بازگشت

استغاثة رجل من أهل الخلاف بالمهدي و اغاثته له، و ايصاله بالق


حدثني العالم الجليل، و الحبر النبيل، مجمع الفضائل و الفواضل، الصفي الوفي المولي علي الرشتي طاب ثراه و کان عالما برأ تقيا زاهدا حاويا لانواع العلم بصيرا ناقدا من تلامذه السيد السند الاستاذ الاعظم دام ظله، و لما طال شکوي أهل الارض، حدود فارس و من والاه إليه من عدم وجود عالم عامل کامل نافذ الحکم فيهم أرسله إليهم عاش فيهم سعيدا و مات هناک حميدا رحمه الله، و قد صاحبته مدة



[ صفحه 293]



سفرا و حضرا و لم أجد في خلقه و فضله نظيرا إلا يسيرا.

قال: رجعت مرة من زيارة أبي عبد الله عليه السلام عازما للنجف الاشرف من طريق الفرات، فلما رکبنا في بعض السفن الصغار التي کانت بين کربلا و طويرج، رأيت أهلها من أهل حلة، و من طويرج تفترق طريق الحلة و النجف، و اشتغل الجماعة باللهو و اللعب و المزاح، رأيت واحدا منهم لا يدخل في عملهم، عليه آثار السکينة و الوقار لا يمازح و لا يضاحک، و کانوا يعيبون علي مذهبه و يقدحون فيه، و مع ذلک کان شريکا في أکلهم و شربهم، فتعجبت منه إلي أن وصلنا إلي محل کان الماء قليلا فأخرجنا صاحب السفينة فکنا نمشي علي شاطئ النهر.

فاتفق اجتماعي مع هذا الرجل في الطريق، فسألته عن سبب مجانبته عن أصحابه، و ذمهم إياه، و قدحهم فيه، فقال: هؤلاء من أقاربي من أهل السنة، و أبي منهم و أمي من أهل الايمان، و کنت أيضا منهم، و لکن الله من علي بالتشيع ببرکة الحجة صاحب الزمان عليه السلام، فسألت عن کيفية إيمانه، فقال: اسمي ياقوت و أنا أبيع الدهن عند جسر الحلة، فخرجت في بعض السنين لجلب الدهن، من أهل البراري خارج الحلة، فبعدت عنها بمراحل، إلي أن قضيت وطري من شراء ما کنت أريده منه، و حملته علي حماري و رجعت مع جماعة من أهل الحلة، و نزلنا في بعض المنازل و نمنا و انتبهت فما رأيت أحدا منهم و قد ذهبوا جميعا و کان طريقنا في برية قفر، ذات سباع کثيرة، ليس في أطرافها معمورة إلا بعد فراسخ کثيرة.

فقمت و جعلت الحمل علي الحمار، و مشيت خلفهم فضل عني الطريق، و بقيت متحيرا خائفا من السباع و العطش في يومه، فأخذت أستغيث بالخلفاء و المشايخ و أسألهم الاعانة و جعلتهم شفعاء عند الله تعالي و تضرعت کثيرا فلم يظهر منهم شيء فقلت في نفسي: إني سمعت من أمي أنها کانت تقول: إن لنا إماما حيا يکني أبا صالح يرشد الضال، و يغيث الملهوف، و يعين الضعيف، فعاهدت الله تعالي إن استغثت به فأغاثني، أن أدخل في دين أمي.

فناديته و استغثت به، فإذا بشخص في جنبعي، و هو يمشي معي و عليه عمامة



[ صفحه 294]



خضراء قال رحمه الله: و أشار حينئذ إلي نبات حافة النهر، و قال: کانت خضرتها مثل خضرة هذا النبات.

ثم دلني علي الطريق و أمرني بالدخول في دين أمي، [1] و ذکر کلمات نسيتها، و قال: ستصل عن قريب إلي قرية أهلها جميعا من الشيعة، قال: فقلت: يا سيدي أنت لا تجيئ معي إلي هذه القرية، فقال ما معناه: لا، لانه استغاث بي ألف نفس في أطراف البلاد أريد أن أغيثهم، ثم غاب عني، فما مشيت إلا قليلا حتي وصلت إلي القرية، و کان في مسافة بعيدة، و وصل الجماعة إليها بعدي بيوم فلما دخلت الحلة ذهبت إلي سيد الفقهاء السيد مهدي القزويني طاب ثراه، و ذکرت له القصة، فعلمني معالم ديني، فسألت عنه عملا أتوصل به إلي لقائه عليه السلام مرة أخري فقال: زر أبا عبد الله عليه السلام أربعين ليلة الجمعة، قال: فکنت أزوره من الحلة في ليالي الجمع إلي أن بقي واحدة فذهبت من الحلة في يوم الخميس، فلما وصلت إلي باب البلد، فإذا جماعة من أعوان الظلمة يطالبون الواردين التذکرة، و ما کان عندي تذکرة و لا قيمتها، فبقيت متحيرا و الناس متزاحمون علي الباب فأردت مرارا أن أتخفي و أجوز عنهم، فما تيسر لي، و إذا بصاحبي صاحب الامر عليه السلام في زي لباس طلبة الاعاجم عليه عمامة بيضاء في داخل البلد، فلما رأيته استغثت به فخرج و أخذني معه، و أدخلني من الباب فما رآني أحد فلما دخلت البلد افتقدته من بين الناس، و بقيت متحيرا علي فراقه عليه السلام، و قد ذهب عن خاطري بعض ما کان في تلک الحکاية.


پاورقي

[1] في الاصل المطبوع: ثم دله علي الطريق و أمره بالدخول في دين امه الخ و أظنه تصحيفا.