بازگشت

مقدمة


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وصلي الله علي محمد وآله الطاهرين.

الحمد لله الواحد الاحد الفرد الصمد الحي القادر العليم الحکيم، تقدس و تعالي عن صفة المخلوقين، ذي الجلال والاکرام، والافضال والانعام، والمشيئة النافذة والارادة الکاملة، ليس کمثله شيء، وهو السميع البصير، لا تدرکه الابصار، وهو يدرک الابصار، وهو اللطيف الخبير.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريک له، خالق کل شيء، ومالک کل شيء وجاعل کل شيء، ومحدث کل شيء، ورب کل شيء، وأنه يقضي بالحق، ويعدل في الحکم، ويحکم بالقسط، ويأمر بالعدل والاحسان، وأيتاء ذي القربي، وينهي عن الفحشاء والمنکر والبغي، ولا يکلف نفسا إلا وسعها، ولا يحملها فوق طاقتها، وله الحجة البالغة، ولو شاء لهدي الناس أجمعين، يدعو إلي دار السلام، ويهدي من يشاء إلي صراط مستقيم.

لا يعجل بالعقوبة ولا يعذب إلا بعد إيضاح الحجة وتقديم الايات والنذارة، لم يستعبد عباده بما لم يبينه لهم، ولم يأمرهم إطاعة من لم ينصبه لهم، ولم يکلهم إلي أنفسهم واختيارهم وآرائهم بطاعته واختراعهم في خلافته، [1] تعالي الله عن ذلک علوا کبيرا.

وأشهد أن محمدا صلي الله عليه وآله عبده ورسوله وأمينه، وأنه بلغ عن ربه، ودعا إلي سبيله بالحکمة والموعظة الحسنة، وعمل بالکتاب وأمر باتباعه، وأوصي بالتمسک



[ صفحه 2]



به وبعترته الائمة بعده [2] صلوات الله عليهم، وإنهما لن يفترقا حتي يردا عليه حوضه، وإن اعتصام المسلمين بهما علي المحجة الواضحة، [3] والطريقة المستقيمة، والحنيفية البيضاء التي ليلها کنهارها، وباطنها کظاهرها، ولم يدع أمته في شبهة ولا عمي من أمره، ولم يدخر عنهم دلالة ولا نصيحة ولاهداية، ولم يدع برهانا ولا حجة إلا أوضح سبيلها وأقام لهم دليلها لئلا يکون للناس علي الله حجة بعد الرسل، وليهلک من هلک عن بينة ويحيي من حي عن بينة.

وأشهد أنه ليس بمؤمن ولا مؤمنة إذا قضي الله ورسوله أمرا أن يکون لهم الخيرة من أمرهم، وأن الله يخلق من يشاء ويختار، وأنهم لا يؤمنون حتي يحکموه فيما شجر بينهم، ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضاه ويسلموا تسليما، وإن من حرم حلالا ومن حلل حراما، أو غير سنة، أو نقص فريضة، أو بدل شريعة، أو أحدث بدعة يريد أن يتبع عليها ويصرف وجوه الناس إليها فقد أقام نفسه لله شريکا، ومن أطاعه فقد ادعي مع الله ربا، وباء بغضب من الله ومأواه النار وبئس مثوي الظالمين، وحبط عمله وهو في الآخرة من الخاسرين. وصلي الله علي محمد وآله الطاهرين.

قال الشيخ الفقيه أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسي بن بابويه القمي مصنف هذا الکتاب ـ أعانه الله علي طاعته ـ: إن الذي دعاني إلي تأليف کتابي هذا: أني لما قضيت وطري من زيارة علي بن موسي الرضا صلوات الله عليه رجعت إلي نيسابور وأقمت بها، فوجدت أکثر المختلفين إلي [4] من الشيعة قد حيرتهم الغيبة، ودخلت عليهم في أمر القائم عليه السلام الشبهة، وعدلوا عن طريق التسليم إلي الاراء والمقائيس، فجعلت أبذل مجهودي في إرشادهم إلي الحق وردهم إلي الصواب بالاخبار الواردة في ذلک عن النبي والائمة صلوات الله عليهم، حتي ورد إلينا من بخارا شيخ من أهل الفضل والعلم والنباهة ببلد قم، طال ما تمنيت لقاءه و



[ صفحه 3]



اشتقت إلي مشاهدته لدينه وسديد رأيه واستقامة طريقته، وهو الشيخ نجم الدين أبو سعيد محمد بن الحسن بن محمد بن أحمد بن علي بن الصلت القمي ـ أدام الله توفيقه ـ وکان أبي يروي عن جده محمد بن أحمد بن علي بن الصلت ـ قدس الله روحه ـ ويصف علمه وعمله وزهده وفضله وعبادته، وکان أحمد بن محمد بن عيسي في فضله وجلالته يروي عن أبي طالب عبد الله ابن الصلت القمي ـ رضي الله عنه ـ وبقي [5] حتي لقيه محمد بن الحسن الصفار وروي عنه، فلما أظفرني الله تعالي ذکره بهذا الشيخ الذي هو من أهل هذا البيت الرفيع شکرت الله تعالي ذکره علي ما يسر لي من لقائه وأکرمني به من إخائه وحباني به من وده وصفائه، فبينا هو يحدثني ذات يوم إذ ذکر لي عن رجل قد لقيه ببخارا من کبار الفلاسفة والمنطقيين کلاما في القائم عليه السلام قد حيره وشککه في أمره لطول غيبته وانقطاع أخباره، فذکرت له فصولا في إثبات کونه عليه السلام ورويت له أخبارا في غيبته عن النبي والائمة عليهم السلام سکنت إليها نفسه، وزال بها عن قلبه ما کان دخل عليه من الشک والارتياب والشبهة، وتلقي ما سمعه من الاثار الصحيحة بالسمع والطاعة والقبول والتسليم، وسألني أن أصنف [له] في هذا المعني کتابا، فأجبته إلي ملتمسه ووعدته جمع ما ابتغي إذا سهل الله لي العود إلي مستقري ووطني بالري.

فبينا أنا ذات ليلة أفکر فيما خلفت ورائي من أهل وولد وإخوان ونعمة إذ غلبني النوم فرأيت کأني بمکة أطوف حول بيت الله الحرام وأنا في الشوط السابع عند الحجر الاسود أستلمه وأقبله، وأقول: «أمانتي أديتها وميثاقي تعاهدته لتشهد لي بالموافاة» فأري مولانا القائم صاحب الزمان ـ صلوات الله عليه ـ واقفا بباب الکعبة، فأدنو منه علي شغل قلب وتقسم فکر، فعلم عليه السلام ما في نفسي بتفرسه في وجهي، فسلمت عليه فرد علي السلام، ثم قال لي: لم لا تصنف کتابا في الغيبة حتي تکفي ما قد همک؟ فقلت له: يا ابن رسول الله قد صنفت في الغيبة أشياء، فقال عليه السلام: ليس علي ذلک السبيل آمرک أن تصنف [ولکن صنف] [6] الان کتابا في الغيبة واذکر فيه غيبات الانبياء عليهم السلام.



[ صفحه 4]



ثم مضي صلوات الله عليه، فانتبهت فزعا إلي الدعاء والبکاء والبث والشکوي إلي وقت طلوع الفجر، فلما أصبحت ابتدأت في تأليف هذا الکتاب ممتثلا لامر ولي الله وحجته، مستعينا بالله ومتوکلا عليه ومستغفرا من التقصير، وما توفيقي إلا بالله عليه توکلت وإليه أنيب.


پاورقي

[1] في بعض النسخ في دينه .

[2] في نسخة بعد وفاته .

[3] في بعض النسخ وانه يدل المسلمين بهما علي المحجة الواضحة .

[4] الاختلاف بمعني التردد أي الذهاب والمجيئ.

[5] يعني عبد الله بن الصلت.

[6] کذا في النسخ.