بازگشت

تنبيه


مما يجب التبيه عليه انا لسنا في هذا المجال في مقام اثبات اعتبار هذه الاحاديث و ان ظهر ثبوت اعتبار بعضها من مطاوي ماذکرناه، بل ما کنا بصدده هو الرد علي الحکم بوضع هذه الاحاديث قطعياً، و بيان ان هذه الاحاديث في مضامينها المشترکة بينها و بين غيرها يحتج بها و يعتد بها، لارتفاع خبر الواحد الي المتواتر، و في مضامينها المختصة بها يجوز نقلها و تطمئن النفس بها اقوي مما في کتب التاريخ المراسيل التاريخية. نعم، لايترتب عليها اثر شرعي عملي، لانها لاترتبط بالاحکام العملية.

ان قلت: اذا کانت هذه الاخبار غير معتبرة شرعاً لايجب التعبد بها، بالبيناء علي صحة مضمونها و ان توفر فيها جميع ماهو معتبر عرفاً و شرعاً في خبر الواحد الوارد في الفروع، فما فائدة نقلها و حفظها؟

قلت: نعم، معني عدم اعتباره شرعاً انه لايجوز ان يتعبدنا الشارع بالبناء علي صدوره عملياً؛ لان مضمونه لايرتبط بالفروع و الاحکام



[ صفحه 430]



العملية، و اما في مضامينها التي يجب الاعتقاد بها فعدم اعتبارها انما يکون لاجل لزوم اليقين بالمسائل الاعتقادية، و اليقين لايتحصل بحجية هذه الاخبار، و لايجوز ان يتعبدنا الشارع بالقطع و اليقين بها کما لايجوز التعبد و الالزام بالعمل بها، و عليه لايترتب اثر شرعي عملي عليها، ولايوجب القطع بمضمونها ان کانت في المسائل الاعتقادية.

و لکن قد ظهر بما ذکر: ان الفائدة لاتنحصر في ذلک، بل فائدته المهمة انها توجب ارتقاء الحديث الي المتواتر المعنوي او الاجمالي، و ان بها يويد بعض الاحاديث کما انها ايضاً تويد بها فالاخبار يويد بعضها بعضاً، و ايضاً يوتي بها في المتابعات و الاستشهادات، ففائدة نقل هذه الاحاديث و الاخبار مهمة جداً، و لذا قد استقر بناء العقلاء علي نقلها، و معظم التواريخ و التراجم و السير مبني علي هذه الاخبار و نقلها.

و علي ذلک کله اذا حصل من هذه الاخبار بواسطة بعض القرائن و الشواهد القطع بمضمونها فهو، و اذا لم يحصل منها القطع لايجوز ردها و الحکم بکذبها و جلعها بالشبهات و الاستدلالات الضعيفة حتي مثل ارسال الخبر او مجهولية اسناده، بل بناء العقلاء قد استقر علي هذه الاخبار و نقلها علي الطريقة المالوفة بينهم، فضلاً من يکون اسنادها موصولة بعضها ببعض و کانت رواتها من المشاهير و الثقات مثل الصدوق، فلايبدون الشک في حديث ورد باسناد معتبر في غزوات رسول الله صلي الله عليه و آله و سائر سيره، مثل ان الراوي اخبر بانه غزوة کذا وقعت يوم کذا و في مکان کذا و خرج رسول الله صلي الله عليه و آله اليها کذا ورجع عنها يوم کذا و کان عدة من معه فيها من الاصحاب کذا، فينقلون ذلک بل ويرسلونه ارسال المسلمات لايبدون



[ صفحه 431]



الشک فيه.

فان قلت: ان جواز نقل الخبر في الفروع مسلم، اما في غير الفروع، سواء کان مرسلاً او مسنداً او غير ذلک، فيجب ان يثبت جوازه بالشرع، فما الدليل علي جواز نقل الخبر مطلقاً؟

قلت: هذا غريب، فان جواز نقله ثابت بالضرورة و بالکتاب و السنة المتواترة و السيرة القطعية المستمرة الي زمان الائمة و النبي صلوات الله عليه و عليهم، لم يشک فيه احد الا الاول و الثاني و اذنابهما لاهداف سياسية و اغراض دنيوية، فمنعا الناس عن نقل الحديث، و شرح ذلک يطلب من محله.

لايخفي ان کتابنا هذا (المنتخب الاثر) قد تم تاليفه في سنة 1373 ق و طبع في هذه السنة في مجلد واحد ثم جددنا النظر فيه وزدنا عليه بعض الزيادات، فصار في ثلاثة مجلدات بالصورة التي بين يديک، و تم في صفر 1414 ه ق.