بازگشت

الخليفة قبل الخليقة


العنوان هنا وما يأتي في المقدمة منا أضفناها تسهيلا للباحثين.

اما بعد فان الله تبارک وتعالي يقول في محکم کتابه: «وإذ قال ربک للملئکة إني جاعل في الارض خليفة ـ الاية» [1] فبدأ عزوجل بالخليفة قبل الخليقة، فدل ذلک علي أن الحکمة في الخليفة أبلغ من الحکمة في الخليقة، فلذلک ابتدأ به لانه سبحانه حکيم، والحکيم من يبدء بالاهم دون الاعم، وذلک تصديق قول الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام حيث يقول: الحجة قبل الخلق، ومع الخلق، وبعد الخلق ولو خلق الله عزوجل الخليقة خلوا من الخليفة لکان قد عرضهم للتلف، ولم يردع السفيه عن سفهه بالنوع الذي توجب حکمته من اقامة الحدود وتقويم المفسد. واللحظة الواحدة لا تسوغ الحکمة ضرب صفح عنها، [2] إن الحکمة تعم کما أن الطاعة تعم، ومن زعم أن الدنيا تخلو ساعة من إمام لزمه أن يصحح مذهب البراهمة في إبطالهم الرسالة، ولو لا أن القرآن نزل بأن محمدا صلي الله عليه وآله خاتم الانبياء لوجب کون رسول في کل وقت، فلما صح ذلک لارتفع معني کون الرسول بعده وبقيت الصورة المستدعية للخليفة في العقل، وذلک أن الله تقدس ذکره لا يدعو إلي سبب إلا بعد أن يصور في العقول حقائقه، وإذا لم يصور ذلک لم تتسق الدعوة ولم تثبت الحجة، وذلک أن الاشياء تألف أشکالها، وتنبو عن أضدادها. فلو کان في العقل إنکار الرسل لما بعث الله عزوجل نبيا قط.

مثال ذلک الطبيب يعالج المريض بما يوافق طباعه، ولو عالجه بدواء يخالف طباعه أدي ذلک ألي تلفه، فثبت أن الله أحکم الحاکمين لا يدعو إلي سبب إلا وله في



[ صفحه 5]



العقول صورة ثابتة، وبالخليفة يستدل علي المستخلف کما جرت به العادة في العامة والخاصة، وفي المتعارف متي استخلف ملک ظالما استدل بظلم خليفته علي ظلم مستخلفه وإذا کان عادلا استدل بعدله علي عدل مستخلفه، فثبت أن خلافة الله توجب العصمة ولا يکون الخليفة إلا معصوما.


پاورقي

[1] البقرة: 30.

[2] يعني عن اقامة الحدود.