بازگشت

تشرف السيد محمد ابن السيد هاشم الموسوي النجفي المعروف بالهند


و قال أدام الله إکرامه: رأيت في رواية ما يدل علي أنک إذا أردت أن تعرف ليلة القدر، فاقرء حم الدخان کل ليلة في شهر رمضان مائة مرة إلي ليلة ثلاث و عشرين، فعملت ذلک و بدأت في ليلة الثلاث و العشرين أقرء علي حفظي بعد الفطور إلي أن خرجت إلي الحرم العلوي في أثناء الليل، فلم أجد لي موضعا أستقر فيه إلا أن أجلس مقابلا للوجه، مستديرا للقبلة، بقرب الشمع المعلق لکثرة الناس في تلک الليلة.

فتربعت و استقبلت الشباک، و بقيت أقرء حم فبينما أنا کذلک إذ وجدت إلي جنبي أعرابيا متربعا ايضا معتدل الظهر اسمر اللون حسن العينين و الانف و الوجه، مهيبا جدا کأنه من شيوخ الاعراب إلا أنه شاب م و لا أذکر هل کان



[ صفحه 247]



له لحية خفيفة أم لم تکن، و أظن الاول.

فجعلت في نفسي أقول: ما الذي أتي بهذا البدوي إلي هذا الموضع؟ و يجلس هذا الجلوس العجمي؟ و ما حاجته في الحرم؟ و أين منزله في هذا الليل؟ أ هو من شيوخ الخزاعة و اضافه بعض الخدمة مثل الکليد دار أو نائبه، و ما بلغني خبره، و ما سمعت به.

ثم قلت في نفسي: لعله المهدي عليه السلام و جعلت أنظر في وجهه، و هو يلتفت يمينا و شمالا إلي الزوار من إسراع في الالتفات ينافي الوقار، و جلست إمرأة قدامي لاصقة بظهرها رکبتي، فنظرت إليه متبسما ليراها علي هذه الحالة فيتبسم علي حسب عادة الناس، فنظر إليها و هو متبسم والي و رجع إلي النظر يمينا و شمالا فقلت: أسأله أنه أين منزله؟ أو من هو؟ فلما هممت بسؤاله انکمش فؤادي إنکماشا تأذيت منه جدا، و ظننت أن وجهي اصفر من هذه الحالة، و بقي الالم في فؤادي حتي قلت في نفسي: أللهم إني لا أسأله، فدعني يا فؤادي وعد إلي السلامة من هذا الالم، فاني قد أعرضت عما أردت من سؤاله، و عزمت علي السکوت، فعند ذلک سکن فؤادي وعدت إلي التفکر في أمره.

و هممت مرة ثانية بالاستفسار منه، و قلت: أي ضرر في ذلک؟ و ما يمنعني من أن أسأله فانکمش فؤادي مرة ثانية عند ما هممت بسؤاله، و بقيت متألما مصفرا حتي تأذيت، و قلت: عزمت أن لا أسأله و لا أستفسر إلي أن سکن فؤادي، و أنا أقرء لسانا و أنظر إلي وجهه و جماله و هيبته، و أفکر فيه قلبا، حتي أخذني الشوق إلي العزز مرة ثالثة علي سؤاله، فانکمش فؤادي و تأذيت في الغاية و عزمت عزما صادقا علي ترک سؤاله، و نصبت لنفسي طريقا إلي معرفته، الکلام معه، و هو أني لا أفارقه و أتبعه حيث قام و مشي حتي أنظر أين منزله إن کان من سائر الناس أو يغيب عن بصري إن کان الامام عليه السلام.

فأطال الجلوس علي تلک الهيئة، و لا فاصل بيني و بينه، بل الظاهر أن ثيابي



[ صفحه 248]



ملاصقة لثيابه و أحببت أن أعرف الوقت و الساعة، و أنا لا اسمع من کثرة أصوات الناس صوت ساعات الحرم، فصار في مقابلي رجل عنده ساعة، فقمت لاسأله عنها و خطوت خطوة ففاتني صاحب الساعة، لتزاحم الناس، فعدت بسرعة إلي موضعي و لعل إحدي رجلي لم تفارقه فلم أجد صاحبي و ندمت علي قيامي ندما عظيما و عاتبت نفسي عتابا شديدا.