بازگشت

مکالمة السيد بحرالعلوم مع الامام في السرداب بسر من رأي


حدثني السيد السند، و العالم المعتمد، المحقق الخبير، و المضطلع البصير السيد علي سبط السيد أعلي الله مقامه، و کان عالما مبرزا له شرح النافع، حسن نافع جدا، و غيره عن الورع التقي النقي الوفي الصفي السيد مرتضي صهر السيد أعلي الله مقامه علي بنت أخته و کان مصاحبا له في السفر و الحضر، مواظبا لخدماته في السر و العلانية، قال: کنت معه في سر من رأي في بعض أسفار زيارته، و کان



[ صفحه 239]



السيد ينام في حجرة وحده، و کان لي حجرة بجنب حجرته، و کنت في نهاية المواظبة في أوقات خدماته بالليل و النهار، و کان يجتمع إليه الناس في أول الليل إلي أن يذهب شطر منه في أکثر الليالي.

فاتفق أنه في بعض الليالي قعد علي عادته، و الناس مجتمعون حوله، فرأيته کأنه يکره الاجتماع، و يحب الخلوة، و يتکلم مع کل واحد بکلام فيه إشارة إلي تعجيله بالخروج من عنده، فتفرق الناس و لم يبق غيري فأمرني بالخروج فخرجت إلي حجرتي متفکرا في حالته في تلک الليلة، فمنعني الرقاد، فصبرت زمانا فخرجت متخفيا لاتفقد حاله فرأيت باب حجرته مغلقا فنظرت من شق الباب و إذا السراج بحاله و ليس فيه أحد، فدخلت الحجرة، فعرفت من وضعها أنه ما نام في تلک الليلة.

فخرجت حافيا متخفيا أطلب خبره، و أقفو أثره، فدخلت الصحن الشريف فرأيت أبواب قبة العسکريين مغلقة، فتفقدت أطراف خارجها فلم أجد منه أثرا فدخلت الصحن الاخير الذي فيه السرداب، فرأيته مفتح الابواب.

فنزلت من الدرج حافيا متخفيا متأنيا بحيث لا يسمع مني حس و لا حرکة فسمعت همهمة من صفة السرداب، کأن أحدا يتکلم مع الاخر، و لم أميز الکلمات إلي أن بقيت ثلاثة أو أربعة منها، و کان دبيبي أخفي من دبيب النملة في الليلة الظلماء علي الصخرة الصماء، فإذا بالسيد قد نادي في مکانه هناک: يا سيد مرتضي ما تصنع؟ و لم خرجت من المنزل؟ فبقيت متحيرا ساکتا کالخشب المسندة، فعزمت علي الرجوع قبل الجواب ثم قلت في نفسي کيف تخفي حالک علي من عرفک من طريق الحواس فأجبته معتذرا نادما، و نزلت في خلال الاعتذار إلي حيث شاهدت الصفة فرأيته وحده واقفا تجاه القبلة، ليس لغيره هناک أثر فعرفت أنه يناجي الغائب عن أبصار البشر عليه سلام الله الملک الاکبر، فرجعت حريا لکل ملامة، غريقا في بحار الندامة إلي يوم القيامة.



[ صفحه 240]