بازگشت

المقدمة


کلمة تفضل بإفادتها الحبر العلام حجة الاسلام الحاج الميرزا أبو الحسن الشعراني دامت برکاته بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله و الصلوة علي عباده الذين اصطفي.

و بعد فيقول العبد أقل خدمة أهل العلم أبو الحسن بن محمد المدعو بالشعراني أصلح الله حاله: إن کتاب بحار الانوار للشيخ الجليل المحدث العلامة الحفظة محمد باقر بن محمد تقي المجلسي قدس الله روحه باتفاق أهل الحل و العقد من علماء أهل البيت أجمع الکتب المنصفة لشتات الاحاديث الشريفة و أشملها لمتفرقات الاخبار المنيفة و أحصاها لاغراض المذهب و أبينها لمقاصد رواد هذا المشرب و أکملها في نقل أقوال العلماء، و أسهلها لطالبي الارتواء مع غزارة مادتها و هو بحيث لا يستغني عنه أحد من المنتحلين إلي الدين سواء کان فقيها أو محدثا أو واعظا أو مؤرخا أومفسرا أو متکلما، بل و لو فيلسوفا حکيما إلهيا لجمعه جميع الاغراض، نعم لا يجوز الغوص في البحار إلا للماهر في السباحة حتي لا يغرق في تيار أمواجها، و لا يجتني من قعرها إلا درها من أثباجها.

و کان مؤلفها أعلي الله مقامه وفق للعثور علي کنوز علم لا يتفق لکل أحد فقد اجتمع عنده من کتب أصحابنا الاوائل و النسخ النادرة الوجود ما لا يحصل في کل زمان و کل بلد فاغتنم الفرصة و جمعها في کتاب لئلا تتفرق و تضيع و لو کان غرضه الاکتفاء بنقل السمين و ترک الغث لفعل لکن لم يفعل لاغراض و لعل منها قصر الوقت و ضيق الفرصة أو فتح باب الاجتهاد و دفع توهم من يظن أن المحدثين يترکون ما يخالف غرضهم و يباين مذهبهم عمدا حسما لاحتجاج الخصم به کما ترک بعضهم من غيرنا نقل حديث الغدير فجمع رحمه الله کل شيء وجده و ترک البحث فيها لمن بعده.

و کان هذا الکتاب مع سعته و طوله و ثقل حجمه و کثرة أجزائه مرغوبا متداولا، و قد طبع جميع مجلداته و أحسن الطبعات هي المشهورة بطبع الکمباني مشتملة علي جميع أجزاء الکتاب إذ تصدي لتصحيحها و مقابلتها جماعة من أعاظم علماء وقته من الماهرين في الادب و الحديث المتتبعين للکتب بعناية تامة، إلا أن الزمان طال عليها، و فقدت نسخه في زماننا مع کثرة طالبيه، و زاد قيمتها علي طاقة المستفيدين، و ربما اجتهد أحدهم في الطلب حتي يحصل علي دورة کاملة فلا يرجع إلا بخفي حنين و لا يتفق له إلا مجلدات مبتورة بعد أعوام و سنين، إلي أن حدا دواعي النفوس جماعة إلي تجديد طبعه فشرعوا فيه و خرج منه مجلدات بجهد جهيد وکد کديد و حدثت حوادث فحالت بينهم و بين الطبع موانع الاسباب و قصرت بهم الازمات، و بذل الناس لطبعه أموالا جزيلة رجاء الحصول علي أمل لم يتحقق فايسوا عن الکتاب و عما بذلوا حتي و کان يسئل بعضهم بعضا متي هذا الوعد إن کنتم صادقين و کان الجواب لن يخرج إلي الوجود ما اختلف الملوان و تعاقب العصران وکر الجديدان و استقبل الفرقدان.

إلي أن طلع نجم و لاح ضوء و برق لامع و استنار أفق، أزال ظلمة اليأس و تصدي له من لا يثنيه عن عزمه الحدثان، و لا يبطئه تلاعب الازمان، و وقعت القوس في يد باريها، و ظهر بعض مجلدات الکتاب مطبوعة علي أحسن صورة و کانت بشارة بسرعة العمل و وعدا قريبا بحصول الامل من المکتبة الاسلامية الشريفة المشهورة بإتقان الصنع و إنجاز الوعد و الاسراع في الوفاء بالعهد، و کان من محاسن ما رأيت من الاجزاء المطبوعة، الصحة و مطابقة نسخة الکمباني، و يزيد عليها بذکر بعض کلمات تخالف المصادر و مما يمتاز به إنشاء الله أن يتجرد عن ذکر أمور تافهة لا تسمن و لا تغني من جوع و لا فائدة فيها، و لا حاجة للعلماء إليها و لا يعجز عنها احد و صرف الوقت و العمل فيها تسويف بغير علة nو ترجئة لغير سبب و هم إلي أصل الکتاب أحوج، و الاسراع إلي إکمال الطبع عندهم أرضي و أحب.

وفق الله الناشرين والمصححين و الساعين في طبع الکتب الدينية و شرکهم في ثواب علم العالمين و عمل العاملين بمحمد و آله الطاهرين.