في معجزاته في حياة ابيه
و فيه 10 احاديث
808- [1] غيبةالشيخ: جعفر بن محمد بن مالک،قال: حدثني محمد بن جعفر بن عبدالله،عن ابي نعيم محمد بن احمد الانصاري،قال: وجه قوم من المفوضة و المقصرة کامل بن ابراهيم المدني الي ابي محمد عليه السلام،قال کامل: فقلت في نفسي: اساله لايدخل الجنة الا من عرف معرفتي و قال بمقالتي،قال: فلما دخلت علي سيدي ابي محمد نظرت الي ثياب بياض ناعمة عليه،فقلت في نفسي: ولي الله و حجته يلبس الناعم من الثياب،و يأمرنا نحن بمواساة الاخوان،وينهانا عن لبس مثله،فقال متبسما: يا کامل! و حسر عن ذراعيه فاذا مسح اسود خشن علي جلده،
[ صفحه 418]
فقال: هذا لله و هذا لکم،فسلمت و جلست الي باب عليه ستر مرخي،فجاءت الريح فکشف طرفه فاذا انا بفتي کانه فلقة قمر،من ابناء اربع سنين او مثلها،فقال لي: يا کامل بن ابراهيم! فاقشعررت من ذلک،و الهمت ان قلت: لبيک يا سيدي،فقال: جئت الي ولي الله و حجته و بابه تساله هل يدخل الجنة الا من عرف معرفتک،و قال بمقالتک؟ فقلت: اي والله،قال: اذن والله يقل داخلها،و الله انه ليدخلهاا قوم يقال لهم الحقية،قلت: يا سيدي و من هم؟ قال: قوم من حبهم لعلي يحلفون بحقه ولا يدرون ما حقه و فضله،ثم سکت صلوات الله عليه عني ساعة،ثم قال: و جئت تساله عن مقالة المفوضة،کذبوا بل قلوبنا اوعية لمشية الله،فاذا شاء شئنا،والله يقول: (و ما تشاوون الا ان يشاء الله)،ثم رجع الستر الي حالته فلم استطع کشفه،فنظر الي ابومحمد عليه السلام متبسما،فقال: يا کامل! ما جلوسک و قد انباک بحاجتک الحجة من بعدي،فقمت و خرجت و لم اعاينه بعد ذلک.
قال ابونعيم: فلقيت کاملا فسالته عن هذا الحديث،فحدثني به.
قال الشيخ: و روي هذا الخبر احمد بن علي الرازي،عن محمد بن علي،عن علي بن عبدالله بن عائذ الرازي،عن الحسن بن وجناء النصيبي،قال: سمعت ابانعيم محمد بن احمد الانصاري... و ذکر مثله.
809- [2] کمال الدين: حدثنا محمد بن علي بن محمد بن حاتم
[ صفحه 419]
النوفلي المعروف بالکرماني،قال: حدثنا ابوالعباس احمد بن عيسي الوشاء البغدادي،قال: حدثنا احمد بن طاهر القمي،قال: حدثنا محمد بن بحر بن سهل الشيباني،قال: حدثنا احمد بن مسرور،عن سعد بن عبدالله القمي،قال: کنت امراءا لهجا بجمع الکتب المشتملة علي غوامض العلوم و دقائقها،کلفا باستظهار ما يصح لي من حقائقها،مغرما بحفظ مشتبهها و مستغلقها،شحيحا علي ما اظفر به من معضلاتها و مشکلاتها،متعصبا لمذهب الامامية،راغبا عن الامن و السلامة في انتظار التنازع و التخاصم و التعدي الي التباغض و التشاتم،معيبا للفرق ذوي الخلاف،کاشفا عن مثالب ائمتهم،هتاکا لحجب قادتهم،الي ان بليت باشد النواصب منازعة،و اطولهم مخاصمة،و اکثرهم جدلا،و اشنعهم سولاا،و اثبتهم علي الباطل قدما،فقال ذات يوم - و انا اناظره -: تبا لک و لا صحابک يا سعد! انکم معاشر الرافضة تقصدون علي المهاجرين و الانصار بالطعن عليهما،و تجحدون من رسول الله و لا يتهما و امامتها،هذا الصديق الذي فاق جميع
[ صفحه 420]
الصحابة بشرف سابقته،اما علمتم ان رسول الله ما اخرجه مع نفسه الي الغار الا علما منه ان الخلافة له من بعده،و انه هو المقلد لامر التاويل،و الملقي اليه ازمة الامة،و عليه المعول في شعب الصدع،و لم الشعث،و سد الخلل،و اقامة الحدود،و تسريب الجيوش لفتح بلاد الشرک،و کما اشفق علي نبوته اشفق علي خلافته،اذ ليس حکم الاستتار و التواري ان يروم الهارب من الشر مساعدة الي مکان يستخفي فيه،و لما راينا النبي متوجها الي الانجحار،و لم تکن الحال توجب استدعاء المساعدة من احد استبان لنا قصد رسول الله بابي بکر للغار للعلة التي شرحناها،و انما ابات عليا علي فراشه لما لم يکن يکترث به،و لم يحفل به لاستثقاله،و لعلمه بانه ان قتل لم يتعذر عليه نصب غيره مکانه للخطوب التي کان يصلح لها.
قال سعد: فاوردت عليه اجوبة شتي،فما زال يعقب کل واحد منها بالنقض والرد علي،ثم قال: يا سعد! و دونکها اخري بمثلها تخطم انوف الروافض،الستم تزعمون ان الصديق المبرا من دنس الشکوک و الفاروق المحامي عن بيضة الاسلام کانا يسران النفاق،و استدللتم بليلة العقبة،اخبرني عن الصديق و الفاروق اسلما طوعا او کرها؟ قال سعد: فاحتلت لدفع هذه المسالة عني؛ خوفا من الالزام،و حذرا من اني ان اقررت له بطوعهما للاسلام احتج بان بدء النفاق و نشاه في القلب لايکون الا عند هبوب روائح القهر و الغلبة،و اظهار الباس الشديد في حمل المرء علي من ليس ينقاد اليه قلبه نحو قول الله تعالي (فلما راوا باسنا قالوا آمنا بالله وحده و کفرنا بما کنا به مشرکين فلم يک ينفعهم ايمانهم لما راوا باسنا)،و ان قلت: اسلما کرها کان يقصدني بالطعن اذ لم تکن ثمة سيوف منتضاة کانت تريهما الباس.
[ صفحه 421]
قال سعد: فصدرت عنه مزورا،قد انتفخت احشائي من الغضب،و تقطع کبدي من الکرب،و کنت قد اتخذت طومارا، [3] و اثبت فيه نيفا و اربعين مسالة من صعاب المسائل لم اجد لها مجيبا علي ان اسال عنها خبير اهل بلدي احمد بن اسحاق صاحب مولانا ابي محمد عليه السلام،فارتحلت خلفه و قد کان خرج قاصدا نحو مولانا بسر من راي فلحقته في بعض المنازل،فلما تصافحنا قال: بخير لحاقک بي،قلت: الشوق ثم العادة في الاسئلة،قال: قد تکافينا علي هذه الخطة الواحدة،فقد برح بي القرم الي لقاء مولانا ابي محمد عليه السلام و انا اريد ان اساله عن معاضل في التاويل،و مشاکل في التنزيل،فدونکها الصحبة المبارکة فانها تقف بک علي ضفة بحر لاتنقضي عجائبه،و لا تفني غرائبه،و هو امامنا.
فوردنا سر من راي،فانتهينا منها الي باب سيدنا،فاستاذنا فخرج علينا الاذن بالدخول عليه،و کان علي عاتق احمد بن اسحاق جراب قد غطاه بکساء طبري فيه مائة و ستون صرة من الدنانير و الدراهم،علي کل صرة منها ختم صاحبها،قال سعد: فما شبهت وجه مولانا ابي محمد عليه السلام حين غشينا نور وجهه الا ببدر قد استوفي من لياليه اربعا بعد عشر،و علي فخذه الايمن غلام يناسب المشتري في الخلقة و المنظر،علي راسه فرق بين و فرتين کانه الف بين و اوين،و بين يدي مولانا رمانة ذهبية تلمع بدائع نقوشها وسط غرائب الفصوص المرکبة عليها،قد کان اهداها اليه بعض رؤساء اهل البصرة،و بيده قلم اذا اراد ان يسطر به علي البياض شيئا قبض الغلام علي اصابعه،فکان مولانا يدحرج الرمانة بين يديه و يشغله بردها کيلا يصده عن کتابة ما اراد،فسلمنا عليه فالطف في الجواب و اوما
[ صفحه 422]
الينا بالجلوس،فلما فرغ من کتبة البياض الذي کان بيده اخرج احمد بن اسحاق جرابه من طي کسائه فوضعه بين يديه،فنظر الهادي عليه السلام الي الغلام و قال له: يا بني! فض الخاتم عن هدايا شيعتک و مواليک،فقال: يا مولاي! ايجوز ان امد يدا طاهرة الي هدايا نجسة و اموال رجسة،قد شيب احلها باحرمها؟ فقال مولاي: يا ابن اسحاق! استخرج ما في الجراب ليميز ما بين الحلال و الحرام منها،فاول صرة بدا احمد باخراجها قال الغلام: هذه لفلان بن فلان،من محلة کذا بقم،يشتمل علي اثنين و ستين دينارا فيها من ثمن حجيرة باعها صاحبها و کانت ارثا له عن ابيه خمسة و اربعون دينارا،و من اثمان تسعة اثواب اربعة عشر دينارا،و فيها من اجرة الحوانيت ثلاثة دنانير،فقال مولانا: صدقت يا بني! دل الرجل علي الحرام منها. فقال عليه السلام: فتش عن دينار رازي السکة،تاريخه سنة کذا،قد انطمس من نصف احدي صفحتيه نقشه،و قراضة آملية وزنها ربع دينار،و العلة في تحريمها ان صاحب هذه الصرة وزن في شهر کذا من سنة کذا علي حائک من جيرانه من الغزل منا و ربع من فاتت علي ذلک مدة و في انتهائها قيض لذلک الغزل سارق،فاخبر به الحائک صاحبه فکذبه و استرد منه بدل ذلک منا و نصف من غزلا ادق مما کان دفعه اليه و اتخذ من ذلک ثوبا،کان هذا الدينار مع القراضة ثمنه،فلما فتح راس الصرة صادف رقعة في وسط الدنانير باسم من اخبر عنه و بمقدارها علي حسب ماقال،و استخرج الدينار و القراضة بتلک العلامة.
ثم اخرج صرة اخري،فقال الغلام: هذه لفلان بن فلان،من محلة کذا بقم،تشتمل علي خمسين دينارا لايحل لنا لمسها،قال: و کيف ذاک؟ قال: لانها من ثمن حنطة حاف صاحبها علي اکاره في المقاسمة،و ذلک انه
[ صفحه 423]
قبض حصته منها بکيل واف و کان [کال] ما خص الاکار بکيل بخس،فقال مولانا: صدقت يا بني! ثم قال: يا احمد بن اسحاق،احملها باجمعها لتردها او توصي بردها علي اربابها،فلا حاجة لنا في شي ء منا،وائتنا بثوب العجوز،قال احمد: و کان ذلک الثوب في حقيبة لي فنسيته.
فلما انصرف احمد بن اسحاق لياتيه بالثوب نظر الي مولانا ابومحمد عليه السلام فقال: ماجاء بک يا سعد؟ فقلت: شوقني احمد بن اسحاق علي بن لقاء مولانا،قال: و المسائل التي اردت ان تساله عنها؟ قلت: علي حالها يا مولاي! قال: فسل قرة عيني - و اما الي الغلام - فقال لي الغلام: سل عما بدا لک منها،فقلت له: مولانا و ابن مولانا انا روينا عنکم ان رسول الله صلي الله عليه وآله و سلم جعل طلاق نسائه بيد اميرالمؤمنين عليه السلام حتي ارسل يوم الجمل الي عائشة: انک قد ارهجت علي الاسلام و اهله بفتنتک،و اوردت بنيک حياض اهلاک بجهلک،فان کففت عني غربک و لا طلقتک،و نساء رسول الله صلي الله عليه وآله و سلم قد کان طلاقهن وفاته. قال: ما الطلاق؟ قلت: تخلية السبيل،قال: فاذا کان طلاقهن وفاة رسول الله صلي الله عليه وآله و سلم قد خليت لهن السبيل فلم لا يحل لهن الازواج؟ قلت: لان الله تبارک و تعالي حرم الازواج عليهن،قال: کيف و قد خلي الموت سبيلهن؟ قلت: فاخبرني يا ابن مولاي عن معني الطلاق الذي فوض رسول الله صلي الله عليه وآله و سلم حکمه الي اميرالمؤمنين عليه السلام،قال: ان الله تقدس اسمه عظم شان نساء النبي صلي الله عليه وآله و سلم فخصهن بشرف الامهات،فقال رسول الله: يا اباالحسن! ان هذا الشرف باق لهن مادمن لله علي الطاعة،فايتهن عصت الله بعدي بالخروج عليک فاطلق لها في ازواج،و اسقطها من شرف امومة المؤمنين.
[ صفحه 424]
قلت: فاخبرني عن الفاحشة المبينة التي اذا اتت المراة بها في عدتها حل للزوج ان يخرجها من بيته؟ قال: الفاحشة المبينة هي السحق دون الزنا،فان المراة اذا زنت و اقيم عليها الحد ليس لمن ارادها ان يمتنع بعد ذلک من التزوج بها لاجل الحد،و اذا سحقت وجب عليها الرجم و الرجم خزي و من قد امر الله برجمه فقد اخزاه،و من اخزاه فقد ابعده،ومن ابعده فليس لاحد ان يقربه.
قلت: فاخبرني يا ابن رسول الله عن امر الله لنبيه موسي عليه السلام «فاخلع نعليک انک بالواد المقدس طوي» فان فقهاء الفريقين يزعمون انها کانت من اهاب الميتة،فقال عليه السلام: من قال ذلک فقد افتري علي موسي و استجهله في نبوته؛ لانه ما خلا الامر فيها من خطيئتين: اما تکون صلاة موسي فيهما جائزة او غير جائزة،فان کانت صلاته جائزة جاز له لبسهما في تلک البقعة،و ان کانت مقدسة مطهرة فليس باقدس و اطهر من الصلاة،و ان کانت صلاته غير جائزة فيهما فقد اوجب علي موسي انه لم يعرف الحلال من الحرام،و ما علم ما تجوز فيه الصلاة و ما لم تجز،و هذا کفر.
قلت: فاخبرني يا مولاي عن التاويل فيهما،قال: ان موسي ناجي ربه بالواد المقدس فقال: يا رب اني قد اخلصت لک المحبة مني،و غسلت قلبي عمن سواک - و کان شديد الحب لاهله - فقال الله تعالي: «اخلع نعليک» اي انزع حب اهلک من قلبک ان کانت محبتک لي خالصة،و قلبک من الميل الي من سواي مغسولا.
قلت: فاخبرني يا ابن رسول الله عن تاويل «کهيعص»،قال: هذه الحروف من انباء الغيب،اطلع الله عليها عبده زکريا،ثم قصها علي محمد
[ صفحه 425]
صلي الله عليه وآله و سلم،و ذلک ان زکريا سأل ربه ان يعلمه اسماء الخمسة فاهبط عليه جبرئيل فعلمه اياها،فکان زکريا اذا ذکر محمدا و عليا و فاطمة و الحسن [و الحسين] سري عنه همه،وانجلي کربه،و اذا ذکر الحسين خنقته العبرة،و وقعت عليه البهرة،فقال ذات يوم: يا الهي! مابالي اذا ذکرت اربعا منهم تسليت باسمائهم من همومي،و اذا ذکرت الحسين تدمع عيني و تثور زفرتي؟ فانباه تعالي عن قصته،و قال: «کهيعص» «فالکاف» اسم کربلاء،و «الهاء» هلاک العترة،و «الياء» يزيد،و هو ظالم الحسين عليه السلام،و «العين» عطشه،و «الصاد» صبره،فلما سمع ذلک زکريا لم يفارق مسجده ثلاثه ايام،و منع فيها الناس من الدخول عليه،و اقبل علي البکاء و النحيب،و کانت ندبته: الهي اتفجع خير خلقک بولده؟ الهي اتنزل بلوي هذه الرزية بفنائه؟ الهي اتلبس عليا و فاطمة ثياب هذه المصيبة؟ الهي اتحل کربة هذه الفجيعة بساحتهما؟! ثم کان يقول: اللهم ارزقني ولدا تقر به عيني علي الکبر،واجعله وارثا وصيا،و اجعل محله مني محل الحسين،فاذا رزقتنيه فافتني بحبه،ثم فجعني به کما تفجع محمدا حبيبک بولده؛ فرزقه الله يحيي و فجعه به. و کان حمل يحيي ستة اشهر،و حمل الحسين عليه السلام کذلک،و له قصة طويلة.
قلت: فاخبرني يا مولاي عن العلة التي تمنع القوم من اختيار امام لانفسهم،قال: مصلح او مفسد؟ قلت: مصلح،قال: فهل يجوز ان تقع خيرتهم علي المفسد بعد ان لايعلم احد مايخطر ببال غيره من صلاح او فساد؟ قلت: بلي،قال: فهي العلة،و اوردها لک ببرهان ينقاد له عقلک،اخبرني عن الرسل الذين اصطفاهم الله تعالي و انزل عليهم الکتاب و ايدهم بالوحي و العصمة،اذ هم اعلام الامم و اهدي الي الاختيار منهم؛ مثل
[ صفحه 426]
موسي و عيسي عليهماالسلام،هل يجوز مع وفور عقلهما و کمال علمهما اذا هما بالاختيار ان يقع خيرتهما علي المنافق و هما يظنان انه مؤمن؟ قلت: لا،فقال: هذا موسي کليم الله مع وفور عقله و کمال علمه و نزول الوحي عليه اختار من أعيان قومه و وجوه عسکره لميقات ربه سبعين رجلا ممن لا يشک في ايمانهم و اخلاصهم،فوقعت خيرته علي المنافقين،قال الله تعالي: «و اختار موسي قومه سبعين رجلا لميقاتنا - الي قوله - لن نؤمن لک حتي نري الله جهرة فاخذتهم الصاعقة بظلمهم» فلما وجدنا اختيار من قد اصطفاه الله للنبوة واقعا علي الافسد دون الاصلح و هو يظن انه الاصلح دون الافسد،علمنا ان لااختيار الا لمن يعلم ما تخفي الصدور،و ماتکن الضمائر و تتصرف عليه السرائر،و ان لاخطر لاختيار المهاجرين و الانصار بعد وقوع خيرة الانبياء علي ذوي الفساد لما ارادوا اهل الصلاح.
ثم قال مولانا: يا سعد! و حين ادعي خصمک ان رسول الله صلي الله عليه وآله و سلم لما اخرج مع نفسه مختار هذه الامة الي الغار الا علما منه ان الخلافة له من بعده،و انه هو المقلد امور التاويل،و الملقي اليه ازمة الامة،و عليه المعول في لم الشعث،و سد الخلل،و اقامة الحدود،و تسريب الجيوش لفتح بلاد الکفر،فکما اشفق علي نبوته اشفق علي خلافته،اذ لم يکن من حکم الاستتار و التواري ان يروم الهارب من الشر مساعدة من غيره الي مکان يستخفي فيه،و انما ابات عليا علي فراشه لما لم يکن يکترث له و لم يحفل به لا ستثقاله اياه،و علمه انه ان قتل لم يتعذر عليه نصب غيره مکانه للخطوب الت يکان يصلح لها! فهلا نقضت عليه دعواه بقولک: اليس قال رسول الله صلي الله عليه وآله و سلم: «الخلافة بعدي ثلاثون سنة»،فجعل هذه موقوفة علي اعمار الاربعة الذين هم الخلفاء الراشدون في مذهبکم،
[ صفحه 427]
فکان لا يجد بدا من قوله لک: بلي،قلت: فکيف تقول حينئذ؟ اليس کما علم رسول الله ان الخلافة من بعده لابي بکر علم انها من بعد ابي بکر لعمر،و من بعد عمر لعثمان،و من بعد عثمان لعلي؟ فکان ايضا لا يجد بدا من قوله لک: نعم،ثم کنت تقول له: فکان الواجب علي رسول الله صلي الله عليه وآله و سلم ان يخرجهم جميعا [علي الترتيب] الي الغار،و يشفق عليهم کما اشفق علي ابي بکر،و لا يستخف بقدر هؤلاء الثلاثة بترکه اياهم و تخصيصه ابابکر و اخراجه مع نفسه دونهم.
و لما قال: اخبرني عن الصديق و الفاروق اسلما طوعا او کرها؟ لم لم تقل له: بل اسلما طمعا،و ذلک بانهما کانا يجالسان اليهود و يستخبر انهم عما کانوا يجدون في التوراة و في سائر الکتب المتقدمة الناطقة بالملاحم من حال الي حال من قصة محمد صلي الله عليه وآله و سلم و من عواقب امره،فکانت اليهود تذکر ان محمد يسلط علي العرب کما ظفر بختنصر سلط علي بني اسرائيل،ولابد له من الظفر بالعرب کما ظفر بختنصر ببني اسرائيل غير انه کاذب في دعواه انه نبي،فاتيا محمدا فساعداه علي شهادة ان لا اله الا الله و بايعاه طمعا في ان ينال کل واحد منهما من جهته ولاية بلد اذا استقامت اموره و استتبت احواله،فلما ايسا من ذلک تلثما و صعدا العقبة مع عدة من امثالهما من المنافقين علي ان يقتلوه،فدفع الله تعالي کيدهم وردهم بغيظهم لم ينالوا خيرا،کما اتي طلحة و الزبير عليا عليه السلام فبايعاه و طمع کل واحد منهما ان ينال من جهته ولاية بلد،فلما ايسا نکثا بيعته و خرجا عليه فصرع الله کل واحد منهما مصرع اشباهما من الناکثين.
قال سعد: ثم قام مولانا الحسن بن علي الهادي عليه السلام للصلاة مع
[ صفحه 428]
الغلام،فانصرفت عنهما و طلبت اثر احمد بن اسحاق،فاستقبلني باکيا،فقلت: ما ابطاک و ابکاک؟ قال: قد فقدت الثوب الذي سالني مولاي احضاره،قلت: لا عليک فاخبره،فدخل عليه مسرعا و انصرف من عنده متبسما و هو يصلي علي محمد و آل محمد،فقلت: ما الخبر؟ قال: وجدت الثوب مبسوطا تحت قدمي مولانا يصلي عليه.
قال سعد: فحمدنا الله تعالي علي ذلک،و جعلنا نختلف بعد ذلک اليوم الي منزل مولانا اياما،فلانري الغلام بين يديه،فلما کان يوم الوداع دخلت انا و احمد بن اسحاق وکهلان من اهل بلدنا،و انتصب احمد بن اسحاق بين يديه قائما وقال: يا ابن رسول الله! قد دنت الرحلة،و اشتدت المحنة،فنحن نسال الله تعالي ان يصلي علي المصطفي جدک و علي المرتضي ابيک و علي سيدة النساء امک و علي سيدي شباب اهل الجنة عمک و ابيک و علي الائمة الطاهرين من بعدهما آبائک،ان يصلي عليک و علي ولدک،و نرغب الي الله ان يعلي کعبک،و يکبت عدوک،و لا جعل الله هذا آخر عهدنا من لقائک. قال: فلما قال هذه الکلمات استعبر مولانا حتي استهلت دموعه،و تقاطرت عبراته،ثم قال: يا ابن اسحاق! لا تکلف في دعائک شططا،فانک ملاق الله تعالي في صدرک هذا،فخر احمد مغشيا عليه،فلما افاق قال: سالتک بالله و بحرمة جدک الا شرفتني بخرقة اجعلها کفنا،فادخل مولانا يده تحت البساط فاخرج ثلاثة عشر درهما،فقال: خذها و لاتنفق علي نفسک غيرها،فانک لن تعدم ما سالت،و ان الله تبارک و تعالي لن يضيع اجر من احسن عملا.
قال سعد: فلما انصرفنا بعد منصرفنا من حضرة مولانا من حلوان علي ثلاثة فراسخ حم احمد بن اسحاق،و ثارت به علة صعبة ايس من
[ صفحه 429]
حياته فيها،فلما وردنا حلوان و نزلنا في بعض الخانات دعا احمد بن اسحاق برجل من اهل بلده کان قاطنا بها،ثم قال: تفرقوا عني هذه اليلة و اترکوني وحدي،فانصرفنا عنه و رجع کل واحد منا الي مرقده.
قال سعد: فلما حان ان ينکشف الليل عن الصبح اصابتني فکرة ففتحت عيني فاذا انا بکافور الخادم،خادم مولانا ابي محمد عليه السلام و هو يقول: احسن الله بالخير عزاکم،و جبر بالمحبوب رزيتکم،قد فرغنا من غسل صاحبکم و من تکفينه،فقوموا لدفنه فانه من اکرمکم محلا عند سيدکم،ثم غاب عن اعيننا،فاجتمعنا علي راسه بالبکاء و العويل حتي قضينا حقه،و فرغنا من امره،رحمه الله.
810- [4] غيبة الفضل بن شاذان: حدثنا ابراهيم بن محمد بن فارس النيسابوري،قال: لما هم الوالي عمرو بن عوف بقتلي و هو رجل شديد النصب،و کان مولعا بقتل الشيعة،فاخبرت بذلک،و غلب علي خوف عظيم،فودعت اهلي و احبائي و توجهت الي دار ابي محمد عليه السلام لاودعه و کنت اردت الهرب،فلما دخلت عليه رايت غلاما جالسا في جنبه و کان وجهه مضيئا کالقمر ليلة البدر،فتحيرت من نوره وضيائه،و کاد ان ينسيني ما کنت فيه من الخوف و الهرب،فقال: يا ابراهيم! لا تهرب فان الله تبارک و تعالي سيکفيک شره،فازداد بحيرتي،فقلت لابي محمد عليه السلام: يا سيدي! جعلني الله فداک،من هو فقد اخبرني عما کان في ضميري؟ فقال: هو ابني و خليفتي من بعدي،و هو الذي يغيب غيبة طويلة،و يظهر بعد امتلاء الارض جورا و ظلما فيملاها عدلا و قسطا،فسالته عن اسمه،قال: هو سمي رسول الله صلي الله عليه وآله و سلم و کنيه،و لا يحل
[ صفحه 430]
لاحد ان يسميه باسمه او يکنيه بکنيته الي ان يظهر الله دولته و سلطنته،فاکتم يا ابراهيم ما رايت و سمعت منا اليوم الا عن اهله،فصليت عليهما و آبائهما و خرجت مستظهرا بفضل الله تعالي،واثقا بما سمعته من الصاحب عليه السلام،فبشرني عمي علي بن فارس بان المعتمد قد ارسل ابااحمد اخاه و امره بقتل عمرو بن عوف،فاخذه ابواحمد في ذلک اليوم و قطعه عضوا عضوا،و الحمد الله رب العالمين.
ويدل عليه ايضا الاحاديث: 814،804،802،797،793،788،787.
[ صفحه 431]
پاورقي
[1] غيبة الشيخ: ص 248 - 246 ح 216؛ دلائل الامامة: ص 273 و 274 بسنده عن ابي نعيم؛ الخرائح: ج 1 ص 459 - 458 ح 4؛ اثبات الوصية: ص 222 ط منشورات الرضي عن جعفر بن محمد بن مالک؛ البحار: ج 25 ص 337 - 336 فصل في بيان التفويض و معانيه ح 16 و ج 52 ص 51 - 50 ب 18 ح 35؛ و صدره في ج 50 ص 253 ب 3 ح 7 و ج 67 ص 117 ب 51 ح 5 ج 76 ص 302 ب 109 ح 12؛ تبصرة الولي: ص 61 - 59 ح 26؛ کشف الغمة: ج 2 ص 499؛ اثبات الهداة: ج 3 ص 415 ب 31 ح 54 و ص 508 ب 32 ح 320 و ص 683 ب 33 ح 91؛ ينابيع المودة: ص 461 ب 82 «عن کامل بن ابراهيم المدني قال: دخلت علي ابي محمد الحسن و علي باب البيت ستر،فجاءت الريح فکشفت طرف الستر،فاذا غلام کانه القمر،فقال ابومحمد: يا کامل،قد انباک بحاجتک هذا الحجة من بعدي».
[2] کمال الدين: ج 2 ص 465-454 ب 23 ح 21؛ دلائل الامامة: ص 281-274 ب معرفة من شاهده في حياة ابيه ح 2 «عن ابي القاسم عبدالباقي بن يزداد بن عبدالله البزاز،عن ابي محمد عبدالله بن محمد الثعالبي قراءة في يوم الجمعة مستهل رجب سنة سبعين و ثلثمائة،عن ابي علي احمد بن محمد بن يحيي العطار،عن سعد بن عبدالله بن ابي خلف القمي (الي قوله:) و جعلنا نختلف الي مولانا اياما فلانري الغلام عليه السلام».
الخرائج: ج 1 ص 484-481 ح 22 مختصرا؛ تبصرة الولي: ص 108-93 ح 48؛ الاحتجاج: ج 2 ص 467 - 461؛ البحار: ج 52 ص 89 - 78 ب 19 ح 1؛ حليةالابرار: ج 2 ص 568-557 المنهج 13 ب 15 ح 3،اثبات الهداة: ج 1 ص 380 ب 7 ح 106 و ج 7 ص 347 ح 121 و 122 ب 23 مختصرا؛ الزام الناصب: ج 1 ص 351 - 342؛ مکيال المکارم: ج 1 ص 24 - 16 ب 2 ح 14.
اعلم انه قد اورد بعض المعاصرين علي هذا الخبر بضعف السند تارة،و بضعف المتن اخري،بل حکم عليه بالوضع! و اذ قد اشبعنا الکلام في رده و بيان ما هو الحق و التحقيق في هذا الحديث و امثاله في رسالة مفردة مسماة ب «النقود اللطيفة» ترکنا الکلام فيه هنا حذرا من الاطالة،و ستاتي الرسالة في المجلد الثالث من کتابنا هذا ان شاء الله.
منتخب الانوار المضيئة: ص 175 - 145؛ تاويل الايات الظاهرة: ص 294 - 292 الآية الاولي من سورة مريم مختصرا؛ ينابيع المودة: ص 459 ب 81؛ الثاقب في المناقب: ص 589-585 ب 15 ف 2 ح 1:534.
[3] الطومار: الصحيفة.
[4] کفاية المهتدي (الاربعين): ذيل ح 32 ص 122؛ کشف الحق (الاربعين): ص 32 ح 7.