بازگشت

خبر سطيح الکاهن


سطيح ـ کامير ـ الکاهن الذئبي من بني ذئب کان يتکهن في الجاهلية، سمي بذلک لانه کان إذا غضب قعد منبسطا علي الارض فيما زعموا. وقيل: سمي بذلک لانه لم يکن له بين مفاصله قصب تعمده، فکان أبدا منبسطا منسطحا علي الارض لا يقدر علي قيام ولا قعود، ويقال: کان لاعظم له فيه سوي رأسه (لسان العرب).

40 ـ حدثنا أحمد بن محمد رزمة القزويني [1] قال: حدثنا الحسن بن علي بن نصر بن منصور الطوسي قال: حدثنا علي بن حرب الموصلي الطائي قال: حدثنا أبو أيوب يعلي بن عمران من ولد جرير بن عبد الله قال: حدثني مخزوم بن هانئ [2] المخزومي، عن أبيه وقد أتت له مائة وخمسون سنة قال: لما کانت الليلة التي ولد



[ صفحه 192]



فيها رسول الله صلي الله عليه وآله ارتجس أيوان کسري، وسقطت منه أربع عشرة شرافة، وغاضت بحيرة ساوة، وخمدت نار فارس، ولم تخمد قبل ذلک ألف سنة، [3] ورأي الموبذان [4] إبلا صعابا تقود خيلا عرابا قد قطعت الدجلة وانتشرت في بلادها، فلما أصبح کسري هاله ما رأي فتصبر عليها تشجعا، ثم رأي أن لا يسر ذلک عن وزرائه، فلبس تاجه وقعد علي سريره وجمعهم وأخبرهم بما رأي، فبينما هم کذلک، إذ ورد عليه الکتاب بخمود نار فارس، فازداد غما إلي غمه وقال الموبذان: وأنا أصلح الله الملک قد رأيت في هذه الليلة، ثم قص عليه رؤياه في الابل والخيل، فقال: أي شيء يکون هذا يا موبذان؟ ـ وکان أعلمهم في أنفسهم ـ فقال: حادث يکون في ناحية العرب، فکتب عند ذلک: من کسري ملک الملوک إلي نعمان بن المنذر: أما بعد فوجه إلي برجل عالم بما أريد أن أسأله عنه، فوجه إليه بعبد المسيح بن عمرو بن حيان بن نفيلة الغساني فلما قدم عليه قال: عندک علم ما أريد أن أسألک عنه؟ قال: ليسألني الملک أو ليخبرني فان کان عندي منه علم وإلا أخبرته بمن يعلمه، فأخبره بما رأي، فقال: علم ذلک عند خال لي يسکن بمشارف الشام [5] يقال له: سطيح، قال: فأته فاسأله وأخبرني بما يرد عليک، فخرج عبد المسيح حتي ورد علي سطيح وقد أشرف علي الموت فسلم عليه وحياه، فلم يرد عليه سطيح جوابا فأنشأ عبد المسيح يقول:



أصم أم يسمع غطريف اليمن

أم فاز فاز لم به شأو العنن [6] .





[ صفحه 193]



يا فاصل الخطة أعيت من ومن

وکاشف الکربة في الوجه الغضن [7] .



أتاک شيـخ الحي مـن آل سنن

وأمـه من آل ذئب بــن حجن [8] .



أروق ضخم الناب صـرار الاذن

أبيض فضفاض الرداء والبـدن [9] .



رسول قيل العجم کسري للوسـن

لا يرهب الرعد ولا ريب الزمن [10] .



تجوب في الارض علنداة شجـن

ترفعني طورا وتهوي بي وجن [11] .





[ صفحه 194]



حتي أتي عاري الجآجي والقطن

تلفه في الريح بوغاء الدمن [12] .



کأنما حثحث من حضني ثکن [13] .



فلما سمع سطيح شعره فتح عينيه وقال: عبد المسيح علي جمل يسيح إلي سطيح، وقد أوفي علي الضريح [14] بعثک ملک بني ساسان لارتجاس الايوان، وخمود النيران، ورؤيا الموبذان، رأي إبلا صعابا تقود خيلا عرابا، قد قطعت الدجلة، وانتشرت في بلادها، وغاضت بحيرة ساوة، فقال: يا عبد المسيح إذا کثرت التلاوة، وبعث صاحب



[ صفحه 195]



الهراوة، [15] وفاض وادي سماوة، وغاضت بحيرة ساوة فليس الشام لسطيح شاما، [16] يملک منهم ملوک وملکات علي عدد الشرفات وکلما هو آت آت، ثم قضي سطيح مکانه، فنهض عبد المسيح إلي رحله ويقول:



شمر فانک ماضي العـزم شمير

لا يفزعنک تفريـق وتغيير [17] .



إن يمس ملک بني ساسان أفرطهم

فان ذا الدهر أطوار دهارير [18] .



وربما کان قد أضحوا بمنـزلة

تهاب صولهم الاسد المهاصير [19] .



منهم أخو الصرح بهرام وإخوته

والهرمزان وسابور وسابور [20] .



والناس أولاد علات فمـن علموا

أن قد أقل فمحقور ومهجور [21] .



وهم بنو الام لما ان رأوا نشبا

فذاک بالغيب محفوظ ومنصور [22] .



والخير والشر مقرونـان في قرن

فالخيـر متبع والشـر محذور



قال: فلما قدم علي کسري أخبره بما قال سطيح فقال: إلي أن يملک منا أربعة



[ صفحه 196]



عشر ملکا قد کانت أمور، قال: فملک منهم عشرة في أربع سنين وملک الباقون إلي إمارة عثمان.

وکان سطيح ولد في سيل العرم فعاش إلي ملک ذي نواس وذلک أکثر من ثلاثين قرنا، وکان مسکنه بالبحرين فيزعم عبد القيس أنه منهم وتزعم الازد أنه منهم، وأکثر المحدثين قالوا: هو من الازد ولا يدري ممن هو، غير أن عقبه يقولون: نحن من الازد.


پاورقي

[1] ترجمه الرافعي في التدوين کما في فهرسته تحت رقم 251 وقال: أحمد بن محمد ابن رزمة القزويني المعدل.

[2] في لسان العرب في مادة «سطح» قال: روي الازهري باسناده عن مخزوم بن هانئ المخزومي عن أبيه. وساق کما في المتن إلي قوله «امارة عثمان» في آخر الخبر.

[3] في اللسان «مائة عام».

[4] في القاموس الموبذان ـ بضم الميم وفتح الباء فقيه الفرس، وحاکم المجوس کالموبذ. والجمع الموابذة واللهاء فيها للعجمة.

[5] المشارف: القري التي تقرب من المدن، وقيل: القري التي بين بلاد الريف و. جزيرة العرب.

[6] الغطريف ـ بالکسر ـ: السيد. وقوله «فاز» أي مات. وفي بعض النسخ «فاد» بالدال وهو بمعناه و «ازلم» أي ذهب مسرعا. وأصله «ازلام» فحذفت الهمزة تخفيفا والشأو: السبق والغاية. والعنن: الاعتراض، وشأ والعنن: اعتراض الموت وسبقه.

[7] الفاصل: المبين، الحاکم. والخطة ـ بضم الخاء وشد الطاء ـ: الخطب، والامر والحال، أي يامن يبين ويظهر امورا أعيت وأعجزت «من ومن» أي جماعة کثيرة. والوجه الغضن هو الوجه الذي فيه تکسر وتجعد من شدة الهم والکرب الذي نزل به. (النهاية).

[8] السنن ـ محرکة ـ: الابل تسنن في عدوها. وفي بعض النسخ «شتن ـ بالمعجمة والتاء المثناة الفوقانية ـ وفي القاموس الشتن: النسج والحياکة. وفي تاريخ اليعقوبي «آل يزن».

[9] أروق في بعض النسخ «أزرق» وهو صفة للبعير ولونه، وأروق أيضا بمعناه. وفي بعض الکتب «أصک» أي الذي يصطک قدماه. وقوله «ضخم الناب» کذا في جميع النسخ وفي النهاية: في حديث سطيح «أزرق مهم الناب صرار الاذن» أي حديد الناب، قال الازهري: هکذا روي، وأظنه «مهو الناب» بالواو، يقال: سيف مهو أي حديد ماض وأورده الزمخشري «ممهي الناب» وقال: الممهي: المحدد، من أمهيت الحديدة إذا حددتها، شبه بعيره بالنمر لزرقة عينيه وسرعة سيره. وقال: صر اذنه وصررها: سواها ونصبها. والاصوب کون هذا المصرع بعد ذلک في سياق ذکر البعير کما في سائر الکتب فانه فيها بعد قوله: «والقطن». والفضفاض: الواسع والبدن: الدرع. قال الجزري: يريد به کثرة العطاء، وقال غيره: کناية عن سعة الصدر.

[10] الفيل ـ بالفتح ـ: الملک. وقيل: الملک من ملوک حمير، وقيل: هو الرئيس دون الملک الاعلي. راجع «ق ول» من أقرب الموارد. وقوله «کسري» في بعض الکتب «يسري» أي يجري. و «للوسن» أي لشأن الرؤيا التي رآها الموبذان أو الملک. و «الرعد» في بعض النسخ «الوعد». وفي بعض الکتب «الدهر».

[11] تجوب أي تقطع. والعنلداة: الناقة القوية. والشجن ـ بالتحريک ـ الناقة المتداخلة الخلق. وفي اللسان «علنداة شرن» أي تمشي من نشاطها علي جانب. وفيه أيضا «ترفعني وجنا وتهوي بي وجن» والوجن: الارض الغليظة. والوجناء: الناقة الشديدة أي لم تزل الناقة التي هذه صفتها ترفعني مرة في الارض بهذه الصفة وتخففني اخري. وفي أکثر نسخ الکتاب «تهوي بي دجن» ـ بالدال المهملة ـ والظاهر انه تصحيف. ودجن بالمکان دجنا أقام به واستأنس والدجنة: الظلمة.

[12] الجآجي جمع الجؤجؤ وهو الصدر. والقطن ـ بالتحريک ـ: ما بين الورکين يعني أن السير قد هزلها وذهب بلحمها. وفي بعض الکتب «عالي الجآجي» وهو قريب من العاري لان العظم إذا عري عن اللحم يري مرتفعا عاليا. والبوغاء: التراب الناعم. والدمن جمع دمنة ـ بکسر الدال وفتح الميم ـ: ما تدمن منه أي تجمع وتلبد. کذا في النهاية وقال: کأنه من المقلوب تقديره «تلفه الريح في بوغاء الدمن» وتشهد له الرواية الاخري «تلفه الريح ببوغاء الدمن».

[13] حثحث: أسرع وحث. والحضن: الجانب. وثکن ـ بفتح أوله وثانيه ـ: جبل بالبادية. يعني من کثرة التراب والغبار الذي أصابه في سرعة سيره کأنما أعجل من هذا الموضع الذي اجتمع فيه التراب الکثير.

[14] «يسيح» کذا في النسخ وفي اللسان والعقد الفريد والنهاية «مشيح» والمشيح ـ بضم الميم وکسر المعجمة والحاء المهملة ـ: الجاد المسرع. «وقد أوفي» أي أشرف. والضريح: القبر أي قرب أن يدخل القبر.

[15] المراد بالتلاوة تلاوة القرآن. والهراوة: العصا، وصاحب الهراوة هو النبي الاکرم صلي الله عليه وآله لانه يأخذ العنزة بيده.

[16] أي لم يبق سطيح، أو يتغير أحوال الشام.

[17] الشمير: الشديد التشمير، وفي اللسان «شمر فانک ما عمرت شمير».

[18] أفرطهم أي ترکهم وزال عنهم. والاطوار: الحالات. والدهارير: الشديد جمع الدهر يعني أن الدهر ذو تصاريف ونوائب.

[19] المهاصير جمع المهصار وهو الشديد الذي يفترس.

[20] الصرح: القصر. وفي بعض النسخ «وهرمزان» بدون اللام.

[21] اولاد علات أي لامهات شتي، کناية عن عدم الالفة بينهم. وقوله: «أن قد أقل» أي افتقر وقل ما في يده.

[22] «وهم بنو أم» أي يعطف بعضهم علي بعض. والنشب ـ بالتحريک ـ: المال والعقار.