بازگشت

احاديث ثلاثة


و من جملة ما ذکره في الاحاديث الموضوعة في الفصل الاول من الباب الثاني من ذلک الکتاب (الاخبار الدخيلة) احاديث ثلاثة من الاحاديث المخرجة في باب من شاهد مولانا القادم عليه السلام و فاز برويته:

احدها: مارواه الصدوق في کمال الدين: ص 470 - 465 قال:

حدثنا علي بن موسي بن احمد بن ابراهيم بن علي بن ابي طالب عليهم السلام، قال: وجدت في کتاب ابي - رضي الله عنه -قال: حدثنا محمد بن احمد الطوال، عن ابيه، عن الحسن بن علي الطبري، عن ابي جعفر محمد بن الحسن بن علي بن ابراهيم بن مهزيار، قال: سمعت ابي يقول: سمعت جدي علي بن ابراهيم بن مهزيار يقول: کنت نائماً في مرقدي اذ رايت في ما يري النائم قائلاً يقول لي: حج، فانک تلقي صاحب زمانک. قال علي بن ابراهيم: فانتبهت و انا فرح مسرور، فما زلت في الصلاة حتي انفجر عمود الصبح، و فرغت من صلاتي و خرجت اسال عن الحاج، فوجدت فرقة تريد الخروج، فبادرت مع اول من خرج، فما زلت کذلک حتي خرجوا و خرجت بخروجهم اريد



[ صفحه 378]



الکوفة، فلما وافيتها عن راحلتي و سلمت متاعي الي ثقات اخواني، وخرجت اسال عن آل ابي محمد عليه السلام، فما زلت کذلک فلم اجد اثراً و لا سمعت خبراً.

و خرجت في اول من خرج اريد المدينة، فلما دخلتها لم اتمالک ان نزلت عن راحلتي و سلمت رحلي الي ثقات اخواني، و خرجت اسال عن الخبر واقفو الاثر، فلا خبراً سمعت، و لا اثراً وجدت، فلم ازل کذلک الي ان نفر الناس الي مکة، و خرجت مع من خرج، حتي وافيت مکة، و نزلت فاستوثقت من رحلي و خرجت اسال عن آل ابي محمد عليه السلام، فلم اسمع خبراً و لا وجدت اثراً، فما زلت بين الاياس و الرجاء متفکراً في امري، و عائباً علي نفسي، و قد جن الليل، فقلت: ارغب الي ان يخلو لي وجه الکعبة لاطوف بها، و اسال الله عزوجل ان يعرفني املي فيها، فبينما انا کذلک و قد خلالي وجه الکعبة اذ قمت الي الطواف، فاذا بفتي مليح الوجه، طيب الرائحة متزر ببردة، متشح باخري، و قد عطف بردائه علي عاتقه فرعته، فالتفت الي فقال: ممن الرجل؟ فقلت: من الاهواز، فقال: اتعرف بها ابن الخصيب؟ فقلت: رحمه الله دعي فاجاب، فقال: رحمه الله، لقد کان بالنهار صائماً و باليل قائماً و للقرآن تالياً و لنا موالياً، فقال: اتعرف بها علي بن ابراهيم بن مهزيار؟ فقلت: انا علي، فقال: اهلاً و سهلاً بک يا اباالحسن، اتعرف الصريحين؟ قلت: نعم، قال: و من هما؟ قلت: محمد و موسي، ثم قال: ما فعلت بالعلامة التي بينک و بين ابي محمد عليه السلام؟ فقلت: معي، فقال: اخرجها الي، فاخرجتها اليه خاتماً حسناً، علي فصه محمد و علي، فلما راي ذلک بکي [ملياً ورن شجياً،



[ صفحه 379]



فاقبل يبکي بکاءً] طويلاً و هو يقول: رحمک الله يا ابامحمد، فلقد کنت اماماً عادلاً، و ابن ائمة و اباامام، اسکنک الله الفردوس الاعلي مع آبائک عليهم السلام، ثم قال: يا اباالحسن، صر الي رحلک و کن علي اهبة من کفايتک، حتي اذا ذهب الثلث من الليل و بقي الثلثان فالحق بنا، فانک تري مناک [ان شاءالله].

قال ابن مهزيار: فصرت الي رحلي اطيل التفکر، حتي اذا هجم الوقت فقمت الي رحلي و اصلحته، و قدمت راحلتي و حملتها و صرت في متنها حتي لحقت الشعب، فاذا انا بالفتي هناک يقول: اهلاً و سهلاً يک يا اباالحسن، طوبي لک فقد اذن لک، فسار، و سرت بسيره حتي جاز بي عرفات و مني، و صرت في اسفل ذروة جبل الطائف، فقال لي: يا اباالحسن، انزل و خذ في صلاة الفجر و اوجز، فاوجزت فيها و سلم و عفر وجهه في التراب، ثم رکب و ارمني بالرکوب فرکبت، ثم سار و سرت بسيره حتي علا الذروة، فقال: المح هل تلي شيئاً؟ فلمحت فرايت بقعة نزهة کثيرة العشب و الکلاء، فقلت: يا سيدي اري بقعة نزهة کثيرة العشب و الکلاء، فقال لي: هل تري في اعلاها شيئاً؟ فلمحت فاذا انا بکثيب من رمل فوق بيت من شعر يتوقد نوراً، فقال لي: هل رايت شيئاً؟ فقلت: اري کذا و کذا، فقال لي: يا ابن مهزيار، طب نفساً، و قر عيناً، فان هناک امل کل مومل، ثم قال لي: انطلق بنا، فسار و سرت حتي صار في اسفل الذروة، ثم قال: انزل، فهاهنا يذل لک کل صعب، فنزل و نزلت حتي قال لي: يا ابن مهزيار، خل عن زمام الراحلة، فقلت: علي من اخلفها و ليس هاهنا احد؟ فقال: ان هذا حرم لايدخله



[ صفحه 380]



الا ولي، و لا يخرج منه الا ولي، فخليت عن الراحلة، فسار و سرت فلما دنا من الخباء سبقي و قال لي: قف هناک الي ان يوذن لک، فما کان الا هنيئة فخرج الي و هو يقول: طوبي لک، قد اعطيت سولک.

فد خلت عليه صلوات الله عليه و هو جالس علي نمط عليه نطع اديم احمر، متکي ء علي مورة اديم، فسلمت عليه ورد علي السلام ولمحته فرايت وجهه مثل فلقة قمر، لابالخرق و لا بالبزق، و لا بالطويل الشامخ، و لا بالقصير اللاصق، ممدود القامة، صلت الجبين، ازج الحاجبين، ادعج العينين، اقني الانف، سهل الخدين، علي خدة الايمن خال، فلما ان بصرت به حار عقلي في نعته و صفته، فقال لي: يا ابن مهزيار، کيف خلفت اخوانک في العراق؟ قلت: في ضنک عيش و هناة، قد تواترت عليهم سيوف بني الشيصبان، فقال: قاتلهم الله اني يوفکون، کاني بالقوم قد قتلوا في ديارهم، واخذهم امر ربهم ليلاً و نهاراً، فقلت: متي يکون ذلک يا ابن رسول الله؟ قال: اذا حيل بينکم و بين سبيل الکعبة باقوام لاخلاق لهم، والله ورسوله منهم براء، و ظهرت الحمرة في السماء ثلاثاً فيها اعمدة کاعمدة اللجين تتلالا نوراً، و يخرج السروسي من ارمنية و أذربيجان يريد وراء الري الجبل الاسود المتلاحم بالجبل الاحمر، لزيق جبل طالقان، فيکون بينه و بين المروزي وقعة صيلمانية، يشيب فيها الصغير، و يهرم منها الکبير، و يظهر القتل بينهما، فعندها توقعوا خروجه الي الزوراء، فلايلبث بها حتي يوافي باهات، ثم يوافي واسط العراق، فيقيم بها سنة او دونها، ثم يخرج الي کوفان فيکون بينهم وقعة من النجف الي الحيرة الي الغري، وقعة شديدة تذهل منها العقول، فعندها يکون بوار الفئتين، و علي الله حصاد



[ صفحه 381]



الباقين، ثم تلا قوله تعالي: (بسم الله الرحمن الرحيم اتيها امرنا ليلاً او نهاراً فجعلناها حصيداً کان لم تغن بالامس) فقلت: سيدي يا ابن رسول الله، ما الامر؟ قال: نحن امر الله و جنوده، قلت: سيدي يا ابن رسول الله حان الوقت؟ قال: (اقتربت الساعة وانشق القمر).

و ثانيها مارواه الصدوق - رضوان الله تعالي عليه -ايضاً في کمال الدين: ص 453-445 قال:

حدثنا محمد بن موسي بن المتوکل -رضي الله عنه - قال: حدثنا عبدالله بن جعفر الحميري، عن ابراهيم بن مهزيار، قال: قدمت مدينة الرسول صلي الله عليه و آله فبحثت عن اخبار آل ابي محمد الحسن بن علي الاخير عليهماالسلام، فلم اقع علي شي ء منها، فرحلت منها الي مکة مستبحثاً عن ذلک، فبينما انا في الطواف اذ تراءي لي فتي اسمر اللون، رائع الحسن، جميل المخيلة، يطيل التوسم في، فعدت اليه موملاً منه عرفان ما قصدت له، فلما قربت منه سلمت، فاحسن الاجابة، ثم قال: من اي البلاد انت؟ قلت: رجل من اهل العراق، قال: من اي العراق؟ قلت: من الاهواز، فقال: مرحباً بلقائک، هل تعرف بها جعفر بن حمدان الحصيني، قلت: دعي فاجاب، قال: رحمة الله عليه، ماکان اطول ليله، و اجزل نيله! فهل تعرف ابراهيم بن مهزيار؟ قلت: انا ابراهيم بن مهزيار، فعانقني ملياً ثم قال: مرحباً بک يا ابااسحاق، مافعلت بالعلامة التي و شجت بينک و بين ابي محمد عليه السلام؟ فقلت: لعلک تريد الخاتم الذي آثرني الله به من الطيب ابي محمد الحسن ابن علي عليهماالسلام؟ قال: مااردت سواه، فاخرجته اليه، فلما نظر اليه استعبر و قبله، ثم قرا کتابته فکانت «يا الله يا محمد يا علي» ثم قال:



[ صفحه 382]



بابي يد طالما جلت فيها، و تراخي بنا فنون الاحاديث... الي ان قال لي: يا ابااسحاق، اخبرني عن عظيم ما توخيت بعد الحج؟ قلت: و ابيک ما توخيت الا ما ساستعلمک مکنونه، قال: سل عما شئت، فاني شارح لک ان شاءالله، قلت: هل تعرف من اخبار آل ابي محمد الحسن عليهماالسلام شيئاً؟ قال لي: وايم الله، اني لاعرف الضوء بجبين محمد و موسي ابني الحسن بن علي عليهم السلام ثم اني لرسولها اليک، قاصداً لانبائک امرهما، فان اجببت لقاءهما والاکتحال بالتبرک بهما فارتحل معي الي الطائف، و ليکن ذلک في خفية من رجالک و اکتتام.

قال ابراهيم: فشخصت معه الي الطائف اتخلل رملة فرملة، حتي اخذ في بعض مخارج الفلاة، فبدت لنا خيمة شعر، قد اشرفت علي اکمة رمل تتلالا تلک البقاع منها تلالواً، فبدرني الي الاذن، و دخل مسلماً عليهما و اعلمهما بمکاني، فخرج علي احدهما و هو الاکبر سناً (م ح م د) ابن الحسن عليهماالسلام، و هو غلام امرد، ناصح اللون، واضح الجبين، ابلج الحاجب، مسنون الخدين، اقني الانف، اشم، اروع، کانه غصن بان، و کان صفحة غرته کوکب دري، بخده الايمن خال کانه فتاة مسک علي بياض الفضة، و اذا براسه و فرة سحماء سبطة تطالع شحمة اذنه، له سمت مارات العيون اقصد منه، و لا اعرف حسناً و سکينة و حياء.

فلما مثل لي اسرعت الي تلقيه، فاکببت عليه الثم کل جارحة منه فقال لي: مرحباً بک يا ابااسحاق، لقد کانت الايام تعدني و شک لقائک، و المعاتب بيني و بينک علي تشاحط الدار، و تراخي المزار، تتخيل لي صورتک حتي کانا لم نخل طرفة عين من طيب المحادثة، و خيال



[ صفحه 383]



المشاهدة، و انا احمد الله ربي ولي الحمد علي ماقيض من التلاقي، و رفه من کربة التنازع و الاستشراف عن احوالها، مقدمها و متاخرها، فقلت: بابي انت و امي، مازلت افحص عن امرک بلداً فبلداً منذ استاثر الله بسيدي ابي محمد عليه السلام، فاستغلق علي ذلک حتي من الله علي بمن ارشدني اليک و دلني عليک، والشکر لله علي ما ازعني فيک من کريم اليد و الطول، ثم نسب نفسه و اخاه موسي و اعتزل بي ناحية، ثم قال: ان ابي عليه السلام عهد الي ان لا اوطن من الارض الا اخفاها و اقصاها، اسراراً لامري، و تحصيناً لمحلي لمکائد اهل الضلال و المردة من احداث الامم الضوال، فنبذني الي عالية الرمال، و جبت صرائم الارض ينظرني الغاية التي عندها يحل الامر، و ينجلي الهلع. و کان عليه السلام انبط لي من خزائن الحکم، و کوامن العلوم ما ان اشعت اليک منه جزءاً اعناک عن الجملة.

[و اعلم] يا ابااسحاق انه قال عليه السلام: يابني، ان الله جل ثناوه لم يکن ليخلي اطباق ارضه و اهل الجد في طاعته و عبادته بلا حجة يستعلي بها، و امام يوتم به، و يقتدي بسبيل سنته و منهاج قصده، و ارجو يابني ان تکون احد من اعده الله لنشر الحق ووطء الباطل، واعلاء الدين، وطفاء الضلال، فعليک يا بني بلزوم خوافي الارض، و تتبع اقاصيها، فان لکل ولي لاولياء الله عزوجل عدواً مقارعاً، و ضداً منازعاً، افتراضاً لمجاهدة اهل النفاق، و خلاعة اولي الالحاد و العناد فلا يوحشنک ذلک.

و اعلم ان قلوب اهل الطاعة و الاخلاص نزع اليک مثل الطير الي اوکارها، و هم معشر يطلعون بمخائل الذلة والاستکانة، و هم عندالله



[ صفحه 384]



بررة اعزاء، يبرزون بانفس مختلفة محتاجة، و هم اهل القناعة و الاعتصام، استنبطوا الدين فوازروه علي مجاهدة الاضداد، خصهم الله باحتمال الضيم في الدنيا ليشملهم باتساع العز في دار القرار، و جبلهم علي خلائق الصبر لتکون لهم العاقبة الحسني، و کرامة حسن العقبي.

فاقتبس يا بني نور الصبر علي موارد امورک تفز بدرک الصنع في مصادرها، واستشعر العز فيما ينوبک تحظ بما تحمد غبه ان شاءالله، و کانت يا بني بتاييد نصر الله (و) قد آن، و تيسير الفلج و علو الکعب (و) قد حان، و کانک بالرايات الصفر و الاعلام البيض تخفق علي اثناء اعطافک ما بين الحطيم و زمزم، و کانک بترادف البيعة و تصافي الولاء يتناظم عليک تناظم الدر في مثاني العقود، و تصافق الاکف علي جنبات الحجر الاسود تلوذ بفنائک من ملا براهم الله من طهارة الولادة و نفاسة التربة، مقدسة قلوبهم من دنس النفاق، مهذبة افئدتهم من رجس الشقاق، لينة عرائکهم للدين، خشنة ضرائبهم عن العدوان، واضحة بالقبول اوجههم، نضرة بالفضل عيدانهم، يدينون بدين الحق و اهله، فاذا اشتدت ارکانهم، و تقومت اعمادهم، فدت بمکانفتهم طبقات الامم الي امام، اذا تبعتک في ظلال شجرة دوحة تشعبت افنان غصونها علي حافات بحيرة الطبرية، فعندها يتلالا صبح الحق، و ينجلي ظلام الباطل، و يقصم الله بک الطغيان، و يعيد معالم الايمان، يظهر بک استقامة الآفاق، و سلام الرفاق، يود الطفل في المهد لو استطاع اليک نهوضاً، و نواشط الوحش لو تجد نحوک مجازاً، تهتز بک اطراف الدنيا بهجة، و تنشر عليک اغصان العز نضرةً، و تستقر بواني الحق في قرارها، و تؤوب شوارد الدين الي اوکارها، تتهاطل عليک سحائب الظفر، فتخنق کل



[ صفحه 385]



عدو، و تنصر کل ولي، فلايبقي علي وجه الارض جبار قاسط، و لا جاحد غامط، و لا شاني مبغض، و لا معاند کاشح، و من يتوکل علي الله فهو حسبه، ان الله بالغ امره، قد حعل الله لکل شي ء قدراً.

ثم قال: يا ابااسحاق ليکن مجلسي هذا عندک مکتوماً الا عن اهل التصديق، و الاخرة الصادقة في الدين، اذا بدت لک امارات الظهور و التمکن فلا تبطي ء باخوانک عنا، و باهر المسارعة الي منار اليقين، و ضياء مصابيح الدين، تلق رشداً ان شاءالله.

قال ابراهيم بن مهزيار، فمکثت عنده حيناً اقتبس ما اودي اليهم من موضحات الاعلام، و نيرات الاحکام، واروي نبات الصدور من نضاره ما ادخره الله في طبائعه من لطائف الحکم، و طرائف فواضل القسم، حتي خفت اضاعة مخلفي بالاهواز لتراخي اللقاء عنهم، فاستاذنته بالقفول، و اعلمته عظيم ما اصدر به عنه من التوحش لفرقته، و التجرع للظعن عن محاله، فاذن و اردفني من صالح دعائه ما يکون ذخراً عندالله و لعقبي و قرابتي ان شاءالله.

فلما ازف ارتحالي، و تهياً اعتزام نفسي، غدوت عليه مودعاً و مجدداً للعهد، و عرضت عليه مالاً کان معي يزيد علي خمسين الف درهم، و سالته ان يتفضل بالامر بقبوله مني، فابتسم و قال: يا ابااسحاق، استعن به علي منصرفک، فان الشقة قذفة، و فلوات الارض امامک جمة، و لا تحزن لاعراضنا عنه، فانا قد احدثنا لک شکره و نشره وربضناه عندنا بالتذکرة، و قبول المنة، فبارک الله فيما خولک، و ادام لک مانولک، و کتب لک احسن ثواب المحسنين، و اکرم آثار الطائعين، فان



[ صفحه 386]



الفضل له و منه، و اسال الله ان يردک الي اصحابک باوفر الحظ من سلامة الاوبة، و اکناف الغبطة، بلين المنصرف، و لا اوعث الله لک سبيلاً، و لا حير لک دليلاً، و استودعه نفسک وديعة لاتضيع و لاتزول بمنه و لطفه ان شاءالله.

يا ابااسحاق: قنعنا بعوائد احسانه، و فوائذ امتنانه، و صان انفسنا عن معاونة الاولياء لنا عن الاخلاص في النية، وامحاض النيصحة، و المحافظة علي ماهو انفي و تتقي و ارفع ذکراً.

قال: فاقفلت عنه حامداً لله عزوجل علي ما هداني و ارشدني، عالماً بان الله لم يکن ليعطل ارضه، و لا يخليها من حجة واضحة، و امام قائم، والقيت هذا الخبر الماثور و النسب المشهور توخياً للزيادة في بصائر اهل اليقين، و تعريفاً لهم مامن الله عزوجل به من انشاء الذرية الطبية، و التربة الزکية، و قصدت اداء الامانة، والتسليم لما استبان، ليضاعف الله عزوجل الملة الهادية، و الطريقة المستقيمة المرضية قوة عزم، و تاييد نية و شدة ارز، و اعتقاد عصمة (و الله يهدي من يشاء الي صراط مستقيم).

ثالثها: مارواه الشيخ في کتاب الغيبة: ص 263 و 267 قال:

و اخبرنا جماعة عن التلعکبري، عن احمد بن علي الرازي، عن علي بن الحسين، عن رجل -ذکر انه من اهل قزوين لم يذکر اسمه - عن حبيب بن محمد بن يوسف بن شاذان الصنعاني، قال: دخلت علي علي ابن ابراهيم بن مهزيار الاهوازي فسالته عن آل ابي محمد عليه السلام، فقال: يا اخي، لقد سالت عن امر عظيم، حججت عشرين حجة کلاً اطلب به عيان الامام فلم اجد الي ذلک سبيلاً، فبينا انا ليلة نائم في مرقدي اذ رايت قائلاً يقول: يا علي بن ابراهيم! قد اذن الله لي في



[ صفحه 387]



الحج، فلم اعقل ليلتي حتي اصبحت، فانا مفکر في امري، ارقب الموسم ليلي و نهاري، فلما کان وقت الموسم اصلحت امري، و خرجت متوجها نحو المدينة، فما زلت کذلک حتي دخلت يثرب فسالت عن آل ابي محمد عليه السلام، فلم اجد له اثراً و لا سمعت له خبراً، فاقمت مفکراً في امري حتي خرجت من المدينة اريد مکة، فدخلت الجحفة و اقمت بها يوماً، و خرجت منها متوجهاً نحو الغدير و هو علي اربعة اميال من الجحفة، فلما ان دخلت المسجد صليت و عفرت و اجتهدت في الدعاء، و ابتهلت الي الله لهم، و خرجت اريد عسفان، فما زلت کذلک حتي دخلت مکة فاقمت بها اياماً اطوف البيت، واعتکفت، فبينا انا ليلة في الطواف اذا انا بفتي حسن الوجه، طيب الرائحة، يتبختر في مشيته، طائف حول البيت، فحس قلبي به، فقمت نحوه فحککته، فقال لي: من اين الرجل؟ فقلت: من اهل العراق، قال: من اي العراق؟ قلت: من الاهواز، فقالي لي: تعرف بها الخصيب؟ فقلت: رحمه الله، دعي فاجاب، فقال: رحمه الله، فما کان اطول ليله، و اکثر تبتله، و اغزر دمعته! افتعرف علي بن ابراهيم بن المازيار؟ فقلت: انا علي بن ابراهيم، فقال: حياک الله يا اباالحسن، ما فعلت بالعلامة التي بينک و بين ابي محمد الحسن بن علي عليهماالسلام؟ فقلت: معي قال: اخرجها، فادخلت يدعي في جيبي فاستخرجتها، فلما ان راها لم يتمالک ان تغر غرت عيناه بالدموع، و بکي منتحباً حتي بل اطماره، ثم قال: اذن لک الان يا ابن مازيار، صر الي رحلک و کن علي اهبة من امرک، حتي اذا لبس الليل جلبابه، و غمر الناس ظلامه، سر الي شعب بني عامر، فانک ستلقاني هناک، فسرت الي منزلي، فلما ان احسست بالوقت



[ صفحه 388]



اصلحت رحلي، و قدمت راحلتي و عکمته شديداً، و حملت و صرف في متنه، و اقبلت مجداً في السير حتي وردت الشعب، فاذا انا بالفتي قائم ينادي: يا اباالحسن الي، فما زلت نحوه فلما قربت بداني بالسلام، و قال لي: سر بنا يا اخ، فما زال يحدثني و احدثه حتي تخرقنا جبال عرفات، و سر نا الي جبال مني، وانفجر الفجر الاول و نحن قد توسطنا جبال الطائف، فلما ان کان هناک امرني بالنزول و قال لي: انزل فصل صلاة الليل، فصليت و امرني بالوتر فاوترت، و کانت فائدة منه، ثم امرني بالسجود و التعقيب، ثم فرغ من صلاته و رکب، و امرني بالرکوب، و سار و سرت معه حتي علا ذروة الطائف، فقال: هل تري شيئاً؟ قلت: نعم اري کثيب مرل عليه بيت شعر يتوقد البيت نوراً، فلما ان رايته طابت نفسي، فقال لي: هناک الامل و الرجاء، ثم قال: سر بنا يا اخ، فسار و سرت بمسيره الي ان انحدر و من الذروة و سار في اسفله، فقال: انزل فهاهنايذل کل صعب، و يخضع کل جبار، ثم قال: خل عن زمام الناقة، قلت: فعلي من اخلفها؟ فقال: حرم القائم عليه السلام لايدخله الا مومن، و لا يخرج منه الا مومن، فخليت من زمام راحلتي، و سار و سرت معه الي ان دنا من باب الخباء فسبقني بالدخول، و امرني و سار و سرت معه الي ان دنا من باب الخباء فسبقني بالدخول، و امرني ان اقف حتي يخرج الي، ثم قال لي: ادخل، هناک السلامة، فدخلت فاذا انا به جالس قد اتشح ببردة واتزر باخري، و قد کسر بردته علي عاتقه، و هو کاقحوانة ارجوان قد تکاثف عليها الندي، واصابها الم الهوي، واذا هو کغصن بان او قضيب ريحان، سمح سخي، تقي نقي، ليس بالطويل الشامخ، و لا بالقصير اللازق، بل مربوع القامة، مدور الهامة، صلت الجبين، ازج الحاجبين، اقني الانف، سهل الخدين، علي



[ صفحه 389]



خدة الايمن خال کانه فتات مسک علي رضراضة عنبر، فلما ان رايته بدرته بالسلام، فرد علي احسن ماسلمت عليه، و شافهمني و سالني عن اهل العراق، فقلت: سيدي قد البسوا جلبات الذلة، و هم بين القوم اذلاء، فقال لي: يا ابن المازيار، لتملکونهم کما ملکوکم و هو يومئذ اذلاء، فقلت: سيدي، لقد بعد الوطن و طال المطلب، فقال: يا ابن المازيار، ابي ابومحمد عهد الي ان لا اجاور قوماً غضب الله عليهم و لعنهم و لهم الخزي في الدنيا و الآخرة و لهم عذاب اليم، و ارمني ان لا اسکن من الجبال الا وعرها، و من البلاد الا عفرها، والله مولاکم اظهر التقية فوکلها بي، فانا في التقية الي يوم يوذن لي فاخرج، فقلت: يا سيدي، متي يکون هذا الامر؟ فقال: اذا حيل بينکم و بين سبيل الکعبة، و اجتمع الشمس و القمر، واستدار بهما الکواکب و النجوم، فقلت: متي يا ابن رسول الله؟ فقال لي: في سنة کذا و کذا تخرج دابة الارض من بين الصفا و المروة، و معه عصا موسي و خاتم سليمان، سيوق الناس الي المحشر، قال: فاقمت عنده اياماً و اذن لي بالخروج بعد ان استقصيت لنفسي، و خرجت نحو منزلي، والله لقد سرت من مکة الي الکوفة و معي غلام يخدمني، فلم ار الا خيراً، و صلي الله علي محمد و آله و سلم تسليماً.

و في دلائل الامامة: ص 269: وروي ابوعبدالله محمد بن سهل الجلودي، قال: حدثني ابوالخير احمد بن محمد بن جعفر الطائي الکوفي في مسجد ابي ابراهيم موسي بن جعفر، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن يحيي الحارثي، قال: حدثنا علي بن ابراهيم بن مهزيار الاهوازي، قال: خرجت في بعض السنين حاجاً، اذ دخلت المدينة



[ صفحه 390]



واقمت بها اياماً اسال و استبحث عن صاحب الزمان، فما عرفت له خبراً، و لا وقعت لي عليه عين، فاغتممت غماً شديداً، و خشيت ان يفوتني ما املته من طلب صاحب الزمان، فخرجت حتي اتيت مکة فقضيت حجتي، و اعتمرت بها اسبوعاً، کل ذلک اطلب، فبينما انا افکر اذ انکشف لي باب الکعبة، فاذا انا بانسان کانه غصن بان، متزر ببردة متشح باخري، قد کشف عطف بردته علي عاتقه، فارتاح قلبي و بادرت لقصده، فاثقي الي و قال: من اين الرجل؟ قلت: من العراق، قال: من اي العراق؟ قلت: من الاهواز، فقال: اتعرف الحضيني؟ قلت: نعم، قال: رحمه الله، فما کان اطول ليله، و اکثر نيله، و اغزر دمعته! قال: فابن المهزيار؟ قلت: انا هو، قال: حياک الله بالسلام اباالحسن، ثم صافحني و عانقني، و قال: يا اباالحسن، ما فعلت بالعلامة التي بينک و بين الماضي ابي محمد نضر الله وجهه؟ قلت: معي، وادخلت يدي الي جيبي و اخرجت خاتماً عليه «محمد و علي» فلما قراه استعبر حتي بل طمره الذي کان علي يده، و قال: يرحمک الله ابامحمد، فانک زين الامة، شرفک الله بالامامة، و توجک بتاج العلم و المعرفة، فانا اليکم صائرون، ثم صافحني و عانقني، ثم قال: ما الذي تريد يا اباالحسن؟ قلت: الامام المحجوب عن العالم، قال: ما هو محجبوب عنکم، ولکن جنه سوء اعمالکم، قم سر الي رحلک و کن علي اهبة من لقائه اذا انحطت الجوزاء و ازهرت نجوم السماء، فها انا لک بين الرکن و الصفا، فطابت نفسي و تيقنت ان الله فضلني، فما زلت ارقب الوقت حتي حان، و خرجت الي مطيتي، و استويت علي رحلي و استويت علي ظهرها، فاذا انا بصاحبي ينادي: يا اباالحسن، فخرجت فلحقت به، فحياني



[ صفحه 391]



بالسلام، و قال: سر بنا يا اخ، فما زال يهبط وادياً و يرقي ذروة جبل الي ان علقنا علي الطائف، فقال: يا اباالحسن، انزل بنا نصلي باقي صلاة الليل، فنزلت فصلي بنا الفجر رکعتين، قلت: فالرکعتين الاوليين؟ قال: هما من صلاة الليل، واوتر فيهما والقنوت، و کل صلاة جائزة، و قال: سر بنا يا اخ، فلم يزل يهبط وادياً و يرقي ذروة جبل حتي اشرفنا علي واد عظيم مثل الکافور، فامد عيني فاذا ببيت من الشعر يتوقد نوراً، قالً: هل تري شيئاً؟ قلت: اري بيتاً من العشر، فقال: الامل، وانحط في الوادي، و اتبعت الاثر، حتي اذا صرنا بوسط الوادي نزل عن راحلته و خلاها، و نزلت عن مطيتي و قال لي: دعها، قلت: فان تاهت، قال: هذا واد لايدخله الا مومن، و لا يخرج منه الا مومن، ثم سبقني و دخل الخباء، و خرج الي مسرعاً و قال: ابشر، فقد اذن لک بالدخول، فدخلت فاذا البيت يسطع من جانبه النور، فسلمت عيه بالامامة، فقال لي: يا اباالحسن، قد کنا نتوقعک ليلاً و نهاراً، فما الذي ابطا بک علينا؟ قلت: يا سيدي، لم اجد من يدلني الي الآن، قال لي: الم تجد احداً يدلک، ثم نکت باصبعه في الارض، ثم قال: لا، ولکنکم کثرتم الاموال، و تجبرتم علي ضعفاء المومنين، و قطعتم الرحم الذي بينکم، فاي عذر لکم، فقلت: التوبة التوبة، الاقالة الاقالة، ثم قال: يا ابن المهزيار، لولا استغفار بعضکم لبعض لهلک من عليها الا خواص الشيعة الذين تشبه اقوالهم افعالهم، ثم قال: يا ابن المهزيار - و مد يده -الا انبئک الخبر، اذا قعد الصبي، و تحرک المغربي، و سار العماني، و بويع السفياني، يوذن لولي الله، فاخرج بين الصفا و المروة في ثلاثمائة و ثلاث عشر رجلاً، و اجي ء الي الکوفة، واهدم مسجدها و ابنيه علي بنائه الاول، و اهدم



[ صفحه 392]



ماحوله من بناء الجبابرة، و احج بالناس حجة الاسلام، و اجي ء الي يثرب فاهدم الحجرة و اخرج من بهما - و هما طريان - فامر بهما تجاه البقيع، و آمر بخشبتين يصلبان عليهما، فتورق من تحت هما، فيفتتن الناس بهما اشد من الفتنة الاولي، فينادي مناد من السماء: يا سماء ابيدي، و يا ارض خذي، فيومئذ لايبقي علي وجه الارض الا مومن قد اخلص قلبه للايمان، قلت: يا سيدي، ما يکون بعد ذلک؟ قال: الکرة الکرة، الرجعة الرجعة، ثم تلا هذه الآية: (ثم رددنا لکم الکرة عليهم و امددناکم باموال و بنين و جعلناکم اکثر نفيراً).

اقول: احتمال رجوع هذه الاحاديث الي حديث واحد - و ان لم يتحد اسنادها و الفاظها، و اختلفت مضامين بعضها مع بعض، و اشتمل بعضها علي زيادات ليست في غيره - قوي جداً، و لا يعتد بالقول بتعددها لاجل هذه الاختلافات مع ما فيها من الوجوه المشترکه التي يستبعد تعدد وقوعها، کما ان الحکم بالوضع علي الجميع لاجل ذلک و لبعض الزعوم، و مخالفة بعض مضامينها مع روايات اخري، جراة لايجتري عليها الحاذق الفطن، و غاية الامر انه ان ثبت اعتبار الجميع سنداً و متناً يوخذ بما اتفق عليه الجميع في اصول الدين ان حصل منه القطع، و کذا بما يکون في بعضها دون الآخر ان لم يکن بين مضامينها تعارض و تهافت، و الا فيجعل کل من المتخالفين في جملة مايوافقه من الاحاديث، فما وصل من مضمون کل واحد منها الي حد التواتر فهو الحجة، و ان ثبت اعتبار بعض ها بحيث کان محفوفاً بالقرائن القطعية التي ترفعه الي مرتبة المتواتر في الحجية فهو الحجة، و ان لم يثبت اعتبار کلها و لا بعض ها کذلک، سواء ثبت اعتبارها بالتعبد الشرعي الذي هو حجة في



[ صفحه 393]



الفروع او لم يثبت کذلک ايضاً، يجعل الحديث في جملة مايوافقه، فان وصل مع غيره الي حد التواتر يوخذ به، ويعتمد عليه في الاصول.

و اما الحکم بالوضع فلايجوز الا بالدليل القطعي، و بعد اثبات ذلک يسقط الخبر عن الاعتبار، و لا يعتد به اصلاً، لا في الفروع و لا في الاصول في حصول التواتر به، والحديث الذي لم يثبت وضعه، و حکم عليه بالضعف او عدم ارتقائه الي المحفوف بالقرينة القطيعة، ان کان مشتملاً علي مضامين متعددة، بعضها يوافق ما في غيره من الاحاديث، و ترتقي هذه الاحاديث معه الي حد التواتر، معتبر في هذا الجزء منه و ان لم نعتبر سائر مضامينها، لعدم حصول التواتر فيه کذلک.

و اذ قد عرفت ذلک فاعلم ان مايمکن ان يتوهم منه وضع هذه الاحاديث امور:

احدها: انتهاء سند بعضها الي علي بن ابراهيم بن مهزيار و هو ماروي في «الغيبة»، و في «دلائل الامامة»، و احد خبري «کمال الدين» و هو الحديث الثالث و العشرون من باب من شاهد القائم عليه السلام و انتهاء سند بعضها الي ابراهيم بن مهزيار و هو خبر «کمال الدين» الآخر اي الحديث التاسع عشر و بعد ما استظهرنا من ان هذه الاحاديث ترجع الي حديث واحد، لعدم جواز تکرار هذه الحکاية بعينها عادة، فلايجوز وقوعها لعلي بن ابراهيم تارة و لابراهيم بن مهزيار تارة اخري.

و يدفع هذا التوهم بانه من الممکن اسقاط جملة (علي بن) سهواً او اختصاراً، فانه قد يطلق علي الولد اسم الوالد في المحاورات العرفية، کما انه يحتمل قوياً زيادتها اشتباهاً من بعض النساخ، او اجتهاداً و غلطاً من بعضهم.



[ صفحه 394]



کما وقع الناقد الفاضل في هذا الاشتباه بزعم ان ابراهيم بن مهزيار مات في الحيرة، و لم يکن يعرف الامام الذي يلي امر الامامة بعد مولانا ابي محمد عليه السلام، و قد استدل علي ان ابراهيم مات في اول الحيرة، و عدم امهاله الاجل ليحقق الامر (يعني يعرف امام زمانه بعد ابي محمد عليه السلام) بحديث رواه الکليني - قدس سره - في «الکافي» في باب مولد الصاحب عليه السلام، و رواه المفيد في «الارشاد»، و الشيخ في غيبته، و الکشي في رجاله. و لا دلالة له علي انه کان في الحيرة اصلاً لولم نقل بدلالته علي انه کان عارفاً بالامر، اذاً فکيف يحکم بانه مات في الحيرة مع دلالة هذا الحديث الصحيح علي انه کان عارفاً بالامر من اول الامر، الا ان بحثه عن اخبار آل ابي محمد عليه السلام کان للفوز بلقاء الامام عليه السلام، لا لمعرفة القائم بالامر بعده عليهماالسلام.

ثانيهاً: ضعف الاسناد المنتهي الي علي بن ابراهيم بن مهزيار، و الي ابراهيم بن مهزيار و عدم وجود علي بن ابراهيم بن مهزيار.

و الجواب عنه: ان ضعف الاسناد لايدل علي الوضع، فيبقي الخبر علي حاله، و يضم الي سائر اخبار الآحاد من الصحاح و غيرها مما فيه بعض العلل، فان وصل الي حد التواتر فهو، و الا لا يحکم عليه الا بضعف السند لا بالوضع.

کما لايجوز الحکم بان علي بن ابراهيم بن مهزيار لا وجود له، و ان اريد به انه لاذکر له في کتب الرجال، فغاية الامر انه مجهول لولم نقل بدلالة هذه الاحاديث التي رواها مثل الصدوق و الشيخ و صاحب «الدلائل» و احتجوا بها، علي انهم کانوا عارفين به، معتمدين عليه، هذا.



[ صفحه 395]



و لو ضعفنا هذه الاحاديث بضعف السند و جهالة الراوي، لايجوز تضعيف السند المنتهي الي ابراهيم بن مهزيار، فان سنده في غاية المتانة والصحة، فان الصدوق رواه عن شيخه الذي اکثر الرواية عنه مترضياً، عن شيخ القميين و مولف کتاب «الغيبة و الحيرة» عبدالله بن جعفر الحميري الثقة، عن ابراهيم بن مهزيار الثقة، اذاً فلا محيص عن الحکم بصحة سند الحديث، و يقوي به غيره من هذه الاحاديث في الجملة؛ لان الاخبار يقوي بعضها بعضاً.

ان قلت: مع انتهاء سند سائر الاحاديث الي علي بن ابراهيم بن مهزيار يجوز ان يکون المنتهي اليه هذا السند ايضاً علي بن ابراهيم، و هو مجهول. بعبارة اخري: الامر دائر بين الاخذ باصالة عدم الزيادة، و اصالة عدم السقط و الحذف، و لاريب في تقدم اصالة عدم الزيادة علي اصالة عدم السقط.

قلت: اولاً: ان الامر ينتهي الي تعارضهما في المتکافئين من حيث السند، و اما اذا کان احد الطريقين اقوي و اسد، کما اذا کان الراوي للزيادة او ما فيه النقيصة معلوم الحال معروفاً بالضبط والوثوق، و الاخر مجهولاً، ما هو المعتبر عند العقلاء هو الاول، سواء کانت روايته متضمنة للزيادة او النقيصة.

و علي فرض التکافؤ و القول بتقدم اصالة عدم الزيادة مطلقاً، او هنا علي اصالة عدم النقيصة نقول: علي فرض کون صاحب هذه الحکاية و الفائز بشرف هذا اللقاء و الزيارة هو علي بن ابراهيم بن مهزيار لا ابراهيم، فلا ريب في دلالة الحديث علي وجوده لرواية مثل الحميري عنه، کما ان روايته عنه مثل هذه الحکاية تدل علي اعتماده عليه،



[ صفحه 396]



والمظنون انه اخرجه في کتابه «الغيبة و الحيرة» واحتج به فيه. والحاصل: ان الحديث علي کلا الاحتمالين معتبر جداً، تطمئن به النفس.

و مع ذلک سنده معاصرنا العزيز:

اولاً، بان ابن المتوکل مهمل.

و ثانياً: بانه کم من خبر صحيح السند اصطلاحاً لم يعمل به احد.

و ثالثاً: انا لم نر الصدوق قرا علينا الاکمال (الکمال) و فيه هذان الخبران، فلعل معانداً دس الخبرين، ثم استشهد بما روي الکشي في المغيرة بن سعيد.

اقول: اما محمد بن موسي بن المتوکل فقد حکي عن السيد ابن طاوس في «فلاح السائل»، [1] الاتفاق علي وثاقته، و يکفي في الاعتماد عليه رواية الصدوق عنه مترضياً في روايات کثيرة، [2] و مثله لا يکون مهملاً.

و اما قوله: کم من خبر صحيح السند اصطلاحاً لم يعمل به احد، ان اراد به انه قد يوجد من الصحيح الاصطلاحي مالم يعمل به احد، و ان عدم عملهم به مع کونه في مرآهم و منظرهم يدل علي اعراضهم عنه و عدم اعتباره، و عدم جواز الاعتماد عليه، فهو کلام صحيح متين، فلا يحتج بالحديث المعرض عنه في الفروع، و اما في اصول الدين فلا يحتج بالمعرض عنه، و لا بما لم يثبت الاعرض عنه، لان کلها اذا لم يکن محفوفاً بالقرينة القطعية، اولم يکن مکملاً لحصول التواتر لايحتج



[ صفحه 397]



به في اصول الدين، الا اذا کمل به التواتر المفيد للقطع فيحتج به وان اعرض عنه الاصحاب؛ لان اعراضهم اعم من عدم الصدور، والتواتر يکون لاثبات الصدور، فقوله: کم من خبر صحيح السند اصطلاحاً لم يعمل به احد، ليس هنا مورده.

و ما يقال من ان عمل الاصحاب جابر لضعف السند، واعراضهم و ترکهم للحديث و عدم عملهم به يسقطه من الاعتبار والحجية، مربوط باصول الفقه، و باب حجية خبر الواحد الذي لايفيد القطع و لا يعمل به في اصول الدين، فان الاخبار الضعيفة اذا وصلت بحد التواتر المعنوي او الاجمالي حجة في الفروع و في اصول الدين و ان لم يوجد عامل بمضمون کل واحد منها، والاخبار الصحيحة ايضاً اذا کان فيها ما اعرض عنه الاصحاب لم يحتج به في الفقه، الا انه لا يحصل القطع بذلک بوضعه و عدم صحة سنده، فلا يستدل به علي وضع الحديث ورده و اخراجه عما به يتحصل التواتر الذي هو حجة في اصول الدين، و لا يسوق الکلام هنا کما يساق هاهنا، فتدبر.

والحاصل: ان الاعراض لا يدل علي الوضع مطلقاً، غير ان في الفروع يوجب سقوط الخبر عن الاعتبار والحجة، و اين هذا من الوضع؟!

ان قلت: ان المخالفة لاتفاق الکل يدل علي الوضع لامحالة.

قلت: هذا تکرار لماسبق، و قد بان لک جوابه، و ان المخالفة لاتفاق الکل لاتلازم الوضع، لامکان صدور الخبر تقيةً.

ثم لا يخفي عليک الفرق بين مخالفة جميع مضمون الحديث لاتفاق الکل او بعضه؛ لان في صورة مخالفة جميع مضمونه مع الاتفاق



[ صفحه 398]



تکون المخالفة امارة علي وضع الحديث او صدوره تقيةً، و في الصورة الثانية فلاتکون امارة الا علي وجود علة في خصوص هذا البعض من دسه في الحديث او صدوره تقيةً، و لا تکون هذه امارة علي وجود العلة في تمام الحديث، کما انک اذا عرفت دس حديث موضوع معين في کتاب لاتحکم بوضع جميع ما فيه من الاحاديث.

و بعد ذلک کله، فليعلم ان علي فرض لزوم العمل بالحديث او عدم الاعراض عنه مطلقاً، فالعمل بهذه الاحاديث ثابت جداً؛ لانه لايقصد من اخراج هذه الاحاديث الا ما هو مقبول الاصحاب و اتفقوا عليه و هو تشرف جماعة بلقاء المهدي عليه السلام کما يدل عليه ما عنون به هذا الباب، و اما الخصوصيات و التفاصيل فلم تکن مقصودة بالاصالة، و لا يتحصل لاثباتها فائدة مهمة اعتقادية.

و اما قوله: انا لم نر الصدوق... الخ، ففيه: ان عدم قراءة الصدوق علينا کتاب «کمال الدين» لا يدل علي وضع الخبرين و لا غيرهما، فان الصدوق لم يقرا علينا سائر کتاب «کمال الدين»، و هل ترضي في نفسک احتمال الوضع في کل احاديثه سيما ماکان اصح سنداً منها لاحتمال دسه في الکتاب؟ والاعتماد علي الاحاديث - و ان صح بتحملها باحد انحاء تحمل الحديث الذي منه الوجادة - ليس مشروطاً بخصوص قراءة صاحب الاصل و الکتاب علي من يتحملها، فيصح الاقتصار قراءة صاحب الاصل و الکتاب علي من يتحملها، فيصح الاقتصار علي الوجادة و الاعتماد علي اصل او کتاب اعتمد عليه الاصحاب، و اخرجوا عنه الحديث في کتبهم خلفاً عن سلف، و سيما اذا کانت نسخه المخطوطة المعتمدة القديمة المتففة کثيرة مشهورة.

و ثالثها: اشتمال الحديث في بعض طرقه علي تسمية الحجة



[ صفحه 399]



عليه السلام، و قد ورد النهي عنها عن النبي صلي الله عليه و آله و اميرالمومنين و الباقر و الصادق و الکاظم و الرضا و الجواد و الهادي و الحجة عليهم السلام و لم ترد التسمية الا في بعض اخبار شاذة، حتي ان الصدوق قال بعد خبر اللوح المشتمل علي التسمية: الذي اذهب اليه النهي عن التسمية.

اقول: کلامه هذا کلام الحريص علي رد الاخبار و جمع الوجوه الضعيفة لذلک، فان تسميته عليه السلام قد وردت في اخبار صحيحة، و حرمة التسمية و ان کانت في الجملة ثابتة لايجوز انکارها مطلقاً، الا ان شمول عموم ها و اطلاق ها لجميع الموارد - و ان لم تکن تقية في البين، او لم تکن في مجمع الناس، او في مرود يلزم التسمية لايضاح الامر و رفع الاشتباه، و غير هذه من الخصوصيات -يقبل البحث و النقاش، و لا يجوز رد الاحاديث التي فيها التسمية بها، و قد کان ذلک مورداً للبحث و النظر بين علمين معاصرين و هما السيد الداماد و شيخنا البهائي قدس سرهما.

اذن فيجب علي الباحث في اخبار المسالة النظر الي وجه الجمع بينها، و استنباط الحکم الشرعي حسب ماتقتضيه القواعد و الاصول، لاالحکم بوضع طائفة منها لانها معارضة لطائفة اخري اخذ المشهور بها ترجيحاً لها علي غيرها.

رابعاً: اشتماله علي بقاء ابراهيم بن مهزيار الي اوان خروجه عليه السلام، و انه عليه السلام امر بمسارعته مع اخوانه اليه، و هو امر واضح البطلان.

و فيه: ان نظره الي قوله عليه السلام: اذا بدت امارات الظهور و التمکن فلا تبطي ء باخوانک عنا و باهل المسارعة الي منار اليقين و ضياء



[ صفحه 400]



مصباح الدين... الخ، الا ان ذلک لا يدل علي بقاء المخاطب في مثل هذا الحديث الذي له نظائر کثيرة في اخبار الملاحم و اشراط الساعة و علامات المهدي عليه السلام، کقوله: فان ادرکت ذلک الزمان،... و نحو ذلک، بل المراد: الدلالة علي بيان وظيفة من ادرک ذلک الزمان و بدت له امارات الظهور، و کل ما قيل او يقال في غيره مما شابهه من الاحاديث يقال فيه، فلايجوز القول بوضعه لمجرد ذلک.

خامسها: اشتماله علي ذهاب جمع مع رايات صفر و اعلام بيض اليه بين الحطيم و زمزم، و بعث الناس ببيعتهم اليه عليه السلام، مع ان ظهوره بنحو آخر علي مانطقت به الاخبار المتواترة.

اقول: کان اللازم عليه ان يبين اولاً ماتوافقت عليه الاخبار المتواترة، ثم يبين مالا يوافقها و لايمکن الجمع العرفي بينه و بينها، ولا اظن انه يقدر ان ياتي بامر دلت عليه الاخبار المتواترة لايمکن الجمع بينها و بين هذا الحديث، هذا مضافاً الي وجود ذلک التهافت علي زعمه بين سائر اخبار العلامات بعضها مع بعض، و لاريب انه مع الامکان يجمع بينها بما يساعده العرف، مضافاً الي انه قد ظهر لک انه لايجوز رد هذه الاخبار بعضها بالبعض اذا کان بينها تخالف و تهافت؛ لان ذلک لاينافي مانحن بصدده من اثبات فوز الفائزين بزيارته و لقائه بالتواتر.

سادسها: قال: و منها: ان محمد بن ابي عبدالله الکوفي الذي استقصي من رآه في ذاک العصر المعروف و غير المعروف لم يذکر ابراهيم فيهم مع کونه من الاجلة، انما عد ابنه محمداً، و هذا نصه علي مارواه في «الاکمال»، باب من شاهد القائم عليه السلام... ثم ذرک خبر ابن ابي عبدالله الکوفي و قال بعده: فتراه عد صاحب الفراء و صاحب الصرة



[ صفحه 401]



المختومة و صاحب الحصاة و صاحب المولودين و صاحب الالف دينار و صاحب المال و الرقعة البيضاء و صاحب المال بمکة و رجلين من قابس مع کونهم مجاهيل، فکيف لايعد مثل ابراهيم من المعاريف لوکان منهم؟ و کيف عد نفسه مع الاتهام و لم يعد غيره لو کان منهم مع عدمه؟ و کيف عد الابن و لم يعد الاب مع کونه اجل من الابن بمراتب؟

اقول: اولاً: ان محمد بن ابي عبدالله لم يذکر انه استقصي من رآه عليه السلام في ذلک العصر (المعروف و غير المعروف) بل ذکر عدد من انتهي اليه ممن وقف علي معجزات صاحب الزمان او رآه، و بين اللفظين بون بعيد، و الثاني يدل علي جواز کونهم ازيد ممن ذکرهم بکثير.

و ثانياً: اذا کان الاعتبار علي هذا الخبر يجب رد سائر الروايات المذکور فيها من شاهد عليه السلام ممن لم يذکره ابن ابي عبدالله، و ما اظنه يلتزم بذلک، و ما کان محمد بن ابي عبدالله نفسه لو وقف بعد ما ذکر من العدد علي اکثر منه ينفي ذلک، لانه ذکر قبل ذلک عدد من انتهي اليه، و قد قالوا قديماً: عدم الوجدان لا يدل علي عدم الوجود، و عدد من تشرف بزيارته عليه السلام او وقف علي معجزاته في الغيبة الصغري اکثر من ذلک بکثير و اضعافه.

و ثالثاً: لم لم يقل في ذلک ماقاله في اصل الخبر: انا لم نر الصدوق قرا علينا الاکمال... الخ؟ فلعل معانداً اسقط اسم ابراهيم بن مهزيار و اسماء غيرهم عن خبر محمد بن ابي عبدالله او سقط عنه بواسطة اشتباه النساخ و غيرهم.

و رابعاً: من اين قال: ان ابراهيم بن مهزيار مع جلالته مات و لم يحقق الامر، و لم يعرف امام زمانه؟ و ما ذکره من الروايات لا يدل علي



[ صفحه 402]



انه مات غير عارف بامام زمانه، بل غاية الامر يدل علي انه کان لايعرف مکانه و وکلاءه، و لا يدري ما يفعل بالاموال، لان الامام لم يامره بشي ء.

و خامساً: کيف يکون من لم يعرف امام زمانه و مات في زمان الحيرة اجل ممن هداه الله تعالي الي امام زمانه؟

سابعها: قال: و منها: اشتماله علي ان الحجة تمني لقاء ابراهيم بن مهزيار مع انه عليه السلام يمکنه لقاء من اراده، و انما الناس لايمکنهم لقاوه عليه السلام.

اقول: لا ادري ما اقول في جواب هذه الشبهات الضعيفة التي لاينبغي ان يتوهمها من له ادني اشتغال بعلم الحديث فضلاً عن مثله، فلايجب ان يکون حب اللقاء و تمنيه ملازماً لارادة اللقاء، فلعل مانعاً يعلمه هو عليه السلام يمنعه عن هذه الارادة، و هو العارف بوظيفته و موارد ارادته، والحاصل: ان امکان لقائه من اراده لايقتضي امکان لقائه من احب لقائه.

ثامنها: قال: ومنها: اشتماله علي عبارات تکلفية، غير شبيهة بعبارات الائمة عليهم السلام، و کيف يتکلم الحجة عليه السلام الذي کان من انشائه دعاء الافتتاح الوارد في کل ليلة من شهر الله و هو في اعلي درجات الفصاحة، بمثل هذه العبارات الباردة؟

اقول: ان شئت البرودة في الکلام و التکلف في المضمون فعليک بمطالعة هذه الشبهات الباردة التي اوردها بزعمه هذا الفاضل علي هذا الحديث، نعم قد يکون انشاء الفاظ و عبارات علي غير القادر بالکلام و الجاهل باساليبه تکلفاً، و يري هو انشاءها من غيره العارف بفنون الکلام و البلاغة تکلفاً، والعارف بالادب و الفصاحة و البلاغة ينشئها من



[ صفحه 403]



غير تکلف و في کمال السهولة، فايراد خطبة مثل خطب مولانا اميرالمومنين عليه السلام من حيث اللفظ و المعني يصدر من مثله بدون ادني تکلف و في کمال السهولة والارتجال، و من غيره يصدر اقل منها بدرجات بالتکليف.

و کيف تکون هذه العبارات غير شبيهة بعبارات الائمة عليهم السلام يعرفها هو ولايعرفها مثل الصدوق و الشيخ اللذين لايدانيهما في معرفة کلام الائمة عليهم السلام اکابر مهرة علم الحديث فضلاً عن غيرهم؟! و قايسه بدعاء الافتتاح في غير محله، فلکل مقام مقال، و لکل کلام مجال.

تاسعها: قال: ويشهد لوضعه (يعني وضع مارواه الشيخ في غيبته) ايضاً مضافاً الي مامر اشتماله علي سواله بيثرب عنه عليه السلام حتي يراه عياناً مع ان عدم امکان ذلک کان يعرفه کل امامي، واشتماله علي منکرات اخر کتبختر من کان سفيراً عنه عليه السلام و غيره.

اقول: اما سواله عيان الامام فليس في الخبر انه کان بيثرب، و اما عدم امکان ذلک حتي لبعض الافراد و الخواص سيما في عصر الغيبة الصغري فکل امامي عارف بهذا الامر، يعرف امکانه، و انعقاد باب في کتاب «الغيبة» لمن رآه عياناً ادل دليل علي ذلک. نعم، عيان الامام بحيث يعرفه جميع الناس کسائر الافراد لايقع في عصر الغيبة، و سوال السائل لم يکن عن هذا، و هذا ظاهر، و لا ادري کيف خفي مثل ذلک علي هذا الفاضل؟!

و اما تبختر السفير فهو اعم من المشي ء تکبراً و معجباً بالنفس، و من حسن المشي و الجسم، والمراد من قوله: «يتبختر في مشيته» هنا هو المعني الثاني.



[ صفحه 404]



و سبحان الله! لاادري ما اقول، فاني اخاف ان اخرج من حدود الادب، و الا فالتمسک بما هو اوهن من بيت العنکبوت لتضعيف الخبر خارج عن اسلوب البحث و التحقيق، و لا ينبغي لمثله فتح باب هذه الايرادات الضعيفة و السخيفة لرد الاحاديث، و ضم بعضها الي بعض و تکثيرها لايرتقي بها الي دليل مقبول. غفرالله لنا زلاتنا، و اکرمنا بالاستقامة و حسن السليقة بحق محمد و آله طاهرين عليهم السلام.

عاشرها: و هو اقوي ادلته علي وضع هذه الاحاديث: اشتمال اثنين منها علي ان للحجة عليه السلام اخاً مسمي بموسي، و هذا خلاف المذهب، و خلاف اجماع الامامية.

اقول: قال العلامة المجلسي - قدس سره -: اشتمال هذه الاخبار علي ان له عليه السلام اخاً مسمي بموسي غريب. [3] و لا يخفي عليک ان استغرابه في محله جداً، الا انه مجرد استغراب، و ظاهره عدم الحکم بالوضع بل والضعف، لجواز کون الحديث الغريب صحيحاً.

و قال الشيخ الاجل الاکبر شيخنا المفيد - قدس سره - في «الارشاد» عند ذکر مولانا القائم بعد ابي محمد عليه السلام: و کان الامام بعد ابي محمد عليه السلام ابنه المسمي باسم رسول الله صلي الله عليه و اله، المکني بکنيته، و لم يخلف ابوه ولداً ظاهراً و لا باطناً غيره، و خلفه غائباً مستتراً. [4] .

و قال ابن شهرآشوب في «المناقب» في باب امامة مولانا ابي محمد الحسن العسکري عليه السلام: وولده القائم عليه السلام



[ صفحه 405]



لاغير [5] .

و هذا ظاهر عبارات کثير من اساطين الشيعة، و هو القول المشهور بينهم في ذلک، و لم نعرف في الاحاديث ما يدل علي وجود ولد لسيدنا ابي محمد عليه السلام غير مولانا المهدي عليه السلام الا هذين الخبرين اللذين اخرجهما في «کمال الدين»، و قد عرفت انهما خبر واحد روي بالفاظ مختلفة و مضامين متقاربة.

وروي في «الغيبة» و في «دلائل الامامة» و ليس فيهما ذکر من ذلک، کما لم نجد ايضاً في الاقوال قولاً مخالفاً لهذا القول الا من الحسين بن حمدان، فانه قال في کتابه الموسوم «بالهداية» في ترجمة مولانا ابي محمد عليه السلام: له من الولد: موسي و الحسين والخلف عليهم السلام، و من البنات... الخ، و الا من ابن ابي الثلج في «تاريخ الائمة» فانه قال: ولد للحسن بن علي العسکري عليهماالسلام (م ح م د) عليه السلام و موسي و فاطمة و عايشة... الخ.

ولاريب ان هذا القول شاذ مخالف لما هو المعروف بين الشيعة، و ارباب کتب السيرة و الانساب و التواريخ، و قد صرح بما هو المشهور بين الامية بعض اکابر العامة ايضاً، کابن حجر في «الصواعق» قال: ولم يخلف (يعني مولانا ابامحمد عليه السلام) غير ولده ابي القاسم محمد الحجة، و عمره عند و فاة ابيه خمس سنين، لکن آتاه الله فيها الحکمة. و هذا ظاهر کلمات جماعة منهم.

و مع ذلک کله لايمکننا نسبة هذا القول، اي انحصار ولد الامام ابي محمد العسکري عليه السلام بمولانا المهدي عليه السلام الي مثل الصدوق



[ صفحه 406]



الذي اخرج هذين الحديثين في کتابه، و لم يذيلهما بذيل يعرف منه عقيدته ان کانت مخالفة لما تضمناه، مع انه لو کان هذا هو القول المشهور لعرفه و لعرفه لاصحابه و لم يروه في کتابه لئلا يقع احد في الاشتباه في ذلک، کما لايمکننا نسبته الي معاصريه و شيوخه و سائر الشيعة في عصر الغيبة الصغري، و لعل هذا لم يکن مورداً للاهتمام، لعدم ترتب فائدة اعتقادية علي معرفته و السوال عنه، او کان معلوماً عندهم وجوده او عدمه و لکنهم لاجل ماذکر من عدم ترتب فائده شرعية لمعرفته لم يهتموا بنقله و ضبطه و ان کان يمکن استظهار عدم معروفية ذلک، اي حصر اولاده عليه السلام بمولانا عليه السلام - بابي هو و امي - بين الشيعة من ترک الصدوق - رحمه الله -ذکر ذلک مع اخراجه الخبرين الدالين علي نفي الحصر و اثبات غيره ايضاً. و لعل شيخنا المفيد [6] - قدس سره -کان اول من صرح بعدم وجود ولد له غيره من الذين وصلت الينا کلماتهم.

والقول الفصل: انه لايثبت بالثبوت الشرعي التعبدي بالخبر و ان کان صحيح السند اثبات مثل ذلک؛ لعدم شمول ادلة حجية الخبر له؛ لعدم ترتب فائدة شرعية علي اثباته او نفيه للزوم اللغوية في جعل الحجية له کما بين في محله.

و هکذا لا يثبت کذل باقوال العلماء و الشهرة بينهم و بين الشيعة الاثبات او النفي في مثل هذه المسالة لو فرضنا تحققها، لا لعدم حجية الشهرة مطلقاً، بل لانها حجة اذا کانت کاشفة عن وجود خبر تشمله ادلة حجية الخبر، ولو قيل: ان الشهرة من الحجج التعبدية بنفسها کخبر الواحد، فدليل حجيتها ايضاً لايشمل مثل هذه الشهرة التي لاتعلق لها



[ صفحه 407]



بالتکاليف العملية.

فغاية الامر في ذلک ان الثابت المسلم، والحق المقطوع به عند الامامية، و جماعة من اکابر علماء العامة، واساطين علم الانساب، و الذي لاريب فيه، و يدل عليه الاخبار المتواترة: ان الخلف من بعده الامام ابي محمد عليه السلام، و خليفته و خليفة الله و الحجة و الامام بعده علي الخلق اجمعين هو ابنه المسمي باسم رسول الله صلي الله عليه و آله و المکني بکنيته، و اما وجود غيره من الولد له عليه السلام و بقاوه الي زماننا فغير مقطوع به، لايثبت بقول من ذکر، و لا بخبري «کمال الدين» لعدم حجيتهما اولاً، و لمعارضتهما مع قول مثل المفيد-اعلي الله مقامه - ثانياً، فيسقط کلا القولين عن صلاحية الاعتماد عليهما، و کذا الخبرين في خصوص ذلک، و هذا لايدل علي وضعهما، بل ودس خصوص هذا فيهما.

و من هنا يظهر: ان الاستدلال علي وضع الخبرين باشتمالهما لخلاف المذهب و خلاف اجماع الامامية فاسد جداً؛ لان ماهو من المذهب بل و ما هو المذهب ان الامام بعد الامام الحادي عشر ابي محمد عليه السلام هو ابنه المسمي باسم رسول الله صلي الله عليه و اله، والمکني بکنيته و هو خليفته والامام المفترض علي الناس طاعته، و الذي يملا الارض قسطاً و عدلاً، و اما عدم کون ولد له غيره او وجوده فليس من المذهب بشي ء، و لا حرج علي من لم يعرف ذلک و لم يسال عنه.

و اما اجماع الامامية فقد عرفت عدم معلومية تحققه لولم نقل بعدمه، و علي فرض تحققه فالکلام فيه هو الکلام في الشهرة. اذن فالحکم بوضع هذا الحديث لتضمنه وجود اخ له عليه السلام دعوي دون



[ صفحه 408]



اثباتها خرط القتاد.

ثم انه بعد ذلک کله قال: الي غير ذلک مما لو استقصي لطال الکلام.

و لا ادري ما اراد بذلک؟ و کيف لم يات باکثر مما ذکره ان امکن له مع حرصه و اصراره علي اظهار بيان علل الاحاديث الموضوعة بزعمه؟!

واعجب منه انه استدرک کلامه و رجع و قال: وايضاً: ان الکليني و المفيد عقدا في «الکافي» و «الارشاد» باباً لمن رآه عليه السلام، و لم يرويا هذا الخبر و لا الخبر السابق، و لو کانا صحيحين و لم يکونا موضوعين لنقلاهما.

فبالله انت تري انه لو کان عنده اکثر مما اورده علي الحديث کف عنه و هو ياتي بعدما قال بهذا الکلام الفارغ عن الميزان؟ فهل يقول اوقال احد: ان کل مالم يذکره «الکافي» و «الارشاد» موضوع مجعول غير صحيح؟ و هل يحکم بان کل ماذکراه صحيح ثابت؟ ليت شعري من اين اخذ هذه القواعد المصنوعة؟! و اي فائدة علي تسويد الاوراق بهذه الايرادات؟! ولاحول و لا قوة الا بالله العلي العظيم.


پاورقي

[1] فلاح السائل: ص 158 فصل 19، و انظر معجم رجال الحديث: ج 17 ص 284.

[2] راجع معجم رجال الحديث: ج 17 ص 284 و فيه: اقول: قد اکثر الصدوق الرواية عنه، و ذره في المشيخة في طرقه الي الکتب في (48) موردا... الي ان قال: والظاهر انه کان يعتمد عليه.

[3] البحار: ج 52 ص 47 ذيل ح 32.

[4] الارشاد: ص 346 باب ذکر القائم عليه السلام.

[5] مناقب ابن شهرآشوب: ج 4 ص 421 باب امامة مولانا ابي محمد عليه السلام.

[6] الارشاد: ص 346.