بازگشت

النقود اللطيفة علي الکتاب المسمي بالاخبار الدخيلة


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدالله رب العالمين، و الصلاة و السلام علي سيدنا ابي القاسم محمد و آل الطاهرين، سيما مولانا بقية الله في الارضين.

و بعد فقد نشر من بعض الاعلام المولفين المعاصرين - ادام الله ايامه، - و سدد خطاه - کتاباً سماه «الاخبار الدخلية»، ذکر فيه الروايات التي فيها - بزعمه - خلل من تحريف او وضع، و قد ساعدني التوفيق عندما کنت اجدد النظر في الاخبار الواردة في مولانا الامام المهدي ارواح العالمين له الفداء، لمراجعة ما فيه حول بعض هذه الاحاديث الشريفة، فرايت انه قد عد من الموضوعات طائفة مما رواه شيخنا الصدوق - قدس سره - في کتابه القيم «کمال الدين»، و شيخنا الطوسي - اعلي الله درجته - في کتابه «الغيبة» و غيرهما، و وجدت انه مع اصراره علي اثبات وضعها اعتمد علي ادلة ضعيفة و شواهد واهية.

ثم رايت ان هذه التشکيکات في الاحاديث ربما تعد عند البعض نوعاً من التنور و الثقافة و تقع في نفوسهم العليلة، فالمتنور و صاحب



[ صفحه 330]



الثقافة عندهم من کان جريئاً علي نقد الاحاديث وردها، او تاويل الظواهر، حتي ظواهر الکتاب بما يقبله المتاثرون بآراء الماديين و غير المومنين بعالم الغيب، و تاثيره في عالم المادة و الشهادة.

و هذا الباب، الي باب التشکيک في الاحاديث سنداً او متناً سيما متونها البعيدة عن الاذهان المتعارفة، باب الفتتن به کثير من الشباب، و من الکتاب الذين يرون ان من الثقافة التشکيک في الاحاديث، او تاويل الظواهر الدالة علي الخوارق، الا انه لا ريب ان التسرع في الحکم القطعي بالوضع و الجعل علي الاحاديث سيما بشواهد عليلة لايتوقع صدوره عن العلماء الحاذقين، و العارفين بمازين الرد و الحکم بالوضع و التحريف و الجرح و غيرها، و لو کان احد مبالغاً في ذلک، و يري انه لابد منه، فالاحتياط يقتضي ان يذکره به عنوان الاحتمال.

فلذلک رايت ان الواجب ابداء ما في تشکيکات هذا المولف - دام ظله - حول هذه الاحاديث حتي لا توجب سوءظن بعض المغترين بالتشکيکات بالمحدثين الاقدمين، قدس الله انفسهم الزکية.

و خلاصة کلامنا معه - دام بقاه -: ان هذه الاحاديث التي ذکرت في کتابه لو کان فيها بعض العلل - علي اصطلاحات بعض الرجاليين - فانه يجبر بما يجبر مثله ايضاً، علي ما بنوا عليه من الاعتماد علي الاحاديث.

مضافاً الي ان کثيراً مما ذکره من العلل واضح الفساد، لايعتني به العارف باحوال الاحاديث، و ما عرض لبعض الروايات بواسطة النقل بالمضمون، او وقوع الاضطراب في المتن لبعض الجهات، لايوجب ترک العمل و الاعتناء به راساً، و عدم الاستناد الي ما يکون فيه مصوناً من



[ صفحه 331]



الاضطراب، و لولا لکان ذلک باب التشکيک مفتوحاً حتي لا يبقي معه مجال للاحتجاج علي جل ما يحتج به العقلاء في الامور النقلية التي لا طريق لاثبات ها الا النقل، ولضاع بذلک اکثر العلوم النقلية الاسلامية و غيرها.

و لا اظنک ان تتوهم انا ننکر ما هو المسلم عند الکل من وجود الاحاديث الموضوعة و المحرفة، و نريد الحکم بصحة جميع ما في الکتب من الاحاديث، بل غرضنا:

اولاً: توضيح ان هذه الاخبار ليست هذه المرتبة من الضعف الذي اهتم لتبيينه هذا المولف، لو لم نقل بعدم وجود الضعف في بعض ها.

و ثانياً: ان التهجم علي مثل کتاب «کمال الدين» و «غيبة الطوسي» مع ان مولفيها من حذاق فن الحديث و اکابر العارفين بالاحاديث و علل ها، و الاکثار من ذکر العلل في رواياتها، و القول بان هذه الکتب خلط مولفوها الصحيح بالسقيم و الغث بالسمين، لا فائدة فيه غير زرع سوء الظن في نفوس بعض الجهال، و ذلک مما لاينبغي ان يصدر من مثله -سلمه الله -. نعم لو کان في بعض الاحاديث ما لايوافق الاصول الاصلية الاعتقادية، کان التعرض لعلله و اطالة الکلام فيها و الاشتغال بها واجباً.