بازگشت

تشرف الشيخ محمد حسن النجفي لزيارته في مسجد السهلة، و قضاء حا


حدث الشيخ الفاضل العالم الثقة الشيخ باقر الکاظمي المجاور في النجف الاشرف آل الشيخ طالب نجل العالم العابد الشيخ هادي الکاظمي قال: کان في النجف الاشرف رجل مؤمن يسمي الشيخ محمد حسن السريرة، و کان في سلک أهل العلم ذا نية صادقة، و کان معه مرض السعال إذا سعل يخرج من صدره مع الاخلاط دم، و کان مع ذلک في غاية الفقر و الاحتياج، لا يملک قوت يومه، و کان يخرج في أغلب أوقاته إلي البادية إلي الاعراب الذين في أطراف النجف الاشرف، ليحصل له قوت و لو شعير، و ما کان يتيسر ذلک علي وجه يکفيه، مع شدة رجائه، و کان مع ذلک قد تعلق قلبه بتززويج إمرأة من أهل النجف، و کان يطلبها من أهلها و ما أجابوه إلي ذلک لقلة ذات يده، و کان في هم و غم شديد من جهة ابتلائه بذلک.



[ صفحه 241]



فلما اشتد به الفقر و المرض، و ايس من تزويج البنت، عزم علي ما هو معروف عند أهل النجف من أنه من اصابه أمر فواظب الرواح إلي المسجد الکوفة أربعين ليلة الاربعاء، فلا بد أن يري صاحب الامر عجل الله فرجه من حيث لا يعلم و يقضي له مراده.

قال الشيخ باقر قدس سره: قال الشيخ محمد: فواظبت علي ذلک أربعين ليلة بالاربعاء فلما کانت الليلة الاخيرة و کانت ليلة شتاء مظلمة، و قد هبت ريح عاصفة، فيها قليل من المطر، و أنا جالس في الدکة التي هي داخل في باب المسجد و کانت الدکة الشرقية المقابلة للباب الاول تکون علي الطرف الايسر، عند دخول المسجد، و لا أتمکن الدخول في المسجد من جهة سعال الدم، و لا يمکن قذفه في المسجد و ليس معي شيء أتقي فيه عن البرد، و قد ضاق صدري، و اشتد علي همي و غمي، و ضاقت الدنيا في عيني، و أفکر أن الليالي قد انقضت، و هذه آخرها، و ما رأيت أحدا و لا ظهر لي شيء، و قد تعبت هذا التعب العظيم، و تحملت المشاق و الخوف في أربعين ليلة، أجبئ فيها من النجف إلي مسجد الکوفة، و يکون لي الاياس من ذلک.

فبينما أنا أفکر في ذلک، و ليس في المسجد أحد أبدا و قد أوقدت نارا لا سخن عليها قهوة جئت بها من النجف، لا أتمکن من ترکها لتعودي بها، و کانت قليلة جدا إذا بشخص من جهة الباب الاول متوجها إلي فلما نظرته من بعيد تکدرت و قلت في نفسي: هذا أعرابي من أطراف المسجد، قد جاء إلي ليشرب من القهوة و؟ بلا قهوة في هذا الليل المظلم، و يزيد علي همي و غمي.

فبينما أنا؟ إذا به قد وصل إلي و سلم علي باسمي و جلس في مقابلي فتعجبت من معرفته اسمي، و ظننته من الذين أخرج إليهم في بعض الاوقات من أطراف النجف الاشرف فصرت أسأله من اي العرب يکون؟ قال: من بعض العرب فصرت أذکر له الطوائف التي في أطراف النجف، فيقول: لا لا، و کلما ذکرت له طائفة قال: لا لست منها.



[ صفحه 242]



فأغضبني و قلت له: أجل أنت من طريطرة مستهزءا و هو لفظ بلا معني، فتبسم من قولي ذلک و قال: لا عليک من أينما کنت ما الذي جاء بک إلي هنا فقلت: و أنت ما عليک السوأل عن هذه الامور؟ فقال: ما ضرک لو أخبرتني فتعجبت من حسن أخلاقه و عذوبة منطقه، فمال قلبي إليه، و صار کلما تکلم ازداد حبي له، فعملت له السبيل من التتن، و أعطيته، فقال: أنت أشرب فأنا ما اشرب، و صببت له في الفنجان قهوة و أعطيته، فأخذه و شرب شيئا قليلا منه، ثم ناولني الباقي و قال: أنت اشربه فأخذته و شربته، و لم التفت إلي عدم شربه تمام الفنجان، و لکن يزداد حبي له أنا فآنا.

فقلت له: يا أخي أنت قد أرسلک الله إلي في هذه الليلة تأنسني أفلا تروح معي إلي أن نجلس في حضرة مسلم عليه السلام، و نتحدث؟ فقال: أروح معک فحدث حديثک.

فقلت له: أحکي لک الواقع أنا في غاية الفقر و الحاجة، مذ شعرت علي نفسي و مع ذلک، معي سعال أتنخع الدم، و أقذفه من صدري منذ سنين، و لا أعرف علاجه و ما عندي زوجة، و قد علق قلبي بإمرأة من أهل محلتنا في النجف الاشرف، و من جهة قلة ما في اليد ما تيسر لي أخذها.

و قد غرني هؤلاء الملائية [1] و قالوا لي: أقصد في حوائجک صاحب الزمان و بت أربعين ليلة الاربعاء في مسجد الکوفة، فانک تراه، و يقضي لک حاجتک و هذه آخر ليلة من الاربعين، و ما رأيت فيها شيئا و قد تحملت هذه المشاق في هذه الليالي فهذا الذي جار بي هنا، و هذه حوائجي.

فقال لي و أنا غافل ملتفت: أما صدرک فقد برأ، و أما الامرءة فتأخذها عن قريب، و أما فقرک فيبقي علي حاله حتي تموت، و أنا ملتفت إلي هذا البيان أبدا.

فقلت: ألا تروح إلي حضرة مسلم؟ قال: قم، فقمت و توجه أمامي، فلما



[ صفحه 243]



وردنا أرض المسجد فقال: ألا تصلي صلاة تحية المسجد، فقلت: أفعل، فوقف هو قريبا من الشاخص الموضوع في المسجد، و أنا خلفه بفاصلة، فأحرمت الصلاة و صرت أقرأ الفاتحة.

فبينما أنا أقرء و إذا يقرأ الفاتحة قراءة ما سمعت أحدا يقرأ مثلها أبدا فمن حسن قراءته قلت في نفسي: لعله هذا هو صاحب الزمان و ذکرت بعض کلمات له تدل علي علي ذلک ثم نظرت إليه بعد ما خطر في قلبي ذلک، و هو في الصلاة، و إذا به قد أحاطه نور عظيم منعني من تشخيص شخصه الشريف، و هو مع ذلک يصلي و أنا اسمع قراءته، و قد ارتعدت فرائصي، و لا أستطيع قطع الصلاة خوفا منه فأکملتها علي اي وجه کان، و قد علا النور من وجه الارض، فصرت أندبه و أبکي وأتضجر و أعتذر من سوء أدبي معه في باب المسجد، و قلت له: أنت صادق الوعد، و قد وعدتني الرواح معي إلي مسلم.

فبينما أنا أکلم النور، و إذا بالنور قد توجه إلي جهة المسلم، فتبعته فدخل النور الحضرة، و صار في جو القبة، و لم يزل علي ذلک و لم أزل أندبه و أبکي حتي إذا طلع الفجر، عرج النور.

فلما کان الصباح التفت إلي قوله: أما صدرک فقد برأ، و إذا أنا صحيح الصدر، و ليس معي سعال أبدا و ما مضي أسبوع إلا و سهل الله علي أخذ البنت من حيث لا أحتسب، و بقي فقري علي ما کان کما أخبر صلوات الله و سلامه عليه و علي آبائه الطاهرين.


پاورقي

[1] من اصطلاحات أهل العراق.