بازگشت

في خبر قس بن ساعدة الايادي


ومثل قس بن ساعدة الايادي في علمه وحکمته. کان يعرف النبي صلي الله عليه وآله وينتظر ظهوره ويقول: إن لله دينا خير من الدين الذي أنتم عليه. وکان النبي صلي الله عليه وآله يترحم عليه ويقول: يحشر يوم القيامة امة وحده. [1] .

22ـ حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد ابن عيسي، عن الحسن بن محبوب، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام قال: بينا رسول الله صلي الله عليه وآله ذات يوم بفناء الکعبة يوم افتتح مکة إذ أقبل إليه وفد فسلموا عليه، فقال رسول الله صلي الله عليه وآله: من القوم؟ قالوا: وفد بکر بن وائل، قال: فهل عندکم علم من خبر قس بن ساعدة الايادي؟ قالوا: نعم يا رسول الله، قال: فما فعل؟ قالوا: مات، فقال رسول الله صلي الله عليه وآله: الحمد لله رب الموت ورب الحياة، کل نفس ذائقة الموت، کأني أنظر إلي قس بن ساعدة الايادي وهو بسوق عکاظ علي جمل له أحمر وهو يخطب الناس ويقول: اجتمعوا أيها الناس، فإذا اجتمعتم فأنصتوا



[ صفحه 167]



فإذا أنصتم فاسمعوا، فإذا سمعتم فعوا، فإذا وعيتم فاحفظوا، فإذا حفظتم فاصدقوا، ألا إنه من عاش مات، ومن مات فات، ومن فات فليس بآت، إن في السماء خبرا وفي الارض عبرا، سقف مرفوع، ومهاد موضوع، ونجوم تمور [2] وليل يدور، وبحار ماء (لا) تغور، يحلف قس ما هذا بلعب وإن من وراء هذا لعجبا، مالي أري الناس يذهبون فلا يرجعون، أرضوا بالمقام فأقاموا؟ أم ترکوا فناموا؟ يحلف قس يمينا غير کاذبة إن لله دينا هو خير من الدين الذي أنتم عليه. ثم قال رسول الله صلي الله عليه وآله: رحم الله قسا يحشر يوم القيامة امة وحده، قال: هل فيکم أحد يحسن من شعره شيئا؟ فقال بعضهم: سمعته يقول:



في الاولين الــذاهبيـن

من القرون لنـا بصـائر



لمــا رأيـت مـواردا

للـوت ليس لهـا مصادر



ورأيت قــومي نحوها

تمضي الاکابر والاصاغر



لا يرجع الماضي إلــي

ولا من الباقين غابر [3] .



أيقنت أني لا محالــة

حيث صار القوم صـائر



وبلغ من حکمة قس بن ساعدة ومعرفته أن النبي صلي الله عليه وآله کان يسأل من يقدم عليه من أياد من حکمه ويصغي إليه سمعه.

23 ـ حدثنا الحسن بن عبد الله بن سعيد قال: حدثنا أبو الحسن علي بن الحسين بن إسماعيل قال: أخبرنا محمد بن زکريا قال: حدثنا عبد الله بن الضحاک، عن هشام، عن أبيه [4] أن وفدا من أياد قدموا علي رسول الله صلي الله عليه وآله فسألهم عن حکم قس ابن ساعدة فقالوا: قال قس:



[ صفحه 168]



يا ناعي الموت والاموات في جدث

عليهم من بقايـــا بزهم خـرق



دعهم فــإن لهم يوما يصـاح بهم

کمــا ينبه مـن نوماتــه [5] .



الصعق منهم عراة ومنهم في ثيابهم

منها الجديد ومنها الاورق الخلق [6] .



حتي يعودوا بحـال غير حــالتهم

خلق جديـد وخلق بعدهم خلقــوا



مطر ونبات، وآباء وامهات، وذاهب وآت، وآيات في أثر آيات، وأموات بعد أموات، ضوء وظلام، وليال وأيام، وفقير وغني، وسعيد وشقي، ومحسن ومسئ، نبأ لارباب الغفلة، [7] ليصلحن کل عامل عمله، کلا بل هو الله واحد، ليس بمولود ولا والد، أعاد وأبدا، وإليه المآب غدا.

وأما بعد يا معشر أياد أين ثمود وعاد؟ وأين الاباء والاجداد؟ أين الحسن الذي لم يشکر والقبيح الذي لم ينقم، کلا ورب الکعبة ليعودن ما بدا، ولئن ذهب يوم ليعودن يوم.

وهو قس بن ساعدة بن حذاقة بن زهر بن أياد بن نزار، أول من آمن بالبعث من أهل الجاهلية، وأول من توکأ علي عصا [8] ويقال: إنه عاش ستمائة سنة وکان يعرف النبي صلي الله عليه وآله باسمه ونسبه ويبشر الناس بخروجه، وکان يستعمل التقية و يأمر بها في خلال ما يعظ به الناس.

24 ـ حدثنا الحسن بن عبد الله بن سعيد قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسين ابن إسماعيل قال: أخبرنا محمد بن زکريا بن دينار قال: حدثني مهدي بن سابق، عن عبد الله بن عباس، عن أبيه قال: جمع قس بن ساعدة ولده فقال: إن المعاتکفيه البقلة



[ صفحه 169]



وترويه المذقة [9] ومن عيرک شيئا ففيه مثله، ومن ظلمک وجد من يظلمه، متي عدلت علي نفسک عدل عليک من فوقک، فإذا نهيت عن شيء فأبدء بنفسک، ولا تجمع ما لا تأکل ولا تأکل ما لا تحتاج إليه، وإذا ادخرت فلا يکونن کنزک إلا فعلک، وکن عف العيلة مشترک الغني تسد قومک، ولا تشاورن مشغولا وإن کان حازما، ولا جائعا وإن کان فهما، ولا مذعورا وإن کان ناصحا، ولا تضعن في عنقک طوقا لا يمکنک نزعه إلا بشق نفسک، وإذا خاصمت فاعدل، وإذا قلت فاقتصد، ولا تستودعن أحدا دينک وإن قربت قرابته، فإنک إذا فعلت ذلک لم تزل وجلا وکان المستودع بالخيار في الوفاء بالعهد، وکنت له عبدا ما بقيت، فإن جني عليک کنت أولي بذلک، وإن وفي کان الممدوح دونک، عليک بالصدقة فإنها تکفر الخطيئة. فکان قس لا يستودع دينه أحدا وکان يتکلم بما يخفي معناه علي العوام ولا يستدرکه إلا الخواص.


پاورقي

[1] المراد أنه علي دين الحق والتوحيد وليس في زمانه من يدين بدين الحق غيره.

[2] مار الشيء يمور مورا أي تحرک وجاء وذهب.

[3] کذا وفي بعض نسخ الحديث هکذا: لا يرجع الماضي ولا، يبقي من الباقين غابر.

[4] المراد بهشام هشام بن محمد بن السائب الکلبي. کما يظهر من کتاب مقتضب الاثر ص 37.

[5] في بعض نسخ الحديث «من رقداته».

[6] في بعض النسخ «ومنها الرث والخلق» والرث: البالي کالخلق.

[7] في بعض النسخ «أين الارباب الغفلة» وفي بعضها «الفعلة».

[8] أي أول من توکأ علي عصا من أهل الجاهلية، أو لضعف کثرة السن أو نحوها ذلک لئلا ينتقض بما حکاه الله سبحانه عن موسي عليه السلام «قال هي عصاي أتوکأ عليها ـ الاية».

[9] المذقة ـ بفتح الميم والقاف وسکون الدال ـ: الشربة من اللبن الممذوق. والمذق. المزج والخلط، يقال: مذقت اللبن فهو مذيق إذا خلطته بالماء.