بازگشت

تشرف الشيخ قاسم الحويزاوي بلقائه عند ما انقطع عن الحاج


و فيه و من ذلک ما حدثني به رجل من أهل الايمان من أهل بلادنا، يقال له: الشيخ قاسم، و کان کثير السفر إلي الحج قال: تعبت يوما من المشي، فنمت تحت شجرة فطال نومي و مضي عني الحاج کثيرا فلما انتبهت علمت من الوقت أن نومي قد طال و أن الحاج بعد عني، و صرت لا أدري إلي أين أتوجه، فمشيت علي الجهة و أنا أصيح بأعلي صوتي: ياباصالح قاصدا بذلک صاحب الامر عليه السلام کما ذکره ابن طاوس في کتاب الامان فيما يقال عند إضلال الطريق.

فبينا أنا اصيح کذلک و إذا براکب علي ناقة و هو علي زي البدو، فلما رآني قال لي: أنت منقطع عن الحاج؟ فقلت: نعم، فقال: ارکب خلفي لا لحقک بهم فرکبت خلفه، فلم يکن إلا ساعة و إذا قد أدرکنا الحاج، فلما قربنا أنزلني و قال لي: أمض لشأنک! فقلت له: إن العطش قد اضر بي فأخرج من شداده رکوة فيها ماء، و سقاني منه، فو الله إنه ألذ و أعذب ماء شربته.

ثم إني مشيت حتي دخلت الحاج و التفت إليه فلم أره، و لا رأيته في الحاج قبل ذلک، و لا بعده، حتي رجعنا.

قلت: إن الاصحاب ذکروا أمثال هذه الوقائع في باب من رآه عليه السلام بناء منهم علي أن إغاثة الملهوف کذلک في الفلوات، و صدور هذه المعجزات و الکرامات لا يتيسر لاحد إلا لخليفة الله في البريات، بل هو من مناصبه الالهية کما يأتي في الفائدة الاولي، و أبو صالح کنيته عند عامة العرب، يکنونه به في أشعارهم، و مراثيهم و ندبهم، و الظاهر أنهم أخذوه من الخبر المذکور و أنه عليه السلام المراد من ابي صالح الذي هو مرشد الضال في الطريق، و لو نوقش في ذلک و ادعي إمکان صدورها من بعض الصلحاء و الاولياء فهو أيضا يدل علي المطلوب إذ لا يستغيث شيعته و مواليه عليه السلام إلا من هو منهم، و واسطة بينهم و بين إمامهم الغائب عنهم، بل هو من رجاله و خاصته و حواشيه و أهل خدمته، فالمضطر رأي من رآه عليه السلام.



[ صفحه 301]



و قال الشيخ الکفعمي، رحمه الله، في هامش جنته عند ذکر دعاء أم داود: قيل: إن الارض لا يخلو من القطب، و أربعة أوتاد، و أربعين أبدالا و سبعين نجيبا و ثلاثمأة و ستين صالحا، فالقطب هو المهدي عليه السلام، و لا يکون الاوتاد أقل من أربعة لان الدنيا کالخيمة و المهدي کالعمود و تلک الاربعة اطنابها، و قد يکون الاوتاد أکثر من أربعة، و الابدال أکثر من أربعين، و النجباء أکثر من سبعين و الصلحاء أکثر من ثلاث مائة و ستين، و الظاهر أن الخضر و إلياس، من الاوتاد فهما ملاصقان لدائرة القطب.

و أما صفة الاوتاد، فهم قوم لا يغفلون عن ربهم طرفة عين، و لا يجمعون من الدنيا إلا البلاغ، و لا تصدر منهم هفوات الشر و لا يشترط فيهم العصمة من السهو و النسيان، بل من فعل القبيح، و يشترط ذلک في القطب.

و أما الابدال فدون هؤلاء في المراقبة، و قد تصدر منهم الغفلة فيتدارکونها بالتذکر، و لا يتعمدون ذنبا.

و أما النجباء فهم دون الابدال.

و أما الصلحاء، فهم المتقون الموفون بالعدالة، و قد يصدر منهم الذنب فيتدارکونه بالاستغفار و الندم، قال الله تعالي إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان، تذکروا فإذا هم مبصرون [1] جعلنا الله من قسم الاخير لانا لسنا من الاقسام الاول لکن ندين الله بحبهم و ولايتهم و من أحب قوما حشر معهم.

و قيل: إذا نقص أحد من الاوتاد الاربعة وضع بدله من الاربعين و إذا نقص أحد من الاربعين وضع بدله من السبعين، و إذا نقص أحد من السبعين، وضع بدله من الثلاثمائة و ستين، و إذا نقص أحد من الثلاثمائة و ستين، وضع بدله من سائر الناس.



[ صفحه 302]




پاورقي

[1] الاعراف: 201.