلي، فلو ضبط أساميهم الشريفة، و نقل قصصهم الطريفة، و غيرهم من الابرار الذين نالوا المني بعد صاحب البحار، فيکون کالمستدرک للباب المذکور، و المتمم



[ صفحه 202]



لاثبات هذا المهم المسطور، لما قصر شأنه من الجرادة و الکراع، فعسي أن يکون سببا للقرب إلي حضرته، و لو بشبر، فيقرب إلي المتقرب إليه بباع، أو ألف ذراع.

فاسخرت الله تعالي و شرعت في المقصود مع قلة الاسباب، و ألحقت بمن أدرک فيض حضوره الشريف من وقف علي معجزة منه عليه السلام أو أثر يدل علي وجوده المقدس الذي هو من أکبر الآيات و أعظم المعاجز، لا تحاد الغرض و وحدة المقصود، ثم ما رأيته في کتب أصحابنا فنشير إلي مأخذه و مؤلفه، و ما سمعته فلا أنقل منه إلا ما تلقيته من العلماء الراسخين، و نواميس الشرع المبين، أو من الصلحاء الثقات الذين بلغوا من الزهد و التقوي و السداد محلا لا يحتمل فيهم عادة تعمد الکذب و الخطا، بل سمعنا أو رأينا من بعضهم من الکرامات ما تنبئ عن علو مقامهم عند السادات، و قد کنا ذکرنا جملة من ذلک متفرقا في کتابنا دار السلام و نذکر هنا ما فيه و ما عثرنا عليه بعد تأليفه و سميته جنة المأوي في ذکر من فاز بلقاء الحجة عليه السلام أو معجزته في الغيبة الکبري، و لم نذکر ما هو موجود في البحار، حذرا من التطويل و التکرار، و ها نحن نشرع في المرام، بعون الله الملک العلام، و إعانة السادات الکرام، عليهم آلاف التحية و السلام.


پاورقي

[1] اشارة إلي ما روي عنه عليه السلام أنه قال يوما لابي موسي من أصحابه: أخرجت إلي سر من رأي کرها، و لو أخرجت عنها أخرجت کرها، قال: قلت: و لم يا سيدي؟ فقال: لطيب هوائها، و عذوبة مائها و قلة دائها، ثم قال: تخرب سر من رأي حتي يکون فيها خان وقفا للمارة، و علامة خرابها تدارک العمارة في مشهدي بعدي.

راجع مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 417.