بازگشت

و حديثان آخران


حديث آخر من الاحاديث التي عدها من الاحاديث الموضوعة، قال: و منها مارواه «الغيبة» في اول فصل ماروي من الاخبار المتضمنة لمن رآه (ص 253 ح 223) عن جماعة، عن التلعکبري، عن احمد بن علي الرازي، قال: حدثني شيخ ورد الري علي ابي الحسين محمد بن جعفر الاسدي، فروي له حديثين في صاحب الزمان عليه السلام، وسمعتهما منه کما سمع، واظن ذلک قبل سنة ثلاثمائة او قريباً منها، قال: حدثني علي بن ابراهيم الفدکي، قال: قال الاودي: بينا انا في الطواف قد طفت ستة و اريد ان اطوف السابعة فاذا انا بحلقة عن يمين الکعبة و شاب حسن الوجه، طيب ارائحة، هيوب و مع هيبته متقرب الي الناس،



[ صفحه 413]



فتکلم فلم ار احسن من کلامه، و لا اعذب من منطقه في حسن جلوسه، فذهبت اکلمه فزبرني الناس، فسالت بعضهم من هذا؟ فقال: ابن رسول الله، يظهر للناس في کل سنة يوماً لخواصه فيحدثهم ويحدثونه، فقلت: مسترشد اتاک فارشدني هداک الله، قال: فناولني حصاة فحولت وجهي، فقال لي بعض جلسائه: ما الذي دفع اليک ابن رسول الله؟ فقلت: حصاة، فکشفت عن يدي فاذا انا بسبيکة من ذهب، و اذا انا به قد لحقني، فقال: ثبتت عليک الحجة، وظهر لک الحق، و ذهب العمي، اتعرفني؟ فقلت: اللهم لا، فقال المهدي: انا قائم الزمان، انا الذي املاها عدلاً کما ملئت ظلماً وجوراً، ان الارض لاتخلو من حجة، ولايبقي الناس في فترة اکثر من تيه بني اسرائيل، و قد ظهر ايام خروجي، فهذه امانة في رقبتک، فحدث بها اخوانک من اهل الحق.

وبالاسناد، عن احمد بن علي الرازي، قال: حدثني محمد بن علي، عن محمد بن احمد بن خلف، قال: نزلنا مسجداً في المنزل المعروف بالعباسية علي مرحلتين من فسطاط مصر، و تفرق غلماني في النزول و بقي معني في المسجد غلام اعجمي، فرايت في زاويته شيخاً کثير التسبيح، فلما زالت الشمس رکعت وصليت الظهر في اول وقتها، و دعوت بالطعام، و سالت الشيخ ان ياکل معي فاجابني، فلما طعمنا سالت عن اسمه و اسم ابيه، و عن بلده و حرفته و مقصده، فذکر ان اسمه محمد بن عبدالله و انه من اهل قم، و ذکر انه يسيح منذ ثلاثين سنة في طلب الحق، وينتقل في البلدان والسواحل، و انه اوطن مکة المدينة نحو عشرين سنة يبحث عن الاخبار ويتتبع الآثار، فلما کان في سنة ثلاث و تسعين و مائتين طاف بالبيت، ثم صار الي مقام ابراهيم عليه السلام



[ صفحه 414]



فرکع فيه و غلبته عينه، فانبهه صوت دعاء لم يجر في سمعه مثله، قال: فتاملت الداعي فاذا هو شاب اسمر لم ار قط في حسن صورته، و اعتدال قامته، ثم صلي، فخرج و سعي، فاتبعته، و اوقع الله تعالي في نفس انه صاحب الزمان عليه السلام، فلما فرغ من سعيه قصد بعض الشعاب، فقصدت اثره، فلما قربت منه اذا انا باسود مثل الفنيق قد اعترضني، فصاح بي بصوت لم اسمع اهول منه: ما تريد عافاک الله؟ فارعدت و وقفت، وزال الشخص عن بصري، وبقيت متحيراً، فلما طال بي الوقوف والحيرة انصرفت، الوم نفسي و اعذلها بانصرافي بزجرة الاسود، فخلوت بربي عزوجل ادعوه، واساله بحق رسوله و آله عليهم السلام الا يخيب سعيي، و ان يظهر لي ما يثبت به قلبي، و يزيد في بصري، فلما کان بعد سنين زرت قبر المصطفي صلي الله و عليه و آله، فبينا انا اصلي في الروضة التي بين القبر و المنبر اذ غلبتني عيني، فاذا محرک يحرکني، فاستيقظت فاذا انا بالاسود، فقال: و ما خبرک؟ و کيف کنت؟ فقلت: الحمد لله و اذمک، فقال لاتفعل، فاني امرت بما خاطبتک به، و قد ادرکت خيراً کثيراً، فطب نفساً وازدد من الشکر الله عزوجل علي ما ادرکت و عاينت، ما فعل فلان؟ و سمي بعض اخواني المستبصرين، فقلت: ببرقة، فقال: صدقت، ففلان؟ و سمي رفيقاً لي مجتهداً في العبادة مستبصراً في الديانة، فقلت: بالاسکندرية، حتي سمي لي عدة من اخواني، ثم ذکر اسماً غريباً، فقال: مافعل نقفور؟ قلت: لا اعرفه، قال: کيف تعرفه و هو رومي فيهديه الله فيخرج ناصراً من قسطنطنية، ثم سالني عن رجل آخر، فقلت: لا اعرفه، فقال: هذا رجل من اهل هيت من انصار مولاي عليه السلام، امض الي اصحابک فقل لهم:



[ صفحه 415]



نرجو ان يکون قد اذن الله في الانتصار للمستضعفين و في الانتقام من الظالمين.

و لقد لقيت جماعة من اصحابي و اديت اليهم، وابلغتهم ما حملت و انا منصرف، و اشير عليک ان لاتتلبس بما يثقل به ظهرک، و يتعب به جسمک، و ان تحبس نفسک علي طاعة ربک، فان الامر قريب ان شاءالله تعالي.

فامرت خازني فاحضر لي خمسين ديناراً وسالته قبولها، فقال: يا اخي، قد حرم الله علي ان آخذ منک ما انا منک ما انا مستغن عنه، کما احل لي ان آخذ منک اشي ء اذا احتجت اليه، فقلت له: هل سمع منک هذا الکلام احد غيري من اصحاب السلطان؟ فقال: نعم،احمد بن الحسين الهمداني المدفوع عن نعمته بآذربيجان، و قد استاذن للحج تاميلاً ان يلقي من لقيت، فحج احمد بن الحسين الهمداني - رحمه الله - في تلک السنة فقتله ذکرويه ابن مهرويه، وافترقنا و انصرفت الي الثغر، ثم حججت فلقيت بالمدينة رجلاً اسمه طاهر من ولد الحسين الاصغر، يقال: انه يعلم من هذا الامر شيئاً، فثابرت عليه حتي انس بي، وسکن الي، و وقف علي صحة عقيدتي، فقلت له: يا ابن رسول الله، بحق آبائک الطاهرين عليهم السلام لما جعلتني مثلک في العلم بهذا الامر، فقد شهد عندي من توثقه، بقصد القاسم بن عبيدالله بن سليمان بن وهب اياي لمذهبي و اعتقادي، و انه اغري بدمي مراراً، فسلمني الله، فقال: يا اخي، اکتم ما تسمع مني الخبر في هذه الجبال، و انما يري العجائب الذين يحملون الزاد في الليل، و يقصدون به مواضع يعرفونها، و قد نهينا عن الفحص والتفتيش، فودعته و انصرفت عنه.



[ صفحه 416]



ثم قال: [1] اقول: ويوضح جعلهما اشتمالهما علي اخباره عليه السلام بقرب زمان ظهوره من الف و مائة سنة تقريباً قبل، و هو امر واضح البطلان بالعيان، و قد تواتر انه قال: کذب الوقاتون... الخ.

و فيه: اولاً: ان الاعتماد في اخبر الاول عي مارواه الصدوق و ليس في ذيله ما يدل علي قرب زمان الظهور، و هذا لفظه بعينه: و لا يبقي الناس في فترة، و هذه امانة لاتحدث بها الا اخوانک من اهل الحق.

و اما الخبر الثاني فليس فيه مايوهم ذلک الا قوله: «نرجو ان يکون قد اذن الله في الانتصار للمستضعفين، و في الانتقام من الظالمين» و هذه العبارة کما تري لاتدل علي قرب زمان الظهور بحيث ينافي تاخره الي زماننا هذا و بعده. نعم، کانه قد فهم الراوي ذلک منها فقال: و لقد لقيت جماعة... الخ، الا ان المعيار علي مايستفاد من لفظ الحديث لا علي فهم الراوي.

و ثانياً: قرب زمان وقوع کل امر واقترابه يکون بحسبه، فقد قرب زمان وقوع الساعة و حساب الناس، واقترب بالنسبة الي مامضي من الدنيا، قال الله تعالي: (اقترب للناس حسابهم) [2] و قال سبحانه: (اقتربت الساعة) [3] و قال عزوجل: (فهل ينظرون الا الساعة ان تاتيهم بغتةً فقد جاء اشراطها) [4] و ظهور الامام الذي اولت بعض آيات الساعة به، و عبر عنه بالساعة ايضاً مثل ذلک، يجوز ان يقال فيه مع



[ صفحه 417]



ماورد في الاخبار من طول الامد، و ان له غيبتين احداهما تطول حتي يقول بعضهم: مات، و...، و...، انه قرب و اقترب.

و ثالثاً: الظاهر من قوله: «کذب الوقاتون» تکذيب الذين يوقتون وقت الظهور، و يعينون له وقتاً خاصاً، کالشهر الفلاني و السنة الفلانية، او السنة المعينة، او بين سنوات معينة.

قال: ويشهد للوضع، اشتمال الاول علي ظهوره بيناً للناس، و معرفاً بنفسه لمن لايعرفه، مع ان محمد بن عثمان سفيره الثاني کان يقول: ان الحجة ليحضر الموسم کل سنة، يري الناس و يعرفهم و يرونه و لايعرفونه. واشتمال الثاني علي انه کان عاجزاً عن الاختفاء عمن عرفه و تبعه حتي زجره الاسود الذي کان معه و صرفه، الي غير ذلک من المنکرات.

اقول: اولاً: ان الاول لم يشتمل علي ظهوره بيناً للناس، و معرفتاً بنفسه لکل من لايعرفه ممن حضر الموسم، بل يدل علي انه يظهر في کل سنة يوماً لخواصة الذين يعرفونه، و من اخبر مدعي وضع هذا الحديث بان ليس له خواص و عمال يعرفونه و لا يعرفهم الناس، يحضرون الموسم في حلقة عن يمين الکعبة، لايراهم الناس و ان رآهم بعضهم لايلتفتون بذلک؟!.

و ثانياً: اشتمال الثاني علي ان الاسود قد اعترضه و صاح به بصوت لم يسمع اهوله منه، فقال له: ما تريد عافاک الله؟ فارعد ووقف، يدل علي خلاف ذلک، فملازمة الاسود و غيره له و صياحه علي من يريد متابعته يدل علي قدرته و سلطانه ام علي عجزه عن الاختفاء عمن عرفه؟

فاذا کان الله تعالي ملائکة عاملون له مولکون علي الامور، فهل يعد



[ صفحه 418]



ذلک من عجزه، و انه لايقدر ان يفعل الامور بنفسه، او يدل علي نفوذ امره و بسط يده و کمال قدرته؟ فيا اخي! اذا انت تسير بهذه الصورة و السليقة في نقد الاخبار لايسلم حديث و لا تاريخ - اللهم الا القليل منه - عن مثل هذه الايرادات الواهية، فتعوذ بالله من ذلک کما نعوذ به منه، و نعتذر منک ان خرجنا عن مسلک الادب، فعفواً غفر الله لنا ولک.

ثم قال: و مما يوضح وضع امثالها ان رويته عليه السلام لم تکن مبتذلة، فمثل عبدالله بن جعفر الحميري في ذاک الجلال يقول لمحمد بن عثمان سفيره الثاني في الغيبة الصغري: هل رايت صاحب هذا الامر؟ قال: نعم، و آخر عهدي به عند بيت الله الحرام و هو يقول: اللهم انجز لي ما وعدتني... الخبر، فکيف في الغيبة الکبري و قد کان کتب الي السمري - آخر سفرائه -: و لا توص الي احد فيقوم مقامک بعد وفاتک، فقد وقعت الغيبة التامة، فلا ظهور الا بعد اذن الله تعالي ذکره، بعد طول الامد، و قسوة القلوب، و امتلاء الارض جوراً، و سياتي من شيعتي من يدعي المشاهدة، الا فمن ادعي المشاهدة قبل خروج السفياني و الصيحة فهو کذاب مفتر... الخبر.

اقول: ما نري في هذه الحکايات ابتذالاً لرويته عليه السلام و هو عليه السلام يعرف من يليق برويته عليه السلام، لصلاحية في نفسه، او لحکمة و مناسبة تقتضي ذلک، و اولياؤه والخواص من شيعته مخفيون في عباد الله تعالي، يعرفهم الامام عليه السلام. و الحکايتان المذکورتان (حکاية الاسدي و حکاية ابن احمد بن خلف) حکايتان عن الغيبة القصري المعروفة بالصغري دون الغيبة الطولي المعروفة بالکبري، فذکر توقيعه الي سفيره الاخير هنا خارج عن محل البحث.



[ صفحه 419]



مضافاً الي انه لو استظهر من هذا التوقيع حرمان الناس کلهم عن التشرف بلقائه، ينافي الحکايات المتواتره التي لاشک في صحتها، سيما تشرف عدة من اکابر العلماء، و هذه قرينة علي ان المراد من کون من يدعي المشاهدة کذاباً مفترياً، من يدعيها کما کان متحققاً للسفراء في عصر الغيبة الصغري، فيدعي بها النيابة و السفارة و الوساطة بين الناس وبين الامام عليه الصلاة و السلام، والحمدلله و سلام علي عباده الذين اصطفي.


پاورقي

[1] اي الناقد.

[2] الانبياء:1.

[3] القمر: 1.

[4] محمد: 18.