علة الغيبة و کيفية انتفاع الناس به في غيبته
1 - ع: ما جيلويه، عن البرقي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبان و غيره، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلي الله عليه و اله: لا بد للغلام من غيبة فقيل له: و لم يا رسول الله؟ قال: يخاف القتل. [1] .
2 - ع: العطار، عن أبيه، عن الاشعري، عن أحمد بن الحسين بن عمر، عن محمد بن عبد الله، عن مروان الانباري قال: خرج من أبي جعفر عليه السلام أن الله إذا کره لنا جوار قوم نزعنا من بين أظهرهم.
3 - ک، ع: المظفر العلوي، عن جعفر بن مسعود و حيدر بن محمد السمر قندي معا عن العياشي، عن جبرئيل بن أحمد، عن موسي بن جعفر البغدادي، عن الحسن ابن محمد الصيرفي عن حنان بن سدير، عن أبيه، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن للقائم عليه السلام منا غيبة يطول أمدها، فقلت له: و لم ذاک يا ابن رسول الله؟ قال: إن الله عز و جل أبي إلا أن يجري فيه سنن الانبياء عليهم السلام في غيباتهم و أنه لا بدله يا سدير من استيفاء مدد غيباتهم، قال الله عز و جل لترکبن طبقا عن طبق [2] أي سننا علي سنن من کان قبلکم.
بيان: قال البيضاوي: لترکبن طبقا عن طبق حالا بعد حال مطابقة لاختها في الشدة و هو لما يطابق غيره، فقيل للحال المطابقة، أو مراتب من الشدة بعد المراتب
[ صفحه 91]
و هي الموت و مواطن القيامة و أهوالها، أوهي و ما قبلها من الدواهي علي أنها جمع طبقة.
4 - ک، ع: ابن عبدوس، عن ابن قتيبة، عن حمدان بن سليمان [3] عن أحمد ابن عند الله بن جعفر المدائني، عن عبد الله بن الفضل الهاشمي قال: سمعت الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام يقول: إن لصاحب هذا الامر غيبة لابد منها يرتاب فيها کل مبطل، فقلت له: و لم جعلت فداک؟ قال: لامر لم يؤذن لنا في کشفه لکم قلت: فما وجه الحکمة في غيبته؟ فقال: وجه الحکمة في غيبته وجه الحکمة في غيبات من تقدمه من حجج الله تعالي ذکره، إن وجه الحکمة في ذلک لا ينکشف إلا بعد ظهوره کما لا ينکشف وجه الحکمة لما أتاه الخضر عليه السلام من خرق السفينة، و قتل الغلام، و إقامة الجدار، لموسي عليه السلام إلا وقت افتراقهما.
يا ابن الفضل إن هذا الامر أمر من أمر الله، و سر من سر الله، و غيب من غيب الله و متي علمنا أنه عز و جل حکيم، صدقنا بأن أفعاله کلها حکمة، و إن کان وجهها منکشف لنا.
5 - ک، ع: ابن عبدوس، عن ابن قتيبة، عن حمدان بن سليمان عن محمد بن الحسين، عن ابن محبوب، عن علي بن رئاب، عن زرارة قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: إن للغلام غيبة قبل ظهوره، قلت: و لم؟ قال: يخاف و أومأ بيده إلي بطنه، قال زرارة: يعني القتل.
ک: العطار، عن سعد، عن ابن عيسي، عن ابن نجيح، عن زرارة مثله.
ني: ابن عقدة، عن عبد الله بن أحمد، عن محمد بن عبد الله الحلبي، عن ابن بکير عن زرارة مثله. [4] .
[ صفحه 92]
أقول: و قد مر بعض الاخبار المشتملة علي العلة في أبواب أخبار آبائه عليهم السلام بقيامه.
6 - لي: السناني، عن ابن زکريا، عن ابن حبيب، عن الفضل بن الصقر عن أبي معاوية، عن الاعمش، عن الصادق عليه السلام قال: لم تخلو الارض منذ خلق الله آدم من حجة لله فيها ظاهر مشهور، أو غائب مستور، و لا تخلو إلي أن تقوم الساعة من حجة لله فيها، و لو لا ذلک لم يعبد الله، قال سليمان: فقلت للصادق عليه السلام: فکيف ينتفع الناس بالحجة الغائب المستور؟ قال: کما ينتفعون بالشمس إذا سترها السحاب.
7 - ج: الکليني، عن إسحاق بن يعقوب أنه ورد عليه من الناحية المقدسة علي يد محمد بن عثمان: و أما علة ما وقع من الغيبة فان الله عز و جل يقول: يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبدلکم تسؤکم [5] إنه لم يکن أحد من آبائي إلا وقعت في عنقه بيعة لطاغية زمانه، و إني أخرج حين أخرج و لا بيعة لاحد من الطواغيت في عنقي، و أما وجه الانتقاع بي في غيبتي فکالانتفاع بالشمس إذا غيبها عن الابصار السحاب، و إني لامان لاهل الارض کما أن النجوم أمان لاهل السماء، فاغلقوا أبواب السوأل عما لا يعنيکم، و لا تتکلفوا علي ما قد کفيتم، و أکثروا الدعاء بتعجيل الفرج، فان ذلک فرجکم، و السلام عليک يا إسحاق بن يعقوب و علي من اتبع الهدي.
ک -: ابن عصام، عن الکليني مثله. [6] .
8 - ک: واحد، عن محمد بن همام، عن الفزاري، عن الحسن بن محمد بن سماعة [7] ، عن أحمد بن الحارث، عن المفضل، عن ابن ظبيان، عن جابر الجعفي
[ صفحه 93]
عن جابر الانصاري أنه سأل النبي صلي الله عليه و اله هل ينتفع الشيعة بالقائم عليه السلام في غيبته؟ فقال صلي الله عليه و اله: إي و الذي بعثني بالنبوة إنهم لينتفعون به، و يستضيئون بنور ولايته في غيبته کانتفاع الناس بالشمس و إن جللها السحاب.
أقول: تمامه في باب نص الرسول عليهم عليهم السلام. [8] بيان: التشبيه بالشمس المجللة بالسحاب يؤمي إلي امور: الاول: أن نور الوجود و العلم و الهداية، يصل إلي الخلق بتوسطه عليه السلام إذ ثبت بالاخبار المستفيضة أنهم العلل الغائية لايجاد الخلق، فلولاهم لم يصل نور الوجود إلي غيرهم، و ببرکتهم و الاستشفاع بهم، و التوسل إليهم يظهر العلوم و المعارف علي الخلق، و يکشف البلايا عنهم، فلولاهم لا يستحق الخلق بقبائح أعمالهم أنواع العذاب، کما قال تعالي: و ما کان الله ليعذبهم و أنت فيهم [9] و لقد جربنا مرارا لا نحصيها أن عند انغلاق الامور و إعضال المسائل، و البعد عن جناب الحق تعالي، و انسداد أبواب الفيض، لما استشفعنا بهم، و توسلنا بأنوارهم، فبقدر ما يحصل الارتباط المعنوي بهم في ذلک الوقت، تنکشف تلک الامور الصعبة، و هذا معاين لمن أکحل الله عين قلبه بنور الايمان، و قد مضي توضيح ذلک في کتاب الامامة.
الثاني: کما أن الشمس المحجوبة بالسحاب مع انتقاع الناس بها - ينتظرون في کل آن انکشاف السحاب عنها و ظهورها، ليکون انتفاعهم بها أکثر، فکذلک في أيام غيبته عليه السلام، ينتظر المخلصون من شيعته خروجه و ظهوره، في کل وقت و زمان، و لا ييأسون منه.
الثالث: أن منکر وجوده عليه السلام مع وفور ظهور آثاره کمنکر وجود الشمس
[ صفحه 94]
إذا غيبها السحاب عن الابصار.
الرابع: أن الشمس قد تکون غيبتها في السحاب أصلح للعباد، من ظهورها لهم بغير حجاب، فکذلک غيبته عليه السلام أصلح لهم في تلک الازمان، فلذا غاب عنهم.
الخامس: أن الناظر إلي الشمس لا يمکنه النظر إليها بارزة عن السحاب، و ربما عمي بالنظر إليها لضعف الباصرة، عن الاحاطة بها، فکذلک شمس ذاته المقدسة و بما يکون ظهوره أضر لبصائرهم، و يکون سببا لعماهم عن الحق، و تحتمل بصائرهم الايمان به في غيبته، کما ينظر الانسان إلي الشمس من تحت السحاب و لا يتضرر بذلک.
السادس: أن الشمس قد يخرج من السحاب و ينظر اليه واحد دون واحد فکذلک يمکن أن يظهر عليه السلام في أيام غيبته لبعض الخلق دون بعض.
السابع: أنهم عليهم السلام کالشمس في عموم النفع و إنما لا ينتفع بهم من کان أعمي کما فسر به في الاخبار قوله تعالي: من کان في هذه أعمي فهو في الآخرة أعمي و أضل سبيلا. [10] .
الثامن: أن الشمس کما أن شعاعها تدخل البيوت، بقدر ما فيها من الروازن و الشبابيک، و بقدر ما يرتفع عنها من الموانع، فکذلک إنما ينتفعون بأنوار هدايتهم بقدر ما يرفعون الموانع عن حواسهم و مشاعرهم التي هي روازن قلوبهم من الشهوات النفسانية، و العلائق الجسمانية، و بقدر ما يدفعون عن قلوبهم من الغواشي الکثيفة الهيولانية إلي أن ينتهي الامر إلي حيث يکون بمنزلة من هو تحت السماء يحيط به شعاع الشمس من جميع جوابنه يغير حجاب.
فقد فتحت لک من هذه الجنة الروحانية ثمانية أبواب، و لقد فتح الله علي.
بفضله ثمانية اخري تضيق العبارة عن ذکرها، عسي الله أن يفتح علينا و عليک في معرفتهم ألف باب يفتح من کل باب ألف باب.
9 - ک: أبي و ابن الوليد معا، عن سعد و الحميري معا، عن ابن عيسي
[ صفحه 95]
عن ابن محبوب، عن محمد بن النعمان قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: أقرب ما يکون العبد إلي الله عز و جل و أرضي ما يکون عنه إذا افتقدوا حجة الله فلم يظهر لهم و حجب عنهم فلم يعلموا بمکانه، و هم في ذلک يعلمون أنه لم تبطل حجج الله و لا بيناته، فعندها فليتوقعوا الفرج صباحا و مساء، و إن أشد ما يکون غضبا علي أعدائه إذا أفقدهم حجته، فلم يظهر لهم، و قد علم أن أولياءه لا يرتابون، و لو علم أنهم يرتابون ما أفقدهم حجته طرفة عين.
ني: الکليني، عن محمد بن يحيي، عن عبد الله بن محمد بن عيسي، عن أبيه، عن بعض رجاله، عن المفضل بن عمر، عن أبي عبد الله عليه السلام مثله. [11] .
10 - ک: ابن الوليد، عن الصفار، عن أحمد بن الحسين، عن عثمان ابن عيسي، عن خالد بن نجيح، عن زرارة بن أعين قال: سمعت الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام يقول: إن للغلام غيبته قبل أن يقوم، قلت: و لم ذلک؟ قال: يخاف و أشار بيده إلي بطنه و عنقه، ثم قال: و هو المنتظر الذي يشک الناس في ولادته فمنهم (من) يقول: إذا مات أبوه مات و لا عقب له، و منهم من يقول: قد ولد قبل وفات أبيه بسنتين لان الله عز و جل يجب [12] أن يمتحن خلقه فعند ذلک يرتاب المبطلون.
11 - ک: ابن المتوکل، عن محمد العطار، عن اليقطيني، عن ابن أبي عمير عن سعيد بن غزوان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: صاحب هذا الامر تعمي ولادته علي (هذا) الخلق لئلا يکون لاحد في عنقه بيعة إذا خرج.
12 - ک: أبي و ابن الوليد معا، عن سعد، عن اليقطيني و ابن أبي الخطاب معا، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن صالح، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: يبعث القائم و ليس في عنقه لاحد بيعة.
13 - ک: أبي، عن سعد، عن ابن يزيد و الحسن بن طريف معا، عن
[ صفحه 96]
ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: يقوم القائم و ليس لاحد في عنقه بيعة.
14 - ک: الطالقاني، عن ابن عقدة، عن علي بن الحسن بن فضال، عن أبيه، عن أبي الحسن علي بن موسي الرضا عليه السلام (قال:) کاني بالشيعة فقدانهم الثالث [13] من ولدي يطلبون المرعي فلا يجدونه، قلت له: و لم ذلک يا ابن رسول الله؟ قال: لان إمامهم يغيب عنهم، فقلت: و لم؟ قال: لئلا يکون لاحد في عنقه بيعة إذا قام بالسيف.
15 - ک: عبد الواحد بن محمد العطار، عن أبي عمر و الليثي، عن محمد بن مسعود، عن جبرئيل بن أحمد، عن محمد بن عيسي، عن ابن أبي عمير، عن سعيد بن غزوان [14] عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: صاحب هذا الامر تغيب ولادته عن هذا الخلق لئلا يکون لاحد في عنقه بيعة إذا خرج، و يصلح الله عز و جل أمره في ليلة.
16 - ک: المظفر العلوي، عن ابن العياشي و حيدر بن محمد معا، عن العياشي
[ صفحه 97]
عن عبد الله بن محمد خالد، عن أحمد بن هلال، عن عثمان بن عيسي، عن خالد ابن نجيح، عن زرارة قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: يا زرارة لابد للقائم عليه السلام من غيبة، قلت: و لم؟ قال: يخاف علي نفسه و أومأ بيده إلي بطنه.
17 - ک: بهذا الاسناد، عن العياشي، عن محمد بن إبراهيم الوراق، عن حمدان بن أحمد، عن أيوب بن نوح، عن صفوان، عن ابن بکير [15] ، عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام مثله.
18 - ک: ماجيلويه، عن عمه، عن البرقي، عن أيوب بن نوح، عن صفوان عن ابن بکير، عن زرارة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: للغلام غيبة قبل قيامه، قلت: و لم؟ قال يخاف علي نفسه الذبح.
19 - ع، ک: ابن مسرور، عن ابن عامر، عن عمه، عن ابن أبي عمير عمن ذکره، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: ما بال أمير المؤمنين عليه السلام لم يقاتل مخالفيه في الاول؟ قال لآية في کتاب الله عز و جل لو تزيلوا لعذبنا الذين کفروا منهم عذابا أليما [16] قال: قلت: و ما يعني بتزايلهم؟ قال: ودائع مؤمنون في أصلاب قوم کافرين، فکذلک القائم عليه السلام لن يظهر أبدا حتي تخرج ودائع الله عز و جل فإذا خرجت ظهر علي من ظهر من أعداء الله عز و جل جلاله فقتلهم.
ع، ک: المظفر العلوي، عن ابن العياشي، عن أبيه، عن علي بن محمد، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن إبراهيم الکرخي، عن أبي عبد الله عليه السلام مثله. [17] .
20 - غط: الغضائري، عن البزوفري، عن أحمد بن إدريس، عن ابن قتيبة
[ صفحه 98]
عن الفضل، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن زرارة قال: إن للقائم غيبة قبل ظهوره، قلت: لم؟ قال: يخاف القتل.
21 - غط: ابن عيسي [18] عن محمد بن سنان، عن محمد بن يحيي الخثعمي، عن ضريس الکناسي، عن أبي خالد الکابلي في حديث له اختصرناه قال: سألت أبا جعفر عليه السلام أن يسمي القائم حتي أعرفه باسمه فقال: يابا خالد! سألتني عن أمر لو أن بني فاطمة عرفوه لحرصوا علي أن يقطعوه بضعة بضعة.
22 - ني: علي بن أحمد، عن عبيد الله بن موسي، عن محمد بن أحمد القلانسي عن أيوب بن نوح، عن صفوان، عن ابن بکير، عن زرارة قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: إن للقائم غيبة قبل أن يقوم و هو المطلوب تراثه قلت: و لم ذلک؟ قال يخاف و أومأ بيده إلي بطنه يعني القتل.
أقول: قال الشيخ: لا علة تمنع من ظهوره عليه السلام إلا خوفه علي نفسه من القتل لانه لو کان ذلک لم ساغ له الاستتار و کان يتحمل المشاق و الاذي فان منازل الائمة و کذلک الانبياء عليهم السلام إنما تعظم لتحملهم المشاق العظيمة في ذات الله تعالي.
فان قيل: هلا منع الله من قتله بما يحول بينه و بين من يريد قتله؟ قلنا: المنع الذي لا ينافي التکليف هو النهي عن خلافه و الامر بوجوب اتباعه و نصرته، و إلزام الانقياد له، و کل ذلک فعله تعالي، و أما الحيلولة بينهم و بينه فانه ينافي التکليف، و ينقض الغرض لان بالتکليف استحقاق الثواب، و الحيلولة تنافي ذلک، و ربما کان في الحيلولة و المنع من قتله بالقهر مفسدة للخلق، فلا يحسن من الله فعلها.
[ صفحه 99]
و ليس هذا کما قال بعض أصحابنا: إنه لا يمتنع أن يکون في ظهوره مفسدة و في استتاره مصلحة، لان الذي قاله يفسد طريق وجوب الرسالة في کل حال و يطرق القول بأنها تجري مجري الالطاف التي تتغير بالازمان و الاوقات، و القهر و الحيلولة ليس کذلک، و لا يمتنع أن يقال في ذلک مفسدة و لا يؤدي إلي فساد وجوب الرئاسة.
فان قيل: أ ليس آباؤه عليهم السلام کانوا ظاهرين، و لم يخافوا و لا صاروا بحيث لا يصل إليهم أحد؟ قلنا: آباؤه عليهم السلام حالهم بخلاف حاله لانه کان المعلوم من حال آبائه لسلاطين الوقت و غيرهم أنهم لا يرون الخروج عليهم و لا يعتقدون أنهم يقومون بالسيف، و يزيلون الدول، بل کان المعلوم من حالهم أنهم ينتظرون مهديا لهم و ليس يضر السلطان اعتقاد من يعتقد إمامتهم إذا أمنوهم علي مملکتهم.
و ليس کذلک صاحب الزمان، لان المعلوم منه أنه يقوم بالسيف، و يزيل الممالک، و يقهر کل سلطان، و يبسط العدل، و يميت الجور، فمن هذه صفته يخاف جانبه و يتقي ثورته فيتتبع و يرصد، و يوضع العيون عليه، و يعني به خوفا من و ثبته، و رهبته من تمکنه، فيخاف حينئذ، و يحوج [19] إلي التحرز و الاستظهار بأن يخفي شخصه عن کل من لا يأ منه من ولي و عدو إلي وقت خروجه.
و أيضا فآباؤه عليهم السلام إنما ظهروا لانه کان المعلوم أنه لو حدث بهم حادث لکان هناک من يقوم مقامه و يسد مسده من أولادهم و ليس کذلک صاحب الزمان لان المعلوم أنه ليس بعده من يقوم مقامه قبل حضور وقت قيامه بالسيف، فلذلک وجب استتاره و غيبته، و فارق حاله حال آبائه، و هذا واضح بحمد الله.
فان قيل: بأي شيء يعلم زوال الخوف وقت ظهوره أبا لوحي من الله؟ فالإِمام لا يوحي إليه، أو بعلم ضروري؟ فذلک بنا في التکليف، أو بأمارة توجب غلبة الظن؟ ففي ذلک تقرير بالنفس.
[ صفحه 100]
قلنا: عن ذلک جوابان: أحدهما أن الله أعلمه علي لسان نبيه، و أوقفه عليه من جهة آبائه زمان غيبته المخوفة، و زمان زوال الخوف عنه فهو يتبع في ذلک ما شرع له و أوقف عليه، و إنما اخفي ذلک عنا لما فيه من المصلحة، فأما هو فعالم به، لا يرجع إلي الظن.
و الثاني أنه لا يمتنع أن يغلب علي ظنه بقوة الامارت بحسب العادة قوة سلطانه، فيظهر عند ذلک و يکون قد أعلم أنه متي غلب في ظنه کذلک وجب عليه و يکون الظن شرطا، و العمل عنده معلوما، کما نقوله في تنفيذ الحکم عند شهادة الشهود، و العمل علي جهات القبلة، بحسب الامارات و الظنون، و إن کان وجوب التنفيذ للحکم و التوجه إلي القبلة معلومين، و هذا واضح بحمد الله.
و أما ما روي من الاخبار من امتحان الشيعة في حال الغيبة، و صعوبة الامر عليهم، و اختبارهم للصبر عليه، فالوجه فيها الاخبار عما يتفق من ذلک من الصعوبة و المشاق لان الله تعالي غيب الامام ليکون ذلک، و کيف يريد الله ذلک، و ما ينال المؤمنين من جهة الظالمين ظلم منهم و معصية، و الله لا يريد ذلک بل سبب الغيبة هو الخوف علي ما قلناه، و أخبروا بما يتفق في هذه الحال، و ما للمؤمن من الثواب علي الصبر علي ذلک، و التمسک بدينه إلي أن يفرج الله (تعالي) عنهم.
[ صفحه 101]
پاورقي
[1] تري الاخبار المروية عن علل الشرائع في ج 1 ص 234.
[2] الانشقاق: 19.
[3] هذا هو الاظهر کما يأتي في السند الاتي خصوصا بملاحظة رواية ابن قتيبة عنه کما عن الکاظمي و في المطبوعة أحمد بن سليمان و هو تصحيف، و الرجل هو أبو سعيد حمدان بن سليمان المعروف بإبن التاجر ثقة من وجوه أصحابنا.
[4] غيبة النعماني ص 93.
[5] المائدة: 104.
[6] راجع کمال الدين ج 2 ص 162، الاحتجاج ص 263.
[7] في المصدر المطبوع: عن الحسين بن محمد بن الحارث، عن سماعة و هو سهو و الصحيح ما ذکره المصنف قدس سره، فان الحسين بن محمد بن الحارث معنون في الرجال و قد ذکروا في أحمد بن الحارث الانماطي أنه من أصحاب المفضل بن عمر، و أنه يروي عنه الحسن بن محمد بن سماعة.
فراجع.
[8] راجع المصدر ج 1 ص 365 و أخرجه المصنف في تأريخ أمير المؤمنين باب 41 تراه في ج 36 ص 249 من طبعته الحديثة.
[9] الانفال: 33.
[10] أسري: 72.
[11] راجع کمال الدين ج 2 ص 9، غيبة النعماني ص 83.
[12] في المصدر ج 2 ص 15، يحب.
[13] المراد بفقد انهم الثالث: موت الامام أبي محمد العسکري عليه السلام، فبعد فقدانه بطلبون المرعي و لا يجدونه، و هذا صحيح لا غبار عليه، و بذلک ورد ألفاظ الحديث مصرحا، راجع کمال الدين ج 2 ص 41 باب ما روي عن الرضا عليه السلام الحديث 3 و 4 و هکذا ص 156 باب علة الغيبة الحديث 4 و هو هذا الحديث المذکور في الصلب.
و راجع عيون أخبار الرضا ج 1 ص 273 باب ما جاء عن الرضا عليه السلام من الاخبار المتفرقة الحديث 6، علل الشرائع ج 1 ص 233 باب علة الغيبة و قد أخرجها المصنف بهذا اللفظ فيما سبق ج 51 ص 152.
فعلي هذا ما في الاصل المطبوع ص 130: الرابع من ولدي تصحيف قبيح حيث تخيل ان المراد بالفقدان: الغيبة عن أعين الناس، فقدر أن القائم يکون هو الرابع من ولد الرضا عليهما السلام، فکتبه مصحفا.
[14] هذا هو الصحيح کما مر تحت الرقم 11 و في الاصل المطبوع سعد بن عوان و هو تصحيف.
[15] کذا في المصدر ج 2 ص 175 و سيأتي عن غيبة النعماني تحت الرقم 21 و تجده في ص 92 من المصدر مصرحا بقوله عن عبد الله بن بکير.
و هو الظاهر، و في النسخة المطبوعة أبي بکر في هذا السند و الذي بعده و هو سهو.
[16] الفتح: 25.
[17] راجع علل الشرائع ج 1 ص 141.
[18] في المصدر ص 217: روي أحمد بن محمد بن عيسي الاشعري، و کان علي المصنف - رضوان الله عليه - أن يصرح بذلک فان قولهم فلان عن فلان يستلزم الرواية بلا واسطة، و أما قولهم روي فلان عن فلان فهو اعم.
و قد صرح الکشي و النجاشي بأن الشيخ لم يرو عن أحمد بن عيسي قط.
راجع قاموس الرجال ج 1 ص 18.
[19] في الاصل المطبوع: يخرج. و هو تصحيف راجع الشيخ ص 215.