و حديث آخر
و مما عدة من الاحاديث الموضوعة ما صرح به بقوله: ومنها: مانقله النوري في کتابه «کشف الاستار» بعد عده عدة من العامة قائلين بالمهدي عليه السلام کالخاصة، فقال: السابع: الشيخ حسن العراقي، قال الشيخ عبدالوهاب الشعراني في الطبقات الکبري المسماة بلواقح الانوار في طبقات الاخيار في الجزء الثاني من النسخة المطبوعة بمصر في سنة الف و ثلاثمائة و خمسين: و منهم الشيخ العارف بالله سيدي حسن العرافي المدفون بالکوم خارج باب الشريعة بالقرب من برکة الرطلي و جامع البشري.
قال: کان قد عمر نحو مائة و ثلاثين سنة، قال: ترددت اليه مع سيدي ابي العباس الحريثي، و قال اريد ان احکي لک حکايتي من مبتدا امري الي وقتي هذا کانک کنت رفيقي من الصغر، فقلت له: نعم، فقال: کنت شاباً من دمشق، و کنت صائغاً، و کنا نجتمع يوماً في الجمعة علي اللهو و اللعب و الخمر، فجاء لي التنبيه منه تعالي يوماً، فقلت
[ صفحه 420]
لنفسي: الهذا خلقت؟ فترکت ما هم فيه و هربت منهم، فتبعوا ورائي فلم يدرکوني فد خلت جامع بني امية فوجدت شخصاً يتکلم علي الکرسي في شان المهدي عليه السلام، فاشتقت الي لقائه، فصرت لا اسجد سجدة الا و سالت الله تعالي ان يجمعني عليه، فبينا انا ليلة بعد صلاة المغرب اصلي صلاة السنة اذا بشخص جلس خلفي و حس علي کتفي، و قال لي: قد استجاب الله دعاءتک يا ولدي، مالک؟ انا المهدي، فقلت: تذهب معي الي الدار؟ فقال: نعم، و ذهب معي، و قال لي: اخل لي مکاناً انفرد فيه، فاخليت له مکاناً، فاقام عندي سبعة ايام بلياليها، و لقنني الذکر، و قال: اعلمک ردي تدوم عليه ان شاءالله تعالي: تصوم يوماً و تفطر يوماً، و تصلي في کل ليلة خمسمائة رکعة، و کنت شاباً امرد حسن الصورة، فکان يقول: لاتجلس قط الا ورائي، فکنت افعل، و کانت عمامته کعمامة العجم، و عليه جبة من وبر الجمال، فلما انقضت السبعة ايام خرج فودعته، و قال لي: يا حسن، ما وقع لي قط مع احد ما وقع معک، فدم علي وردک حتي تعجز فانک ستعمر عمراً طويلاً، قال: ثم طلب الخروج، و قال لي: يا حسن، لاتجتمع باحد بعدي، ويکفيک ماحصل لک مني فما ثم الا دون ما وصل اليک مني، فلا تتحمل منه احد بلا فائدة، فقلت: سمعاً و طاعة... الخ.
ثم قال: [1] اقول: و آثار الوضع عليه لائحة، فانه من اکاذيب الصوفية، و مما يختلقون لهم و لمشايخهم، والعجب من هذا المحدث کيف ينقل مثل هذا الحديث، و اني لاستحيي من النظر في مثله.
و انا اقول: هل تعلم ان المحدث النوري کتب «کشف الاستار»
[ صفحه 421]
جواباً عن قصيدة وردت من بغداد من قبل ابناء العامة مطلعها: ايا علماء العصر...، و قد ذکرت فيها الايرادات و السوالات حول المهدي عليه السلام، انکاراً لوجوده عليه السلام، و تسفيهاً لمن يعتقد به، فقام النوري للدفاع عن الحق و الذب عن المذهب، و اتي بهذا الجواب الشافي الکافي من کتب العامة، و کلمات مشايخهم و اکابرهم، و جادلهم بالتي هي احسن، ثم نقلها الي النظم الجيد البليغ العلامة الکبير و المصلح الشهير الشيخ محمد حسين کاشف الغطاء، و اجابه ايضاً علي هذا المنوال نظماً الشيخ جعفر النقدي والسيد محسن الامين، و شرح الاخير قصيدته بالنثر اسماه «البرهان» و غيرهم.
ففي هذا المجال ذکر اسماء عدة من القائلين بوجوده من العامة، منهم الشيخ حسن العراقي، و هو ليس ملتزماً بصحة ماينقل منهم، و لايلزم عليه من الاستدلال باقوالهم و عباراتهم ان يکون معتقداً بتفاصيل جاءت فيها، و قصة الشيخ حسن التي وقعت مورد انکاره مقبولة عند الصوفية العامة، و ليس التصوف عندهم کما هو عند الشيعة، فانه عندنا مذموم لايجوز الالتزام و التعبد بتعاليمهم الخاصة مما لم يوثر من الشرع، و لا يدل عليه الکتاب او السنة، و اکثرها مختلقات و موضوعات مشتملة علي العقائد الباطلة، و الاعمال المحرمة بل والشرک، و اما عند العامة - مع تضمن ما عندهم من التصوف بهذه المفاسد بالوضوح - ممدوح، و اکثر علمائهم منخرطون في سلسلة من سلاسل التصوف التي لا حقيقة لها و ما انزل الله بها من سلطان، و شان مثل محيي الدين و الشعراني و امثالهما اجل عند المتصوفة منههم من الشافعي و ابي حنيفة و مالک و ابن حنبل و اصحاب الحديث، ولکن ذلک کله لايمنع من الاستدلال باقوالهم رداً
[ صفحه 422]
عليهم و افحاماً للمنکرين، و بهذا الاعتبار ليس کتاب «کشف الاستار» من کتب الحديث لم يذکر مصنفه مثل هذه الحکاية باعتبار انها حديث من الاحاديث، فذکرها في الاحاديث التي تبحث فيها عن سندها و اعتبارها في غير محله، الا ان يراد بذلک تکثير ما اسماه بالاحاديث الموضوعة، و اظهار العجب من المحدث النوري، والاستحياء من النظر في مثل نقله، مع ان الاستحياء من هذا العجب والاستحياء اولي من اسحيائه.
و مما ذکر يظهر الجواب عما نقله المحدث النوري ايضاً عن «ينابيع المودة» من بيعة بعض مشايخ مصر مع الامام المهدي عليه السلام.
پاورقي
[1] اي الناقد.