خبر الجزيرة الخضراء و مدائن ابناء المهدي
و مما عده من الاحاديث الموضوعة خبر قصة الجزيرة الخضراء و خبر مدائن ابناء المهدي عليه السلام، قال: نقل الاول المجلسي - رحمه الله - بدون اسناد متصل، [1] بل قال: وجدت رسالة مشتهرة بقصة الجزيرة الخضراء في البحر الابيض و لم يذکر صاحب الرسالة، و قد اقر بعدم کونه في کتاب معتبر، فقال: و انما افردت لها باباً لاني لم اظفر به في الاصول المعتبرة، و قال: وجدت في خزانة اميرالمومنين عليه السلام بخط الشيخ الفاضل الفضل بن يحيي بن علي الطيبي ما هذا صورته: الحمد لله رب العالمين... و ذکر تمام الحکاية الي قوله: ادام الله افضاله.
ثم قال: و نقل الثاني النوري في کتابه «جنةالماوي» في الاستدراک
[ صفحه 423]
لباب من راي الحجة عليه السلام من «البحار» [2] في حکايته الثالثة، فقال: و في آخر کتاب في التعازي عن آل محمد و وفاة النبي صلي الله عليه و آله تاليف الشريف الزاهد ابي عبدالله محمد بن علي بن الحسن بن عبدالرحمن العلوي لاحسيني رضي الله عنه، عن الاجل العالم الحافظ... فذکر تمام سند الحديث و متنه، ثم قال بعده: قال النوري: وروي هذه الحکاية مختصراً الشيخ زين الدين علي بن يونس العاملي البياضي في الفصل الخامس عشر من الباب الحادي عشر من کتاب «الصراط المستقيم» و هو احسن کتاب صنف في الامامة عن کمال الدين الانباري... الخ و هو صاحب رسالة «الباب المفتوح الي ما قيل في النفس و الروح» التي نقلها المجلسي بتمامها في «السماء و العالم»، [3] قال: و قال السيد الاجل علي بن طاوس... الخ.
و بعد کلام المحدث النوري قال: [4] اقول: وجه وضع الاول بالخصوص اشتماله علي ان حسان بن ثابت من القراء في موضعين، مع انه انما کان شاعراً، و انما کان الخوه زيد بن ثابت من القراء، مع ان باقي من عده لم يکن جميعهم من القراء، و انما القاري ء منهم ابن مسعود و ابي، ثم جمع ابي سعيد الخدري مع ابي عبيدة و اضرابه بلا وجه، حيث ان اباسعيد کان امامياً و باقي من ذکر من معاندي اميرالمومنين عليه السلام. [5] .
اقول: ليس في الحکاية ما يدل علي ان الذين اجتمعوا اليه کانوا من
[ صفحه 424]
القراء، واجتمعوا اليه لانهم کانوا کذلک، بل يدل علي ان المجتمعين الذين سمي بعضهم و ترک آخرين کانوا من الصحابة. کما ان ذکر ابي عبيدة و ابي سعيد و اجتماعهما و جماعات المسلمين لم يکن الا لانهم کانوا معدودين من المسلمين، و ادرکوا عصر الرسالة، و سمعوا القرآن الکريم منه بلا واسطة احد او بواسطة غيرهم في هذا العصر، و لا يدل علي ازيد من ذلک فما ذکر لايکون وجهاً للوضع اصلاً.
و لا يخفي ان حسان بن ثابت لم يکن اخاً لزيد بن ثابت، و انما اشبته علي صاحبنا و هو مولف «قاموس الرجال» و مورد الطعون علي بعض علماء الرجال، و ذلک لاشتراک و الديهما في الاسم، فزيد هو ابن ثابت بن الضحاک بن زيد بن لوذان بن عمرو بن عبدعوف بن غتم بن مالک بن النجار الانصاري الخزرجي ثم النجاري، و حسان هو ابن ثابت بن المنذر بن خرام بن عمرو بن زيد بن مناة بن عدي بن عمرو بن مالک بن النجار الانصاري الخزرجي النجاري.
قال: واشتماله علي انه لم ير لعلماء الامامية عندهم ذکراً سوي خمسة: الکليني و ابن بابويه والمرتضي والطوسي والمحقق، فبعد فتح باب العلم بحضور النائب الخاص بامر صدر عنه عليه السلام عندهم، و انه يزور قبته عليه السلام في کل جمعة، و يجد ورقة مکتوباً فيها جميع مايحتاج اليه في المحاکمة، و کون ابيه سمع حديثه وجده راي شخصه، اي حاجة کانت لهم الي هولاء الخمسة الذين کان العلم عليهم منسداً؟ مع ان لکل منهم فتاوي غير فتاوي الآخرين، مع ان لکل واحد من الکليني و ابن بابويه و المرتضي و الطوسي و المحقق مسلکاً، و لکن لم يعد فيهم المفيد... الخ.
[ صفحه 425]
اقول: اولاً: باب العلم في عصر حضور الامام و في عصر النبوة ليس مفتوحاً مطلقاً، کما ان الاجتهاد في استنباط الاحکام ايضاً لا يرتفع ايضاً مطلقاً، بل الاجتهاد امر واصل يعمل به في عصر الحضور کالغيبة، و باب العلم بالاحکام ايضاً منسد في عصر الحضور کعصر الغيبة، غير ان دائرة کل واحد منها في عصر الحضور اضيق من دائرته في عصر الغيبة، و الا حتي المتشرفين بمحاضرهم الشريفة لابد لهم في بعض الموارد من العمل ببعض الظنون المعتبرة، سيما اذا کانوا غائبين عن مجلسه و في الاماکن البعيدة، فکما ان الفصل الزماني بيننا و بين عصر الحضور اوجب توسعة دائرة الاجتهاد و اعمال الاصول العقلائية اللفظية و العقلية، و جواز العمل بالظنون المتبرة الشرعية، کذا الفصل المکاني ايضاً ربما يوجب ذلک، و کما ان شان اجتهاد مجتهد مثل الشيخ و المحقق في استنباط الاحکام يظهر في مثل عصورنا هذه، فکذلک يظهر ايضاً في عصورهم عليهم السلام عند الاحتياج الي الاجتهاد الذي لابد منه، و لعل هذا هو المراد من التفقه الذي امرنا به في عصر الحضور ايضاً، و قال الصادق عليه السلام فيه: ليت السياط علي رووس اصحابي حتي يتفقهوا في الحلال و الحرام، [6] و لو لم يکن ذلک کله فلا ريب انه بعضه.
و ثانياً: انه قال: واجد هناک ورقة مکتوب فيها ما احتاج اليه من المحاکمة بين المومنين، فمهما تضمنته الورقة اعمل به. و هذا کلام لايخلو فهمه لنا من الاشکال، فهل اراد منه انه يحکم بما تضمنته هذه الورقة من غير مطالبة البينة عن المدعي، او اليمين عما ادعي عليه فيحکم بحکم داود، او ان الورقة تتضمن احکام القضاء مما لم يبين له من ذي قبل؟
[ صفحه 426]
و کيف کان، فالظاهر منه ان الرجوع الي الورقة مختص بالمحاکمة بين المومنين.
و ثالثاً: يمکن انه انما لم ير لغير هولاء الخمسة ذکراً عندهم اتفاقاً و في مدة کان هناک، و لا يفهم من ذلک انه ليس لغير هم عندهم ذکر مطلقاً.
و رابعاً: يمکن ان يکون ذلک لان کل واحد من هولاء يکون راساً في طريقته العلمية الخاصة به، او لغير ذلک. و علي کل حال، لايکون مثل ذلک و عدم ذکر مثل المفيد مع جلالة قدره و عظم شانه امارة علي الوضع و الجعل اصلاً.
و اما مذکر من وجه الوضع من عدم سند معتبر لهما، ففيه:
اولاً: ان ذلک ليس دليلاً لذلک، فکيف تحکم يا ايها الشيخ - ادام الله عمرک و بارک فيه -بوضع الحديث لعدم سند معتبر له؟ فهل تجسر علي الحکم بالوضع علي جميع المرسلات او المسندات الضعيفة؟!
و ثانياً: ان عدم اعتبار الاول عند العقلاء، و بناء علي طريقتهم و اعتباره کذلک يدور مدار کون کاتب الرسالة المشتهرة بقصة الجزيرة الخضراء التي وجدها العلامة المجلسي مجهولاً غير معروف، کما يظهر من المجلسي انه کان کذلک عنده، او انه معلوم الحال و هو شيخنا الشهيد الاول کما قطع به وصرح عليه العالم المتتبع الخبير الشهيد الشريف مولف کتاب «مجالس المومنين» [7] في مجلسه الاول و صرح به غيره ايضاً، و مع ذلک کيف لنا بالقول بعدم سند معتبر له بعد تصريح هذا الشريف الاجل بان الشهيد الاول هو الذي وجد الرسالة في خزانة اميرالمومنين
[ صفحه 427]
عليه السلام بخط العالم بخط العالم العادل و الشيخ الفاضل الفضل بن يحيي بن علي الطيبي الکوفي - قدس الله روحه - و صرح بانه وجدها بخطه فضلاً عن الحکم بجعله و وضعه، و ما وجده المجلسي هو من نسخ هذه الرسالة المشتهرة، و حيث لم يطلع علي ناسخها لم يذکر ذلک، و هذا غير مضر باعتبارها بعد حکم مثل القاضي الشهيد قطعياً بانه هو الشهيد الاول.
هذا، و قد اختصر کلام المجلسي و کلام مستنسخ الرسالة الدال علي توصيف الفضل بن يحيي بالعلم و العمل صاحب «الاخبار الدخيلة» و العهدة عليه.
و مما يظهر منه عدم تامل هذا المدعي لوضع خبر علي بن فاضل، و اصراره علي ايراد الشبهة، انه زعم ان المجلسي وجده في خزانة اميرالمومنين عليه السلام، و لذا قال في ابتداء نقله هذا الخبر عن المجلسي: نقل الاول المجلسي - رحمة الله - بدون اسناد متصل، بل قال: وجدت رسالة... الي ان قال: و قال (يعني المجلسي): وجدت في خزانة اميرالمومنين عليه السلام.
و قال بعد نقل الخبرين بطولهما، و ما اورد عليهما: فان قيل: ان الخبر الاول قال المجلسي وجده في خزانة اميرالمومنين عليه السلام بخط الفضل بن يحيي الطيبي ناقلاً له عن علي بن فاضل المازندراني بشرح مر، قلت: من اين ان احداً من اعداء الامامية لم يضع القصة و القاها في الخزانة ناسباً له الي مسمي بفضل بن يحيي عن مسمي بعلي بن فاضل.
اقول: انظر کيف اشبته عليه الامر، فالمجلسي لم يجد الرسالة في خزانة اميرالمومين، بل وجد الرسالة المشتهرة بقصة الجزيرة الخضراء في البحر الابيض و احب ايرادها، فذکرها بعينها کما وجدها: بسم الله
[ صفحه 428]
الرحمن الرحيم، الحمدلله الذي هدانا لمعرفته، والشکر له علي مانحنا للاقتداء بسنن سيد بريته محمد الذي اصطفاه من بين خليقته، و خصنا بمحبة علي و الائمة المعصومين من ذريته صلي الله عليه و عليهم اجمعين الطيبين الطاهرين و سلم تسليماً کثيراً، و بعد فقد وجدت في خزانة اميرالمومنين و سيد الوصيين و حجة رب العالمين و امام المتقين علي بن ابي طالب عليه السلام بخط الشيخ الفاضل و العالم العامل الفضل بن يحيي بن علي الطيبي الکوفي - قدس الله روحه - ما هذا صورته... الخ.
و خلاصة الکلام: ان بعد کون الناسخ و واجد الرسالة في الخزانة هو الشهيد الاول الذي کان قريب العهد بالفضل بن يحيي عارفاً بخطه و حاله و وصفه بالفضل و العلم و العمل، و بعد توصيف الفضل بن يحيي الشيخ زين الدين علي بن فاضل بالتقوي و الصلاح، و سماعه هذا الخبر بواسطة عالمين فاضلين، القول بجعله راساً و استناد ذلک الي الاعداء و الي الهذيانات الصادرة من المرضي في شدة المرض، قول بغير علم، و کم فرق بين من يبدي الاحتمالات المانع جوازها عن اعتبار الخبر و تمنع اثباته، و بين من يحکم بجعله و وضعه باحتمالات لاتدل علي ذلک اصلاً، هذا.
و اما عدم ورود خبر علي انه له عليه السلام ولداً بالفعل و اختلاف الاخبار في حصول الولد له بعد ظهوره لاينفي ما يدل عليه، لان عدم الدليل علي نفي الولد، و عدم ورود خبر غير هذا الخبر علي ان له ولداً، لاينفي ما يدل عليه، مضافاً الي دلالة بعض الاخبار و الادعية عليه.
[ صفحه 429]
و اما تضمن خبر علي بن فاضل ان عدد امراء عسکره ثلاثمائة ناصر و بقي ثلاثة عشر ناصراً، فلايثبت به جعل الخبر و لو وجد في بعض الاخبار مايعارضه، مضافاً الي ان اعمال قواعد الترجيح يکون في الاخبار الرجعة الي الفروع و الاحکام، يرجح عقلائياً مافيه الترجيح، و لايلزم عليه ان يخرج اذا کان اعوانه بهذه الکثرة؛ لان له مضافاً الي ذلک او بدون ذلک مقتضيات و شرائط مذکورة في محلها، و ربما يعلم بعضها بعد الظهور، و لا يعلم بعضها الا الله تعالي.
پاورقي
[1] البحار: ج 52 ص 174 - 159.
[2] البحار: ج 53 ص 221 - 213.
[3] البحار: ج 61 ص 131 -91.
[4] اي الناقد.
[5] الاخبار الدخيلة: ص 146.
[6] راجع البحار: ج 1 ص 213 ح 12.
[7] مجالس المومنين للقاضي الشهيد نور الله التستري: ص 79-78.